الجزائر تخفض تعاونها الأمني مع إسبانيا إلى الحدود الدنيا

TT

الجزائر تخفض تعاونها الأمني مع إسبانيا إلى الحدود الدنيا

قررت الجزائر خفض تعاونها الأمني مع إسبانيا إلى حدوده الدنيا، كوسيلة لتصعيد الضغط عليها وحملها على سحب دعمها خطة الحكم الذاتي المغربية بخصوص الصحراء. وتسبب هذا الدعم في شبه قطيعة بين البلدين المتوسطيين، ولا تبدو في الأفق مؤشرات لطي التوتر الذي لم تشهده العلاقات بين البلدين من قبل.
وأكدت مصادر مطلعة على الأزمة، لـ«الشرق الأوسط»، أن التعاون الأمني والقضائي بين الجزائر ومدريد هو في مستويات منخفضة، ويتعلق بمكافحة الإرهاب وتسليم المطلوبين لدى القضاء، ومحاربة الهجرة السرية.
وأبرزت المصادر أن «لجوء الجزائر إلى تقليص التنسيق في مجالات الأمن مع إسبانيا ضد المخاطر والتهديدات التي تعرفها منطقة المتوسط، هو مؤشر لافت على بلوغ تذمرها من مدريد درجة عالية، وخطوة جديدة لتكثيف الضغوط عليها بعد وقف العمليات التجارية بين الجارين المتوسطيين، منذ يونيو (حزيران) الماضي». علماً بأن إسبانيا صدّرت إلى الجزائر في 2021 منتجات بقيمة 1.88 مليار يورو، واستوردت منها ما قيمته 4.7 مليارات يورو.
وبحسب المصادر إياها، فقد «حافظت الجزائر على مستوى منخفض من تبادل المعلومات فيما يخص العناصر الإرهابيين والجماعات التي ينتمون إليها، وموجات الهجرة غير النظامية مع ما تحمله من احتمال تسلل إرهابيين وسط المهاجرين المسافرين إلى إسبانيا، في قوارب تقليدية غير قانونية عبر البحر المتوسط». وتابعت المصادر: «يمكن القول إن الحلف الأمني الذي كان بين البلدين قد تصدَّع».
وبين الجزائر وإسبانيا اتفاقات قضائية، تشمل تسليم المطلوبين، وتبادل الخبرات بين الهيئات القانونية في البلدين.
وفي الأشهر الماضية، سلَّمت مدريد الجزائر عسكريَين كانا يقيمان فيها بطريقة غير قانونية، هما محمد بن حليمة ومحمد عبد الله اللذان يقعان تحت طائلة «عصيان الأوامر العسكرية» و«الانتماء إلى تنظيم إرهابي» يدعى «رشاد».
وأدان القضاء عبد الله بالسجن ست سنوات مع التنفيذ، ولا تزال تنتظره 10 محاكمات أخرى، بحسب دفاعه.
أما بن حليمة، فلم يحاكم بعد. وعدَّ مراقبون تسليمهما، دليلاً على قوة التعاون بين البلدين أمنياً وقضائياً. كان هذا قبل أن تتدهور العلاقة بينها.
وكتبت صحيفة إسبانية، الأسبوع الماضي، أن المخابرات الجزائرية «حذَّرت الجهاز الأمني الإسباني منذ أشهر، من وجود متشددين ضمن مجموعات مهاجرين سريين تنقلوا إلى إسبانيا». وأكدت الصحيفة أن أغلبهم أنهى فترات سجن بالجزائر وأن القضاء في هذا البلد اتهمهم بالإرهاب.
ويترجم تجميد التعاون الأمني مع إسبانيا، حسب مراقبين، محاولة جديدة من الجزائر للضغط على مدريد لحملها على الرجوع عن انحيازها للرباط في نزاع الصحراء. وكانت استعملت ضدها «سلاح التجارة» في بداية الأزمة. ففي 8 يونيو الماضي، أعلنت الجزائر تعليق «معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون»، الموقعة مع إسبانيا منذ 20 عاماً، وأمرت «الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية بالجزائر»، بوقف المدفوعات من إسبانيا وإليها. وكان لذلك أثر مباشر على المبادلات التجارية الثنائية، التي توقفت على الفور، باستثناء إمدادات الغاز التي تضبطها عقود متوسطة وطويلة المدى.
وقبل تجميد التجارة، كانت الجزائر سحبت سفيرها سعيد موسي من مدريد في 19 مارس (آذار) الماضي، واشترطت عودته بتراجع إسبانيا عن موقفها من مسألة الصحراء.
ومنذ 10 أيام، جرت تغييرات في سلك السفراء والقناصلة، وتم نقل موسي إلى سفارة باريس فيما بقي المنصب في مدريد شاغراً، في دليل واضح على استمرار غضب الجزائر من الجارة المتوسطية. ولاحقاً، تداول أصحاب وكالات السفر خبراً يتعلق بتوقيف رحلات السياحة صيفاً إلى المدن الإسبانية، وسرعان ما نفت وزارة السياحة ذلك.
ومما زاد من حدة التوتر، تصريحات لمسؤولين بالمفوضية الأوروبية، اتهموا الجزائر بـ«نقض اتفاق الشراكة» المبرم بينها وبين الاتحاد الأوروبي عام 2005، وأعلنوا تضامنهم مع إسبانيا. وردت الجزائر بأن «التعليق المزعوم للعلاقات التجارية والاستثمارية مع إسبانيا، تمت إثارته بشكل متسرع ومن دون أي أساس».


