«فلورونا»... حالة عرضية أم بداية وباء مزدوج؟

موسم الشتاء الحالي يشهد أول اندماج لفيروسي الإنفلونزا الموسمية و«كوفيد ـ 19»

«فلورونا»... حالة عرضية أم بداية وباء مزدوج؟
TT

«فلورونا»... حالة عرضية أم بداية وباء مزدوج؟

«فلورونا»... حالة عرضية أم بداية وباء مزدوج؟

موسم الإنفلونزا من كل عام، هو موسم مزعج ومقلق لكل سكان العالم. ومع ظهور فيروس كورونا في السنتين الماضيتين، أصبح الأمر أكثر إرهاقاً على من أصابته العدوى. والآن، ومع قدوم العام الجديد 2022 الذي يمثل بداية العام الثالث من عمر الجائحة، وفي الوقت الذي يكافح فيه العالم الموجة الجديدة منها المعروفة باتنشار المتغير الجديد «أوميكرون» الذي تجاوز سابقه «دلتا» بسرعة انتشاره وانتقاله، واستطاع الوصول إلى معظم دول العالم في أقل من شهرين من ظهوره، تظهر للعالم ملامح كارثة أخرى جديدة ظهرت في إسرائيل، ليلة رأس السنة الجديدة.
الإنفلونزا و«كورونا»
الحالة الجديدة ليست متغيراً جديداً لـ«كوفيد»، وإنما تسجيل أول حالة مزدوجة الإصابة بعدوى فيروسَي الإنفلونزا و«سارس كوفي - 2» في الوقت نفسه، وقد تحمل آثاراً على مدى شدة الأعراض والتعافي. وأطلق عليها «فلورونا» (Flurona / وهم اسم مشتق من مقطع «فلو» المقتطف من كلمة الإنفلونزا، ومقطع «رونا» المقتطف من كلمة «كورونا»). وتخضع الحالة للدراسة، والمريضة امرأة شابة حامل لم تتلقَ التطعيم، وفقاً لتقارير إعلامية إسرائيلية، وسط تصاعد متغير أوميكرون، والانتشار المستمر لحالات دلتا، والزيادة الملحوظة في حالات الإنفلونزا في الأسابيع القليلة الماضية.
وحول مفاقمة الإنفلونزا الموسمية لعدوى «كوفيد - 19»، يقول تقرير صادر عن دراسة لمجلة «نيتشر» (Nature)، إن التجارب المختبرية قد أظهرت أن العدوى بالإنفلونزا تعزز، بشكل كبير، من عدوى «سارس - كوفي - 2»، كما لوحظت زيادة في الحمل (load) الفيروسي لكورونا وحدوث ضرر رئوي أكثر شدة، وذلك في الفئران المصابة بالإنفلونزا. وأشار الباحثون إلى أن دراستهم تظهر كيف أن الإنفلونزا لديها قدرة فريدة على تفاقم عدوى فيروس «سارس - كوفي - 2» وبالتالي، فإن الوقاية من عدوى «الإنفلونزا» لها أهمية كبيرة خلال جائحة «كوفيد - 19».
وتشير الإرشادات الصحية العالمية بشأن «إدارة العدوى المشتركة لـ(كوفيد - 19) مع الأمراض الموسمية الأخرى المعرضة للأوبئة»، إلى أن النمط الموسمي للأمراض المعرضة للأوبئة التي تتم ملاحظتها كل عام مثل حمى الضنك، والملاريا، وشيكونغونيا، والإنفلونزا الموسمية... إلخ. لا يمكن أن تظهر فقط على أنها معضلة تشخيصية وإنما قد تتعايش مع حالات كوفيد، ما يمثل تحديات في التشخيص السريري والمختبري لكوفيد مع التأثير على الإدارة السريرية ونتائج المرضى.
وتقول الدراسة: إذا كانت هناك عدوى مشتركة (co-infection)، فبغض النظر عن المرض الحموي، قد تكون هناك مجموعة من العلامات والأعراض التي قد تؤدي إلى صعوبة التشخيص.
خطورة «فلورونا»
تقول المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC)، إنه بالنسبة لكل من «كوفيد - 19» والإنفلونزا، يمكن أن يمر يوم أو أكثر بين الوقت الذي يصاب فيه الشخص بالعدوى وبداية ظهور أعراض المرض. وبالنسبة للعدوى بفيروس «كوفيد - 19»، فإنها قد تستغرق وقتاً أطول للشعور بالأعراض لدى المصابين أكثر مما لو كانوا مصابين بالإنفلونزا، فالأعراض يمكن أن تظهر بعد يومين أو 14 يوماً من الإصابة، بمتوسط زمني «5 أيام». أما بالنسبة للإنفلونزا، فيعاني المصاب بها أعراضاً في أي مكان من جسمه، بدءاً من اليوم الأول إلى 4 أيام بعد الإصابة.
