الرئيس الفرنسي يحمّل إيران مسؤولية الفشل في التوصل إلى اتفاق نووي

رئيس الوزراء الإسرائيلي يحث ماكرون على إعادة إحياء مبادرته لصفقة جديدة

لبيد يخاطب ماكرون في مؤتمر صحافي مشترك في الإليزيه أمس (د.ب.أ)
لبيد يخاطب ماكرون في مؤتمر صحافي مشترك في الإليزيه أمس (د.ب.أ)
TT

الرئيس الفرنسي يحمّل إيران مسؤولية الفشل في التوصل إلى اتفاق نووي

لبيد يخاطب ماكرون في مؤتمر صحافي مشترك في الإليزيه أمس (د.ب.أ)
لبيد يخاطب ماكرون في مؤتمر صحافي مشترك في الإليزيه أمس (د.ب.أ)

لم يكن اختيار رئيس الوزراء الإسرائيلي الانتقالي يائير لبيد باريس وجهة أولى لزياراته الخارجية والتي دامت خمس ساعات من باب الصدفة، بل لما يعتبره من علاقة صداقة تربطه بالرئيس الفرنسي منذ أن كانا وزيرين قبل وصول إيمانويل ماكرون إلى قصر الإليزيه في ربيع عام 2017. وحرص الأخير على إضفاء جو من الود إن من خلال التصريحات التي أدلى بها، أو من خلال طريقة استقباله لـيائير لبيد الذي سبق له أن زاره في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي عندما كان وزيرا للخارجية.
كذلك، حرص ماكرون على كيل المديح لـلبيد عندما اعتبر أن إسرائيل «محظوظة» بأن يكون الأخير رئيسا لحكومتها، رغم أن رئاسته لها لن تتخطى بداية شهر نوفمبر المقبل، موعد إجراء انتخابات نيابية في إسرائيل.
من هنا، فإن إشارة ماكرون إلى أن لبيد يمكن أن يكون الشخص القادر على إعادة إطلاق مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين المتوقفة منذ سنوات من باب المبالغة. وتجدر الإشارة إلى أن الملف الفلسطيني كان الغائب الأكبر في أنشطة ماكرون الدبلوماسية رغم المبادرات العديدة التي أطلقها إن بخصوص لبنان والعراق أو ليبيا والسودان... وتجدر الإشارة إلى أن ماكرون ولبيد تحدثا باختصار إلى الصحافة في باحة قصر الإليزيه قبل انطلاق محادثاتهما. والمعروف أن خيار التوجه إلى الصحافة قبل المحادثات وليس بعدها وسيلة لتجنب الخوض في تفاصيل ما يقال وراء الأبواب المغلقة.
في أي حال، ثمة ملفان رئيسيان حملهما لبيد إلى باريس: الأول يتناول الملف الإيراني والثاني ملف المفاوضات الغربية - الإيرانية التي لم تنجح الوساطة التي قام بها مسؤول الدبلوماسية الأوروبي جوزيب بوريل من خلال تنظيم محادثات الدوحة في إعادة إحيائها رغم الجهود التي بذلها مع الطرفين المعنيين أي طهران وواشنطن. وفي هذا السياق، عبّر بوريل عن قلقه إذ اعتبر أن المجال السياسي لإعادة إحياء الاتفاق النووي «قد يضيق قريبا». وكتب المسؤول الأوروبي على تويتر، بعد اتصال هاتفي بوزير الخارجية الإيراني حسن أمير عبد اللهيان الذي سبق أن التقاه إبان زيارته الأخيرة لطهران أنه «إذا أردنا إبرام اتفاق، فينبغي اتخاذ قرارات الآن»، مضيفا أنه لا يزال من الممكن إحياء الاتفاق. وللإشارة، فإن عبد اللهيان أكثر من اتصالاته الخارجية منذ محادثات الدوحة التي تمت بوساطة مساعد بوريل، إنريكي مورا، وقد حرص خلالها على إلقاء اللوم على الجانب الأميركي الذي حمله مسؤولية الفشل.
