هل يعود مهرجان «كان» أقوى مما كان؟

رغم أزمات المنطقة وقلة حضور المرأة

أنطوني هوبكنز وآن هاذاواي في «زمن القيامة»
أنطوني هوبكنز وآن هاذاواي في «زمن القيامة»
TT

هل يعود مهرجان «كان» أقوى مما كان؟

أنطوني هوبكنز وآن هاذاواي في «زمن القيامة»
أنطوني هوبكنز وآن هاذاواي في «زمن القيامة»

أعلن تييري فريمو، النائب العام لمهرجان «كان» السينمائي أول من أمس، عن رزمة الأفلام المشتركة في إطار الدورة المقبلة التي ستقام ما بين 17 و28 من الشهر المقبل. وتشمل الأفلام المعلنة إنتاجات داخل المسابقة الأولى وخارجها وداخل مسابقة «نظرة ما» والعروض الخاصة وتلك الأفلام التي تدخل في برامج أخرى مثل «مدنايت سكريننغ» و«كان برميير». يبلغ عدد الأفلام المعلنة 47 لكن من المتوقع إضافة بضعة أفلام ليتجاوز عددها «نحو الخمسين»، كما ذكر فريمو في المؤتمر الصحافي. من بين هذه الأعمال 18 فيلماً في المسابقة الرسمية، وستة أفلام خارجها، وثلاثة في تظاهرة «مدنايت سكريننغز»، وأربعة في «كان برميير»، وثلاثة أخرى في «عروض خاصّة». أما برنامج مسابقة «نظرة ما» فيضم خمسة عشر فيلماً حتى الآن.
على تعدد هذه الأقسام لا يوجد إيضاح حول أي فيلم يصلح لدخول «كان برميير» مثلاً وليس «عروض خاصّة» ما دام كل الأفلام عروضاً خاصّة وتُعرض للمرّة الأولى عالمياً. ثم بين هذين القسمين وقسم «أفلام خارج المسابقة» ما دام كل الأفلام، باستثناء المسابقتين الأساسية و«نظرة ما»، هي خارج المسابقة. لكنّ أحداً لن يتوقف عند هذه النقاط كونها تتبع التنظيم الذي يسير «كان» عليه منذ سنوات بعيدة.
الثابت أن هناك عدّة ملامح مهمّة تستوجب التوقف عندها في تحليل أوّلي لما سيعرضه المهرجان في دورته الخامسة والسبعين. ملامح بعضها جديد يتعلق بتداعيات الحرب الأوكرانية وبعضها الآخر قديم متكرر ومعهود. وثمة اتفاق إعلامي في الغرب على أن هذه الدورة ستكون أهم دورات المهرجان في السنوات الأخيرة. وهو أمر محتمل جداً نظراً إلى الأسماء المهمّة المشتركة وللتنويع بينها، إذ تنقسم بين من ارتاد المهرجان من قبل ومن هو إضافة جديدة إليه.
في المسألة الأوكرانية كان المهرجان الفرنسي قد أعلن قبل نحو شهر ونصف أنه في الوقت الذي لن يستقبل فيه وفوداً روسية رسمية ولا أفلاماً ممولة من مؤسساتها الرسمية، لكنه ترك الباب مفتوحاً أمام احتمال قبول أفلام روسية لمخرجين نازحين أو مستقلين. وهذا ما يفعله المهرجان تماماً، إذ يعرض في المسابقة فيلم «زوجة تشايكوفسكي» لكيريل سيربررنيكوف، وهو مخرج مستقل، وفيلم «التاريخ الطبيعي للتدمير» لسيرغي لوزنتزا. كلاهما يعيش في ألمانيا اليوم، إذ كان سيربررنيكوف (والدته أوكرانية) قد نزح إليها قبل عدة أشهر بينما يقيم لوزنتزا فيها منذ سنوات. وبينما يعرض المهرجان فيلم سيربررنيكوف في المسابقة الرسمية، نجد «التاريخ الطبيعي للتدمير» معروضاً في نطاق العروض الخاصّة. بينما يتعامل «زوجة تشايكوفسكي» مع موضوع لا علاقة له بالأحداث الجارية كان لا بد للمخرج الأوكراني لوزنتزا (الذي تم سحب عضويته من الأكاديمية بعدما عارض قرارات الحكومة حيال مخرجين روس وعُدّ بالتالي مؤيداً للغزو) من تقديم ما عمد في السابق إلى تقديمه من أعمال وثائقية حول الحروب والدمار الذي تسببه. ومع أن الفيلم أُنجز قبل الغزو الروسي، فإنه سيذكّر بالطبع بما يحصل في أوكرانيا اليوم.

