تقوية عضلات القدمين خطوة أولى لراحة المشي

تساهم في تحسين القوة والتوازن وقدرات الحركة

تقوية عضلات القدمين خطوة أولى لراحة المشي
TT

تقوية عضلات القدمين خطوة أولى لراحة المشي

تقوية عضلات القدمين خطوة أولى لراحة المشي

قدمت مجموعة باحثين من «كلية سبرينغفيلد» في ماساتشوستس بالولايات المتحدة الأميركية مراجعة علمية منهجية حول آثار تقوية «عضلات القدم الداخلية (Intrinsic Foot Muscles)» على الحركة الوظيفية لدى كبار السن. وأفاد الباحثون بأن ضعف وإهمال العضلات الداخلية في القدمين، يساهمان في اختلال وظيفة القدمين، ويعوقان ضمان أصابعهما والإحساس فيهما؛ مما يؤدي إلى عدم الاستقرار والسقوط. وهو ما يطرح أهمية التدخلات العلاجية لتقوية عضلات القدمين الداخلية تلك.

- عضلات القدمين
ووفق ما نشر ضمن عدد فبراير (شباط) الماضي من «مجلة جمعية طب الشيخوخة الأميركية (Journal of American Geriatrics Society)»، قال الباحثون في نتائجهم: «الأدلة العلمية التي جرت مراجعتها أفادت بأن التدخلات لتقوية العضلات الداخلية في القدم، قد ساهمت بالفعل في تحسين القوة، والتوازن، وقدرات حركة التنقل، وربما تقليل مخاطر السقوط».
وفي مراجعة طبية أخرى، نُشرت ضمن عدد يناير (كانون الثاني) الماضي من «مجلة أبحاث القدم والكاحل (Journal of Foot and Ankle Research)»، أفاد باحثون من «جامعة فونتيس للعلوم التطبيقية» و«جامعة تيلبورغ» في هولندا، بأن العضلات الداخلية في باطن القدم لها دور محوري في الوظائف الديناميكية الحيوية للمشي، وبأن ضمور هذه العضلات يزيد من خطر السقوط بشكل كبير، وبأن تقوية هذه العضلات يُحسن أداء المشي والحفاظ عليه بتوازن.
وفي المقابل، قدم باحثون من جامعة لاتروب في ملبورن بأستراليا مراجعة طبية لعلاقة الحالة النفسية بزيادة الشعور بآلام القدمين. ووفق ما نُشر ضمن عدد 3 فبراير (شباط) من «مجلة أبحاث القدم والكاحل»، أفاد الباحثون بأن المكونات السلبية للتركيبة النفسية (Psychological Constructs) تكون أكبر لدى الذين يعانون من ألم في القدم مقارنة بمن لا يعانون من ألم فيها.
وتؤكد مصادر طب العظام أن ضعف العضلات الداخلية للقدم يجعل هيكل القدم أكثر عرضة للتأثر بزيادة الإجهاد أثناء المشي أو الهرولة أو الاعتماد على رؤوس الأصابع، وكذلك سهولة الإصابات فيها، كالالتواء وغيره. ولذا فإن تقوية العضلات الداخلية للقدم مهم للذين يعانون من إصابات في القدم، وللراغبين في منع الإصابة بها، وإن من المهم أيضاً أن يستخدم أحدنا هذه العضلات مثل أي عضلات أخرى؛ أي مع التركيز والفهم لكيفية استخدامها بشكل صحيح؛ لأن ذلك أمر ضروري في منع حدوث تداعيات «الإفراط في الاستخدام (Overuse)» والإصابات المزمنة.
ورغم أن أقدامنا قوية جداً ومبنية بشكل فائق الدقة في الأصل، كي ننعم بالراحة أثناء المشي، فإنها يمكن أن تكون مصدر ألم عند الإجهاد أو الإهمال. ولذا فإن وجود عضلات قوية في القدم، جنباً إلى جنب مع العناية الفائقة بكيفية استخدام القدم، ضروريان لتحقيق أفضل أداء. ولكن غالباً ما نلاحظ أقدامنا فقط عندما تتألم، بسبب الكدمات أو سوء الاستخدام. وهو ما قد يشير إلى أن البناء التشريحي المعقد للقدم ضعيف إلى حد ما. كما يمكن أن تكون من الأسباب المحتملة أحذية الجري الضيقة جداً، أو الإجهاد المفرط، أو أسلوب الجري، أو الوزن الزائد، أو ضعف ثبات القدم.
وتعدّ تقوية عضلات القدمين من العناصر الرئيسية في مجموعة العناية بالقدمين، لدى كل الأعمار؛ لأن تطوير قدرات وقوة عضلات القدم شيء مهم لصحة عضلات القدمين، التي هي أساس في استقرار جميع الحركات، كالمشي والقفز والهرولة والوقوف والجلوس وأداء المهام الوظيفية.

