صنعاء: وقود مغشوش... وتحذيرات من أزمة محروقات وتفاقمها

بعد عقوبات وهجمات عسكرية أميركية ضد الحوثيين

نقطة بيع تابعة للسوق السوداء للوقود أمام شركة النفط اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)
نقطة بيع تابعة للسوق السوداء للوقود أمام شركة النفط اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)
TT
20

صنعاء: وقود مغشوش... وتحذيرات من أزمة محروقات وتفاقمها

نقطة بيع تابعة للسوق السوداء للوقود أمام شركة النفط اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)
نقطة بيع تابعة للسوق السوداء للوقود أمام شركة النفط اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ظهرت بوادر أزمة وقود في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية نتيجة العقوبات والهجمات العسكرية الأميركية على الجماعة أخيراً.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن عدداً من محطات الوقود وملاك السيارات والمركبات باتوا في حيرة من أمرهم إزاء انتشار الوقود المغشوش، واحتمالية بدء أزمة جديدة في الأسابيع المقبلة.

وترجع حيرة ملاك المحطات والمركبات إلى عدم قدرتهم على اتخاذ قرار بشراء الوقود المغشوش المنتشر، وانتظار حل هذه الأزمة، في مقابل إمكانية حدوث أزمة جديدة في كميات الوقود المرجح نقصانها خلال الأسابيع المقبلة.

ومنذ قرابة أسبوعين أقرت الولايات المتحدة فرض حظر على وصول الوقود إلى ميناء الحديدة، الذي تسيطر عليه الجماعة الحوثية، ابتداءً من 4 أبريل (نيسان) المقبل، في إطار مساعيها لتضييق الخناق على الموارد المالية للجماعة بعد تصنيفها منظمة إرهابية أجنبية وفرض عقوبات على عدد من قادتها.

وأبلغت الجماعة الحوثية شركات تجارة الوقود التابعة لها بتعزيز مخزونها على وجه السرعة قبل دخول أي عقوبات أميركية حيز التنفيذ.

وتعهدت الحكومة اليمنية للأمم المتحدة بتوفير الوقود وغاز الطهي في مناطق سيطرة الحوثيين عند سريان العقوبات الأميركية على الجماعة، وحظر استيراد الوقود عبر المواني الخاضعة لسيطرتهم.

الشهر المقبل يبدأ حظر وصول الوقود إلى ميناء الحديدة بسبب العقوبات الأميركية على الحوثيين (رويترز)
الشهر المقبل يبدأ حظر وصول الوقود إلى ميناء الحديدة بسبب العقوبات الأميركية على الحوثيين (رويترز)

وتهدد صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين أزمة وقود متوقعة، مع انتشار بنزين مغشوش تسبب بأعطال فنية كبيرة في السيارات، في حين أثار موقف قطاع النفط الخاضع للجماعة بشأن الغش تهكم وغضب السكان.

وعلى الرغم من اعتراف قطاع النفط بانتشار الوقود المغشوش، فإنه تنصل من تورطه، أو أي قيادات في الجماعة، من التسبب في ذلك، واكتفى بتكليف ما سماه لجاناً فنية، لفحص الوقود في المحطات واكتشاف نوعية المواد الموجودة فيه، وذلك بعد شكاوى ملاك السيارات ومستخدميها من أعطال طارئة في المركبات خلال الأيام الماضية.

ووعد القطاع بالعمل على دراسة نوعية السيارات التي حدثت فيها «بعض الأعطال الفنية لمعرفة الأسباب الحقيقية، واتخاذ إجراءات احترازية لتعزيز أعمال الرقابة لضمان مواجهة أي احتمالات لهذه المشكلة».

وعدّ مالكو المركبات ما ورد في بيان قطاع النفط التابع للجماعة تنصلاً من المسؤولية المقرون بالاعتراف، واصفين موقفه بالمرتبك وغير الواقعي، كونه حاول إحالة أعطال المركبات إلى أسباب لم يسمها.

شوائب غريبة تكشف غش الوقود المنتشر في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية (إكس)
شوائب غريبة تكشف غش الوقود المنتشر في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية (إكس)

وذكر عدد من مالكي السيارات أن الفنيين في الورش المتخصصة بإصلاح المركبات أبلغوهم بأن الأعطال تعود إلى وجود شوائب في الوقود المستخدم، في حين تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لقوارير زجاجية أو بلاستيكية تحتوي بنزيناً ملوثاً برواسب غريبة.

