أثارت تصريحات المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي، بأن إيران ترفض إعادة تشغيل كاميرات المراقبة المخصصة لرصد أنشطتها الحساسة في منشآتها النووية، ما لم يتم الوصول إلى اتفاق معها، ردود فعل غاضبة من مشرعين أميركيين. لكن اللافت، أنها صدرت أولاً عن النائب الديمقراطي تيد دويتش، الذي قال إن هذه الاشتراطات «تؤكد مخاوفه بشأن كيفية التحقق من أي اتفاق معها وتنفيذه».
وكتب النائب الديمقراطي في سلسلة تغريدات على «تويتر»، «إن إعلان إيران اليوم أنها لن تشغل كاميرات المراقبة التابعة للوكالة الدولية حتى يتم إحياء الاتفاق النووي، أمر مقلق للغاية، ويؤكد قلقي العميق بشأن كيف يمكن التحقق من أي اتفاق نووي مع إيران وإنفاذه».
النائب الأميركي تيد دويتش (أ.ب)
وأضاف دويتش: «هذا القرار فظيع»، بعدما وصف غروسي، البرنامج النووي الإيراني، بأنه «يتقدم»، وقال إن الوكالة ستفقد في يونيو (حزيران) فهمها لحالة برنامج إيران إذا لم تتم استعادة الكاميرات في 3 أو 4 أسابيع، «وهي مدة انتهت عملياً». وتابع النائب قائلاً: «علاوة على ذلك، أعلنت إيران للتو أنها لن تجيب على الأسئلة العالقة للوكالة الدولية حول جزيئات اليورانيوم التي تم العثور عليها في مواقع نووية غير معلنة في إيران، وهو ما يتناقض مباشرة مع قرار اللوم الذي تم تمريره بأغلبية ساحقة من قبل مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الشهر الماضي».
وأكد دويتش أن هذه الإعلانات «تعكس سلوك إيران النووي التصعيدي بشكل خطير»، قائلاً إنه «يسعده أن التزام الولايات المتحدة بضمان أن إيران لن تحصل أبداً على سلاح نووي، يعززه إعلان القدس (الذي صدر في أعقاب زيارة بايدن لإسرائيل)»، حاثاً إدارة الرئيس «على مواصلة العمل مع الشركاء لضمان تحقيق هذا الالتزام».
في الأثناء، كرر مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية تحذيراته من الخطوات التي قطعها برنامج إيران النووي. وقال رافائيل غروسي، في مقابلة مع محطة «سي إن إن» الأميركية، مساء الاثنين، إن الوكالة «لا تعرف اليوم ما الذي يحدث» لبرنامجها النووي، في ظل استمرارها منع مفتشي الوكالة من مراقبة ما يجري على الأرض، مكرراً مطالبته إيران بالسماح لمفتشي الوكالة بـ«استعادة جميع قدرات التفتيش»، خصوصاً كاميرات المراقبة، التي ترفض السماح بإعادة تشغيلها، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق معها.
المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي (د.ب.أ)
ونبه غروسي لأن إيران تواصل تخصيب اليورانيوم بمستويات عالية، وتضع المزيد من أجهزة الطرد المركزي الحديثة، والوكالة «ليست لديها معلومات عن المستوى الذي وصل إليه نشاطها، فضلاً عن المخاوف الكبيرة عما تقوم به». وأكد أن ما تعلمه الوكالة هو «أن إيران وصلت إلى مستويات خطيرة، وهي الآن أقرب إلى درجة تصنيع سلاح نووي أكثر من أي وقت مضى، بعد تخصيبها اليورانيوم بمستويات تتجاوز 60 في المائة أو أكثر، في ظل تعطل كل أجهزة الرقابة التي وضعناها، بما فيها كاميرات المراقبة».
وشدد على أن المهم هنا «هو النظر إلى الواقع كما هو، المواد التي يجري تحضيرها ويمكن استخدامها في صنع سلاح نووي باتت كبيرة، ولكن لا أستطيع القول إن إيران تقوم بذلك الآن، لأن الأمر يحتاج إلى تحقيقات مختلفة»، منوهاً بأن وكالة الطاقة الذرية ليست طرفاً في المفاوضات، بل هي ضامنة لأي اتفاق بين الأطراف المعنية، التي عليها أن توضح مواقفها.