- «ثبات» الأقدام
وتشكل القدم المستقرة قاعدة الجسم بالكامل؛ حتى إنها تؤثر على موضع الوركين والحوض والعمود الفقري، عند الوقوف أو المشي أو الجري؛ لأن الهيكل العظمي كله متصل بعضه ببعض. ولذا يجدر الاهتمام بجعل الأقدام ثابتة وقوية وخالية من أي آلام.
وعند الجري السريع على سبيل المثال، تكون إحدى القدمين في الهواء بالتناوب مع الأخرى، لفترة قصيرة. ويمكن للقوة التي تضغط على القدم عند لمس الأرض مرة أخرى، أن تفوق وزن الجسم مرات عدة. وللتوضيح؛ أثناء المشي يمكن أن تمارس كل خطوة ضغطاً على القدمين (عند ملامسة الأرض) يتجاوز وزن الجسم. وعند الجري، يمكن أن يزيد ذلك بمقدار 3 أو 4 أضعاف. والسبب أن وزن جسم الشخص الذي تشعر به القدم خلال عملية المشي أكثر منه عند مجرد الوقوف. وتحديداً؛ فإن وزن الجسم خلال المشي هو مجموع: وزن الجسم عند الوقوف زائد طاقة قوة الدفع. و«طاقة قوة الدفع (Push Energy)» تُضيف نحو 30 في المائة من مقدار الوزن أثناء الوقوف. وبالتالي؛ توقع أثقالاً كبيرة على القدمين عند ارتطامها بالأرض خلال المشي لمسافات طويلة أثناء اليوم. ولكن ذلك كله يظل غير ضار بالقدمين عند ارتداء أحذية ملائمة، واتباع الطريقة الصحيحة في المشي أو الهرولة.
ووفق ما تفيد به مصادر علم التشريح، ثمة في القدمين نوعان من العضلات: «عضلات داخلية (Intrinsic Muscles)» وأخرى «خارجية (Extrinsic Muscles)». وتنشأ العضلات «الخارجية» خارج القدم نفسها؛ أي هي عضلات موجودة في الساق، وتمتد أوتارها بعيداً (عن طريق عبور العديد من العظام والمفاصل الصغيرة في القدم)، وصولاً إلى أصابع القدم.
وهناك مجموعة عضلات صغيرة «داخلية» في القدم نفسها؛ أي عضلات تنشأ وتلتصق داخل جزء القدم نفسه، مثل العضلات التي تنشأ من عظم الكعب أو العظام الطويلة لقوس القدم وتعلق على أصابع القدم. ونظراً إلى أنها عضلات لا تعبر كثيراً من المفاصل، فيمكنها العمل بشكل جيد في تثبيت وحماية القوس والهيكل العام داخل القدم، وبالتالي تضمن المحافظة على سلامة المفاصل الوسطى لأصابع القدم، وبقاءها مستقيمة، مع توجيه بقية القدم بالكامل؛ أي إنها ترفع قوس القدم وتحرك أصابع القدم من مفاصل الأصابع براحة وكفاءة.
ولتوضيح جانب من تعقيد تراكيب العضلات داخل القدم، ثمة ما تُعرف بـ«اللفافة الأخمصية»، وهي شريط سميك وعريض من الأنسجة التي تمتد عبر الجزء السفلي من القدم (باطن القدم). وتربط هذه اللفافة بين عظمة عَقِب كعب القدم وعظام أصابع القدم. وفي الفراغ ما بين هذه «اللفافة الأخمصية» وعظام قوس القدم الذي يعلوها، ثمة 4 طبقات من العضلات، كل طبقة فيها عدد من العضلات. وقد يحدث في هذه اللفافة تمزق أو تهتك، لأسباب عدة؛ ومنها ما له علاقة مباشرة بضعف عضلات تلك الطبقات العضلية الأربع. وهذا أحد أكثر أسباب ألم العَقِب (كعب القدم) شيوعاً. وعادة ما يسبب الشعور بالآلام مع الخطوات الأولى في الصباح، ويقل الألم عادة مع النهوض والحركة، ولكن قد يعود بعد فترات طويلة من الوقوف أو عند الوقوف بعد الجلوس. وهو شائع لدى الذين يعانون من زيادة الوزن والذين يرتدون الأحذية من دون دعم كافي.

