سوريا... حروب صغيرة ومعارك كبيرة

(تحليل إخباري)

فتيان ينظران إلى مقاتلين معارضين في ريف حلب شمال سوريا في 2 الشهر الحالي (أ.ف.ب)
فتيان ينظران إلى مقاتلين معارضين في ريف حلب شمال سوريا في 2 الشهر الحالي (أ.ف.ب)
TT

سوريا... حروب صغيرة ومعارك كبيرة

فتيان ينظران إلى مقاتلين معارضين في ريف حلب شمال سوريا في 2 الشهر الحالي (أ.ف.ب)
فتيان ينظران إلى مقاتلين معارضين في ريف حلب شمال سوريا في 2 الشهر الحالي (أ.ف.ب)

هل يمكن توقع «حروب صغيرة»، في القريب الآجل أو العاجل، تحرك الجمود المستمر في سوريا؟ ما هي أولويات الدول الفاعلة والمراقبة للملف السوري؟ وأين هي اهتمامات السوريين داخل البلاد و«دويلاتها» الثلاث؟ وكيف يتعامل السوريون مع «المعارك الكبيرة» الخاصة بالعيش؟
أولاً: «حرب مسودات»: اتجهت أنظار ملايين السوريين إلى المواجهة الدبلوماسية في مجلس الأمن الدولي في نيويورك، بين الدول الغربية وروسيا، حول تمديد القرار الدولي لإيصال المساعدات عبر الحدود التركية و«عبر خطوط» التماس داخل البلاد، مع قرب انتهاء ولاية القرار الحالي يوم غد.
موسكو تريد حصر القرار الجديد بستة أشهر بدلاً من 12 شهراً؛ كي تعيد الدول الغربية للتفاوض مرتين كل سنة، لأسباب كثيرة بينها الحرب الأوكرانية. وتريد روسيا أيضاً، تغيير لغة القرار الدولي وإضافة تمويل الكهرباء في مشاريع «التعافي المبكر»، للاقتراب من ملف الإعمار الذي تفرض الدول الغربية شروطاً سياسية للمساهمة فيه، إضافة إلى توسيع المساعدات «عبر الخطوط» الداخلية للدفع نحو توسيع العلاقات مع دمشق. ومن المقترحات الأخرى، حذف أي إشارة لـ«اللجنة الدولية للصليب الأحمر» وجهودها، لـ«معاقبتها» على مواقف عدة، بينها تأييد خطة دولية لإنشاء آلية أممية لمتابعة ملف المفقودين في سوريا.
ثانياً، غارات واختبارات: قامت روسيا ثلاث مرات على الأقل بقصف مواقع قرب القوات الأميركية في قاعدة التنف، جنوب شرقي سوريا، وأماكن أخرى. ولم تعط موسكو جيش واشنطن الوقت الكافي بموجب ما تقتضيه «مذكرة منع الصدام» بينهما في 2017. والواضح، أن هذا سيتكرر كثيراً مع دخول أوكرانيا في «حرب استنزاف» غربية - روسية، ما يثير قلقاً من احتكاكات عسكرية بين القوى الكبرى في سوريا قد تكون مفصلية.
ثالثاً، خطوط جديدة: لأول مرة، قصفت إسرائيل مناطق جنوب طرطوس قرب القاعدة الروسية وشمال حدود لبنان، قيل أنها كانت تحوي أصولاً عسكرية لـ«حزب الله». قبل ذلك، قصفت تل أبيب مطار دمشق الدولي وأخرجته عن العمل لأيام. والواضح أن روسيا قيدت جزئياً حركة إسرائيل في سوريا، بسبب موقف تل أبيب من حرب أوكرانيا. وقد يحصل احتكاك عسكري متعدد في سوريا (أو لبنان)، إذا تفاقمت الحرب العلنية في أوكرانيا و«حرب الظل» في إيران.
رابعاً، توغلات تركية: استند الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى تحسن موقفه التفاوضي بعد حرب أوكرانيا، للتلويح بعملية عسكرية «هي الأكبر» شمال سوريا. لكن التهديدات قوبلت برفض أميركي شرق الفرات وتحذيرات من «تهديد الاستقرار» بين خطوط التماس السورية. أيضاً، قوبلت بوساطة روسية. وبالفعل، كثفت موسكو اتصالاتها العلنية والسرية بين دمشق وأنقرة لـ«إجهاض العملية العسكرية». ودخلت إيران على الخط عبر جولة مكوكية للوزير حسين أمير عبداللهيان بين العاصمتين. لكن الكلمة الكبرى كانت لروسيا. العملية العسكرية التركية جمدت، لكن نيات إردوغان موجودة وتفتح الباب لتصعيد محتمل... وحرب صغرى.
خامساً، «منطقة آمنة»: تحدث الأردن قبل سنوات عن «منطقة أمنة» شمال حدوده جنوب سوريا. لم تنفذ الخطة، حيث توكلت روسيا بالقيام بدور عسكري لتوفير الاستقرار في محافظات درعا والقنيطرة والسويداء. وقبل أشهر، بادرت عمان للتطبيع مع دمشق، واقترحت «خطوة مقابل خطوة». التقارير تشير إلى شكوى أردنية من تدفق المخدرات والتهريب عبر الحدود، وتصاعد الاغتيالات والفلتان في أرياف الجنوب السوري. والجديد، أن عمان حذرت من تصعيد محتمل، ولوحت بإعادة طرح خطة «المنطقة الآمنة» للضغط على دمشق وتحريك موسكو للتحرك. وتزامن هذا مع تسليح أميركي نوعي لفصائل معارضة تقيم في قاعدة التنف قرب حدود الأردن.
سادساً، تطبيع عربي: خطوات التطبيع الثنائية بين عواصم عربية ودمشق مستمرة ببطء. وهناك من يربط بين العفو الذي أصدره الرئيس بشار الأسد عن متهمين بـ«جرائم إرهاب» وهذه الخطوات. لكن، إلى الآن، ليس هناك إجماع على إعادة دمشق إلى الجامعة العربية في قمة الجزائر في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. ما هو الجديد؟ هناك اقتراح جزائري بأن يأتي وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى الجزائر لمحادثات ثنائية بالتزامن مع انعقاد القمة، أو دعوة سوريا مع تركيا وغيرها بصفة «مراقب». وتبلور هذه المقترحات رهن بالتطورات الجارية وحروبها، في الأشهر السابقة للقمة.
سابعاً، المعركة الاقتصادية: لا جديد بذكر الأزمة الاقتصادية ومعركة السوريين مع العيش. فهي تتفاقم مع ازدياد معدلات الفقر، أو على الأقل ليست هناك حلول عميقة. وصلت ناقلات نفط إيرانية، وجرى تشغيل جزء من محطة كهرباء في حلب. واستؤنف الحديث عن خط الغاز العربي. لكن مؤشرات زيادة الهجرة والشكوى والفجوة واضحة: هجرة الشباب والحرفيين إلى الخارج، وشكوى الموالين للنظام من عدم تحسن الأوضاع في معاقلهم، وفجوة هائلة بين «أثرياء الحرب» و«ضحايا الحرب».
لا شك في أن تغييراً سيحصل عاجلاً أم آجلاً في نقطة أو أخرى، وأن «حرباً صغرى» ستشتغل في ساحة أو أخرى، وأن نصراً هنا سيعانق هزيمة هناك، لكن أغلب الظن، أن «معركة العيش» استقرت على انهيارات ومعادلات يحتاج حلها وتفكيكها إلى سنوات وسنوات من الخطوات والتفاهمات والحياكات للخروج من «الليل الطويل».


