صعوبة تواصل قادة {البنتاغون} بنظرائهم الروس تثير المخاوف من سوء التقدير

صورة لوزير الدفاع الروسي (يسار) مع نظيره البيلاروسي تعود للثالث من فبراير الماضي (إ.ب,أ)
صورة لوزير الدفاع الروسي (يسار) مع نظيره البيلاروسي تعود للثالث من فبراير الماضي (إ.ب,أ)
TT

صعوبة تواصل قادة {البنتاغون} بنظرائهم الروس تثير المخاوف من سوء التقدير

صورة لوزير الدفاع الروسي (يسار) مع نظيره البيلاروسي تعود للثالث من فبراير الماضي (إ.ب,أ)
صورة لوزير الدفاع الروسي (يسار) مع نظيره البيلاروسي تعود للثالث من فبراير الماضي (إ.ب,أ)

أثار تصريح المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) جون كيربي، عن فشل وزير الدفاع لويد أوستن، ورئيس الأركان مارك ميلي، في الاتصال بنظيريهما الروسيين منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، المخاوف من احتمال حصول سوء تقدير كبير أو حادث في ساحة المعركة، بين أكبر قوتين نوويتين في العالم. وأعلن كيربي أن الوزير أوستن والجنرال ميلي حاولا بشكل متكرر منذ بدء الغزو الاتصال بنظيريهما الروس، لكنهما لم يتمكنا من ذلك، مما ترك البلدين في الظلام بشأن تفسيرات التحركات العسكرية. وقال كيربي: «لقد حاولا ذلك، لكن الروس رفضوا التجاوب». ويأتي الكشف عن محاولة أوستن وميلي إجراء المكالمات، التي لم يكشف عنها سابقاً، في الوقت الذي تنفّذ فيه روسيا عمليات عسكرية بالقرب من حدود بولندا ورومانيا، العضوين في حلف الناتو، بينما تقوم الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون بدوريات جوية فوق بحر البلطيق، ويرسلون الأسلحة والمعدات إلى أوكرانيا عن طريق البر. وغالباً ما تحتفظ موسكو وواشنطن بقناة لتجنب الصراع، ويشدد مسؤولون حاليون وسابقون على أن الاتصال بين كبار القادة العسكريين أمر ضروري لتجنب التصعيد أو الارتباك وسوء التقدير غير الضروري. غير أن الأنباء التي تحدثت عن «اختفاء» وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو عن السمع، أثارت تحليلات أخرى متشائمة عمّا يجري داخل الكرملين، في ظل «تعثر» العملية العسكرية الروسية. وسرت تكهنات بأن شويغو قد يكون معتقلاً، أو على الأقل وُضع في الإقامة الجبرية، نتيجة تحميله المسؤولية عن فشل العملية، بعد تسريب معظم الخطط العسكرية الروسية، من أجهزة الاستخبارات الأميركية والغربية عموماً.
وسلط استخدام روسيا الأخير الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت وغيرها من الأسلحة المتطورة ضد أهداف في غرب أوكرانيا، الضوء على خطر توسع المواجهة واحتمال تمددها إلى دول الناتو. ووصف مسؤولو الدفاع الأميركيون خط الهاتف الخاص لتجنب التضارب بين البلدين، بأنه آلية تكتيكية لتجنب الحسابات الخاطئة، لا سيما عندما يتعلق الأمر بحماية المجال الجوي أو الأراضي التابعين لحلف الناتو، رغم أن وظائفه يمكن أن تكون محدودة. وعندما سئل مسؤول دفاعي أميركي هذا الأسبوع، عمّا إذا كان قد تم استخدام هذه القناة مع الروس قال: «لم يتم إعداده ليكون خط شكوى، حيث يمكنك فقط الاتصال والاستفسار عن الأشياء». ومع تزايد حدة الانتكاسات التي تتعرض لها القوات الروسية في ساحة المعركة، ودخول الحرب شهرها الثاني، يشعر المسؤولون الأميركيون بالقلق من احتمال تصعيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عسكرياً، على أمل تغيير مسار الحرب. ومع نشر أسلحة وتكتيكات أكثر خطورة، تزداد مخاطر نشوب صراع أوسع. وقال كيربي إن البنتاغون يرى أن التعامل بين قادة الدفاع الأميركيين والروس «مهم للغاية في هذا الوقت». وإلى جانب قناة منع الصراع، يمكن للولايات المتحدة وروسيا أيضاً التواصل من خلال الملحق الدفاعي في سفارة الولايات المتحدة في موسكو أو نقل الرسائل إلى وزارة الدفاع. غير أن تدهور العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في الآونة الأخيرة، وتبادل طرد الدبلوماسيين، ألقى بظلاله على التواصل بينهما، حيث سجلت تلك الاتصالات تراجعاً كبيراً، منذ بدء الحرب. ولم يُجرِ السفير الأميركي في موسكو جون سوليفان، سوى زيارات نادرة ومكالمات متقطعة، حسب الأميركيين. وأجرى مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، اتصالاً وحيداً الأسبوع الماضي، هو الأول بنظيره الروسي نيكولاي باتروشيف، منذ بدء الصراع. وذكرت شبكة «سي إن إن» أن بعض المسؤولين العسكريين الأميركيين والروس اجتمعوا الأسبوع الماضي للمرة الأولى في وزارة الدفاع الروسية. غير أن مسؤولين أميركيين أفادوا بأن وزير الخارجية بلينكن، لم يُجر أي محادثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف منذ بدء الصراع. ولا يزال من غير الواضح سبب رفض كبار الجنرالات الروس إجراء مكالمات مع نظرائهم الأميركيين. وقالت بعض التحليلات إن الجنرالات ربما ينتظرون موافقة بوتين لإجراء المكالمات، بالنظر إلى المخاطر الكبيرة للصراع، وهو ما قد لا يحصل قريباً. وقال آخرون إن بوتين قد يكون ينظر الآن إلى الولايات المتحدة، على أنها خصم حازم عازم على إسقاطه، ولا يستحق عناء الاتصال به أو تبادل المعلومات معه. وأثار وصف الرئيس الأميركي جو بايدن لبوتين بأنه «مجرم حرب»، غضب موسكو، التي هددت بأن هذا الوصف قد يؤدي إلى قطع كامل للعلاقات.
في هذا الوقت أثار غياب وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، الذي كان نجم النشرات الإخبارية، منذ اندلاع الحرب، وكانت له إطلالات يومية يقدم فيها تقريراً عن سير المعارك، الكثير من التساؤلات عمّا يجري في الكرملين. وبعد غياب استمر قرابة أسبوعين، ظهر وزير الدفاع الروسي لفترة وجيزة في وسائل الإعلام الرسمية أمس (الخميس)، ضمن اجتماع لكبار المسؤولين. وظهر شويغو (66 عاماً) على جزء من شاشة التلفزيون يظهر فيه كبار المسؤولين، بينما ظهر الرئيس فلاديمير بوتين في الجزء الآخر متحدثاً إلى مجلس الأمن القومي الروسي عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، وذلك في لقطات بثتها وكالة الإعلام الروسية.
وبثت وكالة الإعلام الروسية لقطات مقربة لشويغو في الركن العلوي الأيسر من شاشة يشاهدها بوتين، وفق ما ذكرت وكالة «رويترز». ولم يتضمن المقطع المصور أصواتاً، كما لم يظهر شويغو في المقطع وهو يتحدث.
وقبل يومين، بدأت مصادر في الكرملين تلمّح بأن شويغو «يعاني من مشكلة في القلب». وذكرت تقارير صحافية أن شويغو قد يكون جرى تحميله المسؤولية عن عدم سير الحملة العسكرية الروسية بالطريقة التي خطط لها الكرملين. تعليقات أخرى أشارت إلى احتمال أن يكون شويغو قد وُضع تحت الإقامة الجبرية بسبب سوء إدارته للهجوم على أوكرانيا، حيث تحدثت تقارير عن مقتل بين 7 آلاف و15 ألف جندي روسي في الشهر الأول من الحرب، وهي خسارة ثقيلة لجيش يصنَّف على أنه أحد أقوى الجيوش في العالم.


