البنوك السعودية تتأهب لمرحلة جديدة ودعوات لإعادة النظر في السياسة الإقراضية

المشاريع الاستثمارية المقبلة ستدعم الاقتصاد

دعوات في السعودية لزيادة مرونة البنوك مع مشاريع القطاع الخاص لتحفيز الاقتصاد (أ.ف.ب)
دعوات في السعودية لزيادة مرونة البنوك مع مشاريع القطاع الخاص لتحفيز الاقتصاد (أ.ف.ب)
TT

البنوك السعودية تتأهب لمرحلة جديدة ودعوات لإعادة النظر في السياسة الإقراضية

دعوات في السعودية لزيادة مرونة البنوك مع مشاريع القطاع الخاص لتحفيز الاقتصاد (أ.ف.ب)
دعوات في السعودية لزيادة مرونة البنوك مع مشاريع القطاع الخاص لتحفيز الاقتصاد (أ.ف.ب)

تتأهب البنوك السعودية لمرحلة جديدة، مع إطلاق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الاستراتيجية الوطنية للاستثمار قبل عدة أيام، والتي تحتاج فيها السوق المحلية لبنوك قوية قادرة على عمليات التمويل الكبرى، كذلك مواجهة تدفق العديد من البنوك الأجنبية المتوقع في المرحلة القادمة لاقتناص حصتها في أكبر اقتصاديات المنطقة.
ويتطلب على البنوك إعادة النظر في سياساتها الائتمانية والتخلي عن التحفظ المبالغ فيه، لتلعب دورا أكبر في المرحلة القادمة، بحسب اقتصاديين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أكدوا أن مشاريع الاستثمار ستسهم في سحب السيولة وتحريك الاقتصاد المحلي، الذي سينعكس على تخفيف التضخم، خاصة أن الاستراتيجية تهدف رفع حجم صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 388 مليار ريال (103.4 مليار دولار) سنوياً، وزيادة الاستثمار المحلي ليصل إلى حوالي 1.7 تريليون ريال (453 مليار دولار).
وسجلت الموجودات والمطلوبات للمصارف التجارية في الربع الثاني من العام الحالي، ووفقاً لبيانات البنك المركزي السعودي ارتفاعا قدر بنحو 3.114.2 تريليون ريال (830 مليار دولار)، مسجلا ارتفاعا ربعيا بنسبة 2.6 في المائة في حدود 79.1 مليار ریال (21 مليار دولار)، مقارنة بالربع السابق الذي سجل ما نسبته 1.9 في المائة عند 55.5 مليار ريال (14.8 مليار دولار)، وسجل ارتفاعا سنويا نسبته 10.0 في المائة بلغ 282.3 مليار ريال (75.2 مليار دولار).
في حين سجل إجمالي الأصول الأجنبية للمصارف التجارية خلال الربع الثاني من عام 2021 ارتفاعا نسبته 0.8 في المائة عند ملياري ريال (533.3 مليون دولار) لتبلغ حوالي 251.2 مليار ريال (66.9 مليار دولار)، مقارنة بانخفاض نسبته 0.3 في المائة للربع السابق، وشكلت الأصول الأجنبية للمصارف التجارية بنهاية الربع الثاني من عام 2021 ما نسبته 8.1 في المائة من إجمالي أصول المصارف التجارية مقارنة بما نسبته 8.2 في المائة في نهاية الربع السابق.
وقال صالح الخليوي رئيس اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس الشورى، لـ«الشرق الأوسط»، إنه من الصعب تحديد قدرة البنوك لتغطية الطلب مع تدفق الاستثمارات والمشاريع الكبرى وذلك بحسب المبالغ المطلوبة، إلا أن المؤشرات، تؤكد على أن الموجودات في هذه البنوك عالية وكبيرة جدا، ويتضح ذلك جليا عندما طرحت عدد من الشركات أخيراً لعمليات الاكتتاب جرى تغطيتها بمبالغ مالية ضخمة وهذا يدل على أن هناك سيولة كبيرة جدة.
وأضاف: «هذه المشاريع التي ستنفذ من الداخل أو التي ستأتي من خلال مستثمرين أجانب، ستدفع بالعديد من البنوك العالمية للدخول في السوق السعودية، وهذا سيكون له تأثير إيجابي على البنوك المحلية التي ستسعى لتعزيز موقعها وأن تكون نداً لهذه البنوك العالمية، وهذا المنحى سيسهم في تقوية البنوك المحلية ورفع قدرتها في الخدمات المصرفية المختلفة».
وأوضح الخليوي أن إعلان الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، للاستراتيجية سيسرع بدخول العديد من هذه البنوك مع إعلان اندماجات وعمليات استحواذ لبعض البنوك، خاصة مع إعلان العديد من البرامج التي كان آخرها الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، وكل هذا يحتاج إلى تمويلات وقروض من بنوك قوية قادرة لمواكبة المرحلة القادمة.
وأشار رئيس اللجنة المالية، إلى أن وجود مشاريع الاستثمار سيسهم في سحب السيولة وبالتالي تحريك الاقتصاد المحلي وتخفيف التضخم، طالما أن دور الاستراتيجية سيجلب استثمارا للداخل، والجانب الآخر جلب الاستثمار الأجنبي الذي يعامل معاملة المستثمر المحلي في جميع المميزات بما في ذلك عمليات الإقراض من البنوك، وبالتالي يعتمد قدرة البنوك على حجم المبالغ المطلوبة.
من جهته، قال المحلل المالي، تركي فدعق لـ«الشرق الأوسط»، إن البنوك مقبلة على مرحلة جديدة تتطلب منها إعادة النظر في سياساتها الإقراضية، والتخلي عن التحفظ المبالغ فيه ليكون دورها أكثر فاعلية في تمويل المشاريع والانفتاح على العالم.
ولفت فدعق إلى أن البنوك عندما تقرض أفراداً أو شركات، لا تقرض بناء على المشاريع التي تقدمها الشركات ودراسات الجدوى، إنما تأخذ ضمانات قد توازي قيمة المبالغ التي تقرض لهم، وبالتالي هذا التحفظ يجب مراجعته، موضحاً أن ذلك لا يقلل من دور البنوك، ولكن التحفظ المبالغ فيه أحيانا قد لا يكون مناسبا في هذه الفترة.
وتابع: «هناك فرصة لتحفيز ودعم الاستراتيجية الاستثمارية التي أعلن عنها ولي العهد، لذلك يجب أن تتخذ هذه البنوك قرارات إقراض بناء على الجدوى الاقتصادية للمشروع محل القرض أو المشروع المراد توظيف هذه الأموال فيه ولا تبالغ بالضمانات من القطاع الخاص لأن هذا يضعف القطاع الخاص ماليا».
وأضاف: «نحن نتفهم أن هذه الأموال تعود للمودعين ولكن لا بد أن تتحمل جزءا من هذا التحفيز لأنه يعود على الاقتصاد الوطني بشكل كبير، خاصة أن المستثمر الأجنبي يتوقع عند دخوله السوق المحلي أن المستثمر المحلي لديه جزء من هذه القوة المالية التي تفترض أن البنوك توفرها لهم».