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
TT

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)

حذّرت منصّة يمنية متخصصة في تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي، وكشفت عن بيانات تنشر لأوّل مرة عن مشروع توسع الجماعة، الذي يديره بشكل مباشر «الحرس الثوري» الإيراني، بتنسيق مع ميليشيا «حزب الله» اللبناني.

وتضمن تقرير المنصة، الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، معلومات عن خريطة التوسّع الخارجي للجماعة الحوثية بتكليف من إيران، وخريطة تهريب وتسليح الجماعة، ومفاتيح مشروع التوسّع الحوثي في القرن الأفريقي والمشرفين عليه والمنفّذين.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

ويتناول التقرير نشاط جماعة الحوثيين خارجياً في القرن الأفريقي، ابتداءً من تهريب الأسلحة وتجنيد الأفارقة ومعسكرات تدريبهم، واستخدامهم في الأنشطة الاستخبارية والإرهابية التوسّعية.

ووفق التقرير، أكدت محاضر سرية لاجتماعات ما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» التابع للحوثيين أنه جرى إسناد مسؤولية مشروع التوسّع الخارجي في القرن الأفريقي إلى القيادي عبد الواحد أبو راس، ورئيس الجهاز عبد الحكيم الخيواني، ووكيل الجهاز لقطاع العمليات الخارجية حسن الكحلاني (أبو شهيد)، والقيادي الحسن المرّاني، والقيادي أبو حيدر القحوم، بهدف تحقيق مساعي إيران في التوسّع في القارة الأفريقية والسيطرة على ممرّات الملاحة الدولية.