وهناك فيلم أوكراني آخر عنوانه «رؤية فراشة» لماكسيم ناكانوتشنيي سيُعرَض «نظرة ما» ويدور حول جندية أوكرانية تلقي القوات الانفصالية القبض عليها وتعتدي عليها جنسياً قبل إطلاقها فتعود إلى منزلها محمّلة بآلام التجربة.
في المؤتمر الصحافي ذكر فريمو أنه من المثير للملاحظة أن السينما الأوكرانية نشطة حتى خلال هذه الحرب، مشيراً إلى «رؤية فراشة» كمثال، لكنّ هذا الفيلم بوشر تصويره قبل أسابيع من الغزو الروسي. لكنّ فريمو كان صريحاً وجاداً عندما أشار إلى أن المهرجان ليس في وارد مقاطعة أحد. «لا يمكن ممارسة رقابة على السينما»، كما ذكر، فاتحاً المجال لبعض التكهنات حول كيفية تطبيق ذلك ضمن الوضع السياسي القائم بين روسيا وأوكرانيا.
من جانب آخر، يعاود المهرجان الفرنسي الاعتماد على زبائنه التقليديين إلى حد بعيد. مثل لوزنتزا الذي أَمّ المهرجان بضع مرّات، وهناك أفلام للبولندي كرستيان منجيو وللأميركي جيمس غراي وللياباني هيروكاتزو كوري - إيدا والفرنسيين أرنود دسبلشان وفاليريا دروني تاديشي وكلير دَني والكندي ديفيد كروننبيرغ. كلٌّ أحضر عمله الأخير فضمّها المهرجان إلى مسابقته الرسمية. هذا الاتكال على زبائن معهودين للمهرجان أمر لا مفر منه وطبيعي إلى حد بعيد، فالمهرجان من القوّة بحيث لا يوجد سبب لمن دخله سابقاً أن يحوّل بوصلته صوب مهرجانات أخرى (وإن كان كثيرون فعلوها ثم عادوا)، وهو يبحث عن الأفضل بين الأسماء التي تصنع السينما الفنية، وهذا الفريق منهم. من هذه الأسماء نلحظ أن عدد الأفلام الفرنسية المشتركة في المسابقة هي ثلاثة فقط؛ فدسبليشان يعرض «أخ وأخته»، وكلير دَني توفر «نجوم عند الظهر» (وكنا توقعنا ذلك في مقال سابق)، وتعرض فاليري بروني تديشي «أشجار الجوز». ‫ثلاثة فرنسية‬.
في لقائه مع الصحافة الفرنسية والأجنبية الموجودة في باريس، قال فريمو إنه أراد التقليل من الوجود الفرنسي لأن «كان» مهرجان عالمي. يتمنى المرء لو تذكر فريمو هذه الحقيقة قبل الآن عندما كانت الأفلام الفرنسية من الغزارة بحيث أخذنا نعتقد أننا في مهرجان خاص به. ففي العام الماضي وحده كانت هناك ثمانية أفلام فرنسية متسابقة من بين 21 فيلماً، والحال ذاته ساد دورات 2017 و2018 و2019. على أن هناك أفلاماً فرنسية عدّة خارج المسابقة هذا العام منها «Z» وهو كوميديا عن الزومبيز للمخرج ميشال أزانافييوس («الفنان»، 2011) الذي سيعرض في حفلة الافتتاح عوضاً عن فيلم «ألفيس» للمخرج الأسترالي باز لورمن الذي قيل سابقاً إنه الفيلم الذي سيفتتح هذه الدورة الجديدة. يفسّر فريمو ذلك بأن المخرج هو من طلب ألا يتم افتتاح الدورة بفيلمه الجديد لأن المهرجان سبق له أن افتتح دورتي 2001 و2013 بفيلمين سابقين له هما «مولان روج» و«غريت غاتسبي». ومن الأفلام الفرنسية الأخرى المعروضة خارج المسابقة الرسمية «إرما فب» لأوليفييه أساياس و«Nos Frangins» لرشيد بوشارب.
تقليل عدد الأفلام الفرنسية داخل المسابقة ليس الإجراء الصحيح الوحيد الذي قام به فريمو وفريق عمله هذا العام. فحسب قراءة قائمة الأفلام نجد أن المسابقة تحتوي على ثلاثة أفلام لمخرجات عوض عن ضعفَي ذلك في العام الماضي. السبب الواضح أن المهرجان لم يعثر على أعمال نسائية جيدة لكي تدخل عرين الأسد إلى جانب بقية الأفلام.
بما يخص ‫الحضور الأميركي‬، هناك «ألفيس» لشركة «وورنر» التي ستنقل طاقمه من الممثلين إلى المهرجان الفرنسي ومن بينهم توم هانكس وكودي سميت - ماكفي. وهو يشي كذلك بحضور أميركي موسّع يحيط به داخل المسابقة فيلم «زمن القيامة» (Armageddon Time) لجيمس غراي، وخارجها «توب غن: مافيريك» لجوزف كوزينسكي، و«جيري لي لويس: متاعب في البال» لإيثان كووَن. وقد أصاب فريمو عندما ذكر، في معرض حديثه عن فيلم «توم غن: مافيريك»، أن توم كروز (أحد منتجي هذا الفيلم وممثله الأول) هو «من بين أكثر الممثلين والمنتجين الأميركيين التزاماً بالسينما وحرصاً على عرض أفلامه في صالاتها. وهو حريص أيضاً على نوعيّتها». بطبيعة الحال سيحضر كروز المهرجان ومعه لفيف من ممثلي فيلمه ومنهم فال كيلمر وجنيفر كونلي وإدا هاريس.