ليس سرا أن لبيد جاء إلى باريس في محاولة منه لدفع الرئيس الفرنسي لالتزام بموقف متشدد من مسار المفاوضات التي يرام منها عودة طهران إلى نص اتفاق العام 2015 الذي انتهكت غالبية بنوده بالتوازي مع رفع العقوبات التي عات وفرضتها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بعد تحللها من الاتفاق المذكور. وأول من أمس، حصل اتصال هاتفي بين وزيرة الخارجية الفرنسية وعبد اللهيان وتركز على المفاوضات وإمكانية إحيائها.
ووفق مصادر فرنسية، فإن الموقف الإسرائيلي لحكومة لبيد يختلف عما كان عليه إبان رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو. فالأخير كان ضد المفاوضات وضد العودة إلى اتفاق العام 2015، بينما موقف لبيد لا يعارض المفاوضات والتوصل إلى اتفاق، ولكن بشرط أن يكون هناك اتفاق أكثر تشددا مع البرنامج النووي الإيراني.
من هنا، فإن لبيد حرص على الإشادة بما اقترحه ماكرون منذ عام 2018 من على منصة الأمم المتحدة وخلال الجهود اللاحقة التي بذلها والتي تقوم على المحافظة على اتفاق العام 2015 ولكن استكماله بملحق أو ملاحق تمدد صلاحيته الزمنية، وتعالج النواقص التي تشوبه وتتناول برنامج إيران الباليستي - الصاروخي، وسياساتها الإقليمية التي تصفها باريس بأنها «مزعزعة للاستقرار».
من هذه الزاوية، يفهم قول لبيد حين اعتبر أن دعوة ماكرون عام 2018 لاتفاق نووي «جديد» لا تزال سارية حتى اليوم، مضيفا «لقد كنت على حق في ذلك الوقت، وأنت الآن على حق أكثر».
وقال لبيد: «في عام 2018 كنت أول قائد دولي تحدث عن ضرورة إبرام اتفاق جديد مع إيران أكثر فاعلية وأوضح غير مرتبط بتاريخ صلاحية، مع ضغط دولي منسق من شأنه أن يمنع إيران من أن تبلغ كدولة العتبة النووية». وتابع «كنت على صواب حينها والأمر كذلك اليوم أيضا. الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر وهو سيقود إلى سباق تسلح في الشرق الأوسط سيهدد السلام العالمي. يجب أن نعمل معا لمنع حصول ذلك». وأكد «من المهم إسماع رأينا في هذه الفترة ضد هذا الاتفاق الخطير، وضد المساعي الإيرانية لامتلاك أسلحة نووية».
وبالمقابل، فإن باريس التي ما زالت تتمسك بالمفاوضات وبضرورة العودة إلى اتفاق محسن من شأنه وقف التطور السريع للبرنامج النووي الإيراني، تعتبر أن المسودة التي تم التوصل إليها في شهر مارس (آذار) الماضي جيدة وأن الجمود الراهن سببه طهران. وقال ماكرون إن إيران «ما زالت ترفض اغتنام الفرصة المتاحة لها للتوصل إلى اتفاق جيد... سنواصل التنسيق مع شركائنا لبذل كافة الجهود اللازمة لإقناعها بالتصرف بعقلانية».
وتسعى باريس بالتعاون مع بوريل وبرلين ولندن إلى لعب دور إيجابي من أجل تقريب المواقف. إلا أن قدرة الدبلوماسية الفرنسية - الأوروبية على تحريك المواقف الأميركية والإيرانية ضعيفة للغاية، واقتصر دورها على محاولة تدوير الزوايا وتقديم المقترحات من جهة أو من خلال الانضمام إلى الضغوط التي تمارسها الإدارة الأميركية كما حصل مؤخرا مع تصويت مجلس محافظي الوكالة الدولية على قرار يدين تمنع إيران عن التعاون الكامل مع مفتشي الوكالة والتهديد الضمني بنقل الملف إلى مجلس الأمن الدولي.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