مقالات ذات صلة

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

شمال افريقيا الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

أكد وزيران جزائريان استعداد سلطات البلاد لتجنب سيناريو موسم الحرائق القاتل، الذي وقع خلال العامين الماضيين، وسبّب مقتل عشرات الأشخاص. وقال وزير الفلاحة والتنمية الريفية الجزائري، عبد الحفيظ هني، في ندوة استضافتها وزارته مساء أمس، إن سلطات البلاد أعدت المئات من أبراج المراقبة والفرق المتنقلة، إضافة لمعدات لوجيستية من أجل دعم أعمال مكافحة الحرائق، موضحاً أنه «سيكون هناك أكثر من 387 برج مراقبة، و544 فرقة متنقلة، و42 شاحنة صهريج للتزود بالمياه، و3523 نقطة للتزود بالمياه، و784 ورشة عمل بتعداد 8294 عوناً قابلاً للتجنيد في حالة الضرورة القصوى».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

التمست النيابة بمحكمة بالجزائر العاصمة، أمس، السجن 12 سنة مع التنفيذ بحق وزير الموارد المائية السابق، أرزقي براقي بتهمة الفساد. وفي غضون ذلك، أعلن محامو الصحافي إحسان القاضي عن تنظيم محاكمته في الاستئناف في 21 من الشهر الحالي، علماً بأن القضاء سبق أن أدانه ابتدائياً بالسجن خمس سنوات، 3 منها نافذة، بتهمة «تلقي تمويل أجنبي» لمؤسسته الإعلامية. وانتهت أمس مرافعات المحامين والنيابة في قضية الوزير السابق براقي بوضع القضية في المداولة، في انتظار إصدار الحكم الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقر القصر الرئاسي بالجزائر، الثلاثاء، الدكتور عبد الله آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى السعودي الذي يقوم بزيارة رسمية؛ تلبية للدعوة التي تلقاها من رئيس مجلس الأمة الجزائري. وشدد آل الشيخ على «تبادل الخبرات لتحقيق المصالح التي تخدم العمل البرلماني، والوصول إلى التكامل بين البلدين اللذين يسيران على النهج نفسه من أجل التخلص من التبعية للمحروقات، وتوسيع مجالات الاستثمار ومصادر الدخل»، وفق بيان لـ«المجلس الشعبي الوطني» الجزائري (الغرفة البرلمانية). ووفق البيان، أجرى رئيس المجلس إبراهيم بوغالي محادثات مع آل الشيخ، تناولت «واقع وآفاق العلاقات الثنائية الأخوية، واس

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

قضت محكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية، أمس، بسجن سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الراحل، 12 سنة مع التنفيذ، فيما تراوحت الأحكام بحق مجموعة رجال الأعمال المقربين منه ما بين ثماني سنوات و15 سنة مع التنفيذ، والبراءة لمدير بنك حكومي وبرلماني، وذلك على أساس متابعات بتهم فساد. وأُسدل القضاء الستار عن واحدة من أكبر المحاكمات ضد وجهاء النظام في عهد بوتفليقة (1999 - 2019)، والتي دامت أسبوعين، سادها التوتر في أغلب الأحيان، وتشدد من جانب قاضي الجلسة وممثل النيابة في استجواب المتهمين، الذي بلغ عددهم 70 شخصاً، أكثرهم كانوا موظفين في أجهزة الدولة في مجال الاستثمار والصفقات العمومية، الذين أشارت التحقيقات إلى تو

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

اعتقال جزائريين في فرنسا بتهمة «التحريض على العنف»

الحراك الجزائري في فبراير 2019 (الشرق الأوسط)
الحراك الجزائري في فبراير 2019 (الشرق الأوسط)
TT

اعتقال جزائريين في فرنسا بتهمة «التحريض على العنف»

الحراك الجزائري في فبراير 2019 (الشرق الأوسط)
الحراك الجزائري في فبراير 2019 (الشرق الأوسط)

أثرت الأوضاع الداخلية في الجزائر بتداعياتها في فرنسا، خصوصاً ما ارتبط بعلاقة السلطات بنشطاء الحراك المعارضين. ففي اليومين الأخيرين، اعتقلت الشرطة الفرنسية «مؤثرين» جزائريين لتحريضهما على قتل مواطنين لهما يقيمون بفرنسا، بحجة أنهم «يبحثون عن زرع الاضطرابات في الجزائر». كما تم التبليغ عن ثالث، حرَض على قتل ناشط بارز يعيش في الجزائر.

