مصر: «موجة غلاء» جديدة... والشائعات تطال الخبز المدعم

شكاوى من التداعيات... ومطالب بترشيد الإنفاق

موجة غلاء في الأسواق المصرية بعد زيادة أسعار المواد البترولية (أ.ف.ب)
موجة غلاء في الأسواق المصرية بعد زيادة أسعار المواد البترولية (أ.ف.ب)
TT

مصر: «موجة غلاء» جديدة... والشائعات تطال الخبز المدعم

موجة غلاء في الأسواق المصرية بعد زيادة أسعار المواد البترولية (أ.ف.ب)
موجة غلاء في الأسواق المصرية بعد زيادة أسعار المواد البترولية (أ.ف.ب)

موجة غلاء جديدة ضربت الأسواق المصرية في أعقاب قرار الحكومة الأخير زيادة أسعار المواد البترولية، والذي تضمن للمرة الأولى زيادة في سعر السولار؛ وهو ما تسبب في ارتفاع تكلفة النقل، وبالتالي زيادة أسعار المواد الغذائية، ووسط شكاوى المواطنين من تداعيات الأزمة، انتشرت الشائعات التي تتوقع مزيداً من الغلاء حتى طالت رغيف الخبز المدعم.
وعلى الفور نفى المركز الإعلامي لمجلس الوزراء، الشائعات المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، بشأن رفع سعر رغيف الخبز المدعم بالتزامن مع تحريك سعر السولار، وقال، إن «رغيف الخبز المدعم يتم صرفه للمواطنين على بطاقات التموين بـ5 قروش فقط دون أي زيادة، مع استمرار تحمل الدولة فارق تكلفة زيادة سعر السولار وسدادها لأصحاب المخابز»، مشيراً إلى «تنفيذ حملات رقابية دورية على جميع المخابز، لضمان مطابقة الخبز المدعم لكافة معايير الجودة».

وفي منتصف يوليو (تموز) الحالي أصدرت وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية قراراً برفع أسعار البنزين، بقيمة تتراوح ما بين نصف جنيه وجنيه، إضافة إلى زيادة أسعار السولار، وهي الزيادة التي وُصفت في حينها بأنها «الأكبر منذ بدء زيادة أسعار الوقود تدريجياً».
على مواقع التواصل الاجتماعي، تواصلت شكاوى المصريين من ارتفاع الأسعار، مع ظهور منشورات ساخرة بسبب الارتفاع «غير المبرر» في سعر البيض، حتى أن البعض بدأ يعتبر «كرتونة البيض مؤشراً للاقتصاد المصري».
https://www.facebook.com/100000491471430/posts/pfbid031d8U3dJpyGGTRKuWeNeaqL7PWhCvyywGx9NQVUDuyM1sCetvUTWafkuMLbcGqvyal/?d=n
ورداً على وصول سعر «كرتونة البيض» إلى 80 جنيهاً (الدولار بـ18.93 جنيه)، قال رئيس شعبة الدواجن بغرفة القاهرة التجارية الدكتور عبد العزيز السيد، في تصريحات تلفزيونية، إن «تكلفة كرتونة البيض 55 جنيهاً، ومن المفترض بيعها بـ60 جنيهاً»، مشيراً إلى أن «مصر تنتج 13 مليار بيضة يومياً، ولا يوجد مبرر لزيادة سعر الكرتونة».
https://www.facebook.com/watch/?v=584337826602936&extid=NS-UNK-UNK-UNK-IOS_GK0T-GK1C-GK2C&ref=sharing
شكاوى الناس من ارتفاع الأسعار لا تقتصر على «كرتونة البيض، بل تمتد إلى تكلفة المعيشة كلها»، وهو ما تقوله سعاد محمود، ربة منزل أربعينية، لـ«الشرق الأوسط»، موضحة أنها «أصبحت تنفق ثلاث أضعاف ما كانت تنفقه من قبل على نفس السلع»، وتقول، إن «الأسعار زادت أو تضاعفت بعد عيد الأضحى المبارك، في الوقت الذي لم يشهد دخلها زيادة مماثلة»، متخوفة من «ألا تتمكن من تلبية احتياجات أسرتها المكونة من زوج وطفلين في المرحلة الابتدائية».
وفي محاولة للحد من تداعيات «موجة الغلاء»: «تدرس الحكومة إعداد حزمة حماية اجتماعية استثنائية، للتعامل مع الظروف العالمية الحالية، والتخفيف من حدتها وانعكاساتها على المواطنين والأسر المستهدفة من تطبيق هذه البرامج»، بحسب بيان مجلس الوزراء مؤخراً.
ومع بداية الأزمة الروسية - الأوكرانية شهدت مصر موجات متتالية من الغلاء، اعتاد المصريون مواجهتها بالشكاوى الساخرة، في الوقت الذي ركزت في وسائل الإعلام المصرية طوال الفترة الماضية على موضوعات تدعو المواطنين لترشيد الاستهلاك، وتعرض لهم بدائل لبعض السلع التي شهدت ارتفاعاً في الأسعار.
بدوره، يرى الخبير الاقتصادي الدكتور وائل النحاس، أن «الموضوع في مصر تجاوز مسألة ارتفاع الأسعار نتيجة الأزمات العالمية، إلى ارتفاع مستوى تكلفة المعيشة، لتدخل مصر في دوامة يصعب حلها»، موضحاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «المشكلة تكمن في أن السوق هي من تسعّر نفسها بنفسها، فتكلفة السلعة نفسها تختلف من مكان إلى آخر، مثلما تختلف تكلفة المعيشة تختلف من فرد إلى آخر، ومن أسرة إلى أسرة».
وأضاف النحاس، أن «التاجر اليوم يضع تكلفة النقل والكهرباء في الاعتبار، والتي تختلف أيضاً من مكان إلى آخر؛ فالمسألة لم تعد متعلقة فقط بتكلفة الإنتاج».
وتقدر معدلات الفقر في مصر بنحو 29.7 في المائة، خلال العام المالي 2019 – 2020، بحسب البيانات الرسمية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