وتضيف مراكز السيطرة على الأمراض أن كلاً من فيروسات الإنفلونزا وفيروسات كورونا الجديد يمكن أن تنتقل إلى الآخرين قبل أن تبدأ الأعراض في الظهور لدى المصابين، سواء الذين يعانون من أعراض خفيفة جداً أو الذين لا يعانون من أعراض. وتنتشر العدوى، بشكل أساسي، بين الأشخاص الذين هم على اتصال وثيق بعضهم ببعض على مسافة تقل عن 6 أقدام (1.8 متر) ويحملون جزيئات كبيرة وأخرى صغيرة تحتوي على فيروسات «كوفيد - 19» أو الإنفلونزا، يتم نفثها عندما يسعل أو يتكلم الشخص المصاب ويستنشقها الناس السليمون. كما يمكن أن تحدث العدوى أيضاً عن طريق لمس سطح ملوث بقطرات من شخص مصاب ثم لمس عينيه أو أنفه أو فمه.
وتقول الدكتورة نهلة عبد الوهاب من مستشفى جامعة القاهرة إن «فلورونا» قد تشير إلى انهيار كبير في نظام المناعة، حيث تتم مهاجمته في وقت واحد. أما الدكتور بول بيرتون (Paul Burton) كبير المسؤولين الطبيين في شركة موديرنا، فقد علق على تحذير بعض الخبراء من احتمال ظهور عدوى مزدوجة باسم «دلميكرون» (Delmicron)، وهو مزيج من متغيري دلتا (Delta) وأوميكرون (Omicron)، بأنه من الممكن أن تتمكن السلالتان من تبادل الجينات وإطلاق نوع أكثر خطورة.
وعليه، فإن تقارير العدوى المصاحبة لفيروس كورونا الجديد وفيروس الإنفلونزا تؤكد التوصية باستراتيجية التطعيم ضد كليهما.
انتشار الوباء المزدوج
يقول الخبراء إن العدوى المصاحبة للفيروسات كثيراً ما تحدث في الطبيعة، فمنذ بداية الوباء، كان خبراء الصحة العامة قلقين بشأن «الوباء المزدوج» (twindemic) لحالات «كوفيد - 19» والإنفلونزا، ولكن التباعد الاجتماعي والتدابير الاحترازية الأخرى ضد فيروس كورونا الجديد يُنظر إليها على أنها حدت إلى حد كبير من انتشار حالات الإنفلونزا. أما الآن، ومع التراخي في تطبيق القيود وزيادة التفاعلات بين الناس، فقد سهل ذلك انتشار جميع أنواع مسببات الأمراض، وفقاً لموقع «نيوز 18» (NEWS18.COM)، في 2 يناير (كانون الثاني) 2022.
وبالعودة إلى موسم الشتاء الماضي (2020 - 21)، فإن الوباء المزدوج لم يحدث أبداً، حيث فرضت آنذاك قيود مشددة لمكافحة الوباء بارتداء الأقنعة والتباعد الاجتماعي، فكانت أعداد الإنفلونزا في الولايات المتحدة، مثلاً، أقل بكثير من المعتاد.
علاوة على ذلك، أشارت دراسة نُشرت في مجلة «نيتشر» (Nature) إلى أنه لسوء الحظ، خلال موسم الإنفلونزا الشتوي الماضي، تم جمع قليل من الأدلة الوبائية فيما يتعلق بالتفاعل بين «كوفيد - 19» والإنفلونزا، ويرجع ذلك على الأرجح إلى انخفاض معدل الإصابة بـ«فيروس الإنفلونزا» الناتج عن التباعد الاجتماعي. ومع تخفيف القيود الوبائية، في الموسم الحالي، وانخفاض عدد الأشخاص الذين يحصلون على لقاحات الإنفلونزا، عادت التحذيرات نفسها.
رصد أعراض «فلورونا»
> هل هناك أعراض محددة للعدوى المزدوجة؟ تقول منظمة الصحة العالمية (WHO) إن من الممكن الإصابة بكلا المرضين في الوقت نفسه، وإن كلا الفيروسين يشترك في أعراض متشابهة، بما في ذلك السعال وسيلان الأنف والتهاب الحلق والحمى والصداع والتعب. ومع ذلك، قد تختلف الأعراض بين الناس وقد لا تظهر على البعض أعراض أو تظهر أعراض خفيفة أو مرض شديد. وتشير إلى أن كلاً من الإنفلونزا و«كوفيد - 19» يمكن أن تكون قاتلة.
