تصوير فيلم صيني فوق دمار حي في دمشق يثير استياء المحرومين من العودة

بدء تصوير الفيلم الصيني بدمشق في حي الحجر الاسود بحسب صفحة الشركة المساهمة في الإنتاج (الشرق الأوسط)
بدء تصوير الفيلم الصيني بدمشق في حي الحجر الاسود بحسب صفحة الشركة المساهمة في الإنتاج (الشرق الأوسط)
TT

تصوير فيلم صيني فوق دمار حي في دمشق يثير استياء المحرومين من العودة

بدء تصوير الفيلم الصيني بدمشق في حي الحجر الاسود بحسب صفحة الشركة المساهمة في الإنتاج (الشرق الأوسط)
بدء تصوير الفيلم الصيني بدمشق في حي الحجر الاسود بحسب صفحة الشركة المساهمة في الإنتاج (الشرق الأوسط)

وقع اختيار فريق عمل الفيلم السينمائي الصيني ( Home Operation) أو «عملية الديار» على حي الحجر الأسود المدمر في جنوب دمشق لاتمام مشاهد الفيلم الذي تجري أحداثه في اليمن عام 2015 عند اجلاء الرعايا الصينيين من هناك. وأثارت الصور التي تناقلتها وسائل إعلام محلية سورية ووسائل التواصل الاجتماعي، ردود فعل غاضبة في الشارع السوري استغرابا لسماح السلطات السورية لشركات انتاج فني دولية بإستثمار مشاهد الدمار في حي الحجر الأسود والدخول اليه للتصوير، فيما يحرم أهله من العودة بعد أربع سنوات من إستعادة النظام السيطرة عليه. وكانت القناة العربية لشبكة تلفزيون الصين الدولي، قد بثت تقريرا مصورا يظهر حضور طاقم الفيلم مع السفير الصيني بدمشق وسط الدمار في حي الحجر الأسود، يوم الخميس الماضي، في إعلان عن بدء تصوير «أول فيلم صيني في سوريا». ومن المتوقع انتهاء التصوير الإثنين.
وقالت القناة إن قصة الفيلم مستوحاة من أحداث حقيقية أثناء إجلاء الصين لنحو 600 شخص من رعاياها المدنيين والدبلوماسيين و200 مواطن من جنسيات أخرى، من اليمن عام 2015، مشيرة الى أن التحضير للفيلم استغرق أربع سنوات، تم خلالها العمل على عدة مسودات للسيناريو الذي ينتجه الممثل الصيني جاكي تشان إلى جانب شركة Art maker production الإماراتية، وقد واجهت فريق العمل صعوبات في البحث عن أماكن للتصوير في عدة دول بالشرق الأوسط وأفريقيا بالتزامن مع اجراءات الحظر بعد انتشار وباء كورونا في العالم. وقال مخرج الفيلم سون ين شي، لشبكة تلفزيون الصين الدولي إنّ هذا الفيلم لا يسلط الضوء على فلسفة الحكومة الصينية في سياستها، فحسب، بل يجسد أيضاً «اقتراح الصين بناء نوع جديد من العلاقات الدولية، يقوم على مصير مشترك للبشرية داخل حزام دول طريق الحرير القديم».
https://twitter.com/aawsat_News/status/1549304282545102848
ولا تعد هذه المرة الأولى التي يتم فيها استثمار مشاهد الدمار المؤسفة في سوريا، في تصوير أعمال سينمائية وتلفزيونية، فقد كان المخرج السوري نجدت أنزور، السباق الى تصوير أعماله التي تروج لراويات النظام عن الحرب السورية في عدة مناطق مدمرة أبرزها داريا والغوطة الشرقية. كما صور عدد من المخرجين السوريين مثل جود سعيد وباسل الخطيب، وغيرهما أعمالا في مناطق بحمص وحلب قبل أن تحط الحرب أوزارها. وأظهرت الصور التي تداولتها وسائل إعلام سورية غير رسمية، عمليات التصوير السينمائي وسط الحي المدمر جنوب دمشق بممثلين يرتدون الزي اليمني.
وأثار نشر تلك الصور حفيظة السوريين الذين وجدوا في الأمر ما يدعو للرثاء لا الى التفاخر من منطلق انهم لم يجدوا مكانا مدمرا أكثر من سوريا للتصوير. وعبرت نازحة من الحجر الأسود عن استيائها من حرمان السلطات في دمشق أهلها من العودة الى الحي بقولها «عائلتي انهكت من دفع ايجارات بيوت بدمشق، وقد حصلت على الموافقة الأمنية وحققت كل الشروط المطلوبة ولم يسمح لها لغاية الآن بالعودة. ثم نفاجأ بيوتنا وأماكننا استديوهات لتصوير أفلام جاكي تشان، بعد ان تركت اربع سنوات نهبا للسرقة!». يشار الى أن أهالي الحجر الأسود، أطلقوا العديد من المناشدات والنداءات للجهات الحكومية الرسمية، لحضها على وقف سرقة منازلهم وممتلكاتهم، إلا أن جميع نداءاتهم لم يستجب لها. وظلت البيوت المدمرة عرضة لعمليات النهب التي طالت الأثاث المنزلي والرخام والبلاط، والأبواب والنوافذ، وليس انتهاء بالقضبان الحديدية الداخلة في مواد البناء.
وكانت «مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا»، قد حذرت في أكثر من تقرير، من إستمرار عمليات النهب والتعفيش في منطقة الحجر الأسود، التي كانت قبل الحرب واحدة من مناطق حزام الفقر المحيط بدمشق بتعداد سكان يقدر بـ 400 الف نسمة. كما تعد المنطقة التي يصور فيها مشاهد من الفيلم الصيني، أكبر تجمع لنازحي الجولان المحتل منذ حرب يونيو (حزيران) 1967، وكانت من أولى المناطق التي شهدت الاحتجاجات ضد النظام ربيع عام 2011 ، قبل أن تسيطر عليه فصائل المعارضة عام 2012، ثم تنظيم «داعش» منتصف عام 2015 لغاية 2018 عندما تمكنت قوات النظام بالتعاون مع الحليف الروسي من استعادة السيطرة عليها، بعد قصف عنيف دمر اكثر من 70 من مبانيها. وأعلنت محافظة ريف دمشق، في سبتمبر (أيلول) 2021، أنها بدأت بتسليم أهالي الحجر الأسود الطلبات المتعلقة بملء الاستمارات الخاصة بعودتهم إلى ممتلكاتهم، للمباشرة في تأهيل منازلهم وترميمها بعد الحصول على الموافقات اللازمة من الجهات ذات الصلة. ورغم حصول العشرات من الأهالي على الموافقات الأمنية اللازمة، إلا انه لم يسمح لهم بالعودة بزعم العمل على إعادة تأهيل المنطقة من قبل الجهات المختصة.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الأردن يعد الهجوم قرب سفارة إسرائيل «إرهابياً فردياً»