وأشار التقرير إلى الدور الذي يلعبه نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين الانقلابية، حسين العزّي، من خلال المصادر الدبلوماسية والشخصيات التي تعمل معه في كل من إثيوبيا، وإريتريا، وجيبوتي، والسودان، وكينيا، إذ تُجرى إقامة علاقات استخباراتية وأمنية وسياسية ولوجستية مع الشخصيات والعناصر الموجودة والمقرّبة من جماعة الحوثيين في تلك الدول، والعمل على استقطاب أكبر قدر ممكن من الدبلوماسيين في السفارات اليمنية في تلك الدول.

تجهيز وتدريب

وكشفت المنصة اليمنية في تقريرها عن سعي الحوثيين لإنشاء محطات استخباراتية حسّاسة ودقيقة في كل دول القرن الأفريقي والدول المحيطة باليمن، والعمل على تجهيز وتدريب وتأهيل كوادرها في أسرع وقت ممكن؛ بهدف تفعيلها بشكل مناسب، وفي وقت مناسب، لما يحقّق أهداف ما تُسمّى «المسيرة القرآنية والمصالح المشتركة مع دول المقاومة، خصوصاً إيران، وغزة، ولبنان».

عشرات الآلاف من الأفارقة المهاجرين يصلون سنوياً إلى اليمن (الأمم المتحدة)

وأظهرت الوثائق التي أشار إليها التقرير إلى هدف الحوثيين المتمثّل في التحضير والتجهيز مع العناصر والشخصيات التي جرى إنشاء علاقة معها في أفريقيا لـ«إنجاز أعمال وتحرّكات ونشاط في البحر الأحمر ودول القرن الأفريقي لمساندة الحوثيين في حال ما تعرّضوا لأي ضغوط سياسية أو دبلوماسية دولية خارجية».

واحتوى التقرير على أسماء القيادات المسؤولة عن هذا الملف، ابتداءً من المشرف في «الحرس الثوري» الإيراني المدعو أبو مهدي، وانتهاءً بمالك أصغر قارب تهريب للأسلحة في البحر الأحمر، إضافة إلى علاقة تنظيم «الشباب المجاهدين» الصومالي بجماعة الحوثيين والأفارقة ومافيا تجنيد الأفارقة وتهريبهم من وإلى اليمن، في واحدة من أخطر جرائم الاتجار بالبشر والجريمة المنظّمة.

ويؤكد تقرير منصّة تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) أن جماعة الحوثيين قامت باستقطاب وتجنيد كثير من العناصر الأفريقية من جنسيات مختلفة، خصوصاً عقب اجتياح صنعاء ومحافظات عدّة في سبتمبر (أيلول) 2014، إذ جرى إخضاعهم لدورات ثقافية وعسكرية، وتوزيعهم على جبهات القتال (تعز - الساحل الغربي - مأرب - الحدود)، وأرجع البعض إلى دولهم لغرض التوسّع في أفريقيا.

تعنت الحوثيين أدى إلى تعطيل مسار السلام في اليمن (أ.ب)

كما استقطبت الجماعة - وفق المنصة - كثيراً من الشخصيات والرموز الأفارقة المؤثّرين (قبيلة العفر - الأورومو - أوجادين) بين أوساط الجاليات الأفريقية في صنعاء (الصومالية - الإثيوبية - الإريترية) والاعتماد عليهم في الحشد والاستقطاب من اللاجئين الأفارقة الموجودين في صنعاء، وكذلك من يجري استقطابهم من مناطقهم بالقرن الأفريقي، والتنسيق لهم للوصول إلى صنعاء.

أبو راس والكحلاني

وذكرت المنصة اليمنية في تقريرها أن مسؤول ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي في الجماعة الحوثية هو عبد الواحد ناجي محمد أبو راس، واسمه الحركي «أبو حسين»، وهو من مواليد محافظة الجوف اليمنية، إذ تولّى هذا الملف بتوصية مباشرة من قبل قيادات إيرانية سياسية عليا وقيادات في «الحرس الثوري» الإيراني.

ومن أبرز الملفات التي يعمل عليها أبو راس، وفق التقرير، التنسيق مع عناصر «الحرس الثوري» الإيراني، وقيادة الحركة الحوثية للعمل الميداني، كما أنه المسؤول المباشر عن تأمين وإدخال وتهريب عناصر «الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» من وإلى اليمن.

وتوارى أبو راس - وفق التقرير - عن الأنظار منذ عدة أعوام، ولكنه كان المكلّف السري بأخطر الملفات السياسية والاستخباراتية لدى جماعة الحوثي، إذ كُلّف بمهام وكيل الشؤون الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، حتى تعيين المدعو حسن الكحلاني بالمنصب نفسه، وترقية أبو راس لتولي ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي، بتوصية واتفاق مباشر بين عبد الملك الحوثي وقيادة «الحرس الثوري» الإيراني.

