10 دراسات طبية قلبية بارزة عام 2021

أدوية لعلاج الكلى والسكري والسمنة تعزز صحة القلب... وشرب المياه يقلل احتمالات عجزه

10 دراسات طبية قلبية بارزة عام 2021
TT

10 دراسات طبية قلبية بارزة عام 2021

10 دراسات طبية قلبية بارزة عام 2021

ترصد الهيئات العالمية لطب القلب في كل عام أعلى 10 دراسات طبية استحوذت على اهتمام أوساط طب القلب الإكلينيكية والأكاديمية، وكذلك أثارت متابعة عموم الناس في مختلف مناطق العالم.
وفي 21 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عرضت «جمعية القلب الأوروبية (ESC)» الأخبار الطبية القلبية العشرة الأولى الأعلى قراءة ومتابعة، هذا العام. وأفادت عند تتبعها محتوى تلك الأخبار بأن قضايا السلوكيات الصحية في نمط الحياة اليومية والجوانب المتعلقة بالتغذية الصحية وسوء التغذية من جهة، وعلاقتها بحالة القلب الصحية من جهة أخرى، كانت هي الأعلى متابعة وقراءة هذا العام.
كما حددت «رابطة القلب الأميركية (AHA)» في 16 من الشهر الحالي أهم أبحاث أمراض القلب والسكتة الدماغية لعام 2021، وذكرت أنه مع استمرار وباء «كوفيد19» في السيطرة على عناوين الصحة العامة في عام 2021، فقد تقدمت الأبحاث في مجموعة متنوعة من جبهات أمراض القلب والأوعية الدموية، إضافة إلى فيروس «كورونا». ووفق ما أفادت به «الرابطة»، فقد تناولت النتائج الأكثر أهمية في عام 2021 جوانب التعامل مع الأمراض ذات الصلة بالتسبب في أمراض القلب والأوعية الدموية وتفاقمها، مثل مرض السكري والفشل الكلوي والسمنة.

