البرلمان الليبي يدعو دول الجوار لمحاربة شبكات تهريب البشر

آلاف المهاجرين يتدفقون على البلاد... والأمواج تقذف بالجثث

المنظمة الدولية للهجرة تقدم مساعدات لمهاجرين غير نظاميين بعد إنقاذهم غرب ليبيا (جهاز حرس السواحل)
المنظمة الدولية للهجرة تقدم مساعدات لمهاجرين غير نظاميين بعد إنقاذهم غرب ليبيا (جهاز حرس السواحل)
TT
20

البرلمان الليبي يدعو دول الجوار لمحاربة شبكات تهريب البشر

المنظمة الدولية للهجرة تقدم مساعدات لمهاجرين غير نظاميين بعد إنقاذهم غرب ليبيا (جهاز حرس السواحل)
المنظمة الدولية للهجرة تقدم مساعدات لمهاجرين غير نظاميين بعد إنقاذهم غرب ليبيا (جهاز حرس السواحل)

دعا مجلس النواب الليبي دول الجوار والاتحاد الأوروبي، للتنبه إلى أهمية «التحرك المشترك من أجل تعزيز الأمن في الحدود الليبية ومحاربة شبكات تهريب البشر».
هذه الدعوة أطلقها رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس يوسف العقوري، الذي حض، أول من أمس (الخميس)، على دعم قدرات الأجهزة الليبية من أجل البحث والإنقاذ، بالإضافة إلى وضع خطط عاجلة لمساعدة البلدان الأكثر تأثراً بالأزمات العالمية التي حدثت مؤخراً.
وشهدت ليبيا تدفق أفواج كبيرة من المهاجرين غير النظاميين عبر حدودها المترامية، بقصد الانتقال إلى المدن القريبة من الساحل ومن ثم الاتفاق مع سماسرة الهجرة لتسهيل عبورهم من البحر المتوسط إلى الشاطئ الأوروبي.
وأعلن جهاز حرس السواحل وأمن الموانئ الليبية بغرب البلاد، مساء أول من أمس، إنقاذ 114 مهاجراً غير نظامي من الغرق في البحر المتوسط، شمال مدينة صبراتة، عندما كانوا في طريقهم إلى الشاطئ الأوروبي، بينما عادت أمواج البحر تلقي بجثث الغرقى من الأفارقة إلى الشاطئ.
وتتكرر في ليبيا بشكل شبه يومي عملية إنقاذ المهاجرين من الغرق، قبالة الساحل الليبي، خصوصاً بالمدن التي تنشط بها العصابات المتاجرة بالبشر وتسهيل مهمة الراغبين في الهجرة إلى أوروبا مقابل دفع مبالغ مالية. وقال مصدر في جهاز حرس السواحل، لـ«الشرق الأوسط»، إن «معدل عمليات الإنقاذ ارتفع بشكل كبير خلال اليومين الماضيين في ظل الأعداد المتصاعدة للمهاجرين»، مشيراً إلى أن «آلاف الأفارقة يتسربون داخل البلاد، بحثاً عن عمل، ثم يتجهون للفرار عبر البحر بمساعدة العصابات المختصة بالتهريب».
وعبر رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، عن بالغ أسفه وحزنه «من التقارير الواردة حول ازدياد حالات الغرق أمام السواحل الليبية من قبل مهاجرين يحاولون عبور البحر للوصول إلى جنوب أوروبا»، لكنه أشاد «بجهود حرس السواحل الليبي وعمليات الإنقاذ التي يقوم بها للعالقين في البحر رغم قلة الإمكانات بالنسبة لحجم الكارثة الإنسانية التي تتحمل تبعاتها ليبيا».
ويرصد مواطنون ليبيون تقع مدنهم على الساحل الغربي وجود جثث لمهاجرين قذفتها أمواج البحر إلى الشاطئ، في ظاهرة كانت قد اختفت بعض الوقت، لكن الإدارة العامة لأمن السواحل بمدينة الخمس، أعلنت منتصف الأسبوع الحالي، عن انتشال جثتين كانت قد قذفتهما الأمواج، يشتبه بكونهما مهاجرين غير نظاميين. وتتكرر عملية انتشال جثث مهاجرين من السواحل الليبية، تكون غالبيتها بدأت في التحلل بفعل الأمواج، وتركها لأيام على الشط.
وألقى العقوري باللوم على عصابات تهريب البشر «التي تستغل الظروف الصعبة التي يمر بها المهاجرون من أجل التكسب على حساب معاناتهم»، مشيراً إلى أن الأزمات الاقتصادية والأمنية التي تمر بها المنطقة دفعت أعداداً أكبر للخروج من بلدانهم للبحث عن فرص حياة أفضل.
ودعا العقوري حرس السواحل «لبذل مزيد من الجهود الممكنة للاستجابة لجميع نداءات الاستغاثة»، مثمناً دور جميع المؤسسات المحلية والمنظمات الدولية «التي تقدم العون لتلك الفئة الضعيفة»، وفيما قال إن هذا «واجب أخلاقي وإنساني»، شدد على ضرورة «إجراء التحقق من جميع المعلومات التي يتم نشرها حول حالات وملابسات غرق المهاجرين».
ودعا العقوري دول الجوار والاتحاد الأوروبي لـ«وضع خطط عاجلة لمساعدة البلدان الأكثر تأثراً بالأزمات العالمية التي حدثت مؤخراً».
وسبق لجهاز حرس السواحل وأمن الموانئ الإعلان في الثاني والثالث من الشهر الحالي العثور على 174 مهاجراً في عمليتي إنقاذ، وكشف أن غالبيتهم ينتمون إلى دول أفريقية. وفي نهاية يونيو (حزيران) الماضي، تم العثور على 20 جثة في الصحراء جنوب مدينة الكفرة تجاه دولة تشاد، تبين أن السيارة التي كانت تقلهم تعطلت في الطريق، وقضوا جميعاً بجوارها.
وفي ظل تدفق مئات المهاجرين غير النظاميين على السواحل الليبية، قالت المنظمة الدولية للهجرة إنها ساعدت في ترحيل أكثر من 60 ألف مهاجر من ليبيا إلى بلدانهم خلال السنوات السبع الماضية بطريقة «آمنة وكريمة»، عبر برنامج العودة الإنسانية الطوعية.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