ويقول تقرير دراسة «نيتشر» إنه طالما أن فيروس كل من «كوفيد - 19» والإنفلونزا يتبع مجموعة مسببات الأمراض المنقولة عن طريق الهواء، فإنهما يصيبان الأنسجة البشرية نفسها، أي الجهاز التنفسي وخلايا الأنف، والشعب الهوائية والرئة. وبالتالي، فإن التداخل بين جائحة «كوفيد - 19» والإنفلونزا الموسمية قد يعرض عدداً كبيراً من السكان لخطر الإصابة المتزامنة بهذين الفيروسين.
> كيف تُكتشف العدوى المزدوجة؟ إن كلاً من «كوفيد - 19» والإنفلونزا الموسمية موجودتان على أنهما مرض شبيه بالإنفلونزا (Influenza-Like Illness (ILI)) أو عدوى تنفسية حادة وخيمة (Severe Acute Respiratory Infection (SARI))، وبالتالي، يجب تقييم وعمل اختبار لجميع حالات (ILI / SARI) في المناطق التي تبلغ عن حالات «كوفيد - 19» والإنفلونزا الموسمية، إذا كان كلا الفيروسين ينتشر بين السكان قيد الدراسة. ففي فصل الشتاء، قد تُظهر حالات الإنفلونزا الموسمية اتجاهاً تصاعدياً، وقد تكون هناك حالات مصاحبة لـ«كوفيد - 19».
ونظراً لتشابه الأعراض، فإن الفحوصات المخبرية ليست مفيدة جداً في التمييز بين الاثنين، ولكن يجب استبعاد العدوى المرافقة فقط باستخدام طريقة التشخيص المناسبة في المرحلة المبكرة لبدء إدارة محددة مناسبة من أجل الحد من المراضة والوفيات.
ولا يمكن تأكيد العدوى إلا عن طريق الاختبارات المختبرية، بإجراء اختبارات PCR مختلفة للكشف عن فيروس الإنفلونزا وفيروس كوفيد الجديد، ويشير مركز مكافحة الأمراض (CDC) إلى أن هناك اختباراً سيتحقق من فيروسات الإنفلونزا الموسمية من النوع A وB وSars-CoV-2، ويتم استخدامه من قبل مختبرات الصحة العامة الأميركية لأغراض المراقبة.
العلاج
وماذا عن العلاج والتطعيم؟ تقول منظمة الصحة العالمية إنه في حين أن جميع الفئات العمرية يمكن أن تصاب بالعدوى المصاحبة للإنفلونزا و«كوفيد - 19» فإن كبار السن، والذين يعانون من أمراض مصاحبة، وضعف جهاز المناعة، والعاملين في مجال الرعاية الصحية، والنساء الحوامل، وأولئك الذين ولدوا حديثاً هم أكثر عرضة للإصابة بالعدوى (الإنفلونزا و«كوفيد - 19»). ويتم التعامل كالتالي:
- إن علاج «كوفيد - 19» في المرافق الطبية يشمل الأكسجين والكورتيكوستيرويدات وحاصرات مستقبلات IL6 للمرضى المصابين بأمراض خطيرة إلى جانب الدعم التنفسي المتقدم، مثل أجهزة التنفس الصناعي، للأشخاص الذين يعانون من أمراض الجهاز التنفسي الحادة. بالنسبة للإنفلونزا، يمكن أن تقلل الأدوية المضادة للفيروسات من المضاعفات الشديدة والوفاة، وهي مهمة بشكل خاص للمجموعات المعرضة للخطر.
- من المهم أن نتذكر أن المضادات الحيوية ليست فعالة ضد الإنفلونزا أو فيروس «كوفيد - 19»، مع الإشارة إلى أنه يمكن علاج الأشخاص الذين يعانون من أعراض خفيفة لكلا المرضين بأمان في المنزل.
- تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن لقاحات «كوفيد - 19» لا تحمي من الإنفلونزا والعكس صحيح.
- تشدد منظمة الصحة العالمية على الحاجة إلى التطعيم (الحصول على لقاح الإنفلونزا وفيروس «كوفيد - 19»)، فهي الطريقة الأكثر فاعلية لحماية الناس من كل من الإنفلونزا وكوفيد الشديدة.
- تؤكد منظمة الصحة العالمية وتوصي بلقاح الإنفلونزا للأفراد الأكبر سناً، والأطفال الصغار، والحوامل، والأشخاص الذين يعانون من ظروف صحية أساسية، والعاملين في مجال الصحة.
* استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19»....