الجزائر و«الأوروبي» لحل «أزمة اتفاق الشراكة»

رئيس «المجلس الأوروبي» خلال زيارته الجزائر في 5 سبتمبر 2022 (الرئاسة الجزائرية)
رئيس «المجلس الأوروبي» خلال زيارته الجزائر في 5 سبتمبر 2022 (الرئاسة الجزائرية)
TT

الجزائر و«الأوروبي» لحل «أزمة اتفاق الشراكة»

رئيس «المجلس الأوروبي» خلال زيارته الجزائر في 5 سبتمبر 2022 (الرئاسة الجزائرية)
رئيس «المجلس الأوروبي» خلال زيارته الجزائر في 5 سبتمبر 2022 (الرئاسة الجزائرية)

تطمح الحكومة الجزائرية إلى إعادة التفاوض على «اتفاق الشراكة»، الذي يربطها بـ«الاتحاد الأوروبي»، وذلك بمناسبة اجتماعات ستعقد بالجزائر، من 10 إلى 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، مع وفد رفيع من «المفوضية الأوروبية»، التي لوّحت في يونيو (حزيران) الماضي باللجوء إلى التحكيم الدولي، على أثر وقف الجزائر واردات السلع والمنتجات الأوروبية.

ممثل السياسة الخارجية في «الاتحاد الأوروبي» جوزيب بوريل مع الرئيس عبد المجيد تبون يوم 13 مارس 2023 (الرئاسة الجزائرية)

وأكدت مصادر بالحكومة الجزائرية لـ«الشرق الأوسط» أن مسؤولين من وزارات التجارة والمالية والخارجية والصناعة أعدوا وثيقة تتضمن ما تراها الجزائر «مجموعة اختلالات يتضمنها (اتفاق الشراكة) رُصدت بعد 19 سنة من تطبيقه»، من دون توضيح ما هذه «الاختلالات»، مشددة على أن «وثيقة التجارة المشتركة» بين الجانبين لم تُفحص فحصاً شاملاً منذ التوقيع عليها عام 2002، ومشيرة إلى إحداث مراجعة جزئية لها في 2010، تناولت تفكيك التعريفة الجمركية، وبعدها إجراء تقييم مشترك في 2015، بناء على طلب الجزائر.

