«أرواح عابرة»... فيلم وثائقي يمزج بين «مذابح سيفو» وجرائم «داعش»

تحضير الفيلم استغرق 6 سنوات ومخرجته عايشت حروب المنطقة

من فيلم «أرواح عابرة»
من فيلم «أرواح عابرة»
TT

«أرواح عابرة»... فيلم وثائقي يمزج بين «مذابح سيفو» وجرائم «داعش»

من فيلم «أرواح عابرة»
من فيلم «أرواح عابرة»

تمزج المخرجة العراقية عايدة شليفر عبر فيلمها الوثائقي الطويل «أرواح عابرة» بين مذابح «سيفو» الشهيرة في مطلع القرن الماضي، وجرائم تنظيم «داعش» في العراق.
وما بين الماضي والحاضر، يقدم الفيلم مشاهد واقعية نادرة بالأبيض والأسود، وحكايات الذين عاشوا المأساة المعاصرة في أربيل والموصل وبغداد. وعُرض الفيلم الذي تدور أحداثه خلال 77 دقيقة، في كلٍّ من فرنسا وألمانيا، وشارك أخيراً بمسابقة «مهرجان أسوان لأفلام المرأة».
تنتمي مخرجة الفيلم عايدة شليفر لأب عراقي وأم لبنانية بينما تحمل الجنسية السويسرية، وقضت طفولتها ومراهقتها بين الحربين اللبنانية والعراقية، لذا تحمل كثيراً من الذكريات المؤلمة التي جعلتها تنحاز في أفلامها لقضايا حقوق الإنسان، وقد أخرجت تسعة أفلام كما مثلت بطولة الفيلم العراقي «نجم البقال».
ست سنوات استغرقها تحضير وتصوير فيلم «أرواح عابرة»، حسبما تؤكد المخرجة التي تقول: «بدأنا التصوير عام 2014 لننتهي منه في 2020، لا شك أنها فترة طويلة، لكن الأفلام الوثائقية التي يكون فيها تتبع لمراحل زمنية تأخذ وقتاً».
وتضيف: «كانت الصعوبة الأولى في العثور على مشاهد وثائقية وخُضتُ لأجلها رحلة بحث طويلة في الأرشيف الدولي، كما أن الحصول عليها استلزم وقتاً، إذ حصلنا على أرشيف من روسيا وإيطاليا، واستطعنا الحصول على الوثائق القديمة، والتصوير كان يتم على مراحل».
أما في معالجة الفيلم لمذابح «داعش» فقد أجرت المخرجة لقاءات معاصرة مع مسيحيين عراقيين تحدثوا عن حالة الرعب التي سيطرت عليهم، وكيف امتنعوا عن مغادرة بيوتهم وعن حضور أي مناسبات، أو التحدث مع أحد.
تقول عايدة: «الشخصيات التي التقيتهم في العراق كان الخوف يسيطر عليهم، كثيرون منهم رفضوا التصوير، كانوا خائفين أن يراهم أحد من (داعش)، فقد كان موقع التصوير على بُعد مسافة قريبة من قواتهم، حتى إننا تلقينا تحذيرات من السلطات الأمنية بضرورة المغادرة واضطر فريق عملي إلى أن يغادر فاستعنت بآخرين لم يكونوا على نفس الكفاءة والفهم لذا كان عليّ أن أحدد كل شيء بنفسي».
وبشأن الصعوبات الشخصية التي واجهتها تشرح مخرجة العمل: «حياتي تعرضت للخطر ولم أكن على ثقة أنني سأعود حية من هذا المكان، لكنني واصلت لأنه لم يكن مجرد فيلم بالنسبة لي بل كانت مهمة كبيرة لا بد أن أؤديها على أكمل وجه، وتنقلتُ بين المدن العراقية، وصورتُ في الموصل، وبغداد وأربيل، كما صورتُ في كل من ألمانيا والسويد وتركيا الذين نجوا من مذابح العثمانيين عام 1915».
أخرجت عايدة ثمانية أفلام وثائقية وفيلماً روائياً قصيراً، حيث تنحاز إلى «الوثائقي»، الذي تعده سينما الحقيقة بلا رتوش، كما أن معظم أعمالها عن بلدها العراق، وعن ذلك تقول: «كان أول فيلم وثائقي أخرجته (عصابات بغداد) وتعرضت فيه لظاهرة كانت قد انتشرت في العاصمة العراقية تتعلق باختطاف فئات معينة من المثقفين وتعرضهم للتعذيب، من خلال عصابات كانت تطلب فدية بملايين الدولارات لإطلاق سراحهم، والتقيت فيه شخصيات تعرضت لذلك».
وكذلك أخرجت الفيلم الوثائقي القصير «نون» عن التهجير القسري للمسيحيين من العراق عقب دخول «داعش» يونيو (حزيران) 2014، وفوجئت بكل التفاصيل، وأن الحدث يتكرر بشكل أو بآخر، وأردت كمسلمة أن أوضح بشاعة الاضطهاد.
التجربة التي عاشتها عايدة شيلفر منحتها خبرات مبكرة مثلما تؤكد بالقول: «منذ مولدي في العراق، ثم إقامتنا في لبنان، فأمي لبنانية وأبي عراقي، وقد شهدتُ أهوال الحرب اللبنانية، خرجتُ منها وعمري ست سنوات، وعدنا إلى العراق، الذي خرجنا منه حينما بدأ صدام يسيطر على الحكم. سافرتُ للدراسة وأقمتُ في سويسرا. ما حدث لي لا أحب أن يحدث لآخرين، عشت طفولة كلها خوف، وخلال المراهقة لم أعش حياة طبيعية، فقد عاصرت الاجتياح الإسرائيلي للبنان، والحرب الأهلية، وقد نجونا بأعجوبة، كنا نعيش في بيروت الشرقية، وفي بغداد خلال الحرب العراقية - الإيرانية».
تعلمتْ عايدة الإخراج في زيوريخ والقاهرة، إذ درست في أكاديمية الفنون بسويسرا وأنجزت أفلاماً تجريبية، ثم سافرت إلى مصر لدراسة السينما، وخلال تلك الفترة تحسنت لغتها العربية.
تقول عايدة: «سنوات الدراسة في القاهرة عزيزة عليّ، كنت أعمل لأنفق على دراستي، وكان أهم ما حدث لي أنني التقيت المخرج الكبير يوسف شاهين، الذي أعشق أفلامه وأراه الأقرب لروحي فقد حضرت تصوير فيلم (إسكندرية ليه)، بصحبة أستاذي مدير التصوير الراحل د. رمسيس مرزوق وجلست أراقب شاهين، كان مشغولاً بالتصوير تماماً».


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.