فقراء العالم يدفعون تكلفة أكبر لغذاء أقل

«الفاو» تبرز المخاطر الناجمة عن جنون الأسعار

العديد من البلدان الفقيرة تتكبّد تكلفة أكبر للغذاء... ولكنها تحصل على كميات أقل (أ.ب)
العديد من البلدان الفقيرة تتكبّد تكلفة أكبر للغذاء... ولكنها تحصل على كميات أقل (أ.ب)
TT

فقراء العالم يدفعون تكلفة أكبر لغذاء أقل

العديد من البلدان الفقيرة تتكبّد تكلفة أكبر للغذاء... ولكنها تحصل على كميات أقل (أ.ب)
العديد من البلدان الفقيرة تتكبّد تكلفة أكبر للغذاء... ولكنها تحصل على كميات أقل (أ.ب)

قالت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، في تقرير الخميس، إنّ الفاتورة العالمية للواردات الغذائية على وشك تسجيل رقم قياسي جديد قدره 1.8 تريليون دولار هذا العام، بيد أنّ القسم الأكبر من هذه الزيادة المتوقعة يعزى إلى ارتفاع الأسعار وتكاليف النقل؛ بأكثر من حجم الواردات نفسها.
وتشير المنظمة، في تقريرها عن توقعات الأغذية، إلى أن «العديد من البلدان الضعيفة تتكبّد كلفة أكبر، ولكنها تحصل على كميات أقل من الأغذية، وهو أمر مقلق»... واستناداً إلى الظروف الراهنة، فإن الحالة «لا تبشّر بالخير بالنسبة إلى الاستجابة على مستوى الإمدادات التي تقودها الأسواق، التي قد تعجز عن كبح جماح الزيادات الأخرى في أسعار المواد الغذائية لموسم 2022 - 2023 والموسم اللاحق ربما»، بحسب ما جاء في التقرير.
ومن المتوقع أن ترتفع الفاتورة العالمية للواردات الغذائية بما قدره 51 مليار دولار، مقارنة بعام 2021، منها مبلغ 49 مليار دولار نتيجة ارتفاع الأسعار. ومن المتوقع أن تشهد أقل البلدان نمواً انكماشاً بنسبة 5 في المائة في فاتورة وارداتها الغذائية هذا العام، بينما من المتوقع أن تسجّل كل من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ومجموعة البلدان النامية المستوردة الصافية للأغذية زيادة في مجموع تكاليفها رغم انخفاض الكميات المستوردة.
ويشير التقرير إلى أنّ «هذه مؤشرات تنذر بالخطر من منظور الأمن الغذائي، حيث إنها تدلّ على أنّ المستوردين سيجدون صعوبة في تمويل ارتفاع التكاليف الدولية، ما قد يؤدي إلى تراجع قدرتهم على الصمود أمام ارتفاع الأسعار».

مستويات تاريخية لفواتير الغذاء
ويقول أوبالي غالكيتي اراتشيلاغ، وهو خبير اقتصادي في المنظمة والمحرر الرئيسي لتقرير توقعات الأغذية: «نظراً إلى الارتفاع الحاد في أسعار المدخلات، والشواغل المتعلقة بأحوال الطقس، وزيادة أوجه انعدام اليقين في الأسواق الناشئة عن الحرب في أوكرانيا، تشير أحدث توقعات المنظمة إلى احتمال انحسار أسواق الأغذية وتسجيل الفواتير العالمية للواردات الغذائية مستوى قياسياً جديداً».
وقد اقترحت المنظمة إنشاء مرفق عالمي لتمويل الواردات الغذائية بهدف دعم ميزان المدفوعات للبلدان المنخفضة الدخل التي تعتمد أكثر من غيرها على الواردات الغذائية كاستراتيجية لحماية أمنها الغذائي.
وتمثّل الدهون الحيوانية والزيوت النباتية أهمّ المواد المساهمة في ارتفاع قيمة فواتير الواردات المتوقعة لعام 2022، وتأتي الحبوب في مرتبة ليست ببعيدة بالنسبة إلى البلدان المتقدمة. وتعمل البلدان النامية بالإجمال على خفض وارداتها من الحبوب والبذور الزيتية واللحوم، ما يظهر عدم قدرتها على تغطية هذه الزيادة في الأسعار.
ويقدم التقرير عن توقعات الأغذية الذي يصدر مرتين في السنة، الاستعراضات التي تجريها المنظمة للعرض في الأسواق واتجاهات الطلب على المواد الغذائية الرئيسية في العالم، بما في ذلك الحبوب والمحاصيل النباتية والسكر واللحوم ومنتجات الألبان والأسماك.
ويبحث هذا التقرير كذلك في الاتجاهات في أسواق العقود الآجلة وتكاليف شحن السلع الغذائية. وتتضمن النسخة الجديدة من التقرير أيضاً فصلين خاصين يتناولان دور ارتفاع أسعار المدخلات الزراعية، مثل الوقود والأسمدة، والمخاطر التي تطرحها الحرب في أوكرانيا على الأسواق العالمية للسلع الغذائية.

