الجزائر: مقاضاة «سلطة الانتخابات» بعد إقصاء مئات المرشحين

إقصاء المرشحين للانتخابات يدخل في سياق مساعٍ لمحو آثار بوتفليقة في «المحليات» (أ.ف.ب)
إقصاء المرشحين للانتخابات يدخل في سياق مساعٍ لمحو آثار بوتفليقة في «المحليات» (أ.ف.ب)
TT

الجزائر: مقاضاة «سلطة الانتخابات» بعد إقصاء مئات المرشحين

إقصاء المرشحين للانتخابات يدخل في سياق مساعٍ لمحو آثار بوتفليقة في «المحليات» (أ.ف.ب)
إقصاء المرشحين للانتخابات يدخل في سياق مساعٍ لمحو آثار بوتفليقة في «المحليات» (أ.ف.ب)

رفع محامون في الجزائر، أمس، دعاوى إلى القضاء ضد «السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات»؛ بسبب رفض مئات الترشيحات للانتخابات المحلية، المقررة في 27 من الشهر المقبل، رغم استيفاء أصحابها الشروط القانونية للترشيح، حسبهم. واحتجت أكبر أحزاب المعارضة على ما وصفته «مجازر» طالت لوائح مرشحيها.
في حين أكد المحامي عبد الله هبول لـ«الشرق الأوسط»، أنه أودع شكاوى عدة لدى المحكمة الإدارية بالعاصمة، بناءً على طلب مترشحين بالعديد من الأحزاب، بعد أن بلغتهم «سلطة الانتخابات» قرارات حظر الترشح مرفقة بالأسباب.
وأبرز المحامي، المعروف بمرافعاته في قضايا نشطاء الحراك الشعبي، بأن «كل مبررات رفض الترشح صادرة عن الجهاز الأمني، الذي يدرس في الواقع ملفات الترشيح، وليس السلطة الوطنية للانتخابات، التي نحمّلها كامل المسؤولية».
وأوضح هبول، أن معظم المبعدين من سباق الترشح «تعرضوا للظلم لأنهم يتوفرون على كامل الشروط». مشيراً إلى إقصاء مترشحين «لمجرد شبهات واهية، بينما القانون واضح، يتمثل في منع الترشح ضد من صدرت بحقهم أحكام قضائية نهائية، وعقوبات سالبة للحرية... نحن أمام حالات تعسف خطيرة».
وطالت «المجزرة»، بحسب تعبير بعض وسائل الإعلام، كل الأحزاب بما فيها الموالية للحكومة، مثل «جبهة التحرير الوطني»، و«التجمع الوطني الديمقراطي». وخلفت هذه الإقصاءات فراغاً في العديد من البلديات، حيث واجهت أحزاب صعوبات في استبدال الأشخاص الممنوعين من الترشح.
ومن نتائج صرامة «الغربلة الأمنية» للترشيحات انسحاب العديد من الأحزاب، والراغبين في الترشح بصفة مستقلين، من المعترك الانتخابي. وما يلفت الانتباه في هذه الإقصاءات، أنها مسّت بشكل خاص رؤساء بلديات ورؤساء مجالس ولائية، تم انتخابهم في وقت سابق؛ ما ترك انطباعاً أن الجهاز الأمني، ومن ورائه السلطة السياسية، تريد تركيبة جديدة للمجالس المحلية؛ بحثاً عن محو كل آثار فترة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. وقد بدأ ذلك بمنع عشرات البرلمانيين السابقين من معاودة الترشح للانتخابات التشريعية، التي جرت في 12 من يونيو (حزيران) الماضي.
وندد يوسف أوشيش، السكرتير الأول لـ«جبهة القوى الاشتراكية»، أقدم حزب معارض، في بيان بـ«التجاوزات والتسيير الأمني المفرط للعملية الانتخابية، التي تبقى عملية سياسية، ولا يمكن النظر إليها إلا وفق هذا المنظور. فقد اعتمدت سلطة الانتخابات حصراً، وخضعت كلياً للتقارير الأولية الخاصة بالترشيحات، المتأتية من المصالح الأمنية، دون أدلة مادية قطعية، أو أحكام قضائية نهائية، وهو ما يتنافى مع ما ورد في المادة 184 من قانون الانتخابات». في إشارة إلى شروط الترشح، ومنها عدم الإدانة بعقوبة سالبة للحرية.
وأفاد أوشيش، بأن «أخطر ما أشارت إليه محاضر رفض المترشحين هو تعليلها وربطها بالنشاط السياسي السلمي للمترشحين، أو بآرائهم المعارضة، وصلت في انزلاق خطير إلى حد التشكيك في وطنيتهم، وهو أمر مرفوض بشكل قاطع، ويعد مساسا بالحريات والحقوق الأساسية».
من جهته، قال ناصر حمدادوش، القيادي بـ«حركة مجتمع السلم» الإسلامية المعارضة، إنه «لا يوجد من تفسير لعمليات الإقصاء بهذا الحجم وبهذه الطريقة، إلا الإمعان في ضرب الديمقراطية، وعدم المبالاة بالإرادة الشعبية لإفساد المنافسة الانتخابية، وبالتالي تهديد شرعية مؤسسات الدولة المنتخبة، وهو ما سيؤثر سلباً في مشروعية أدائها مستقبلاً». مشيراً إلى أن «أغلب حالات الإقصاء لا مبرر لها من الناحية القانونية؛ إذ إنها تستند إلى مجرد تقارير أمنية، واتكاء على مجرد شبهات، واتهام بقضايا لم يفصل فيها القضاء بأحكام نهائية سالبة للحرية، فانقلبت القاعدة القانونية والمبدأ الدستوري في قرينة البراءة، وأصبح الأصل في المترشح أنه متهم حتى تثبت براءته... ورغم ثبوت البراءة أصلاً أو حكماً، إلا أنه تم الإمعان في الإقصاء التعسفي للكثير منهم».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.