وأورد عدد من مالكي مراكز وورش إصلاح السيارات على حساباتهم في مواقع التواصل أمثلة عن أعراض الأعطال التي يتسبب بها الوقود المغشوش، مثل تآكل المحركات وصدور أصوات غريبة منها وضعف أدائها أو وقوفها المفاجئ بسبب التصاق الصمامات، إلى جانب زيادة استهلاك الوقود وارتفاع انبعاث العوادم، واهتزاز شديد للمركبات عند تشغيلها.

وظهر ارتباك موقف قطاع النفط التابع للجماعة من خلال تحذيره من شراء المشتقات النفطية غير المطابقة للمواصفات «لما قد تسببه من أضرار جسيمة على المركبات والمعدات، إضافة إلى المخاطر التي تهدد سلامتهم وسلامة الآخرين».

سيارات تنتظر إصلاحها في إحدى الورش في صنعاء بسبب غش الوقود بحسب مالك الورشة (فيسبوك)
سيارات تنتظر إصلاحها في إحدى الورش في صنعاء بسبب غش الوقود بحسب مالك الورشة (فيسبوك)

وأعرب كثير من مُلاك المركبات عن استغرابهم من هذا التحذير الذي يبدو فيه تنصل القطاع النفطي من المسؤولية، وعدم اتخاذ إجراءات لمصادرة الوقود المغشوش، أو تقديم معلومات ولو بسيطة عن كيفية التحقق من الغش واكتشافه.

مخاوف المستهلكين

تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لأحد الناشطين وهو يتذوق رشفة من الوقود في إحدى المحطات لاكتشاف نقاوته، في سخرية من بيان قطاع النفط الحوثي الذي دعا إلى التحقق من نقاوة الوقود قبل شرائه.

وأشار عدد من سائقي المركبات إلى أن لون الوقود باهت بشكل واضح، ما يرجح وجود نسبة من المياه فيه. وأبدى مصدر مطلع في صنعاء مخاوفه من أن يكون تلوث الوقود عائداً إلى خلطه بمياه البحر التي تمثل خطراً أكبر من المياه العذبة على المحركات، متوقعاً أن تكون عملية الغش بدأت قبل إفراغ السفن المحملة به في البحر، وهو ما قد يضاعف من الأضرار التي تلحق بالمركبات.

قطع من محرك سيارة تعطلت بسبب غش الوقود في صنعاء بحسب ما نشر مالك السيارة (فيسبوك)
قطع من محرك سيارة تعطلت بسبب غش الوقود في صنعاء بحسب ما نشر مالك السيارة (فيسبوك)

وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن موقف قطاع النفط التابع للجماعة الحوثية حاول الإيحاء بمحدودية الكميات المغشوشة من الوقود في المحطات، بينما تشير المعلومات والوقائع إلى أن الغش شمل كمية كبيرة منه، وأن عملية الغش لم تحدث في المحطات أو خلال التوزيع، بل من المستورد نفسه.

وترجح مصادر أخرى أن يكون مصدر الوقود المغشوش من الكميات التي أعلنت الجماعة الحوثية نفسها ضبطها ومصادرتها خلال الأعوام الماضية، وبدلاً من التخلص منها، لجأت إلى تخزينها في خزانات خاصة بها تحسباً لأي طارئ.

وبحسب المصادر، فقد لجأت الجماعة خلال الأسابيع الماضية إلى سياسات متعددة لتجنب تبعات قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتصنيفها منظمة إرهابية أجنبية، وما تلا ذلك من عقوبات اقتصادية، وصولاً إلى الهجمات العسكرية الموجعة التي توجهها القوات الأميركية للأسبوع الثاني.