- 4 تمارين بسيطة لتقوية عضلات القدمين
> المشي بطريقة سليمة مع ارتداء أحذية ملائمة، هو أفضل تمرين للقدمين. إلا إن هنالك أيضاً تمارين أخرى لتقوية عضلات القدمين. وهي غاية في البساطة والسهولة، ولكنها في الوقت نفسه غاية في الأهمية. وإليك هذه التمارين الأربعة البسيطة:
* تمارين تقوية عضلات قوس القدم: من أبسط تمارين ذلك، وضع منشفة صغيرة على الأرض، ووضع القدم عليها بالكامل مع تثبيت كعب القدم عليها وعلى الأرض. ثم أمسك المنشفة بأصابع قدميك، واسحبها بالشد إليك. وهناك تمرين آخر يُمكن القيام به أثناء الجلوس على الكنبة، وذلك برفع القدم، والإمساك بأصابع القدم، وسحبها برفق إلى أعلى، حتى تمام الشعور بشد قوس القدم، واثبت على وضعية التمديد تلك لمدة لا تقل عن 30 ثانية في التمرينين، وكررها مرتين أو ثلاثاً في اليوم. ورغم بساطة هذه التمارين، فإن لها تأثيرات صحية واضحة.
* تمرين «تجعيد أصابع القدم (Toe Curling)»: أي ضمها نحو باطن القدم (انحناء الأصابع إلى أسفل). وهو أحد أكثر التمارين فاعلية لتدريب العضلات الداخلية في القدم. وسواء أكنت تقف على ساقيك، أم على ساق واحدة فقط، أم تجلس على مكتبك، فإن تكرار القيام بهذه الحركة شيء مثالي لتقوية القدمين.
* تمرين «رفع الكعب (Heel Lifting)»: هو تمرين لتقوية مفصل الكاحل، وأيضاً لتقوية التحكم في التوازن عند الوقوف أو الحركة. ووجود مفصل كاحل مستقر، يساعد أثناء الهرولة في نقل القوة عند ملامسة الأرض بشكل مثالي، ويمنع الإصابة بالتواء الكاحل. ويكون هذا التمرين بالوقوف، ثم رفع الكعبين إلى أعلى حد ممكن، مع الاعتماد في الوقوف آنذاك على أصابع القدمين، ثم اترك الكعبين يسقطان ببطء إلى مستوى الأرض. وكرر ذلك مرتين أو ثلاثاً خلال اليوم.
* المشي حافي القدمين: وذلك إما على عشب النجيل أو الحصى. وهو مما يقوي عضلات أقدامنا، ويُكسبنا تحكماً أفضل في التقاء القدم بالأرض أثناء الهرولة، ويُحسن من قدرات حفظ التوازن والوعي بوضعيات أجزاء الجسم. إضافة إلى تحسين ميكانيكا الوركين والركبتين والجذع، والحفاظ على النطاق المناسب للحركة في مفاصل القدم والكاحل، بالإضافة إلى القوة والثبات الكافيين داخل العضلات والأربطة فيهما.

