ممارسة الرياضة في رمضان... نصائح وتحذيرات

ممارسة الرياضة في رمضان... نصائح وتحذيرات
TT

ممارسة الرياضة في رمضان... نصائح وتحذيرات

ممارسة الرياضة في رمضان... نصائح وتحذيرات

إذا بدأت الصيام وأنت مهتم بصحتك، فإنك ستستمر بممارسة السلوكيات الصحية في الحياة اليومية. وحينها قد تسأل: هل يمكنني ممارسة الرياضة في أثناء الصيام؟

- تفاوت النصائح الصحية
وهذا السؤال منطقي، لأن ممارسة الرياضة من جانب، هي عنصر أساسي في السلوكيات الصحية اليومية. ومن جانب آخر، فإن ممارسة الرياضة تستهلك وقود السكريات والسوائل اللازمة لإنتاج الطاقة وتبريد الجسم، وهو ما قد يُؤثر على قدرة تحمّل الصوم. ومن جانب ثالث، في أثناء نهار رمضان، لا يستطيع الصائم تعويض النقص في الوقود والسوائل عبر الأكل والشرب.
ومن المنطقي أيضاً أن تتفاوت لكل شخص نوعية النصائح الصحية حول مدى إمكانية وكيفية ممارسة الرياضة البدنية خلال نهار أو ليل أيام رمضان. ومن أسباب ذلك:
- اختلاف مستوى الحالة الصحية لدى الصائم، باختلاف مقدار عمره والأمراض التي قد تكون لديه.
- نوعية تغذيته ومكونات وجبات طعامه قبل وفي أثناء الشهر الفضيل، والأولويات الصحية أو غير الصحية التي يحرص عليها في وجبات الإفطار والسحور، ومدى شربه للسوائل وأوقات ذلك.
- مدى ممارسته بالأصل للتمارين الرياضية قبل حلول الشهر الفضيل، ودرجة شدة تلك التمارين الرياضية وأنواعها.
- اختلاف ظروف ممارسة الرياضة البدنية، من نواحي المدة والتوقيت ودرجة حرارة الأجواء المحيطة.
- والأهم، اختلاف الغايات، بين المحافظة المنخفضة على الاستمرار في أداء الرياضة اليومية، كوسيلة للحفاظ على الصحة والاسترخاء النفسي، وبين ممارستها بشكل احترافي.

- دراسات حديثة
ويستمر الفهم الطبي للصيام في التعمق، حيث توسع الدراسات الحديثة معرفتنا بتأثيراته على ممارسة النشاط البدني الرياضي. خصوصاً مع ظهور «الصيام المتقطع Intermittent Fasting» كإحدى وسائل خفض وزن الجسم، وانتشاره في مناطق واسعة من العالم. وذلك باتباع طريقة 8-16، أي التوقف عن تناول الطعام، وليس الماء أيضاً، لفترة 16 ساعة، ثم خلال نافذة الـ8 ساعات الباقية، تناول ما يشاء المرء دون أي تحفظ في الكمية.
وفي دراسة بعنوان «الصيام المتقطع: الأكل بالساعة من أجل الصحة وممارسة الرياضة» نُشرت ضمن عدد مارس (آذار) الماضي من المجلة الطبية البريطانية للطب الرياضي والتمارين (BMJ Open Sport and Exercise Medicine)، أفاد الباحثون بأنه «يمكن تحسين فوائد الصيام على كتلة الجسم وعوامل الخطر القلبية الوعائية، عند إضافة التمارين الرياضية الهوائية». وأضافوا: «أظهرت الدراسات قصيرة المدى على لاعبي كرة القدم المشاركين في 30 يوماً من صوم رمضان، أن فترات التمرين الصائم يتم تحملها جيداً ولا تزيد من حدوث الإصابة».
وتشير تلك الدراسات الحديثة في مجملها إلى أن أداء النشاط البدني خلال الصوم يمكن أن تكون له تأثيرات فسيولوجية إيجابية عميقة. وذلك عبر المساعدة في حرق المزيد من الدهون، وتحسين طريقة استجابة الجسم للإنسولين، وزيادة إنتاج الجسم لهرمون النمو البشري (Human Growth Hormone)، وزيادة كمية هرمون التستوستيرون التي ينتجها الجسم، والتسبب بتأثيرات إيجابية على بنية العضلات نفسها وكفاءة عملها.