أبحاث قلبية
ومن قائمة «جمعية القلب الأوروبية» وقائمة «رابطة القلب الأميركية»، فيما يلي نظرة عامة على أعلى 10 أبحاث قلبية في عام 2021، والتي كانت لافتة للنظر لدى عموم الناس في العالم:
1- أدوية الغليفلوزينات: أدوية مثبطات «إس جي إل تي2 SGLT2» التي تُسمى أدوية الغليفلوزينات، تمنع إعادة امتصاص سكر الغلوكوز في الكليتين بعد تسربه مع البول، وبالتالي تُخفض نسبة السكر في الدم. وهي تُستخدم حالياً خطاً ثانياً أو ثالثاً - بدلاً من استخدامها في الخط - الأول لعلاج النوع «2» من مرض السكري، بسبب وجود أدوية أخرى أقدم وأقل تكلفة من الغليفلوزينات.
ولكن بغض النظر عن دورها في ضبط نسبة السكر في الدم، وعند استخدامها لدى غير المصابين بمرض السكري، أثبتت جدواها في تقديم فوائد مهمة لعلاج مرضى القلب والأوعية الدموية، وأيضاً في خفض الوزن، خصوصاً في منع تفاقم حالات ضعف قصور القلب، من نواحي تقليل الوفيات وتقليل الحاجة إلى دخول المستشفى (الاستشفاء). وعلى سبيل المثال؛ كما ذكرت «رابطة القلب الأميركية»، فإن «قصور ضعف القلب مع حفظ الكسر القذفي (HFrEF) هو حالة ذات علاجات قليلة متاحة. وباستخدام هذه الفئة من الأدوية، وجد الباحثون في دراسة (أمبيريور EMPEROR) أن الدواء يمكن أن يقلل معدلات الموت القلبي الوعائي أو الاستشفاء بسبب قصور القلب بأكثر من 20 في المائة».
2- شرب الماء والقلب: وفق ما جرى عرضه ضمن «مؤتمر جمعية القلب الأوروبية»، أفادت نتائج دراسة من «المعهد القومي للقلب والرئة والدم» بالولايات المتحدة بأن الحفاظ على تروية جيدة للجسم طوال الحياة، بشرب الكميات اليومية الكافية من الماء، يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بضعف القلب. وقال الباحثون: «تشير النتائج إلى أننا بحاجة إلى الانتباه إلى كمية السوائل التي نتناولها كل يوم، واتخاذ إجراءات إذا وجدنا أننا نشرب القليل جداً».
وتفيد المصادر الطبية بأن نسبة الصوديوم في الدم مقياس دقيق لمستوى حالة تروية الجسم بالسوائل اللازمة. وعندما يشرب المرء كمية قليلة من السوائل، يزداد تركيز الصوديوم في الدم. وحينئذ يحاول الجسم جاهداً الحفاظ على الماء المتوفر داخله، وتنشط (أثناء تلك المحاولات) العمليات المعروف دورها السلبي في المساهمة في تطور ضعف القلب.
ولاحظ الباحثون في نتائج دراستهم أن ارتفاع تركيز الصوديوم في الدم في منتصف العمر، ارتبط بشكل مباشر مع الإصابة بفشل القلب وتضخم البطين الأيسر بعد 25 عاماً. كما ظل ارتفاع مستوى نسبة الصوديوم مرتبطاً بشكل كبير بفشل القلب وتضخم البطين الأيسر.
3- «كورونا» وقلوب الصغار: وقالت الرابطة: «يضع (كوفيد19) صحة قلب الشباب الصغار في العناوين الرئيسية». وأوضحت أنه بالنسبة للأطفال والشباب، فقد شكل الوباء تحديات خاصة على شكل حالات نادرة ومؤثرة مرتبطة بالفيروس، وهي حالة «متلازمة الالتهاب متعدد الأنظمة عند الأطفال (MIS – C)» في القلب والرئتين والكلى والدماغ والجلد والعينين والأعضاء الأخرى. والآثار القلبية الأكثر شيوعاً للمتلازمة الجديدة: عدم انتظام ضربات القلب، وانخفاض قوة القلب، وتوسع الشرايين التاجية، وتراكم السوائل في كيس التامور حول القلب.
وقالت الرابطة: «تواصل (رابطة القلب الأميركية) التوصية بالتطعيم ضد (كوفيد19) لدى البالغين والأطفال المؤهلين، وتلاحظ أن الأبحاث الجارية تظهر بوضوح أن خطر الإصابة بمضاعفات القلب والسكتة الدماغية ومشكلات تخثر الدم بعد الإصابة بـ(كوفيد19) أكثر من التطعيم».