TT

الأردن يعد الهجوم قرب سفارة إسرائيل «إرهابياً فردياً»

سيارة لقوات الأمن الأردنية تقف قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان (رويترز)
سيارة لقوات الأمن الأردنية تقف قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان (رويترز)

لم تكشف التحقيقات الأولية الأردنية، بشأن الهجوم المسلح الذي وقع قرب السفارة الإسرائيلية بمنطقة الرابية في عمّان، وصنفته الحكومة «إرهابياً»، حتى مساء الأحد، عن ارتباطات تنظيمية لمُنفذه، ما رجحت معه مصادر أمنية تحدثت إلى «الشرق الأوسط»، أن يكون «عملاً فردياً ومعزولاً وغير مرتبط بتنظيمات».

وكان مسلح أطلق النار، فجر الأحد، على دورية شرطة تابعة لجهاز الأمن العام الأردني، وانتهى الهجوم بمقتل المنفذ بعد ساعات من الملاحقة، ومقاومته قوات الأمن بسلاح أتوماتيكي، ما أسفر عن إصابة ثلاثة عناصر أمنية.

وذهبت المصادر الأردنية إلى أن «(الهجوم الإرهابي) لم يؤكد نوايا المنفذ، إذ بادر بإطلاق النار على دورية أمن عام كانت موجودة في المنطقة التي تشهد عادة مظاهرات مناصرة لغزة».