مقالات ذات صلة

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

تفاعل الملياردير الأميركي إيلون ماسك ودونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مع صورة متداولة على منصة «إكس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا ألسنة لهب كثيفة تتصاعد من مبنى مدمر وسيارة محترقة في منطقة زابوريجيا الأوكرانية نتيجة قصف روسي (خدمة الطوارئ الأوكرانية- أ.ف.ب)

4 قتلى و19 جريحاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 4 أشخاص على الأقل وأُصيب 19، الثلاثاء، في ضربة صاروخية روسية «دمَّرت» عيادة خاصة في مدينة زابوريجيا جنوب أوكرانيا، في حصيلة مرشحة للارتفاع.

أوروبا صورة مركبة تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية تعرضت لأضرار بسبب غارة بطائرة مسيرة على طريق في منطقة زابوريجيا في أوكرانيا 10 ديسمبر 2024 (رويترز)

مسيّرة تستهدف مركبة لوكالة الطاقة الذرية قرب محطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا

قال مدير الطاقة الذرية إن مركبة تابعة للوكالة تعرضت لأضرار جسيمة بسبب هجوم بمسيرة على الطريق المؤدي إلى محطة زابوريجيا للطاقة النووية في أوكرانيا، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس وزراء إستونيا كريستين ميشال لدى اجتماعهما في كييف الاثنين (أ.ب)

زيلينسكي: 800 ألف جندي روسي منتشرون في أوكرانيا

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي انتشار مئات الآلاف من الجنود الروس حالياً في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (كييف - لندن)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال اجتماع في كييف بأوكرانيا 9 ديسمبر 2024 (أ.ب)

زيلينسكي منفتح على انتشار قوات غربية في أوكرانيا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه منفتح على الانتشار المحتمل لقوات غربية في كييف لضمان أمن البلاد في إطار جهود أوسع نطاقاً لإنهاء الحرب.

«الشرق الأوسط» (كييف)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.