- 14 حقيقة عن القدمين والمشي
- القدمان تمنحان الاستقرار والتوازن أثناء الوقوف. كما تمنحان الاستقرار والتوازن والقوة وامتصاص الصدمات بالأرض ومنع تأرجح الجسم، خلال المشي والهرولة.
- نحو ربع عدد عظام الجسم يوجد في القدمين. ويحتوي الهيكل العظمي على 206 عظام، وفي كل قدم 26 عظمة. وبعض الناس لديهم 28 عظمة في كل قدم، بسبب عظمتين سمسميتين توجدان في أسفل القدم خلف الأصبع الكبيرة مباشرة.
- كل قدم بها 33 مفصلاً وأكثر من 100 عضلة ووتر ورباط.
- أظافر أصابع القدمين تنمو بمعدل مليمتر واحد في الشهر، وأظافر أصابع اليدين تنمو بسرعة تفوق 3 أضعاف ذلك.
- القدم تحتوي على أكثر من ربع مليون غدة عرقية، تفرز في الأحوال العادية عرقاً بحجم كأس من الماء طوال الـ24 ساعة. وأقدام الأطفال والمراهقين تفرز كمية ضعف البالغين وكبار السن.
- باطن القدم يحتوي في كل سنتيمتر مربع غدداً عرقية أكثر من أي مكان آخر في الجسم، وأيضاً نهايات عصبية حساسة في كل سنتيمتر مربع أكثر من أي جزء آخر من الجسم.
- الجلد في القدم أكثر سمكاً مما هو عليه في أي مكان آخر بالجسم.
- يمشى الإنسان في المتوسط حوالي 8 آلاف خطوة في اليوم، أي خلال متوسط العمر المتوقع، يدور حول الأرض حوالي 4 مرات.
- نمط مشي القدم اليمنى لا يتطابق عادة مع نمط مشية القدم اليسرى.
- عند المشي بشكل طبيعي، لا تكون القدم بأكملها مسطحة على الأرض أبداً.
- الوقوف في مكان واحد أكثر إرهاقاً من المشي.
- عند شراء الأحذية، من الجيد شرائها في وقت متأخر من اليوم، عندها تكون القدمان متعبتين وقد تكون متورمتان قليلاً.
- المشي هو أفضل تمرين للقدمين.
- كثير من مشكلات القدمين سببها إما ارتداء أحذية غير ملائمة أو عدم استخدام القدمين بطريقة سليمة.

- استشارية في الباطنية


مقالات ذات صلة

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19»....

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
صحتك من اليسار: القلب السليم مقابل القلب المصاب بالرجفان الأذيني (غيتي)

تتبُع الرجفان الأذيني باستخدام ساعة ذكية؟ تجنّبْ هذا الفخ

يعاني الملايين من الأميركيين من الرجفان الأذيني - وهو اضطراب سريع وغير منتظم في إيقاع القلب يزيد من خطر المضاعفات القلبية الوعائية، بما في ذلك السكتة الدماغية

جولي كورليس (كمبردج - ولاية ماساشوستس الأميركية)

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل
TT

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب. ولم أحصل على نتائج مُرضية في غالب الأحيان. ما تنصح؟»

وللإجابة فإني أفترض بداية أن تناوله فياغرا كان بعد استشارة الطبيب وإجرائه الفحص الإكلينيكي والفحوصات اللازمة لهذه الحالة، وأنه تناول الحبة حسب توجيهات الطبيب.