- الدهون والإنسولين
> حرق الدهون. أظهرت عدة دراسات طبية أن ممارسة التمارين الرياضية مع الصيام يُسرّع التحول إلى الحالة الكيتونية Ketosis لحرق الدهون المخزونة في الجسم. وفي دراسة لباحثين من جامعة «بريغهام يونغ» بولاية يوتا الأميركية، نُشرت ضمن عدد سبتمبر (أيلول) 2021 من مجلة «الطب والعلوم في الرياضة والتمارين»، لاحظ الباحثون أن ممارسة التمارين الرياضية مع الصيام يُسرّع التحول إلى الحالة الكيتونية لحرق الدهون المخزونة في الجسم. كما لاحظ الباحثون أيضاً أن التمارين الهوائية Aerobic Exercise في بداية فترة الصيام (مثل الهرولة والسباحة) لم يكن لها أي تأثير سلبي على الحالة المزاجية أو الجوع أو العطش.
ووجدت دراسة أُجريت عام 2013 في جامعة «نورثمبريا» بنيوكاسل وتم نشرها في المجلة البريطانية للتغذية، أن مع ممارسة الرياضة بعد الصيام لساعات وقبل الإفطار، أي على معدة فارغة، يتم حرق مزيد من دهون الجسم بنسبة 20%، مقارنةً بممارسة الرياضة بعد الإفطار، أي دون صيام ساعات طويلة قبلها.
> الاستجابة للإنسولين. وفي جانب طريقة استجابة الجسم للإنسولين مع ممارسة الرياضة في أثناء الصوم، نلاحظ أن الإنسولين هو الهرمون الذي يتحكم في كمية سكر الغلوكوز في مجرى الدم. ولكن عند النظر بشكل أدق لدور هذا الهرمون، نجده أيضاً يحث العضلات على امتصاص الغلوكوز من الدم وتخزينه بعد ذلك في صورة غليكوجين Glycogen.
وعندما لا تستطيع العضلات امتصاص المزيد من السكر، يخزنه الجسم على شكل دهون، أي عندما تكون حساسية الجسم للإنسولين منخفضة Insulin Sensitivity، أو مقاومة الإنسولين مرتفعة Insulin Resistance، وهي مشكلة لأن الجسم سيعاني من الغلوكوز الزائد، والعضلات لا تتمكن من سحب الكثير من الغلوكوز آنذاك، وبالتالي فإن غالبية الغلوكوز ستتحول إلى شحوم مختزنة. وتُظهر الأبحاث أنه عند ممارسة الرياضة في أثناء الصيام، فإن حساسية الجسم للإنسولين تزداد. وهي ميزة كبيرة إذا كانت حساسية الإنسولين لدى الشخص في النطاق الطبيعي.

- النمو والعضلات
> هرمون النمو البشري. وهرمون النمو البشري ضروري للجسم في إصلاح وتجديد الأنسجة. كما أنه يساعد على بناء عضلات خالية من الدهون Lean Muscle ويساعد كذلك في تعافي العضلات بعد التمرين Post - Exercise Recovery. وثمة عدة دراسات تناولت علاقة ممارسة الرياضة مع الصوم على هذا الهرمون. منها دراسة تم نشرها ضمن عدد 13 مايو (أيار) 2020 من مجلة «الاتجاهات في أمراض الغدد الصماء والتمثيل الغذائي» Trends in Endocrinology & Metabolism. والأحدث منها دراسة باحثين من جامعة «ميشيغان» في آن أربور بالولايات المتحدة الأميركية نُشرت ضمن عدد فبراير (شباط) 2022 من مجلة علم الغدد الصماء والتمثيل الغذائي (The Journal of Clinical Endocrinology and Metabolism) بعنوان «دور تدفق إفراز هرمون النمو في تنظيم تحلل الدهون عند الصيام». وتُظهر هذه الدراسات أن ممارسة الرياضة في حالة الصيام يمكن أن تؤدي إلى زيادة مستويات هرمون النمو، وزيادة نشاط مفعول هذا الهرمون في الجسم.
> بناء العضلات. وثمة عدة دراسات بحثت في تأثير ممارسة الرياضة حال الصوم على بنية العضلات نفسها. وأظهرت بعضها أن انهيار كتلة الدهون داخل العضلات Intramyocellular Lipids يزداد عن طريق ممارسة الرياضة في حالة الصيام. ذلك لأن العضلات «تتعلم» كيفية استخدام الدهون كطاقة، عن طريق زيادة كمية البروتينات التي تعمل على التمثيل الغذائي لتلك الدهون. كما أن زيادة كتلة العضلات الخالية من الدهون هي أيضاً فائدة أساسية للنشاط البدني في أثناء الصيام.
وتمنح العضلات الخالية من الدهون أداءً عضلياً أفضل، وتحرق المزيد من السعرات الحرارية على مدار 24 ساعة في اليوم. أي ليس فقط خلال فترة التمرين، بل في أوقات الراحة بعد أداء التمرين.
وعندما نظرت إحدى الدراسات إلى خلايا ألياف العضلات بالميكروسكوب قبل وبعد التمرين في حالة الصيام، وجدت أن هناك المزيد من حزم الألياف العضلية Muscle Bundles الصحية في بنيتها، والمزيد من الدهون المتوفرة للاستخدام للحصول على الطاقة وليس للخزن.
- استشارية في الباطنية


