اليمن يدعو لضغط دولي يوقف تلاعب الحوثيين بالملف الإنساني

TT

اليمن يدعو لضغط دولي يوقف تلاعب الحوثيين بالملف الإنساني

دعت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا المجتمع الدولي إلى الضغط على الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران لإرغامها على وقف التلاعب بالملف الإنساني، بخاصة بعد اعتراف الميليشيات بعدم وجود أي حصار يعيق تدفق السلع إلى ميناء الحديدة، كما كانت تزعم من قبل. الدعوة الحكومية جاءت خلال تصريحات رسمية أمس (الجمعة) على لسان وزير الإعلام والثقافة والسياحة معمر الإرياني، شدد فيها على أهمية وضع حد لسلوك الميليشيات المتعلق بتجويع اليمنيين والتسبب في رفع الأسعار ومضاعفة معاناتهم جراء المتاجرة بالوقود.
وبحسب ما نقلته وكالة «سبأ» طالب الإرياني، ‏المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوثين الأممي والأميركي بممارسة ضغوط حقيقية على ميليشيا الحوثي لوقف تلاعبها بالملف الإنساني، وإنهاء سياسية التجويع والإفقار الممنهج بحق المواطنين في مناطق سيطرتها، وإعادة الأموال المنهوبة من الحساب المخصص لدفع مرتبات الموظفين.
وقال الإرياني إن «حديث ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، عن إجراءات وتسهيلات ومزايا وامتيازات، لتشجيع التجار والمستثمرين للاستيراد عبر ميناء ‎الحديدة، واعترافهم بحجم تناول الحاويات اليومي بالميناء، يدحض كل المزاعم والأكاذيب التي رددتها خلال ستة أعوام عن حصار اقتصادي وعراقيل لتدفق السلع عبر الميناء». وأضاف «ميليشيا الحوثي الإرهابية انتهجت منذ انقلابها على الدولة، ولا تزال، سياسة تجويع وإفقار ممنهج بحق ملايين المواطنين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، واتخذت من تفاقم الأزمة الإنسانية وتردي الأوضاع المعيشية مادة للتضليل والمساومة وابتزاز المجتمع الدولي».
وأشار الوزير اليمني إلى أن «الميليشيات احتكرت تحت مزاعم وأكذوبة الحصار، تجارة المشتقات النفطية، التي استمر تدفقها بشكل طبيعي من ميناء الحديدة، وباعته في السوق السوداء بأسعار مضاعفة، واستثمرت معاناة اليمنيين لجني وتكديس المليارات من الريالات والتي خصصت لجيوب قيادتها وتمويل ما تسميه المجهود الحربي».
وجدد وزير الإعلام اليمني اتهام الميليشيات الحوثية بأنها «استمرت طيلة سبعة أعوام في نهب عائدات ميناء الحديدة من الجمارك، وعطلت الاتفاق الذي رعته الأمم المتحدة والذي نص على توريد تلك العائدات لحساب خاص في فرع البنك المركزي اليمني بمحافظة الحديدة، وتخصيصه لدفع رواتب الموظفين في القطاع الحكومي في كافة محافظات الجمهورية».
وكانت الميليشيات الحوثية وفي سياق الحرب الاقتصادية التي تشنها ضد الحكومة الشرعية، زعمت قبل أيام أنها ستقدم تخفيضات في رسوم الجمارك للتجار الذين يستوردون عبر موانئ الحديدة الخاضعة لها وذلك أملا في أن تضاعف الجبايات التي تحصدها لمصلحة مجهودها الحربي.
وعلى الرغم مما تزعمه الجماعة المدعومة من إيران عن وجود حصار على ميناء الحديدة، قال قادتها إنهم قرروا تخفيض 49 في المائة من رسوم التعريفة الجمركية للتجار ورجال الأعمال، الذين يعتزمون استيراد السلع بالحاويات عبر ميناء الحديدة، إلى جانب توفير مزايا وتسهيلات أخرى في الميناء الذي يعمل على مدار 24 ساعة لخدمة المستوردين.
وبعيدا عن هذا التناقض بين مزاعم الحصار من قبل الجماعة وبين الاعتراف بعمل الميناء على مدار الساعة، يؤكد مراقبون أن هذه التصريحات والوعود الحوثية للتجار جاءت ردا على قرار الحكومة الشرعية برفع الجمارك بنسبة 100 في المائة على السلع الكمالية التي تقول الحكومة إنها تستنزف العملة الصعبة بشكل أساسي. يشار إلى أن الميليشيات الحوثية كانت استحدثت خلال السنوات الماضية منافذ جمركية برية في المناطق الخاضعة لها حيث تجبر التجار على دفع جمارك على البضائع للمرة الثانية بعد أن كان المستوردون دفعوا هذه الرسوم في المنافذ الخاضعة للشرعية. وخلال السنوات الماضية استولت الميليشيات على مليارات الريالات من عائدات موانئ الحديدة، رغم الآلية التي اقترحتها الأمم المتحدة لدفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الميليشيات من هذه العائدات، الأمر الذي دفع الشرعية لتعليق العمل بهذه الآلية بخاصة فيما يخص شحنات الوقود.
وفي سياق الإغراءات التي أعلنتها الجماعة للتجار زعمت وجود مختبر متكامل، من أحدث المختبرات على مستوى اليمن والشرق الأوسط لفحص الأغذية داخل الميناء وأنه سيعمل على مدار الساعة وطوال الأسبوع بما فيها الإجازات والأعياد، إلى جانب وجود القدرة لمعاينة 300 حاوية في اليوم. يشار إلى أن الحكومة الشرعية كانت اتخذت في وقت سابق قرارها رقم 7 لسنة 2012 بشأن تحريك سعر صرف الدولار الجمركي من 250 ريالا إلى 500 ريال فيما يخص السلع الكمالية، وهو القرار الذي أثار لغطا في الأوساط الاقتصادية.
وقالت الحكومة إن السلع الأساسية المعفاة من الرسوم الجمركية وهي القمح والأرز وحليب الأطفال والأدوية، بجانب الدقيق والزيت، لن تتأثر نهائيا بهذا القرار، وإن هذه التدابير لن تمس قوت المواطنين الأساسي، مؤكدة أن القرار بزيادة الجمارك على الكماليات سيرفد المالية العامة بإيرادات تساهم في وقف تدهور العملة الوطنية، وتحسين الخدمات العامة وانتظام صرف رواتب موظفي الدولة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».