وقال غروسي، إن «المفاوضات لم تتمكن من اختراق حالة الجمود، وبالنتيجة إيران مستمرة في تطوير برنامجها بشكل سريع من دون وجود مراقبين، يمكن أن يعطونا فكرة واضحة عما إذا كانت إيران تقوم بأعمال تتعارض مع التزاماتها». لكنه أضاف بأن الوكالة «لديها كل الأدلة التي تشير إلى تلك النشاطات، لكننا نجهل ما هي».
وأشار غروسي إلى أهمية «إعادة تجميع كل المعطيات الخاصة بالرقابة، خصوصاً كاميرات المراقبة من أجل التأكد مما يجري على الأرض». وقال، «اليوم ومع المزيد من الأنشطة النووية الإيرانية ومع أجهزة طرد مركزي حديثة وإضافية، لا يمكننا التأكد إلى أين يتجه البرنامج». وفي رده على سؤال عما إذا كان خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2018 قد زاد من خطر حصول إيران على سلاح نووي، قال غروسي إن «ما حصل قد حصل، والمشكلة التي نتجت عن ذلك لا يزال هناك وقت لحلها لكنه ليس كبيراً».
المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس (رويترز)
من ناحيته، شدد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، على أن قرار إيران وقف تشغيل العديد من كاميرات المراقبة، «أمر بالغ الأهمية، ومؤسف، إذا اردنا استخدام عبارة ملطفة».
وأضاف في مؤتمره الصحافي مساء الاثنين، أن «هذا القرار هو الأحدث في سلسلة من الخطوات، التي نعلم أنها لا تؤدي إلّا إلى تعقيد التحديات المرتبطة بالعودة المتبادلة المحتملة إلى الاتفاق النووي ويعمق الازمة التي خلقتها إيران»، لافتا إلى أن إدارة بايدن اتخذت قرارا سياسيا في وقت مبكر، بالعودة إلى الاتفاق النووي، والامر يعود إلى إيران لتوضيح «ما إذا كانت مستعدة للانخراط بشكل بنّاء، وأن تضع جانبا الطلبات الغريبة، والتحدث بنية حسنة، بشأن العودة للاتفاق النووي، الموجود على الطاولة منذ بعض الوقت».
وقال برايس «نحن مستعدون للعودة مجددا إلى الاتفاق النووي، ولكن على قاعدة العودة المتبادلة من الطرفين، وعلى الإيرانيين ان يفعلوا الشيء نفسه، وهو ما لم نره بعد حتى اليوم... من المؤكد أن الإيرانيين لم يفعلوا أي شيء في الأسابيع الأخيرة للإيحاء بأنهم حريصون على العودة إلى الاتفاق، وفي الواقع، كل يوم يقومون بما يبعدهم عن الصفقة، وهذا مؤشر لنا على أنهم ليسوا جادين وأنهم غير مستعدين للعودة إلى الاتفاق على نحو متبادل».
ولفت برايس إلى أن إدارة بايدن تجري تقييمات لتحديد «متى نصل إلى النقطة التي لن يعود معها مصلحة لنا للعودة إلى الاتفاق، وهو ما كان محور رحلة الرئيس بايدن إلى إسرائيل والمملكة العربية السعودية».
وعما إذا كان الاتصال الذي اجراه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بالرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي قد أدى إلى تحريك المفاوضات، قال برايس إن «فرنسا أصدرت بيانا أوضحت فيه ان ماكرون "أوصل الرسالة نفسها التي كنا قد أوصلناها بشكل مباشر للإيرانيين، واصدرناها بشكل علني قبل فترة».
نائب ديمقراطي أميركي يشكك في أي اتفاق مع طهران «يمكن التحقق من تنفيذه»
مدير «الطاقة الذرية»: لا نعرف اليوم ما الذي يحدث في البرنامج النووي الإيراني
نائب ديمقراطي أميركي يشكك في أي اتفاق مع طهران «يمكن التحقق من تنفيذه»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة