صمت جزائري حيال مناشدة أوكرانيا شركات محلية الانسحاب من روسيا «فوراً»

أثارت غضب حكومة البلاد بطلبها مقاتلين ضد موسكو

وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف مصافحاً نظيره الجزائري خلال زيارته إلى الجزائر العاصمة في مارس الماضي (أ.ب)
وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف مصافحاً نظيره الجزائري خلال زيارته إلى الجزائر العاصمة في مارس الماضي (أ.ب)
TT

صمت جزائري حيال مناشدة أوكرانيا شركات محلية الانسحاب من روسيا «فوراً»

وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف مصافحاً نظيره الجزائري خلال زيارته إلى الجزائر العاصمة في مارس الماضي (أ.ب)
وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف مصافحاً نظيره الجزائري خلال زيارته إلى الجزائر العاصمة في مارس الماضي (أ.ب)

ناشدت سفارة أوكرانيا في الجزائر، أمس، عبر حساباتها بشبكة التواصل الاجتماعي شركات جزائرية، تتعاون مع روسيا، تجميد أنشطتها التجارية معها، ومغادرة السوق الروسية «ليس فقط من باب التضامن مع أوكرانيا، التي تتعرض للغزو الروسي السافر وغير المبرر، والمنافي لكل الأعراف والقوانين الدولية، بل أيضا حفاظا على سمعتها وممتلكاتها». لكن لم يصدر أي رد فعل رسمي من جانب السلطات التي التزمت الصمت.
وأكدت السفارة الأوكرانية أن «انسحاب رجال الأعمال الجزائريين من روسيا، ليس فقط أمراً صحيحاً من الناحية الأخلاقية، لكنه مجد ومفيد أيضاً من ناحية سلامة تسيير الأعمال التجارية، وبالتالي تحث سفارة أوكرانيا في الجزائر رجال الأعمال، والشركات الجزائرية على الانسحاب من روسيا من أجل الشعور بالرضا، وتحقيق المزيد من الأرباح».
واستندت السفارة في طلبها هذا إلى أبحاث كلية «ييل» للإدارة بالولايات المتحدة، التي تثبت، حسبها، أن الأسواق تكافئ الشركات التي تغادر روسيا بسخاء، «بينما تعاني الشركات التي تواصل ممارسة أعمالها في روسيا من مخاطر مالية، وأخرى قد تشوه سمعتها. كما تنوه نفس الدراسة إلى أن الأسواق المالية تكافئ الشركات على مغادرة روسيا، حيث إن مكاسب أسعار الأسهم للشركات المنسحبة تجاوزت بكثير تكلفة انخفاض قيمة الأصول لدى الشركات، التي خفضت قيمة أصولها الروسية».
