تهديدات متبادلة تفاقم «خلاف الصيد» بين لندن وباريس

لقاء «سريع» مرتقب بين ماكرون وجونسون على هامش «العشرين»

قارب يرسو في ميناء «لو هافر» شمال فرنسا أمس (أ.ف.ب)
قارب يرسو في ميناء «لو هافر» شمال فرنسا أمس (أ.ف.ب)
TT

تهديدات متبادلة تفاقم «خلاف الصيد» بين لندن وباريس

قارب يرسو في ميناء «لو هافر» شمال فرنسا أمس (أ.ف.ب)
قارب يرسو في ميناء «لو هافر» شمال فرنسا أمس (أ.ف.ب)

يلتقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على هامش قمة مجموعة العشرين في روما، على وقع توترات فاقمها ملفّ الصيد ما بعد «بريكست»، بحسب ما أعلنت لندن أمس.
وقال متحدث باسم جونسون: «نتوقع أن يلتقي رئيس الوزراء بالرئيس ماكرون سريعاً على هامش قمة مجموعة العشرين»، دون أن يعطي تفاصيل إضافية حول التاريخ والوقت المحددين للاجتماع، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وتتراكم مواضيع الخلاف بين باريس ولندن، منها الهجرة غير الشرعية عبر المانش، واتفاق «أوكوس» الذي أدى إلى إلغاء طلبية أسترالية للغواصات الفرنسية، وانعكاسات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على آيرلندا الشمالية، وخلافات الصياد.
وتأخذ فرنسا على بريطانيا أنها منحت عدداً محدوداً من رخص الصيد لسفنها، وهددت باتخاذ إجراءات انتقامية بدءاً من الثلاثاء المقبل، وتشديد عمليات المراقبة، ومنع السفن البريطانية من الرسو في الموانئ الفرنسية.
وأعادت فرنسا سفينة صيد بريطانية يشتبه في أنها اصطادت من مياهها الإقليمية دون ترخيص، وسيخضع قبطانها في أغسطس (آب) 2022 لحكم، وقد يدفع غرامة قدرها 75 ألف يورو، بالإضافة إلى عقوبات إدارية.
في المقابل، هدّدت لندن، أمس، بتعزيز عمليات تفتيش سفن الصيد الأوروبية في المياه البريطانية، ردّاً على الإجراءات الانتقامية التي تلوّح بها باريس. وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية في بيان، إن الاخيرة «تعتزم إطلاق آلية لتسوية الخلافات نص عليها الاتفاق التجاري لما بعد بريكست»، ويشمل ذلك «تنفيذ عمليات تفتيش دقيقة تتناول أنشطة الصيد البحري للاتحاد الأوروبي في المياه الإقليمية للمملكة المتحدة».
واستدعت لندن السفيرة الفرنسية كاثرين كولونا، بعد ظهر أمس، والتقت وزيرة الدولة البريطانية المكلّفة بشؤون أوروبا، وندي مورتن. جاء ذلك بعد ساعات من اعتبار وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية كليمان بون، أن على فرنسا «أن تتحدث الآن بلغة القوة» حتى يُسمع صوتها.
وتتبادل باريس ولندن الاتهامات بانتهاك الاتفاق التجاري لما بعد «بريكست»، الذي تمّ التوصل إليه نهاية العام الماضي، لجهة رخص الصيد في المياه البريطانية.
وفي محاولة للتهدئة، دعت الحكومة الألمانية، أمس، المملكة المتحدة وفرنسا، إلى العمل على حل نزاعهما حول تراخيص الصيد بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وقالت المتحدثة باسم الحكومة الألمانية، مارتينا فيتز في مؤتمر صحافي: «من وجهة نظرنا، المهمّ الآن هو أن يعاود الطرفان محادثات الأسابيع والأشهر الأخيرة».
وأضافت أن برلين كانت تتابع عن كثب جهود المفوضية الأوروبية بهدف «توضيح النقاط المحددة المتعلقة بهذه القضية».
في سياق متصل، التقى وزير الدولة البريطاني المكلف «بريكست»، ديفيد فروست، بنائب رئيس المفوضية الأوروبية ماروس سيفكوفيتش في لندن أمس، وعرضا مدى تقدم المفاوضات حول نقطة ساخنة أخرى بين لندن وبروكسل هي بروتوكول الإجراءات الجمركية لمرحلة ما بعد «بريكست» فيما يتعلق بآيرلندا الشمالية، التي لا تزال في السوق الموحدة والاتحاد الجمركي الأوروبي.
وأورد المتحدث باسم الحكومة البريطانية أن المحادثات جرت هذا الأسبوع في إطار «روح بناءة»، لكنه أشار إلى استمرار وجود تباينات «مهمة»، خصوصاً على صعيد دور محكمة العدل الأوروبية في تسوية الخلافات. ومن المقرر أن تتواصل المحادثات الأسبوع المقبل في بروكسل.