مقالات ذات صلة

رئيس «تداول»: رفع «موديز» التصنيف الائتماني للسعودية يعزز ثقة المستثمرين

الاقتصاد مستثمر أمام شعار شركة «تداول» السعودية (الشرق الأوسط)

رئيس «تداول»: رفع «موديز» التصنيف الائتماني للسعودية يعزز ثقة المستثمرين

قال الرئيس التنفيذي لمجموعة «تداول» السعودية، المهندس خالد الحصان، إن إعلان وكالة «موديز» رفع التصنيف الائتماني للمملكة إلى «إيه إيه 3» يعزز ثقة المستثمرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تصنيف السعودية إلى «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1»، مشيرة إلى جهودها لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك) «الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من المؤتمر الدبلوماسي لمعاهدة قانون التصاميم في الرياض (الشرق الأوسط)

السعودية تسطر التاريخ باعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم

سطرت السعودية التاريخ بعد أن جمعت البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للملكية الفكرية المكونة من 193 دولة، للاتفاق على معاهدة الرياض لقانون التصاميم.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد العوهلي متحدثاً للحضور في منتدى المحتوى المحلي (الشرق الأوسط)

نسبة توطين الإنفاق العسكري بالسعودية تصل إلى 19.35 %

كشف محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية المهندس أحمد العوهلي عن وصول نسبة توطين الإنفاق العسكري إلى 19.35 في المائة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.