احتجز «الحرس الثوري» الإيراني، أمس، ناقلة نقط في مضيق هرمز في ثاني حادث من نوعه في غضون أسبوع، في أحدث فصول التصعيد من عمليات الاحتجاز أو الهجمات على سفن تجارية في مياه الخليج، منذ عام 2019. وقال الأسطول الخامس الأميركي إنَّ زوارق تابعة لـ«الحرس الثوري» اقتادت ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما إلى ميناء بندر عباس بعد احتجازها، في مضيق هرمز فجر أمس، حين كانت متَّجهة من دبي إلى ميناء الفجيرة الإماراتي قبالة خليج عُمان. وفي أول رد فعل إيراني، قالت وكالة «ميزان» للأنباء التابعة للسلطة القضائية إنَّ المدعي العام في طهران أعلن أنَّ «احتجاز ناقلة النفط كان بأمر قضائي عقب شكوى من مدعٍ». وجاءت الو

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)

إسرائيل ترفض اتهامات إيران حول مسؤوليتها عن سقوط الأسد

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يمين) ووزير الدفاع يسرائيل كاتس (يسار) يزوران نقطة مراقبة في مرتفعات الجولان (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يمين) ووزير الدفاع يسرائيل كاتس (يسار) يزوران نقطة مراقبة في مرتفعات الجولان (د.ب.أ)
TT

إسرائيل ترفض اتهامات إيران حول مسؤوليتها عن سقوط الأسد

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يمين) ووزير الدفاع يسرائيل كاتس (يسار) يزوران نقطة مراقبة في مرتفعات الجولان (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يمين) ووزير الدفاع يسرائيل كاتس (يسار) يزوران نقطة مراقبة في مرتفعات الجولان (د.ب.أ)

أكد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، اليوم (الأربعاء)، رفض الدولة العبرية الاتهامات الإيرانية بوجود «مؤامرة أميركية - إسرائيلية مشتركة» للإطاحة بنظام الأسد في سوريا، متهماً إيران بمحاولة إقامة «جبهة شرقية» على الحدود مع الأردن، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال كاتس خلال جولة مع قادة عسكريين على الحدود الأردنية، إن المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، «اتهم اليوم إسرائيل بسقوط الأسد... على خامنئي أن يلوم نفسه» بدلاً من ذلك، ويكف عن تمويل المجموعات المسلحة «في سوريا ولبنان وغزة لبناء الأذرع التي يوجهها في محاولة لهزيمة دولة إسرائيل».

وأضاف وزير الدفاع: «جئت اليوم إلى هنا لأضمن أن إيران لن تنجح في بناء ذراع الأخطبوط التي تخطط لها، وتعمل على إنشائها هنا من أجل إقامة جبهة شرقية ضد دولة إسرائيل».

وأشار كاتس إلى أن إيران تقف وراء «محاولات تهريب الأسلحة وتمويل وتعزيز الإرهاب (في الضفة الغربية المحتلة) عبر الأردن».

وقال إنه أصدر تعليمات للجيش «بزيادة العمليات الهجومية ضد أي نشاط إرهابي» في الضفة الغربية و«تسريع بناء السياج على الحدود الإسرائيلية - الأردنية».

في خطابه الأول منذ سقوط نظام الأسد، الأحد، اتهم خامنئي الولايات المتحدة و«الكيان الصهيوني» بالتخطيط للإطاحة بالأسد.

وأوضح: «لا يجب أن يشكك أحد في أن ما حدث في سوريا هو نتاج مخطط أميركي صهيوني مشترك».

وكان للأسد دور استراتيجي في «محور المقاومة» الإيراني المناهض لإسرائيل.