الحوثيون يطمحون إلى التحول إلى لاعب دولي ضمن المحور الذي تقوده إيران في المنطقة (أ.ب)

وإلى جانب أبو راس يأتي القيادي حسن أحمد الكحلاني، المُعين في منصب وكيل قطاع العمليات الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين، والمعروف بكنيته «أبو شهيد»، وهو من مواليد 1984 في محافظة حجة، ويُعد من القيادات الحوثية الأمنية البارزة؛ إذ نشأ في بيئة حوثية بين صعدة وصنعاء، والتحق بالجماعة في سن مبكّرة.

ويشير التقرير إلى أن الكحلاني كان من خلية صنعاء الإرهابية التي نفّذت عدّة تفجيرات واغتيالات عقب مقتل مؤسّس الجماعة حسين الحوثي في 2004، كما كان من القيادات التي تولت دخول صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014، وتولّى قيادة المجموعة التي أصدرت توجيهاً بمنع طائرة أمريكية من الإقلاع من مطار صنعاء، بحجة تفتيشها قبل المغادرة. وعقب هذا الحادث، جرى اغتيال والده في أكتوبر (تشرين الأول) 2014 على أيدي مسلّحين مجهولين يستقلون دراجة نارية في صنعاء.

ويعمل حسن الكحلاني حالياً - وفق المنصة - تحت إشراف عبد الواحد أبو راس، ويعرف ارتباطه الوثيق بـ«الحرس الثوري» الإيراني، ويحاول عبر هذه العلاقة فرض نفسه باعتباره الرجل الأول في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، الأمر الذي يعكس حالة من الصراع بينه وبين عبد الحكيم الخيواني رئيس الجهاز.

قيادات في ملف التوسع

يشير تقرير المنصة اليمنية إلى القيادي الحوثي أدهم حميد عبد الله العفاري (أبو خليل) ويذكر أنه المختص في ملف الجاليات الأفريقية الموجودة في اليمن، خصوصاً في صنعاء، إذ كُلّف بمهام التواصل المستمر والتنسيق برؤساء الجاليات (إثيوبية- صومالية - إريترية - سودانية - جيبوتية).

عناصر حوثيون في صنعاء خلال تجمع حاشد دعا له زعيمهم (أ.ف.ب)

كما يعمل العفاري على حشد العناصر الأفريقية وإلحاقهم بالدورات العسكرية والثقافية، وبعدها يجري توزيعهم على جبهات (الساحل الغربي - مأرب - الحدود - تعز)، وفي مهام استخباراتية داخل بلدانهم.

وإلى ذلك يعد العفاري، المسؤول عن التنسيق مع النقاط الأمنية التابعة للحوثيين لإدخال العناصر الأفريقية إلى مناطق الحوثيين، ويتولى أيضاً مهام أخرى، أبرزها صرف المخصّصات المالية للعناصر الأفريقية.

أما الشخص الرابع المسؤول عن ملف التوسّع الخارجي الحوثي إلى القرن الأفريقي فهو أسامة حسن أحمد المأخذي، واسمه الحركي (أبو شهيد)، وهو - وفق التقرير - أحد العناصر الحوثية العاملة في جهاز الأمن والمخابرات، وملف المسار الأفريقي، وتتلخّص مهمته في التنسيق مع الشخصيات الأفريقية المؤثّرة في كل من (الصومال - إثيوبيا - إريتريا - جيبوتي - السودان) من أجل حشدهم لتدريبهم وتأهيلهم، وإلحاقهم بصفوف ميليشيا الحوثي، بصفتهم مقاتلين وعاملين في الدول القادمين منها، وبصفتهم عناصر استخباراتية، تقوم بمهام مختلفة، منها نشر الفكر الحوثي، والقيام بالعمليات الاستخباراتية، وتهريب الأسلحة، والاتجار بالبشر، ونقل المخدرات عبر البحر من وإلى القرن الأفريقي واليمن.

الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد اللاجئين الأفارقة بالترغيب والترهيب (الأمم المتحدة)

إلى ذلك أورد التقرير أسماء 16 شخصية أفريقية، هم أبرز المتعاونين مع الجماعة الحوثية للتوسع في القرن الأفريقي، يتصدرهم، تاجو شريف، وهو مسؤول عن الجالية الإثيوبية في صنعاء، والتحق بدورات ثقافية حوثية، ويعمل على استقطاب وتجنيد عناصر أفريقية لصالح العمل العسكري والاستخباراتي الحوثي.

ويرى التقرير في توصياته أن التوسع الحوثي في القرن الأفريقي يمثل تهديداً كبيراً يستدعي تحركاً دولياً وإقليمياً عاجلاً، من خلال خطة رادعة متكاملة توقف التوسع والنشاط الخارجي بشكل كامل، وبما يعزز الاستقرار والأمن في المنطقة.