مقالات ذات صلة

البرلمان التركي يوافق على إرسال قوات إلى الصومال لمدة عامين

آسيا وزيرا الدفاع التركي والصومالي وقَّعا اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي في أنقرة فبراير الماضي (وزارة الدفاع التركية)

البرلمان التركي يوافق على إرسال قوات إلى الصومال لمدة عامين

وافق البرلمان التركي على مذكرة رئاسية بشأن نشر عناصر من القوات المسلحة في الصومال بما يشمل المياه الإقليمية للبلد الأفريقي لمدة عامين.

سعيد عبد الرازق ( أنقرة )
آسيا الرئيس البيلاروسي ونظيره الصيني (يمين ويسار الصورة من الخلف) (رويترز)

شي وبوتين يدعوان في أستانا إلى عالم «متعدّد الأقطاب»

تدخل قمة أستانا في إطار تحرّكات دبلوماسية مستمرّة في آسيا الوسطى، التي يجتمع قادة دولها بانتظام مع بوتين وشي.

«الشرق الأوسط» (استانا (كازاخستان))
الاقتصاد وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث في جامعة تشجيانغ خلال زيارته إلى الصين يوم 23 يونيو 2024 (د.ب.أ)

ألمانيا تحث أوروبا على «منافسة» الصين

حث وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك دول الاتحاد الأوروبي على التضامن والتعاون حتى تتمكن من «منافسة» الصين

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مئات السيارات الصينية في طريقها للشحن بميناء يانتاي جنوب شرقي البلاد (أ.ف.ب)

الصين: التصعيد الأوروبي قد يؤدي إلى «حرب تجارية»

قالت وزارة التجارة الصينية يوم الجمعة إن الاتحاد الأوروبي قد يشعل «حربا تجارية» إذا استمر في تصعيد التوترات، متهمة التكتل بـ«اللعب غير النزيه»

«الشرق الأوسط» (عواصم)
الولايات المتحدة​ ترمب يلقي كلمة في ديترويت في 15 يونيو 2024 (أ.ب)

ترمب يستعد لسياسة أكثر تشدداً تجاه الصين إذا عاد للبيت الأبيض

يستعد الرئيس السابق دونالد ترمب إلى استكمال حربه التجارية مع الصين في حال إعادة انتخابه الخريف المقبل.

إيلي يوسف (واشنطن)

كندا: نساء من السكان الأصليين يسعين لتفتيش موقع اختبارات سابق لـ«سي آي إيه»

عالم الأنثروبولوجيا فيليب بلوين والناشطتان من أقلية الموهوك كاهنتينثا وكويتييو أمام مسبح هنري ويليام مورغان في معهد ألين التذكاري في 17 يوليو 2024 في مونتريال - كندا (أ.ف.ب)
عالم الأنثروبولوجيا فيليب بلوين والناشطتان من أقلية الموهوك كاهنتينثا وكويتييو أمام مسبح هنري ويليام مورغان في معهد ألين التذكاري في 17 يوليو 2024 في مونتريال - كندا (أ.ف.ب)
TT

كندا: نساء من السكان الأصليين يسعين لتفتيش موقع اختبارات سابق لـ«سي آي إيه»

عالم الأنثروبولوجيا فيليب بلوين والناشطتان من أقلية الموهوك كاهنتينثا وكويتييو أمام مسبح هنري ويليام مورغان في معهد ألين التذكاري في 17 يوليو 2024 في مونتريال - كندا (أ.ف.ب)
عالم الأنثروبولوجيا فيليب بلوين والناشطتان من أقلية الموهوك كاهنتينثا وكويتييو أمام مسبح هنري ويليام مورغان في معهد ألين التذكاري في 17 يوليو 2024 في مونتريال - كندا (أ.ف.ب)

تأمل مجموعة من النساء من السكان الأصليين في وقف أعمال البناء في موقع مستشفى سابق في مونتريال بكندا، يعتقدن أنه قد يكشف حقيقة ما جرى لأبنائهن المفقودين عقب تجارب لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية قبل نصف قرن.