مفعول فياغرا

ولكن سواء كان الأمر كذلك أو لم يكن، فإن الأمر يتطلب متابعة عرض النقاط التالية بشكل سردي متسلسل لفهم أسباب فشل أو توقف مفعول فياغرا، أو غيره من أدوية تنشيط الانتصاب، عن العمل:

1. فياغرا دواء مصمم لمساعدة الشخص للحصول على الانتصاب والحفاظ عليه، إذا كان يعاني من ضعف الانتصاب. والدواء النشط هو «سيلدينافيل»، والذي يصنف على أنه من فئة أدوية «مثبط للفوسفوديستيراز - 5». وهناك أدوية أخرى من نفس الفئة، ولديها مميزات قد لا تتوفر في فياغرا، مثل سيالس (تادالافيل)، وليفيترا (فاردينافيل)، وستيندرا (أفانافيل).

وهذه الفئة من الأدوية هي خط العلاج الأول لضعف الانتصاب. ومع ذلك، قد تجد أن أياً منها لا يعمل أبداً أو يتوقف تدريجياً عن العمل، بعد استخدامه بنجاح لفترة.

وإذا حدث هذا، فأنت لست وحدك، حيث تشير المصادر الطبية إلى أن ما يصل إلى 40 في المائة من المرضى قد لا يستجيبون بشكل مرضٍ لهذه الأدوية ولا يجدون الرضا بتناولها. كما أنه، ووفقاً للجمعية الأميركية لجراحة المسالك البولية، فإن «الاستخدام غير الصحيح» لفئة أدوية «مثبط للفوسفوديستيراز - 5» يمثل 56 في المائة إلى 81 في المائة من حالات فشل العلاج.

2. يحدث الانتصاب عندما تكون هناك زيادة في تدفق الدم إلى القضيب. وإذا كان تدفق الدم هذا محدوداً، يعاني الشخص من ضعف الانتصاب. وأثناء الإثارة الجنسية، يتم إطلاق بروتين يسمى «أحادي فوسفات الغوانوزين الدوري». وهذا يزيد من تدفق الدم إلى القضيب للحصول على الانتصاب أو الحفاظ عليه. ولكن بمجرد إطلاقه، يقوم بروتين آخر يسمى «فوسفوديستيراز - 5» بتكسير بروتين «أحادي فوسفات الغوانوزين الدوري»، مما يحد من تدفق الدم إلى القضيب، وبالتالي يتلاشى الانتصاب (أي نتيجة تفاعل بين نوعين من البروتينات).

ويعمل دواء فياغرا وغيره من مجموعة أدوية مثبطة للفوسفوديستيراز - 5. عن طريق تثبيط وإعاقة عملية التكسير هذه مؤقتاً، بغية الحفاظ على زيادة تدفق الدم إلى القضيب واستمرار انتصابه بهيئة أقوى أثناء الجماع. وبهذا يستفيد منْ لديه ضعف في الانتصاب بشكل مُرضٍ، وكذلك يستفيد بشكل أقوى منْ ليس لديه ضعف في الانتصاب بالأصل، ولكن لديه عوامل نفسية وذهنية تشتت رغبته الجنسية في أن تترجم بطريقة طبيعية عبر تكوين انتصاب العضو الذكري.

حالات ضعف الانتصاب

3. عملية الانتصاب هي عملية معقدة تتطلب نجاح أجزاء مختلفة من الجهاز العصبي والأوعية الدموية والغدد الصماء والجهاز التناسلي والصحة النفسية، في تكوين الانتصاب. وتُعرّف الأوساط الطبية ضعف الانتصاب بأنه: عدم القدرة على تكوين الانتصاب والحفاظ عليه لإتمام ممارسة العملية الجنسية لفترة معتادة. ويحدد الإصدار الخامس للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطراب العقلي DSM – 5 أن تستمر المشكلة لمدة لا تقل عن 6 أشهر كأحد عناصر تشخيص الإصابة به.