أردنيون يُلوحون بالأعلام خلال احتجاج خارج السفارة الإسرائيلية في عمان على خلفية حرب غزة (أ.ف.ب)

وأفادت معلومات نقلاً مصادر قريبة من عائلة المنفذ، بأنه «ينتمي لعائلة محافظة وملتزمة دينياً، تسكن إحدى قرى محافظة الكرك (150 كيلومتراً جنوب عمّان)، وأن الشاب الذي يبلغ من العمر (24) عاماً، قُتل بعد مطاردة بين الأحياء السكنية، وهو صاحب سجل إجرامي يتعلق بتعاطي المخدرات وحيازة أسلحة نارية، وقيادة مركبة تحت تأثير المخدر».

«عمل معزول»

ووصفت مصادر أمنية تحدثت لـ«الشرق الأوسط» الحادث بأنه «عمل فردي ومعزول وغير مرتبط بتنظيمات»، وأضافت المصادر أن التحقيقات الأولية أفادت بأن المهاجم تحرك «تحت تأثير تعاطي مواد مخدرة، وقد تم ضبط زجاجات ومواد حارقة، الأمر الذي يترك باب السؤال مفتوحاً عن هدف منفذ العملية ودوافعه».

وذكّرت عملية فجر الأحد بحدث مشابه نفذه «ذئب منفرد» لشاب اقتحم مكتب مخابرات عين الباشا شمال العاصمة، وقتل 5 عناصر بمسدس منتصف عام 2016، الأمر الذي يضاعف المخاوف من تحرك فردي قد يسفر عن وقوع أعمال إرهابية تستهدف عناصر أمنية.

وكشف بيان صدر عن «جهاز الأمن العام»، صباح الأحد، عن أن «مطلق الأعيرة النارية باتجاه رجال الأمن في منطقة الرابية، مطلوب ولديه سجل جرمي سابق على خلفية قضايا جنائية عدة من أبرزها قضايا المخدرات».

وذكر البيان الأمني الذي جاء على لسان مصدر أن «من بين القضايا المسجلة بحق هذا الشخص حيازة المخدرات وتعاطيها، وفي أكثر من قضية، والقيادة تحت تأثير المواد المخدرة، وإلحاق الضرر بأملاك الغير، ومخالفة قانون الأسلحة النارية والذخائر».

دورية أمنية أردنية تتحرك يوم الأحد قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان (رويترز)

ولفت البيان إلى أن «منفذ العمل الإرهابي كان قد بادر وبشكل مباشر بإطلاق الأعيرة النارية تجاه عناصر دورية أمنية (نجدة) كان توجد في المكان قاصداً قتل أفرادها بواسطة سلاح أوتوماتيكي كان مخبئاً بحوزته، إضافةً إلى عدد من الزجاجات والمواد الحارقة».

«الدفاع عن النفس»

وأضاف البيان أن «رجال الأمن اتخذوا الإجراءات المناسبة للدفاع عن أنفسهم وطبقوا قواعد الاشتباك بحرفية عالية، للتعامل مع هذا الاعتداء الجبان على حياتهم وعلى حياة المواطنين من سكان الموقع»، موضحاً أن «رجال الأمن المصابين قد نُقلوا لتلقي العلاج، وهم في حالة مستقرة الآن بعد تأثرهم بإصابات متوسطة، وأن التحقيقات متواصلة حول الحادث».

وعدَّ الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، الوزير محمد المومني، في تصريحات عقب الهجوم أنه «اعتداء إرهابي على قوات الأمن العام التي تقوم بواجبها»، مؤكداً أن «المساس بأمن الوطن والاعتداء على رجال الأمن العام سيقابل بحزم لا هوادة فيه وقوة القانون وسينال أي مجرم يحاول القيام بذلك القصاص العادل».

ولفت المومني إلى أن «الاعتداء قام به شخص خارج عن القانون، ومن أصحاب سجلات إجرامية ومخدرات، وهي عملية مرفوضة ومدانة من كل أردني»، مشيراً إلى أن «التحقيقات مستمرة حول الحادث الإرهابي الآثم لمعرفة كل التفاصيل والارتباطات وإجراء المقتضيات الأمنية والقانونية بموجبها».