ووفق المصادر نفسها، فقد أدى «الاتفاق» إلى «فتح أسواق الجزائر أمام المنتجات الأوروبية بشكل أضعفَ قدرتها على دعم وتطوير قطاعاتها المحلية، مما أثر على التنمية الصناعية والزراعية».

وزير خارجية الجزائر (يسار) طلب من نظيره المجري إجراء وساطة مع «الاتحاد الأوروبي» لحل الخلاف التجاري في سبتمبر 2023 (الخارجية الجزائرية)

وتناول وزير الخارجية، أحمد عطاف، هذه المشكلة في سبتمبر (أيلول) الماضي، بمناسبة رده على انشغال برلماني في هذا الموضوع، فذكر أن المبادلات التجارية مع أوروبا «ظلت لسنوات طويلة لمصلحة دول (الاتحاد)، والاستثمارات الأوروبية في بلادنا بقيت محصورة في قطاع المحروقات، في حين كنا نتوقع أن تمس قطاعات أخرى بحاجة إلى إنعاش لتوفير مناصب الشغل». وعدّ عطاف ذلك «اختلالاً كبيراً» دفع بالحكومة الجزائرية، وفق ما أوضح، إلى إعادة النظر بشكل كامل في بنود «الاتفاق»؛ «وفق نظرة سيادية تراعي مصلحة المنتج الوطني، ولاستحداث نسيج صناعي، ومناصب شغل».

كما قال عطاف إن حجم المبادلات التجارية مع «بروكسل» بلغ نحو تريليون دولار منذ بدء العمل بـ«الاتفاق»، في حين لم تتجاوز استثماراته في الجزائر 13 مليار دولار، وفق ما قال، غالبيتها في قطاع المحروقات، مقابل تحويل أرباح بقيمة 12 مليار دولار في المدة بين 2005 و2022.

خسائر كبيرة لحقت بالتجارة البينية جراء وقف الصادرات (ميناء الجزائر العاصمة)

ويتوقع متتبعون لـ«أزمة اتفاق الشراكة» بحث «النزاع التجاري بخلفية سياسية» المطروح بين الجزائر وإسبانيا خلال اجتماعات المسؤولين الجزائريين بوفد حكومة «الاتحاد الأوروبي». ففي يونيو 2022 علقت الجزائر التجارة مع مدريد، إثر إعلان رئيس حكومتها بيدرو سانشيز في مارس (آذار) من العام نفسه دعم «خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء». علماً بأن الجزائريين يرفضون هذا المقترح، ويدعمون توصية «استقلال تقرير المصير في الصحراء»، التي تدافع عنها جبهة «البوليساريو».

وحاول جوزيب بوريل، الممثل السامي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في «الاتحاد الأوروبي»، حل هذا الخلاف خلال زيارة قادته إلى الجزائر بعد مدة قصيرة من اندلاعه، لكنه لم ينجح في مهمته. وعبر يومها عن «أسف دول (الاتحاد) للعقبات الجادة التي فرضتها الجزائر على التجارة مع إسبانيا، باستثناء الغاز»، وقال إن «هذا الانسداد ضار جداً بتنفيذ اتفاقية الشراكة، ولا يخدم مصلحة أحد».

واعترضت «المفوضية الأوروبية»، في بيان أصدرته يوم 14 يونيو الماضي، على سلسلة من القرارات بدأت الجزائر تنفيذها منذ عام 2021، تتعلق بتنظيم الواردات، وتحفيز الإنتاج المحلي، وشملت نظام تراخيص الاستيراد، وحوافز لاستخدام المدخلات المحلية في قطاع السيارات، وتنظيم المشاركة الأجنبية في الشركات المستوردة.

ورأت «المفوضية» أن هذه الإجراءات «تقييدية» لصادراتها إلى الجزائر، بينما يقول الجزائريون إنها «تستجيب لخطة تخص تقليص فاتورة الواردات، بهدف تنويع اقتصاد البلاد، وتقليل اعتماده على المحروقات، وتعزيز التصنيع المحلي».