وتؤكد المصادر الطبية على أنه من الضروري إتمام عملية تشخيص الإصابة بضعف الانتصاب بطريقة طبية صحيحة، وليس الاعتماد فقط على ملاحظة الرجل أن لديه «عدم رضا واكتفاء» بدرجة الانتصاب للعضو الذكري. والطريقة الطبية الأكثر استخداماً هي «الفهرس الدولي لوظيفة الانتصاب» International Index of Erectile Function، وهو استبيان مكون من 15 عنصراً، ويعتبر المعيار الذهبي لتقييم المرضى بالنسبة لمشكلة ضعف الانتصاب.

4. تجدر ملاحظة أن هناك حالتين من ضعف الانتصاب، الحالة الأولى ضعف الانتصاب الذي قد يُعاني منه الرجل من آن لآخر أو أن الانتصاب الذي تكوّن لديه لا يستمر حتى إتمام العملية الجنسية. والحالة الثانية هي الضعف التام عن الانتصاب بشكل دائم. ولذا يقول أطباء كليفليلاند كلينك: «ثمة العديد من الدراسات التي حاولت معرفة مدى انتشار هذه المشكلة. وأفادت دراسة شيخوخة الذكور في ولاية ماساتشوستس أن المعاناة منها في أوقات دون أخرى ترتفع بشكل متزايد مع تقدم العمر، ونحو 40 في المائة من الرجال يتأثرون به بعد بلوغ سن 40 سنة، ونحو 70 في المائة من الرجال يتأثرون به في سن 70 سنة. أما حالة الضعف التام في الانتصاب فتصيب نحو 5 في المائة من الرجال في عمر 40 سنة، و15 في المائة منهم في عمر 70 سنة».

رصد عوامل الخطر والأسباب

5. قبل بدء تجربة العلاج الطبي لضعف الانتصاب، من الضروري معالجة عوامل الخطر القابلة للتعديل والتي تتسبب بضعف الانتصاب. ومعلوم أن عوامل الخطر لضعف الانتصاب تشمل التدخين، والسمنة، وأمراض القلب والأوعية الدموية، واضطرابات الكولسترول، وعدم انضباط مرض السكري، والاكتئاب، وجراحة البروستاتا، واضطرابات النوم، والتوتر النفسي، ومرض انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم، واضطرابات الغدة الدرقية، ونقص هرمون التستوستيرون.

وكل هذه حالات تتسبب بضعف الانتصاب، والتغلب على هذه المشكلة لديهم، يكون بضبط هذه العوامل ومعالجتها أولاً للتغلب على ضعف الانتصاب. كما يجب أن يستكشف التاريخ الدقيق للعوامل النفسية والاجتماعية والعلاقاتية مع شريكة الحياة والممارسات الجنسية، التي قد تؤثر على الأداء الجنسي. وقد يجدر النظر في الإحالة إلى معالج جنسي.

6. أولى خطوات معالجة ضعف الانتصاب، هي تحديد السبب أو الأسباب وراء نشوء حالة ضعف الانتصاب. وتوضح إرشادات علاج ضعف الانتصاب الصادرة عن الجمعية الأميركية لجراحة المسالك البولية، أن تعديل نمط عيش الحياة اليومية بطريقة صحية يحسن وظيفة الانتصاب ويقلل من معدل انخفاضه الوظيفي مع تقدم العمر.

وهذه نقطة مهمة يغفل عنها كثير من الرجال الذين يواجهون مشكلة ضعف الانتصاب ويتجهون تلقائياً نحو طلب تلقي أحد فئة أدوية مثبطات الفوسفوديستيراز من النوع 5 بأنواعها المختلفة في الصيدليات. ولا يلتفتون بشكل كامل نحو نصح الطبيب للمرضى بشأن تعديلات سلوكيات نمط الحياة اليومية.

وعلى سبيل المثال، تذكر الجمعية الأميركية لجراحة المسالك البولية أن بعد سنة واحدة من التوقف عن التدخين، وُجد أن المرضى لديهم تحسن بنسبة 25 في المائة في جودة الانتصاب. وكذلك الحال مع حفظ وزن الجسم ضمن المعدلات الطبيعية والحفاظ على ممارسة الرياضة البدنية ومعالجة انقطاع التنفس أثناء النوم وغيرها من الأسباب.