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
صحتك من اليسار: القلب السليم مقابل القلب المصاب بالرجفان الأذيني (غيتي)

تتبُع الرجفان الأذيني باستخدام ساعة ذكية؟ تجنّبْ هذا الفخ

يعاني الملايين من الأميركيين من الرجفان الأذيني - وهو اضطراب سريع وغير منتظم في إيقاع القلب يزيد من خطر المضاعفات القلبية الوعائية، بما في ذلك السكتة الدماغية

جولي كورليس (كمبردج - ولاية ماساشوستس الأميركية)
صحتك الأحياء الحضرية تشجع السكان على المشي (جامعة ويسترن أونتاريو)

الأحياء المزدحمة تشجع السكان على المشي

أفادت دراسة أميركية بأن تصميم الأحياء السكنية يُمكن أن يؤثر بشكل كبير على مستوى النشاط البدني للأفراد، خصوصاً المشي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين
TT

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19» نُشرت أحدث وأطول دراسة طولية عن الأعراض الطويلة الأمد للمرض أجراها باحثون إنجليز في مستشفى غريت أورموند ستريت للأطفال Great Ormond Street Hospital for Children بالمملكة المتحدة بالتعاون مع عدة جامعات أخرى؛ مثل جامعة لندن ومانشستر وبريستول. وأكدت أن معظم الأطفال والمراهقين الذين تأكدت إصابتهم بأعراض كوفيد الطويل الأمد، تعافوا بشكل كامل في غضون 24 شهراً.

أعراض «كوفيد» المزمنة

بداية، فإن استخدام مصطلح (أعراض كوفيد الطويل الأمد) ظهر في فبراير (شباط) عام 2022. وتضمنت تلك الأعراض وجود أكثر من عرض واحد بشكل مزمن (مثل الإحساس بالتعب وصعوبة النوم وضيق التنفس أو الصداع)، إلى جانب مشاكل في الحركة مثل صعوبة تحريك طرف معين أو الإحساس بالألم في عضلات الساق ما يعيق ممارسة الأنشطة المعتادة، بجانب بعض الأعراض النفسية مثل الشعور المستمر بالقلق أو الحزن.

الدراسة التي نُشرت في نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي في مجلة Nature Communications Medicine أُجريت على ما يزيد قليلاً على 12 ألف طفل من الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عاماً في الفترة من سبتمبر(أيلول) 2020 وحتى مارس (آذار) 2021، حيث طلب الباحثون من الأطفال الذين ثبتت إصابتهم، تذكر أعراضهم وقت إجراء اختبار «تفاعل البوليمراز المتسلسل» PCR المُشخص للكوفيد، ثم تكرر الطلب (تذكر الأعراض) مرة أخرى بعد مرور ستة و12 و24 شهراً.

تم تقسيم الأطفال إلى أربع مجموعات على مدار فترة 24 شهراً. وتضمنت المجموعة الأولى الأطفال الذين لم تثبت إصابتهم بفيروس الكوفيد، والمجموعة الثانية هم الذين كانت نتيجة اختبارهم سلبية في البداية، ولكن بعد ذلك كان نتيجة اختبارهم إيجابية (مؤكدة)، فيما تضمنت المجموعة الثالثة الذين كانت نتيجة اختبارهم مؤكدة في البداية، ولكن لم يصابوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً، وأخيراً المجموعة الرابعة التي شملت الذين كانت نتيجة اختبارهم مؤكدة في البداية ثم أصيبوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً.