النوم والقلب
4- وقت النوم والقلب: وفي حين أن العديد من الدراسات الطبية التحليلية قد بحثت في الصلة بين مدة النوم وأمراض القلب والأوعية الدموية، فإن العلاقة بين توقيت النوم وأمراض القلب لا تزال غير مكتشفة. ووفقاً لدراسة باحثين بريطانيين نُشرت في «مجلة جمعية القلب الأوروبية»، يرتبط النوم في الساعة العاشرة والحادية عشرة مساء، بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب، وذلك مقارنة بأوقات النوم المبكرة جداً أو المتأخرة.
وقال الباحثون: «يمتلك الجسم ساعة داخلية تعمل على مدار 24 ساعة، تسمى (إيقاع الساعة البيولوجية)، والتي تساعد على تنظيم الأداء البدني والعقلي. وتشير النتائج إلى أن النوم المبكر أو المتأخر قد يكون أكثر عرضة لتعطيل ساعة الجسم، مع عواقب سلبية على صحة القلب والأوعية الدموية».
5- الفينرينون: أدوية «الفينرينون (Finerenone)» تستخدم لتقليل مخاطر تدهور وظائف الكلى والفشل الكلوي والموت القلبي الوعائي والنوبات القلبية غير المميتة والاستشفاء لفشل القلب، لدى البالغين المصابين بأمراض الكلى المزمنة المرتبطة بمرض السكري من النوع «2».
وذكرت «رابطة القلب الأميركية» أن الأبحاث أظهرت بالفعل أن عقار «الفينرينون» يمكن أن يحسن النتائج الصحية في القلب والأوعية الدموية، ويحد من التدهور الكلوي لدى مرضى السكري من النوع «2» وأمراض الكلى المتقدمة. وقلل «الفينرينون» من خطر الموت أو مضاعفات القلب والأوعية الدموية بنسبة 13 في المائة مقارنة مع الدواء الوهمي. وكان الانخفاض في المقام الأول نتيجة لانخفاض حالات فشل القلب في المستشفى.
كما أفادت نتائج دراسة دولية أخرى، هي دراسة «AMPLITUDE - O» بأن تلقي أحد أنواع فئة أدوية «الفينرينون» أسبوعاً كحقنة تحت الجلد، قلل بنسبة 27 في المائة من احتمالات الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية أو الوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية.
6- «سيماغلوتيد»: وصفت «الرابطة» الأمر بقولها: «التحدي الصحي العنيد للسمنة يلتقي بدواء فعال». وأضافت أنه قد يساعد دواء جرى تطويره لمرض السكري من النوع «2» في التحكم بشكل أفضل في مشكلة السمنة. وهو عقار «سيماغلوتيد (Semaglutide)» الذي يُعطى على شكل حقنة أسبوعية تحت الجلد. وأصبح في يونيو (حزيران) الماضي أول دواء منذ عام 2014 يُعتمد من قبل «إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)» للتحكم في زيادة الوزن المزمنة. وقامت سلسلة من الدراسات في عام 2021 بتقديم نتائج مفيدة في خفض الوزن حتى لدى الأشخاص غير المصابين بالسكري، وذلك من خلال سلسلة دراسات «ستيب (STEP)» الأربع، التي جرت فيها مقارنة تلقي هذا العقار من قبل الذين لديهم سمنة ويوجد أو لا يوجد لديهم مرض السكري، مع تلقي دواء وهمي. وتبين أنه بعد استخدامه أشهراً عدة، فقد ثلثا الأشخاص الذين تلقوا «سيماغلوتيد» نحو 15 في المائة من أوزان أجسامهم في المتوسط، مقارنة بنحو اثنين في المائة فقط بين أولئك الذين تلقوا العلاج الوهمي.
7- الحمل والقلب: قالت «الرابطة» إن «مشكلات صحة القلب أثناء الحمل تعرض الأمهات والرضع والمراهقين للخطر». وأضافت أن أمراض القلب والأوعية الدموية تعد السبب الأول لوفيات الأمهات الحوامل في الولايات المتحدة، حيث يمكن أن تعمل عوامل الخطر التي تظهر قبل الحمل، على تهديد نتائج الحمل وتزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية في وقت لاحق.
ووجدت دراسة حديثة أن الأمر يزداد سوءاً عند وجود عوامل خطر على صحة القلب قبل الحمل، مثل التدخين ما قبل الحمل، وارتفاع مؤشر كتلة الجسم، ووجود ارتفاع ضغط الدم، أو مرض السكري. وقالت الرابطة: «تشير أبحاث أخرى إلى أن الصحة السيئة لقلب الأم يمكن أن يتردد صداها لدى الطفل، إلى ما بعد الحمل وإلى أشهر في فترة ما بعد الولادة؛ وحتى فترة المراهقة».