كما أشارت السفارة إلى مشروع قانون، اعتمده مجلس الدوما الروسي في 24 مايو (أيار) الماضي، يسمح للحكومة بـ«إدخال الإدارة الخارجية في الشركات التي تبلغ حصة رأس المال الأجنبي فيها 25 في المائة كحد أدنى». وبحسب السفارة «ففي حالة تمرير تلك الوثيقة واعتمادها كقانون، فإن جميع المساهمين الدوليين الرئيسيين سيواجهون خطر فقدان استثماراتهم وممتلكاتهم في روسيا(...) كما يسمح مشروع القانون بالتأميم السري للشركات ذات رأس المال الأجنبي».
وعلى هذا الأساس، قالت سفارة أوكرانيا في الجزائر إنها تهيب بالشركات الجزائرية، التي لا تزال تعمل في السوق الروسية، بقوة، «الانسحاب من روسيا على الفور. فقد تكون آخر فرصة لإنقاذ سمعتكم وممتلكاتكم».
مبرزة أن الرئيس فولوديمير زيلينسكي «قدم عرضا مربحا في وقت سابق»، للشركات الأجنبية التي قررت الخروج من الأسواق الروسية»، وشجعها على نقل نشاطاتها التجارية إلى أوكرانيا «حيث ستوفر لها الحكومة أفضل الظروف، وإمكانيات الوصول إلى السوق الأوروبية الكبيرة، وبذلك لن ينتاب تلك الشركات القلق أبداً من أنه يمكنها الاستيقاظ ذات صباح لتجد نفسها محرومة من نشاطاتها التجارية، أو ممتلكاتها وأصولها الخاصة بها بسبب قرارات الكرملين غير الشرعية».
ولم يصدر رد فعل من السلطات الجزائرية على تصريحات سفارة أوكرانيا، فيما كانت وزارة الخارجية قد طالبتها في مارس (آذار) الماضي، بسحب منشور لها دعت فيه الجزائريين إلى الالتحاق بصفوف الجيش الأوكراني في حربه ضد موسكو.
وزار وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الجزائر في 10 من مايو الماضي، وصرح في مؤتمر صحافي أنه أطلع مسؤولي البلاد على «آخر التطورات العسكرية في دونباس، وحول حلفائنا المقاتلين». كما بحث معهم، حسبه، «مختلف القضايا الدولية، وملف الغاز في إطار أوبك». موضحا أننا «نتفق مع الجزائر بشأن الوفاء بعقود الإمداد بالغاز». كما قال إن موسكو «تقدر عاليا الموقف المتزن للجزائر من الأزمة، ونشكرها لتفهمها لكل القضايا المرتبطة بها».
وتتزامن هذه التطورات مع توتر حاد في علاقات الجزائر بإسبانيا، على خلفية دعم مدريد خطة الحكم الذاتي في الصحراء، حيث قررت الجزائر تعليق «معاهدة الصداقة»، ووقف التجارة مع إسبانيا، لكنها تعهدت بالمحافظة على إمدادها بالغاز. فيما صرحت وزيرة الاقتصاد الإسبانية ناديا كالبينو، الأحد الماضي، بأن قرار الجزائر تعليق معاهدة الصداقة الثنائية مع بلادها «لم يكن مفاجئا؛ لأن الجزائر تنحاز بشكل متزايد إلى روسيا»، ولفتت إلى أنها لاحظت «تقاربا متزايدا بين الجزائر وروسيا في اجتماع لصندوق النقد الدولي في أبريل (نيسان) الماضي».