قام الباحثون باستخدام مصطلح كوفيد الطويل الأمد عند فحص بيانات ما يقرب من ألف طفل من الذين تأكدت إصابتهم بالمرض ووجدوا بعد مرور عامين أن نحو 25 - 30 في المائة فقط من إجمالي المراهقين هم الذين لا يزالون يحتفظون بالأعراض المزمنة، بينما تم شفاء ما يزيد على 70 في المائة بشكل كامل. وكان المراهقون الأكبر سناً والأكثر حرماناً من الخدمات الطبية هم الأقل احتمالية للتعافي.

25 - 30 % فقط من المراهقين يظلون محتفظين بالأعراض المزمنة للمرض

استمرار إصابة الإناث

كان اللافت للنظر أن الإناث كن أكثر احتمالية بنحو الضعف لاستمرار أعراض كوفيد الطويل الأمد بعد 24 شهراً مقارنة بالذكور. وقال الباحثون إن زيادة نسبة الإناث ربما تكون بسبب الدورة الشهرية، خاصة أن بعض الأعراض التي استمرت مع المراهقات المصابات (مثل الصداع والتعب وآلام العضلات والأعراض النفسية والتوتر) تتشابه مع الأعراض التي تسبق حدوث الدورة الشهرية أو ما يسمى متلازمة «ما قبل الحيض» pre-menstrual syndrome.

ولاحظ الباحثون أيضاً أن أعلى معدل انتشار للأعراض الطويلة الأمد كان من نصيب المرضى الذين كانت نتائج اختباراتهم إيجابية في البداية، ثم أصيبوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً.

قال الباحثون إن نتائج الدراسة تُعد في غاية الأهمية في الوقت الحالي؛ لأن الغموض ما زال مستمراً حول الآثار التي تتركها الإصابة بالفيروس، وهل سوف تكون لها مضاعفات على المدى الطويل تؤدي إلى خلل في وظائف الأعضاء من عدمه؟

وتكمن أهمية الدراسة أيضاً في ضرورة معرفة الأسباب التي أدت إلى استمرار الأعراض في الأطفال الذين لم يتماثلوا للشفاء بشكل كامل ونسبتهم تصل إلى 30 في المائة من المصابين.

لاحظ الباحثون أيضاً اختلافاً كبيراً في الأعراض الملازمة لـ«كوفيد»، وعلى سبيل المثال هناك نسبة بلغت 35 في المائة من الأطفال الذين ثبتت إصابتهم في البداية، ثم أصيبوا مرة أخرى بعد ذلك، لم تظهر عليهم أي أعراض على الرغم من إصابتهم المؤكدة تبعاً للتحليل. وفي المقابل هناك نسبة بلغت 14 في المائة من المجموعة التي لم تظهر عليها أي أعراض إيجابية عانت من خمسة أعراض أو أكثر للمرض، ما يشير إلى عدم وضوح أعراض كوفيد الطويل الأمد.

هناك نسبة بلغت 7.2 في المائة فقط من المشاركين عانوا بشدة من الأعراض الطويلة الأمد (5 أعراض على الأقل) في كل النقط الزمنية للدراسة (كل ثلاثة أشهر وستة وعام وعامين)، حيث أبلغ هؤلاء المشاركون عن متوسط خمسة أعراض في أول 3 أشهر ثم خمسة في 6 أشهر ثم ستة أعراض في 12 شهراً ثم خمسة في 24 شهراً بعد الإصابة، ما يؤكد ضرورة تقديم الدعم الطبي المستمر لهؤلاء المرضى.

بالنسبة للتطعيم، لم تجد الدراسة فرقاً واضحاً في عدد الأعراض المبلغ عنها أو حدتها أو الحالة الصحية بشكل عام ونوعية الحياة بين المشاركين الذين تلقوا التطعيمات المختلفة وغير المطعمين في 24 شهراً. وقال الباحثون إن العديد من الأعراض المُبلغ عنها شائعة بالفعل بين المراهقين بغض النظر عن إصابتهم بفيروس «كورونا» ما يشير إلى احتمالية أن تكون هذه الأعراض ليست نتيجة للفيروس.

في النهاية أكد العلماء ضرورة إجراء المزيد من الدراسات الطولية لمعرفة آثار المرض على المدى البعيد، وكذلك معرفة العواقب الطبية للتطعيمات المختلفة وجدوى الاستمرار في تناولها خاصة في الفئات الأكثر عرضة للإصابة؛ أصحاب المناعة الضعيفة.

* استشاري طب الأطفال