القهوة والملح
8- القهوة والقلب: وبدعم من النتائج الإيجابية للتصوير القلبي بالرنين المغنطيسي، وبعد متابعة استمرت من 10 إلى 15 عاماً، أفادت دراسة طبية بأن شرب القهوة باعتدال له فوائد صحية على شرايين القلب والدماغ. وارتبط تناول ما يصل إلى 3 أكواب من القهوة يومياً بانخفاض خطر الإصابة بالسكتة الدماغية وأمراض القلب القاتلة. وهذه هي أكبر دراسة لتقييم الآثار القلبية والوعائية لاستهلاك القهوة بانتظام من قبل الأشخاص الذين لم يجر من قبل تشخيص إصابتهم بأمراض القلب.
وأفاد الباحثون بأن النتائج تشير إلى أن تناول القهوة المنتظم سلوك آمن، ولم يكن مرتبطاً بنتائج عكسية على القلب والأوعية الدموية والوفيات الناجمة عن جميع الأسباب؛ بل إن شرب ما بين نصف كوب و3 أكواب من القهوة يومياً، ارتبط بشكل مستقل بكل من: انخفاض مخاطر الإصابة بالسكتة الدماغية، وانخفاض مخاطر الوفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وانخفاض مخاطر الوفاة لأي سبب كان. وأضافوا: «أشار تحليل التصوير بالرنين المغناطيسي للقلب (C – MRI) إلى أنه مقارنة بالمشاركين الذين لم يشربوا القهوة بانتظام، فإن المستهلكين اليوميين لها يتمتعون بقلوب ذات حجم صحي وتعمل بشكل أفضل».
9- الملح والسكتة الدماغية: استخدام نوعيات الملح منخفضة المحتوى بعنصر الصوديوم، يُقلل من الإصابات بالسكتة الدماغية لدى الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم أو السكتة الدماغية السابقة. ووصفت «جمعية القلب الأوروبية» الدراسة التي توصلت إلى هذه النتائج، بأنها «دراسة خبر عاجل متأخر (Late Breaking Research) قُدمت في (جلسة الخط الساخن) ضمن فعاليات المؤتمر السنوي لـ(جمعية القلب الأوروبية) في أواخر أغسطس (آب) الماضي».
وقال الباحثون: «تقدم هذه الدراسة دليلاً واضحاً على أن هذا التدخل، الذي يمكن استخدامه بسرعة كبيرة وبتكلفة منخفضة جداً، يسهم في تقليل الإصابات بالسكتة الدماغية وحالات الوفاة المبكرة». وذكروا بلغة الأرقام أن تطبيق ذلك في المجتمعات؛ المجتمع الصيني مثالاً، سيمنع في كل عام نحو 800 ألف حالة سكتة دماغية أو وفاة مبكرة. وأضافوا: «نتيجة التجربة مثيرة بشكل خاص؛ لأن استخدام بديل الملح شيء سهل التصنيع للغاية وغير مكلف، ولديه القدرة على الحد من الاضطرابات الصحية المتعلقة بأمراض القلب والأوعية الدموية».

ضعف الانتصاب
10- ضعف الانتصاب والتغذية: وفقاً لبحث قُدم في «المؤتمر السنوي لجمعية القلب الأوروبية»، فإن الرجال الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم أكثر عرضة للإصابة بضعف الانتصاب مقارنة بمن لديهم ضغط دم طبيعي. وضعف الانتصاب يعدّ طبياً؛ في المقام الأول، ناتجاً عن فقد قدرة الشرايين الصغيرة على التمدد وزيادة التدفق إلى العضو الذكري. وأظهرت الأبحاث السابقة أن «حمية البحر الأبيض المتوسط (Mediterranean Diet)» تخفض ضغط الدم وتمنع النوبات القلبية والسكتات الدماغية لدى الأفراد المعرضين لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. ويركز هذا النمط الغذائي على الفاكهة والخضراوات والحبوب الكاملة وزيت الزيتون والأسماك، والاستهلاك المتواضع لمنتجات الألبان، والحد من اللحوم الحمراء.
ولدى الرجال في منتصف العمر (متوسط أعمارهم 56 سنة) الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم وضعف الانتصاب، وجد الباحثون أن الذين اتبعوا بشكل أعلى نظام تغذية البحر الأبيض المتوسط، أصبح لديهم احتياطي أعلى في تدفق الدم إلى الشرايين التاجية القلبية، ونسبة أعلى من هرمون «تستوستيرون» الذكوري، وأداء انتصاب أفضل.


مقالات ذات صلة

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19»....