في المقابل فإن الحضور العربي غائب والحضور الآسيوي محدود. بالنسبة للأول لم يجد المهرجان من بين ما تقدّم ما يصلح للمنافسة، والاسم العربي الوحيد المطروح في مسابقته الرسمية الأولى هو اسم طارق صالح الذي سيعرض فيلمه (السويدي؟) «وُلد من السماء». أما بالنسبة للسينما الآسيوية فهناك حضور لثلاث دول هي اليابان (عبر فيلم هيروكاتزو كوري - إيدا «سمسار»)، وكوريا الجنوبية («قرار بالانصراف» لبارك تشان - ووك)، والهند («كل ما يتنفّس» لشوناك سن في قسم «العروض الخاصة»).

** أفلام لا بد منها في «كان»:
1 - 2022 Eo: المخرج البولندي ييرزي سكوليموفسكي، الذي يتنقل ما بين بلاده وبريطانيا يعرض آخر أعماله في المسابقة.
2 - Decision to Leave: دراما من المخرج بارك تشان - ووك الذي عُرض في «كان» سابقاً فيلمه الجيد «الخادمة».
3- RMN: عودة المخرج الروماني كرستيان منجيو إلى «كان» مرتبطة بهذه الدراما الاجتماعية الداكنة.
4- Armageddon Time: فيلم جيمس غراي الجديد، وهو من مرتادي المهرجان الفرنسي سابقاً. فيلمه الجديد من بطولة آن هاذاواي وأنطوني هوبكنز.
5- A Boy From Heaven: المخرج المصري الأصل طارق صالح يقدّم دراما تدور حول وفاة إمام أمام تلاميذه خلال درس ديني. البطولة لتوفيق برهوم وفارس فارس.
6- Broker: فيلم آخر من أفلام المسابقة المنتظرة للمخرج هيروكاتزو كوري - إيدا الذي سبق أن نال السعفة الذهبية عن عمله السابق «النشّالون».
7- Crimes of the Future: للمخرج الكندي ديفيد كروننبيرغ وبطولة الأميركية كرستن ستيوارت والفرنسية ليا سيدو.
8- Three Thousand Years of Longing: الفيلم الأسترالي المنتظر من جورج ميلر («ماد ماكس»). الصحافة الأسترالية تقول إنه أفضل ما حققه ميلر منذ سنوات.
9- Jerry Lee Lewis: بعد انفصال الأخوين كووَن وقيام جووَل بتحقيق أول فيلم منفرد له («تراجيديا ماكبث»)، يقدّم شقيقه إيثان فيلمه المنفرد بدوره، وهو سيرة حياة المغني جيري لي لويس.


مقالات ذات صلة

«البحر الأحمر» يُعيد للسينما سحرها... افتتاح مدهش يُكرّم مايكل كين ويحتفي بالبدايات الجديدة

يوميات الشرق ‎لحظة تاريخية لتكريم النجم الأميركي مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

«البحر الأحمر» يُعيد للسينما سحرها... افتتاح مدهش يُكرّم مايكل كين ويحتفي بالبدايات الجديدة

مثل عادة المهرجانات، اتّجهت الأنظار نحو السجادة الحمراء، فامتلأت «الريد كاربت» الواقعة في منطقة البلد التاريخية بطيف نادر من نجوم السينما العالمية...

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)

ابتلعها بهدف سرقتها... استعادة قلادة مستوحاة من أفلام جيمس بوند من أحشاء رجل نيوزيلندي

كشفت شرطة نيوزيلندا، التي أمضت 6 أيام في مراقبة كل حركة أمعاء لرجل متهم بابتلاع قلادة مستوحاة من أحد أفلام جيمس بوند من متجر مجوهرات أنها استعادتها

«الشرق الأوسط» (ولينغتون)
يوميات الشرق جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)

بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

تحت شعار «في حب السينما»، انطلقت فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في جدة، وسط حضور كبير لنجوم وصنّاع السينما، يتقدمهم الأمير

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان) play-circle 01:19

بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

تحت شعار «في حب السينما»، انطلقت فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في جدة.

إيمان الخطاف (جدة)
سينما «البحر الأحمر» يكشف عن أفلام سعودية جديدة

«البحر الأحمر» يكشف عن أفلام سعودية جديدة

افتتح مهرجان «البحر الأحمر» دورته الخامسة، يوم الخميس، بفيلم بريطاني الإنتاج عنوانه «عملاق» (Giant)، ويستمر حتى 13 من الشهر الحالي.

محمد رُضا (جدة)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.


رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».


ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».