واعتقلت الشرطة في مدينة برست بشمال غرب فرنسا، الجمعة، مؤثراً يستخدم منصة «تيك توك»، اسمه «يوسف زازو»، بشبهة «التحريض على القتل، وتنفيذ هجمات فوق التراب الفرنسي»، حسب صحف فرنسية. كما تم اعتقال شخص في المدينة نفسها، يُشتبه في كونه شريكه.

محمد تاجديت ضحية تحريض بالقتل من مؤثر جزائري مقيم بفرنسا (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)

ويبلغ «زازو» من العمر 25 سنة، ويتحدر من غرب الجزائر، وهو تحت أمر إداري بالطرد من فرنسا بعد أن رفضت سلطات برست تجديد التصريح له بالإقامة. ووصل «المؤثر» إلى فرنسا عام 2020، في إطار «لَمّ الشمل العائلي»، لزواجه من فرنسية، حسب الإعلام الفرنسي. وله أكثر من 400 ألف متابع على «تيك توك»، ويتوجه عادة إلى المهاجرين، عبر حسابه.

وبث يوسف عشية السنة الجديدة، فيديو تناول فيه دعوات إلى تنظيم مظاهرات في فرنسا مطلع 2025، من طرف معارضين للتعبير عن التذمر من «سوء الأوضاع في الجزائر»، وبأن النظام القائم «يمارس التضييق على الناشطين المعارضين في البلاد». وقال «زازو» إن من يقف وراء هذه الدعوات «لا يحبون الخير للبلاد»، وحرَض على «تصفيتهم». كما شجع على «تنفيذ هجمات في فرنسا إذا وفرت حكومتها الحماية لهم».

ونقلت «وكالة الأنباء الفرنسية»، عن بيان للمدعية العامة ببرست، كامي ميانسوني، بأن يوسف تم احتجازه احتياطياً، الجمعة، في السجن المحلي، وأنه سيمثُل أمام المحكمة في 24 فبراير (شباط) المقبل، بتهمة «الدعوة علناً إلى ارتكاب عمل إرهابي».

ويواجه يوسف، في حال إدانته، عقوبة بالسجن تصل إلى 7 سنوات، ودفع غرامة قدرها 100 ألف يورو، وفق بيان المدعية العامة. وأكد وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو في منشور، الجمعة، أن «زازو يوسف يجب أن يُحاسب على أفعاله أمام القضاء»، مشيراً إلى أن «الرسالة واضحة: لا تساهل في مثل هذه الأمور».

منشور وزير الداخلية الفرنسية حول اعتقال المؤثر الجزائري يوسف

وفي اليوم نفسه، اعتقلت شرطة مدينة غرونوبل (جنوبي شرق)، جزائرياً يملك آلاف المتابعين بـ«تيك توك»، يسمى «عماد تن تن»، بسبب فيديوهات بثها تدعو إلى «الحرق والقتل والاغتصاب على الأراضي الفرنسية»، بحق نشطاء جزائريين مناهضين لحكومة بلادهم.

وأوضحت السلطات القضائية المحلية، السبت، أنه تم تمديد احتجاز عماد (31 سنة) لدى الشرطة، وأعيد تصنيف الواقعة على أنها «تحريض مباشر على عمل إرهابي، عن طريق خدمة اتصال عمومية عبر الإنترنت»، فيما بدا من نبرة حديث «تن تن»، أنه يتحدر من الشرق الجزائري.

ونشر وزير الداخلية تغريدة جاء فيها: «الليلة، المؤثر الجزائري عماد تن تن في الحجز الاحتياطي. يجب عليه أيضاً الإجابة عن التصريحات المشينة التي أدلى بها على (تيك توك)، أمام القضاء. يجب عدم السماح لأي شيء بالمرور». وشكر روتايو القضاة والقوات الأمنية «الذين مكنونا من هذه الاعتقالات. يجب ألا نترك أي شيء يمر».

التيكتوكر يوسف الذي اعتُقل في فرنسا بسبب التحريض على قتل معارضين للسلطة في الجزائر (متداولة)

وفيما يبدو أن هناك تنسيقاً بخصوص إطلاق «حملة التحريض على الناشطين المعارضين»، ذكرت صحف فرنسية صادرة، الأحد، أن عمدة مونبلييه (جنوب) مايكل دولافوس، أخطر النيابة المحلية بوجود فيديو لـ«مؤثر» جزائري يسمى بوعلام، حرَّض فيه على «تعذيب وقتل» الناشط البارز محمد تاجديت، المقيم بالجزائر والذي سُجن مرات عدة على أساس تهم «تقويض الأمن في البلاد، والتحريض على الفوضى والإساءة إلى رموز الدولة». ونشر تاجديت خطاب «المؤثر» ضده، على حسابه بـ«فيس بوك»، على سبيل الاستنكار.