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
صحتك من اليسار: القلب السليم مقابل القلب المصاب بالرجفان الأذيني (غيتي)

تتبُع الرجفان الأذيني باستخدام ساعة ذكية؟ تجنّبْ هذا الفخ

يعاني الملايين من الأميركيين من الرجفان الأذيني - وهو اضطراب سريع وغير منتظم في إيقاع القلب يزيد من خطر المضاعفات القلبية الوعائية، بما في ذلك السكتة الدماغية

جولي كورليس (كمبردج - ولاية ماساشوستس الأميركية)
صحتك الأحياء الحضرية تشجع السكان على المشي (جامعة ويسترن أونتاريو)

الأحياء المزدحمة تشجع السكان على المشي

أفادت دراسة أميركية بأن تصميم الأحياء السكنية يُمكن أن يؤثر بشكل كبير على مستوى النشاط البدني للأفراد، خصوصاً المشي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين
TT

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19» نُشرت أحدث وأطول دراسة طولية عن الأعراض الطويلة الأمد للمرض أجراها باحثون إنجليز في مستشفى غريت أورموند ستريت للأطفال Great Ormond Street Hospital for Children بالمملكة المتحدة بالتعاون مع عدة جامعات أخرى؛ مثل جامعة لندن ومانشستر وبريستول. وأكدت أن معظم الأطفال والمراهقين الذين تأكدت إصابتهم بأعراض كوفيد الطويل الأمد، تعافوا بشكل كامل في غضون 24 شهراً.

أعراض «كوفيد» المزمنة

بداية، فإن استخدام مصطلح (أعراض كوفيد الطويل الأمد) ظهر في فبراير (شباط) عام 2022. وتضمنت تلك الأعراض وجود أكثر من عرض واحد بشكل مزمن (مثل الإحساس بالتعب وصعوبة النوم وضيق التنفس أو الصداع)، إلى جانب مشاكل في الحركة مثل صعوبة تحريك طرف معين أو الإحساس بالألم في عضلات الساق ما يعيق ممارسة الأنشطة المعتادة، بجانب بعض الأعراض النفسية مثل الشعور المستمر بالقلق أو الحزن.

الدراسة التي نُشرت في نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي في مجلة Nature Communications Medicine أُجريت على ما يزيد قليلاً على 12 ألف طفل من الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عاماً في الفترة من سبتمبر(أيلول) 2020 وحتى مارس (آذار) 2021، حيث طلب الباحثون من الأطفال الذين ثبتت إصابتهم، تذكر أعراضهم وقت إجراء اختبار «تفاعل البوليمراز المتسلسل» PCR المُشخص للكوفيد، ثم تكرر الطلب (تذكر الأعراض) مرة أخرى بعد مرور ستة و12 و24 شهراً.

تم تقسيم الأطفال إلى أربع مجموعات على مدار فترة 24 شهراً. وتضمنت المجموعة الأولى الأطفال الذين لم تثبت إصابتهم بفيروس الكوفيد، والمجموعة الثانية هم الذين كانت نتيجة اختبارهم سلبية في البداية، ولكن بعد ذلك كان نتيجة اختبارهم إيجابية (مؤكدة)، فيما تضمنت المجموعة الثالثة الذين كانت نتيجة اختبارهم مؤكدة في البداية، ولكن لم يصابوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً، وأخيراً المجموعة الرابعة التي شملت الذين كانت نتيجة اختبارهم مؤكدة في البداية ثم أصيبوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً.

قام الباحثون باستخدام مصطلح كوفيد الطويل الأمد عند فحص بيانات ما يقرب من ألف طفل من الذين تأكدت إصابتهم بالمرض ووجدوا بعد مرور عامين أن نحو 25 - 30 في المائة فقط من إجمالي المراهقين هم الذين لا يزالون يحتفظون بالأعراض المزمنة، بينما تم شفاء ما يزيد على 70 في المائة بشكل كامل. وكان المراهقون الأكبر سناً والأكثر حرماناً من الخدمات الطبية هم الأقل احتمالية للتعافي.