نتائج وتوقعات مستقبلية
ووفقاً للنتائج، فمن المتوقع أن ينخفض الإنتاج العالمي للحبوب الرئيسية في عام 2022 للمرة الأولى منذ أربع سنوات، وأن يتراجع في الوقت نفسه استخدامها على المستوى العالمي للمرة الأولى منذ عشرين عاماً. ولكن، ليس من المرتقب أن يتأثر استخدام الحبوب للاستهلاك الغذائي البشري المباشر، حيث من المتوقع أن ينجم تراجع الاستخدام الإجمالي للحبوب عن تراجع استخدام القمح والحبوب الخشنة والأرز كأعلاف.
ومن المتوقع أيضاً أن ترتفع المخزونات العالمية للقمح بشكل طفيف هذا العام، وذلك بشكل أساسي نتيجة تراكم المخزونات المنتظرة في الصين والاتحاد الروسي وأوكرانيا. ومن المتوقع أن يسجّل الإنتاج العالمي للذرة واستخدامه رقماً قياسياً جديداً، بفعل ارتفاع إنتاج الإيثانول في البرازيل والولايات المتحدة الأميركية وإنتاج النشاء الصناعي في الصين. كما أنه من المتوقع أن يفوق الاستهلاك العالمي للزيوت النباتية الإنتاج العالمي لها رغم تقنين الطلب المرتقب عليها.
ورغم توقع انخفاض إنتاج اللحوم في الأرجنتين والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، تشير التوقعات إلى ارتفاع الإنتاج العالمي بنسبة 1.4 في المائة مدفوعاً بزيادة مرتقبة بنسبة 8 في المائة في إنتاج لحوم الخنزير في الصين لتصل إلى المستوى الذي كانت عليه قبل تفشي فيروس حمى الخنازير الأفريقية على نحو شاسع في عام 2018، بل وتجاوزه.
ومن المتوقع أن يرتفع الإنتاج العالمي للحليب بوتيرة أبطأ من السنوات السابقة، مقيّداً بانخفاض عدد قطعان الماشية الحلوب وانخفاض هوامش الربح في عدة مناطق إنتاج رئيسية، بينما قد تتقلص التجارة بهذه المنتجات مقارنة بمستواها المرتفع المسجّل في عام 2021. ومن المتوقع أن يرتفع الإنتاج العالمي للسكر بعدما شهد انخفاضاً لمدة ثلاث سنوات، مدفوعاً بالأرباح المسجلة في كل من الهند وتايلاند والاتحاد الأوروبي.
أيضاً، من المتوقع أن يرتفع الإنتاج العالمي لتربية الأحياء المائية بنسبة 2.9 في المائة، بينما يرجح أن يتوسّع إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية بنسبة 0.2 في المائة. ونظراً إلى ارتفاع أسعار الأسماك، من المتوقع أن يسجّل مجموع عائدات التصدير من منتجات مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية ارتفاعاً بنسبة 2.8 في المائة، بينما يتوقع أن يتراجع حجمها بنسبة 1.9 في المائة.