مقالات ذات صلة

طريقة كلامك قد تتنبأ باحتمالية إصابتك بألزهايمر

صحتك امرأة تعاني مرض ألزهايمر (رويترز)

طريقة كلامك قد تتنبأ باحتمالية إصابتك بألزهايمر

أكدت دراسة جديدة أن طريقة الكلام قد تتنبأ باحتمالية الإصابة بمرض ألزهايمر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك التحفيز العميق لمناطق معينة من الدماغ باستخدام الأقطاب الكهربائية قد يساعد مرضى الشلل على المشي (رويترز)

أقطاب كهربائية بالدماغ تمكّن مصابين بالشلل من المشي مسافات قصيرة

خلصت دراسة وشهادة، نُشرتا أمس (الاثنين)، إلى أن التحفيز العميق لمناطق معينة من الدماغ باستخدام الأقطاب الكهربائية يمكن أن يساعد بعض المصابين بالشلل على المشي.

«الشرق الأوسط» (برن)
صحتك يرصد البحث أن ارتفاع مستويات الدهون الحشوية يرتبط بانكماش مركز الذاكرة في الدماغ (رويترز)

دهون البطن مرتبطة بألزهايمر قبل 20 عاماً من ظهور أعراضه

أفاد بحث جديد بأن نمو حجم البطن يؤدي إلى انكماش مركز الذاكرة في الدماغ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الخضراوات الورقية تعدّ من الأطعمة الغنية بالمغنيسيوم (رويترز)

مفتاح النوم ومحارب القلق... إليكم أفضل 10 أطعمة لتعزيز مستويات المغنيسيوم

إنه مفتاح النوم الأفضل والعظام الأكثر صحة والتغلب على القلق، ولكن انخفاض مستويات المغنيسيوم أمر شائع. إليك كيفية تعزيز تناولك للمغنيسيوم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ استدعت شركة «صن فيد بروديوس» الخيار المعبأ في حاويات من الورق المقوى بكميات كبيرة (إدارة الغذاء والدواء الأميركية)

سحب شحنات من الخيار بعد تفشي السالمونيلا في ولايات أميركية

تحقق السلطات الأميركية في تفشي عدوى السالمونيلا التيفيموريوم المرتبطة بتناول الخيار في ولايات عدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ما الذي يحدث لجسمك عند شرب الكحول؟

الكحول من المواد الضارة التي تؤثر سلباً على صحة الإنسان (جامعة ولاية أوهايو)
الكحول من المواد الضارة التي تؤثر سلباً على صحة الإنسان (جامعة ولاية أوهايو)
TT

ما الذي يحدث لجسمك عند شرب الكحول؟

الكحول من المواد الضارة التي تؤثر سلباً على صحة الإنسان (جامعة ولاية أوهايو)
الكحول من المواد الضارة التي تؤثر سلباً على صحة الإنسان (جامعة ولاية أوهايو)

سلطت الأبحاث الضوء على التأثيرات السلبية لشرب الكحول على جسم الإنسان، بما يشمل الصحة الجسدية والنفسية. وكشفت دراسة أميركية حديثة عن تأثيرات إضافية لشرب الكحول؛ إذ أظهرت أنه يعزز السلوك العدواني، ويؤثر على إدراك الألم، إلى جانب تأثيراته السلبية الأخرى.