وتسعى تلك النسوة منذ عامين لتأخير مشروع البناء الذي تقوم به جامعة ماكغيل وحكومة كيبيك، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتعتمد الناشطات على محفوظات وشهادات تشير إلى أن الموقع يحتوي على قبور مجهولة لأطفال كانوا في مستشفى رويال فيكتوريا ومعهد آلان ميموريال، مستشفى الأمراض النفسية المجاور له.

في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، وخلف جدران المعهد القديم الباهتة، قامت الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) بتمويل برنامج أطلق عليه الاسم الرمزي «إم كي ألترا».

خلال الحرب الباردة كان البرنامج يهدف إلى تطوير الإجراءات والعقاقير لغسل أدمغة الناس بطريقة فعالة.

أُجريت التجارب في بريطانيا وكندا والولايات المتحدة على أشخاص، من بينهم أطفال من السكان الأصليين في مونتريال، أُخضعوا لصدمات كهرباء وعقاقير هلوسة وحرمان من الأحاسيس.

ورأت كاهنتينثا الناشطة البالغة 85 عاماً من سكان موهوك بكاناواكي جنوب غربي مونتريال، وهي شخصية رائدة في حركة حقوق السكان الأصليين سافرت إلى بريطانيا والولايات المتحدة للتنديد بالاستعمار، أن هذه الحرب «أهم شيء في حياتها».

وقالت: «نريد أن نعرف لماذا فعلوا ذلك ومن سيتحمل المسؤولية».

أعمال أثرية

في خريف 2022، حصلت الناشطات على أمر قضائي بتعليق أعمال بناء حرم جامعي جديد ومركز أبحاث في الموقع، مشروع تبلغ كلفته 870 مليون دولار كندي (643 مليون دولار أميركي).

وقالت الناشطة كويتييو (52 عاماً) إن نساء المجموعة يصررن على أن يرافعن في القضية بأنفسهن من دون محامين؛ «لأن بحسب طرقنا، لا أحد يتحدث نيابة عنا».

في الصيف الماضي، أُحضرت كلاب مدربة ومجسّات للبحث في المباني المتداعية في العقار الشاسع. وتمكنت الفرق من تحديد ثلاثة مواقع جديرة بإجراء عمليات حفر فيها.

لكن بحسب ماكغيل ومؤسسة كيبيك للبنى التحتية التابعة للحكومة، «لم يتم العثور على بقايا بشرية».

وتتهم الأمهات من شعب الموهوك الجامعة ووكالة البنى التحتية الحكومية بانتهاك اتفاقية من خلال اختيار علماء آثار قاموا بعملية البحث قبل إنهاء مهمتهم في وقت مبكر جداً.

وقال فيليب بلوان، وهو عالم أنثروبولوجيا يتعاون مع الأمهات: «أعطوا أنفسهم سلطة قيادة التحقيق في جرائم يحتمل أن يكون قد ارتكبها موظفوهم في الماضي».

ورغم رفض الاستئناف الذي قدمته الأمهات، في وقت سابق هذا الشهر، تعهدن بمواصلة الكفاح.

وقالت كويتييو: «على الناس أن يعرفوا التاريخ؛ كي لا يعيد نفسه».

تنبهت كندا في السنوات القليلة الماضية لفظائع سابقة.

فقد أُرسل أجيال من أطفال السكان الأصليين إلى مدارس داخلية حيث جُرّدوا من لغتهم وثقافتهم وهويتهم، في إطار ما عدّه تقرير الحقيقة والمصالحة في 2015 «إبادة ثقافية».

بين 1831 و1996 أُخذ 150.000 من أطفال السكان الأصليين من منازلهم ووُضعوا في 139 من تلك المدارس. وأُعيد بضعة آلاف منهم إلى مجتمعاتهم.