مقالات ذات صلة

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

شمال افريقيا الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

أكد وزيران جزائريان استعداد سلطات البلاد لتجنب سيناريو موسم الحرائق القاتل، الذي وقع خلال العامين الماضيين، وسبّب مقتل عشرات الأشخاص. وقال وزير الفلاحة والتنمية الريفية الجزائري، عبد الحفيظ هني، في ندوة استضافتها وزارته مساء أمس، إن سلطات البلاد أعدت المئات من أبراج المراقبة والفرق المتنقلة، إضافة لمعدات لوجيستية من أجل دعم أعمال مكافحة الحرائق، موضحاً أنه «سيكون هناك أكثر من 387 برج مراقبة، و544 فرقة متنقلة، و42 شاحنة صهريج للتزود بالمياه، و3523 نقطة للتزود بالمياه، و784 ورشة عمل بتعداد 8294 عوناً قابلاً للتجنيد في حالة الضرورة القصوى».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

التمست النيابة بمحكمة بالجزائر العاصمة، أمس، السجن 12 سنة مع التنفيذ بحق وزير الموارد المائية السابق، أرزقي براقي بتهمة الفساد. وفي غضون ذلك، أعلن محامو الصحافي إحسان القاضي عن تنظيم محاكمته في الاستئناف في 21 من الشهر الحالي، علماً بأن القضاء سبق أن أدانه ابتدائياً بالسجن خمس سنوات، 3 منها نافذة، بتهمة «تلقي تمويل أجنبي» لمؤسسته الإعلامية. وانتهت أمس مرافعات المحامين والنيابة في قضية الوزير السابق براقي بوضع القضية في المداولة، في انتظار إصدار الحكم الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقر القصر الرئاسي بالجزائر، الثلاثاء، الدكتور عبد الله آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى السعودي الذي يقوم بزيارة رسمية؛ تلبية للدعوة التي تلقاها من رئيس مجلس الأمة الجزائري. وشدد آل الشيخ على «تبادل الخبرات لتحقيق المصالح التي تخدم العمل البرلماني، والوصول إلى التكامل بين البلدين اللذين يسيران على النهج نفسه من أجل التخلص من التبعية للمحروقات، وتوسيع مجالات الاستثمار ومصادر الدخل»، وفق بيان لـ«المجلس الشعبي الوطني» الجزائري (الغرفة البرلمانية). ووفق البيان، أجرى رئيس المجلس إبراهيم بوغالي محادثات مع آل الشيخ، تناولت «واقع وآفاق العلاقات الثنائية الأخوية، واس

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

قضت محكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية، أمس، بسجن سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الراحل، 12 سنة مع التنفيذ، فيما تراوحت الأحكام بحق مجموعة رجال الأعمال المقربين منه ما بين ثماني سنوات و15 سنة مع التنفيذ، والبراءة لمدير بنك حكومي وبرلماني، وذلك على أساس متابعات بتهم فساد. وأُسدل القضاء الستار عن واحدة من أكبر المحاكمات ضد وجهاء النظام في عهد بوتفليقة (1999 - 2019)، والتي دامت أسبوعين، سادها التوتر في أغلب الأحيان، وتشدد من جانب قاضي الجلسة وممثل النيابة في استجواب المتهمين، الذي بلغ عددهم 70 شخصاً، أكثرهم كانوا موظفين في أجهزة الدولة في مجال الاستثمار والصفقات العمومية، الذين أشارت التحقيقات إلى تو

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

أزمة بيع مواد الإغاثة تتفاقم في السودان... وتبرؤ حكومي

أطفال يحملون حزماً من المساعدات الإنسانية في مدرسة للنازحين بمدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)
أطفال يحملون حزماً من المساعدات الإنسانية في مدرسة للنازحين بمدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)
TT

أزمة بيع مواد الإغاثة تتفاقم في السودان... وتبرؤ حكومي

أطفال يحملون حزماً من المساعدات الإنسانية في مدرسة للنازحين بمدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)
أطفال يحملون حزماً من المساعدات الإنسانية في مدرسة للنازحين بمدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)

تبرَّأت «مفوضية العون الإنساني» التابعة للحكومة السودانية، من بيع المواد الإغاثية في الأسواق، مؤكدةً أنه «لا يوجد تسريب للمساعدات الإنسانية (من جهتها)، وأن تصرفات بعض المواطنين لا يمكن أن تُحسب عليها»

وتفاقمت أزمة بيع المواد الإغاثية في الأسواق خلال الفترة الماضية، وأفاد سودانيون بأنهم شاهدوا في عدد من الولايات مواد غذائية مخصصة للمساعدات معروضة للبيع في الأسواق العامة، دون رقابة من السلطات.

لكنَّ مفوضة العون الإنساني، سلوى آدم بنيه، قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «بيع مواطن لحصته من الإغاثة في السوق ليست مسؤوليتنا»، مشيرةً إلى أن «بعض المتلقين للمساعدات يضطرون إلى بيعها لشراء معونات أخرى يحتاجون إليها مثل دقيق حبوب الذرة والدخن».

وتَسبب الصراع الدائر بين الجيش و«قوات الدعم السريع» الذي تعدّه الأمم المتحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في التاريخ الحديث، في مقتل ما بين 20 ألفاً و150 ألف شخص، بالإضافة إلى إجبار نحو 11 مليون شخص على النزوح.