وأوضح الباحثون من جامعة ولاية أوهايو، أن هذه النتائج تقدم رؤى جديدة حول العلاقة بين الكحول والعدوانية، ما قد يسهم في تطوير استراتيجيات للحد من العنف المرتبط بالكحول، ونُشرت النتائج، الاثنين، في دورية «Journal of Studies on Alcohol and Drugs».

وأُجريت الدراسة الجديدة على مرحلتين: شملت المرحلة الأولى 543 مشاركاً، والثانية 327 مشاركاً، جميعهم يستهلكون 3- 4 مشروبات كحولية على الأقل مرة شهرياً. وتم تقديم مشروبات كحولية وأخرى وهمية تحتوي على عصير برتقال مع كمية ضئيلة للغاية من الكحول لتقليد طعم المشروب، لضمان عدم معرفة المشاركين بنوع المشروب.

وبعد شرب المشروب، خضع المشاركون لاختبار يقيس عتبة الألم باستخدام صدمات كهربائية قصيرة على أصابعهم. ثم شاركوا في اختبار تنافسي عبر الإنترنت؛ حيث كان بإمكان «الفائز» توجيه صدمة كهربائية إلى «الخاسر».

في الواقع، لم يكن هناك خِصم حقيقي، وتم اختيار «الفائز» عشوائياً لمعرفة مدى استعداد المشاركين لإلحاق الألم بالآخرين.

وأظهرت النتائج أن الأشخاص الذين شربوا الكحول أظهروا قدرة أكبر على تحمل الألم؛ حيث كانت مستويات الصدمات التي وصفوها بأنها «مؤلمة» أعلى، مقارنة بمن تناولوا المشروبات الوهمية.

كما وجد الباحثون أن المشاركين الذين تناولوا الكحول كانوا أكثر ميلاً لإلحاق الألم بالآخرين. وكلما زادت قدرتهم على تحمل الألم، زادت شدة وطول الصدمات التي اختاروا توجيهها للآخرين، ما يفسر جانباً من السلوك العدواني المرتبط بتناول المشروبات الكحولية.

في المقابل، كان المشاركون الذين شربوا المشروبات الوهمية أقل عدوانية؛ حيث كانوا أكثر شعوراً بألمهم الخاص، ولم يرغبوا في إلحاق الألم بالآخرين.

الوصول إلى الدم

ووفق وزارة الصحة الأسترالية، فإن الكحول يصل إلى الدم عبر جدران المعدة والأمعاء الدقيقة، وينتقل عبر الدورة الدموية ليصل إلى جميع أجزاء الجسم، بما في ذلك الدماغ؛ حيث يبطئ نشاط الدماغ، مما يؤثر على التفكير، والمشاعر، والسلوك. بينما يتولى الكبد مهمة تكسير معظم الكحول وتحويله إلى مواد أقل سمية.

وتوضح الوزارة عبر موقعها الإلكتروني أن الشرب المفرط للكحول يؤدي إلى تداعيات طويلة الأجل، تشمل الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والقلق، بالإضافة إلى الإدمان، وزيادة خطر الإصابة بالسكري والسمنة، وضعف الخصوبة، والضعف الجنسي، وأمراض الكبد، مثل التليف والفشل الكبدي، وأمراض القلب والجهاز الدوري، مثل ارتفاع ضغط الدم، واعتلال عضلة القلب، والسكتات الدماغية. كما يتسبب الكحول في سلوكيات غير لائقة تؤثر على العلاقات الأسرية والاجتماعية، وقد يؤدي إلى أعباء مالية كبيرة؛ خصوصاً في حالات الإدمان.

ويشير «المعهد الوطني لإساءة استخدام الكحوليات وإدمانها» في الولايات المتحدة، إلى أن الكحول يعطل مسارات التواصل في الدماغ، مما يضعف التفكير والمزاج. كما يتسبب في مشاكل القلب، مثل اضطراب النبض والسكتة الدماغية، بالإضافة إلى التهاب البنكرياس المزمن، ما يؤثر على الهضم، كما أنه يضعف المناعة، ما يزيد خطر الإصابة بالعدوى، مثل الالتهاب الرئوي. ووفق المعهد، فإن الكحول مرتبط بزيادة خطر الإصابة بسرطانات، مثل الثدي، والقولون، والكبد.