25 - 30 % فقط من المراهقين يظلون محتفظين بالأعراض المزمنة للمرض

استمرار إصابة الإناث

كان اللافت للنظر أن الإناث كن أكثر احتمالية بنحو الضعف لاستمرار أعراض كوفيد الطويل الأمد بعد 24 شهراً مقارنة بالذكور. وقال الباحثون إن زيادة نسبة الإناث ربما تكون بسبب الدورة الشهرية، خاصة أن بعض الأعراض التي استمرت مع المراهقات المصابات (مثل الصداع والتعب وآلام العضلات والأعراض النفسية والتوتر) تتشابه مع الأعراض التي تسبق حدوث الدورة الشهرية أو ما يسمى متلازمة «ما قبل الحيض» pre-menstrual syndrome.

ولاحظ الباحثون أيضاً أن أعلى معدل انتشار للأعراض الطويلة الأمد كان من نصيب المرضى الذين كانت نتائج اختباراتهم إيجابية في البداية، ثم أصيبوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً.

قال الباحثون إن نتائج الدراسة تُعد في غاية الأهمية في الوقت الحالي؛ لأن الغموض ما زال مستمراً حول الآثار التي تتركها الإصابة بالفيروس، وهل سوف تكون لها مضاعفات على المدى الطويل تؤدي إلى خلل في وظائف الأعضاء من عدمه؟

وتكمن أهمية الدراسة أيضاً في ضرورة معرفة الأسباب التي أدت إلى استمرار الأعراض في الأطفال الذين لم يتماثلوا للشفاء بشكل كامل ونسبتهم تصل إلى 30 في المائة من المصابين.

لاحظ الباحثون أيضاً اختلافاً كبيراً في الأعراض الملازمة لـ«كوفيد»، وعلى سبيل المثال هناك نسبة بلغت 35 في المائة من الأطفال الذين ثبتت إصابتهم في البداية، ثم أصيبوا مرة أخرى بعد ذلك، لم تظهر عليهم أي أعراض على الرغم من إصابتهم المؤكدة تبعاً للتحليل. وفي المقابل هناك نسبة بلغت 14 في المائة من المجموعة التي لم تظهر عليها أي أعراض إيجابية عانت من خمسة أعراض أو أكثر للمرض، ما يشير إلى عدم وضوح أعراض كوفيد الطويل الأمد.

هناك نسبة بلغت 7.2 في المائة فقط من المشاركين عانوا بشدة من الأعراض الطويلة الأمد (5 أعراض على الأقل) في كل النقط الزمنية للدراسة (كل ثلاثة أشهر وستة وعام وعامين)، حيث أبلغ هؤلاء المشاركون عن متوسط خمسة أعراض في أول 3 أشهر ثم خمسة في 6 أشهر ثم ستة أعراض في 12 شهراً ثم خمسة في 24 شهراً بعد الإصابة، ما يؤكد ضرورة تقديم الدعم الطبي المستمر لهؤلاء المرضى.

بالنسبة للتطعيم، لم تجد الدراسة فرقاً واضحاً في عدد الأعراض المبلغ عنها أو حدتها أو الحالة الصحية بشكل عام ونوعية الحياة بين المشاركين الذين تلقوا التطعيمات المختلفة وغير المطعمين في 24 شهراً. وقال الباحثون إن العديد من الأعراض المُبلغ عنها شائعة بالفعل بين المراهقين بغض النظر عن إصابتهم بفيروس «كورونا» ما يشير إلى احتمالية أن تكون هذه الأعراض ليست نتيجة للفيروس.

في النهاية أكد العلماء ضرورة إجراء المزيد من الدراسات الطولية لمعرفة آثار المرض على المدى البعيد، وكذلك معرفة العواقب الطبية للتطعيمات المختلفة وجدوى الاستمرار في تناولها خاصة في الفئات الأكثر عرضة للإصابة؛ أصحاب المناعة الضعيفة.

* استشاري طب الأطفال