السودان: معاناة متفاقمة للنازحين في رمضان

المعاناة نفسها في كل أنحاء السودان (أ.ف.ب)
المعاناة نفسها في كل أنحاء السودان (أ.ف.ب)
TT
20

السودان: معاناة متفاقمة للنازحين في رمضان

المعاناة نفسها في كل أنحاء السودان (أ.ف.ب)
المعاناة نفسها في كل أنحاء السودان (أ.ف.ب)

قبل ساعتين من أذان المغرب تصطف النساء وأطفالهن في طوابير طويلة متعرجة للحصول على وجبة إفطار رمضان داخل مركز لإيواء النازحين في مدينة بورتسودان، العاصمة الإدارية المؤقتة للسودان.

هذا المشهد يتكرر يومياً، مع اختلاف قليل في صنف الوجبة التي في الغالب تتكون من عصيدة الذرة، وفي بعض الأحيان «القراصة» التي تصنع من دقيق القمح، وفوقها يصبّ «ملاح الويكة»، وهي الأصناف المفضلة لدى عامة السودانيين، في شهر رمضان.

متطوعات يعملن على تحضير وجبة الإفطار في بورتسودان (رويترز)
متطوعات يعملن على تحضير وجبة الإفطار في بورتسودان (رويترز)

تبدأ النساء منذ منتصف النهار في إعداد الطعام لنحو 500 شخص من النازحين المقيمين في المركز، بينهم أعداد كبيرة من الأطفال صغار السن... وهذه تُعدُّ وجبتهم الوحيدة في اليوم، فيما لا يتسنى لكثير من الصائمين الحصول على الوجبة لنفاد الكمية.