مقالات ذات صلة

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أشخاص يقومون بتعديل لافتة خارج مكان انعقاد قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة (أ.ب)

أذربيجان تحذر: «كوب 29» لن ينجح دون دعم «مجموعة العشرين»

استؤنفت محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، يوم الاثنين، مع حث المفاوضين على إحراز تقدم بشأن الاتفاق المتعثر.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد سفينة شحن في نهر ماين أمام أفق مدينة فرنكفورت الألمانية (رويترز)

«المركزي الألماني»: خطط ترمب الجمركية نقطة تحول في التجارة العالمية

أعرب رئيس البنك المركزي الألماني عن خشيته من حدوث اضطرابات في التجارة العالمية إذا نفّذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خططه الخاصة بالتعريفات الجمركية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد لافتة للبنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

ناغل من «المركزي الأوروبي»: تفكك الاقتصاد العالمي يهدد بتحديات تضخمية جديدة

قال عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، يواخيم ناغل، إن هناك تهديداً متزايداً بتفكك الاقتصاد العالمي، وهو ما قد يضع البنوك المركزية أمام تحديات تضخمية جديدة.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد يقف المشاركون وموظفو الأمن خارج مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في باكو (إ.ب.أ)

الدول في «كوب 29» لا تزال بعيدة عن هدفها بشأن التمويل المناخي

كانت عوامل التشتيت أكبر من الصفقات في الأسبوع الأول من محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، الأمر الذي ترك الكثير مما يتعين القيام به.

«الشرق الأوسط» (باكو)

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
TT

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)
مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)

أعلنت وزارة الطاقة السعودية انضمام المملكة إلى مبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود، وذلك ضمن مساعي البلاد لدعم الجهود الدولية لتطوير هذا القطاع.

وبحسب بيان نشرته الوزارة، يُمثّل انضمام المملكة لهذه الشراكة خطوةً جديدة تؤكد الدور الريادي الذي تنهض به السعودية، ضمن الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز الاستدامة، وابتكار حلول متقدمة في مجالات الطاقة النظيفة. كما يدعم طموح المملكة بأن تصبح أحد أهم منتجي ومصدّري الهيدروجين النظيف في العالم والوصول للحياد الصفري بحلول عام 2060، أو قبله، في إطار نهج الاقتصاد الدائري للكربون، وحسب توفر التقنيات اللازمة.

ويؤكّد انضمام المملكة إلى هذه الشراكة رؤيتها الراسخة حيال دور التعاون الدولي وأهميته لتحقيق مستقبل أكثر استدامة للطاقة، كما أنه يُسهم في تحقيق أهداف مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، اللتين تهدفان إلى تقليل الانبعاثات الكربونية، إضافة إلى دعم المساعي الدولية لتحفيز الطلب العالمي على الهيدروجين النظيف، والإسهام في وضع اللوائح والمعايير لتعزيز اقتصاد الهيدروجين النظيف، وفقاً للبيان.

كما تمثل الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود منصة رئيسة لتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء لتسريع تطوير ونشر تقنيات الهيدروجين وخلايا الوقود والإسهام في تحقيق تحول عالمي متوازنٍ وفاعلٍ نحو أنظمة طاقة نظيفة وأكثر كفاءة. وتعمل الشراكة على تبادل المعرفة بين الأعضاء، ودعم تطوير البحوث والتقنيات ذات الصلة بالإضافة إلى التوعية والتعليم حول أهمية الهيدروجين النظيف ودوره المحوري في تحقيق التنمية المستدامة.

وفي هذا الإطار، أوضحت الوزارة أن المملكة تحرص على أن تكون عضواً فاعلاً في العديد من المنظمات والمبادرات الدولية ذات العلاقة بإنتاج الوقود النظيف والوقود منخفض الانبعاثات، مثل: مبادرة «مهمة الابتكار»، والاجتماع الوزاري للطاقة النظيفة، ومنتدى الحياد الصفري للمنتجين، ومبادرة الميثان العالمية، ومبادرة «الحد من حرق الغاز المصاحب لإنتاج البترول بحلول عام 2030»، والتعهد العالمي بشأن الميثان، والمنتدى الريادي لفصل وتخزين الكربون، وغيرها من المبادرات.