لجنة للمراجعة

وكشفت المسؤولة الحكومية عن «تشكيل لجنة مكونة من ممثلي عدد من المؤسسات ذات الصلة لمراجعة مخازن تابعة لبعض المنظمات لمعرفة ما يوجد بها من مواد إغاثة، ولماذا لم يتم توزيعها؟».

وأكدت أن «اللجنة ستقف على تنفيذ المشاريع الخاصة بالمنظمات، وسترفع تقريرها إلى المفوضية في غضون أسبوعين لاتخاذ الإجراءات تجاهها».

وقالت الأمم المتحدة، الاثنين، إن أكثر من 30 مليون شخص، أكثر من نصفهم من الأطفال، يحتاجون إلى المساعدة في السودان بعد عشرين شهراً من الحرب المدمرة.

جانب من مساعدات الإغاثة في السودان (الأمم المتحدة)

ووجهت الأمم المتحدة نداءً لجمع 4.2 مليار دولار لتوفير المساعدات لـ20.9 مليون شخص داخل السودان من إجمالي 30.4 مليون شخص قالت إنهم في حاجة إلى المساعدة فيما سمتها «أزمة إنسانية غير مسبوقة».

وفي سبتمبر (أيلول ) 2023 أصدر مجلس الوزراء قراراً بإقالة مفوض العون الإنساني، نجم الدين موسي، وكان ذلك بعد نشر تقارير إعلامية أشارت إلى «فساد كبير» في ملف الإغاثة.

وتفيد وسائل إعلام محلية سودانية برصد بيع مواد غذائية «بكميات كبيرة» في أسواق ولاية بورتسودان التي تعد العاصمة المؤقتة للبلاد، في حين يشكو ملايين النازحين في مراكز الإيواء بعدد من الولايات من نقص المساعدات.

ورغم وصول آلاف الأطنان من المساعدات الإنسانية بعد أشهر قليلة من اندلاع الحرب في السودان أبريل (نيسان) 2023، فإن مئات الآلاف من النازحين في مراكز الإيواء بالولايات التي تقع تحت سيطرة الجيش السوداني لم يتلقوا المعونات، ويعتمدون على توفير معاشهم من إمكانات ذاتية.

تسريب مُسبق

وقال ناشطون ومتطوعون في مجال العمل الإنساني لـ«الشرق الأوسط» إن «تسريب المساعدات الإنسانية قد يحدث مسبقاً قبل وصولها إلى مراكز الإيواء».

وشرح بعضهم أن «المواد الغذائية لا تصل إلى كل المحتاجين إليها بسبب تسريبها إلى الأسواق»، ورجحوا «تورط مسؤولين» في عملية التسريب تلك، من دون أن يحددوا أسماء.

لكن الناشطين أنفسهم أكدوا كذلك أن «بعض المواطنين يبيعون الفائض عن حاجتهم من المواد الغذائية في الأسواق»، وأفادوا بأنهم رصدوا «بعض تلك المواد في منازل لمواطنين».

لاجئون سودانيون فروا من العنف يتلقون المساعدات بالقرب من الحدود بين السودان وتشاد (رويترز)

وقال نشطاء آخرون في مدينة حلفا الجديدة شرق السودان، أنهم سألوا بعض أصحاب المحال التجارية عن مصدر البضائع (المصنَّفة مساعدات) التي تحصلوا عليها، لكنهم رفضوا الإفصاح عنها.

وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي وصلت أولى المساعدات الإنسانية إلى جنوب العاصمة السودانية الخرطوم، للمرة الأولى بعد 21 شهراً من اندلاع الحرب في البلاد بين الجيش و«قوات الدعم السريع».

وفي حين ترفض الحكومة السودانية الإقرار بحدوث مجاعة في البلاد، يشير أحدث تقرير للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، إلى أن 24 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة.

ومنذ بداية الحرب، توجَّه اتهامات إلى طرفي الحرب بتعطيل المساعدات الإنسانية كجزء من استخدام «سلاح التجويع».