وقال أحد النازحين لـ«الشرق الأوسط»، إن الأوضاع في رمضان السابق «كانت أفضل بكثير من هذا العام»، عازياً ذلك لتراجع الدعم الذي كانوا يتلقونه من فاعلي الخير والمنظمات.

وأضاف: «كنا نجد دعماً كبيراً من المنظمات والخيرين من داخل السودان وخارجه، بالإضافة إلى المعونات التي كانت تأتي للدار باستمرار من سكان الأحياء السكنية التي يقيمون في وسطها».

وجبة واحدة في اليوم... في أحد مراكز الإيواء في بورتسودان (رويترز)
وجبة واحدة في اليوم... في أحد مراكز الإيواء في بورتسودان (رويترز)

ويقول مسؤولون إن أكثر من 17 ألف نازح يتوزعون على 55 مأوى منذ اندلاع الحرب، ولم تتقلص هذه الأعداد كثيراً، رغم استعادة الجيش السوداني مناطق واسعة في الجزيرة وسط البلاد، وأجزاء من مدينة الخرطوم بحري.

لكن لا تزال دور الإيواء تحتضن الآلاف من النازحين الذين قدموا من مناطق مختلفة من العاصمة الخرطوم، وكذلك أعداد مقدرة من إقليم دارفور غرب البلاد... وذكر بعض النازحين، أن عدداً من مراكز الإيواء تسلمت حصتها من المساعدات الإنسانية، بعد مضي أسبوع من حلول شهر رمضان.

وأثَّرت قلة الدعم بشكل مباشر على غذاء النازحين، إذ إن بعض النساء الحوامل والأطفال والرجال كبار السن، يعانون من سوء التغذية، وتتضاعف معاناتهم لعدم توفر المال لشراء العلاج، خصوصاً أصحاب الأمراض المزمنة، وأغلب الموجودين في المركز يقيمون فيه منذ عامين.

توزيع الطعام في موقع أنشأته منظمة إنسانية محلية للتبرع بالوجبات والأدوية للنازحين من جراء الحرب بمدينة مروي السودانية (أ.ف.ب)
توزيع الطعام في موقع أنشأته منظمة إنسانية محلية للتبرع بالوجبات والأدوية للنازحين من جراء الحرب بمدينة مروي السودانية (أ.ف.ب)

وقال أحد المشرفين لـ«الشرق الأوسط»، في الصباح: «نسمع صراخ الأطفال الجوعى، إنهم يحتاجون إلى وجبة الإفطار، أو المال لشرائها»... وأضاف: «تلجأ بعض الأمهات إلى العمل في بيع الشاي والطعام في الأسواق، وأخريات يعملن في مجال الخدمة المنزلية لتوفير القليل من الطعام لأسرهن، علماً بأن أكثر من 180 أسرة تحتضنهم دار الإيواء، تعتمد بالكامل على دعم أحد الخيرين، الذي يتبرع بـ25 كيلوغراماً من دقيق القمح و2 كيلو من اللحم يومياً».

من جهة ثانية، قال متطوعون يعملون في المطابخ العامة لتوفير الطعام للعالقين في مناطق القتال بالعاصمة الخرطوم، إن الوضع في رمضان لم يتغير عن الأيام العادية، وأن الآلاف من المواطنين لا يزالون يعتمدون في طعامهم على المطابخ «التكايا».

وتعد معظم دور الإيواء عبارة عن مدارس قديمة ومتهالكة تفتقر إلى التهوية الجيدة، في حين توجد بعض الأماكن التي تتكون من خيام مصنوعة من الأقمشة. وفي الوقت الراهن، يواجه عدد من المقيمين مشكلة ترحيلهم إلى أطراف المدن، حيث لا تتوفر هناك الخدمات الأساسية. وقد طالبوا الجهات المعنية بالتدخل لإيجاد حلول لهذه المشكلة.