7. ضعف الانتصاب قد يظهر نتيجة الآثار الجانبية للأدوية التي يتناولها الشخص، وقد يُساهم في نشوء هذه المشكلة. وهنا قد يكون من الصعب على أدوية ضعف الانتصاب التغلب على تلك الآثار الجانبية. وعندما يشتبه الطبيب في أن «بعض» أدوية علاج الاكتئاب، أو ارتفاع ضغط الدم، أو الحساسية، أو إدرار البول، أو الأدوية الهرمونية، أو غيرها من أنواع الأدوية المستخدمة بشكل شائع في أوساط المرضى، قد تكون هناك ضرورية للبحث عن أدوية بديلة ذات آثار جانبية أفضل.

وللتوضيح على سبيل المثال، يرتبط تناول أدوية «حاصرات بيتا» بضعف الانتصاب، رغم عدم تحديد السبب بشكل جيد. وقد تساهم معرفة المريض بأن ضعف الانتصاب أحد الآثار الجانبية المحتملة لحاصرات بيتا، في عدم رضاه عن الوظيفة الانتصابية لديه بعد بدء تناوله حاصرات بيتا. ويمكن للطبيب النظر في تجربة دواء بديل للمرضى الذين يتناولون حاصرات بيتا من الجيل الأول (مثل بروبرانولول، أتينولول) إلى أدوية الجيل الثاني (ميتوبرولول، نيبيفولول) من حاصرات بيتا الأقل تسبباً بضعف الانتصاب. كما أن وصف أدوية أخرى لعلاج ارتفاع ضغط الدم، قد يكون أقل تسبباً في ضعف الانتصاب. ومع ذلك، يجب أن يظل علاج ارتفاع ضغط الدم هو الأولوية، لأن مرض ارتفاع ضغط الدم وعدم انضباط الارتفاعات فيه، سبب قوي في ضعف الانتصاب بحد ذاته. وكثيراً ما تتحسن قدرات الانتصاب بضبط ارتفاع ضغط الدم إلى المستويات المُستهدفة علاجياً.

أسباب عدم عمل «فياغرا»

8. السبب الأول لعدم عمل فياغرا أو غيره من أدوية فئة مثبط للفوسفوديستيراز - 5 هو أن مشكلة ضعف الانتصاب ليست ناجمة عن مشكلة في الأوعية الدموية التي تعمل على احتباس الدم في العضو الذكري. وهذا يعني أن عمل هذه الأدوية على زيادة تدفق الدم لا يُساعد في تنشيط الانتصاب. ويمكن أن يحدث هذا بسبب اعتلال الأعصاب أو مشاكل أخرى. وقد تشمل بعض الحالات العصبية التي قد تؤثر على فعالية الفياغرا ما يلي:

- اعتلال الأعصاب بسبب عدم انضباط نسبة السكر في الدم لدى مرضى السكري.

- مرض التصلب المتعدد.

- مرض باركنسون.

- جراحة سابقة في البروستاتا.

- السكتة الدماغية السابقة.

- إصابة مباشرة في أعصاب الحبل الشوكي.

9. الارتباط بين أمراض شرايين القلب وضعف الانتصاب قوي. ووجود مرض تضيق شرايين القلب قد يعني عدم عمل فياغرا نتيجة وجود عائق كبير أمام تدفق الدم في الشريان القضيبي. أي قد يكون هذا أحد أعراض تضيقات الشرايين المغذية للقضيب، وهو عامل خطر للإصابة بالنوبة القلبية والسكتة الدماغية. وفي هذه الحالة، لن تستجيب الشرايين للفياغرا لأنه مجرد موسع للأوعية الدموية. كما أن وجود تسريب وريدي، أي وجود صمامات لا تعمل بكفاءة في الأوردة التي تُصرّف تجمع الدم في القضيب، يعيق تماسك الانتصاب.

وبعد تناول فياغرا، قد يتدفق الدم بمعدل متزايد إلى القضيب، لكنه سيتسرب بالكامل ولن يبقى طويلاً بما يكفي للتسبب في الانتصاب. ووجود المشاكل النفسية بدرجة إكلينيكية مُؤثرة، قد يعيق عمل الفياغرا لدى البعض ممنْ لديهم القلق والاكتئاب والإجهاد المزمن، أو ضغوط في العلاقة مع شريكة الحياة أو لديهم قلق من كفاءة الأداء الجنسي.

الاستخدام غير الصحيح يمثل 56 - 81 % من حالات فشل العلاج

الجرعة ووقت تناول الدواء

10. وفقاً للجمعية الأميركية لجراحة المسالك البولية AUA، فإن «الاستخدام غير الصحيح» لفئة أدوية «مثبط للفوسفوديستيراز - 5» يمثل نسبة عالية من حالات فشل العلاج. وعدم تناول فياغرا، أو غيرها من أدوية تنشيط الانتصاب، بطريقة صحيحة، قد يُؤدي إلى عدم الاستفادة. وللتوضيح، هذه الأدوية تتشابه في طريقة عملها رغم أن ثمة اختلافات ثانوية فيما بينها نتيجة لأن لكل واحد منها تركيبة كيميائية مختلفة. الأمر الذي يُؤثر على طريقة عمل كل دواء منها، مثل مدى سرعة ظهور مفعول الدواء وسرعة اختفاء مفعوله والآثار الجانبية المحتملة. ويعمل عقار سيلدينافيل (فياغرا) بأقصى مستويات مفعوله عند تناوله على معدة فارغة قبل الممارسة الجنسية بساعة واحدة، ويدوم مفعوله لما يُقارب 6 ساعات. ولذا تجنب تناول الفياغرا مع وجبة كبيرة أو وجبة عالية الدهون، كما لا تتوقع أن تعمل الفياغرا قبل دقائق فقط من ممارسة الجنس. بينما يعمل عقار فاردينافيل (لفيترا) بأقصى مستويات مفعوله عند تناوله قبل الممارسة الجنسية بساعة واحدة، على معدة خالية أو ممتلئة. ويدوم مفعوله قرابة 7 ساعات. وبالمقابل، عقار تادالافيل (سيياليس) يُمكن تناوله مع الأكل أو من دونه قبل الممارسة الجنسية بمدة ساعة واحدة إلى اثنتين، ويدوم مفعوله لمدة 36 ساعة. وقد تكون الجرعة غير مناسبة.

ولذا فإن أول شيء يجب التحقق منه إذا لم يكن الفياغرا يعمل هو الجرعة المناسبة. والجرعة الأكثر شيوعاً من الفياغرا لعلاج ضعف الانتصاب هي 50 ملليغراما، والتي يتم تناولها قبل ساعة واحدة من النشاط الجنسي. ومع ذلك، قد لا يكون هذا كافياً لبعض الأشخاص. ويمكن للطبيب مساعدتك في تحديد ما إذا كانت الجرعة الأعلى من 100 ملليغرام تناسبك.

والمهم في كل ما تقدم ملاحظة أن فياغرا هو نوع من الأدوية المثبطة للفوسفوديستيراز 5. وتُستخدم أدوية مثبطة للفوسفوديستيراز 5 كعلاج أولي لضعف الانتصاب. ورغم أن مثبطات الفوسفوديستيراز 5 تميل إلى العمل بشكل جيد، فإنها قد لا تكون فعالة للجميع. وقد يكون هذا بسبب الظروف الصحية الأساسية وعوامل نمط الحياة، من بين أمور أخرى. وإذا لم يعمل أحد أنواع أدوية مثبطة للفوسفوديستيراز 5، قد يعمل نوع آخر من أدوية هذه الفئة. ولذا يجب التفكير في التحدث مع الطبيب إذا لم يساعد الفياغرا في علاج أعراض ضعف الانتصاب لديك. وقد يوصى بعلاج بديل بما سيكون هو الأفضل لك.