بوادر أزمة وقود جديدة في مناطق سيطرة الحوثيين بسبب العقوبات الأميركية (رويترز- إرشيفية)
بوادر أزمة وقود جديدة في مناطق سيطرة الحوثيين بسبب العقوبات الأميركية (رويترز- إرشيفية)

وبسبب تخوفها من تأثيرات العقوبات والضربات على مخزونها من الوقود، بدأت الجماعة، وفقاً للمصادر، في بيع الكميات التي صادرتها خلال السنوات السابقة، والمقدرة بـ45 مليون لتر، بحسب إعلان القيادي في الجماعة عمار الأضرعي خلال عام 2022 من أجل إحلال الوقود المستورد أخيراً في الخزانات التي كان الوقود المغشوش محتجزاً فيها.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يعلنون مقتل 4 في قصف أميركي شرق صنعاء

العالم العربي أشخاص يتجمعون على أنقاض منزل تعرض لغارة أميركية في صعدة باليمن (رويترز)

الحوثيون يعلنون مقتل 4 في قصف أميركي شرق صنعاء

أعلنت جماعة الحوثي، في وقت مبكر اليوم الخميس، سقوط أربعة قتلى وجرحى جراء قصف أميركي على محافظة صنعاء.

«الشرق الأوسط» (عدن)
الولايات المتحدة​ النائب الأميركي راجا كريشنامورثي يشير إلى رسائل نصية لوزير الدفاع بيت هيغسيث خلال جلسة استماع سنوية لتقييم التهديدات العالمية في مبنى مكتب لونغورث هاوس بعد تسريب «محادثات سيغنال» (أ.ف.ب)

روبيو: واقعة «سيغنال» خطأ فادح لكن لم يهدد حياة جنودنا

أكّد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، اليوم (الأربعاء)، أن المعلومات الواردة عبر محادثة «سيغنال» بشأن الهجمات على اليمن لم تكن سرية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ البيت الأبيض: مستشار الأمن القومي والتز يتحمل مسؤولية «واقعة سيغنال» play-circle

البيت الأبيض: مستشار الأمن القومي والتز يتحمل مسؤولية «واقعة سيغنال»

حمّل البيت الأبيض اليوم (الأربعاء)، مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز المسؤولية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي اتهامات للجماعة الحوثية باستخدام المساعدات في استقطاب المقاتلين خصوصاً من الأطفال (رويترز)

تعسف الانقلابيين يضرب التكافل الاجتماعي في اليمن

تتسبب ممارسات الجماعة الحوثية في تراجع التكافل الاجتماعي بين اليمنيين، بالتزامن مع مساعيها لحرمان السكان من المساعدات المقدمة من فاعلي الخير وتجييرها لصالحها

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي النساء اليمنيات يواجهن صعوبات حياتية كبيرة بسبب الحرب وممارسات الجماعة الحوثية (إ.ب.أ)

تستّر حوثي على عصابات تختطف النساء

بسبب جهود عائلة يمنية أجرت بحثاً واسعاً عن إحدى نسائها المختطفات في محافظة إب، أمكن الكشف عن عصابتين تختطفان 16 امرأة في ظل تستر الجماعة الحوثية على هذه الجرائم

وضاح الجليل (عدن)

بعد «واقعة سيغنال»... تقرير يكشف تسريب بيانات خاصة بمسؤولي إدارة ترمب على الإنترنت

شعارات عدد من تطبيقات الهواتف ومن بينها «سيغنال» (أ.ب)
شعارات عدد من تطبيقات الهواتف ومن بينها «سيغنال» (أ.ب)
TT
20

بعد «واقعة سيغنال»... تقرير يكشف تسريب بيانات خاصة بمسؤولي إدارة ترمب على الإنترنت

شعارات عدد من تطبيقات الهواتف ومن بينها «سيغنال» (أ.ب)
شعارات عدد من تطبيقات الهواتف ومن بينها «سيغنال» (أ.ب)

أفادت مجلة «دير شبيغل» الألمانية، أمس (الأربعاء)، بأن البيانات الخاصة بعدد من المسؤولين الأمنيين في إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، أصبحت متاحة على الإنترنت.

أفادت مجلة «دير شبيغل» الألمانية، أمس (الأربعاء)، بأن البيانات الخاصة بعدد من المسؤولين الأمنيين في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب أصبحت متاحة على الإنترنت، في واقعة وصفتها بأنها إحدى تداعيات استخدام المسؤولين لمجموعة دردشة على تطبيق «سيغنال» لمناقشة خطط شن غارات جوية على الحوثيين في اليمن.

وتعرضت إدارة ترمب لانقادات واسعة بعد كشف رئيس تحرير مجلة «ذا أتلانتيك» جيفري غولدبرغ يوم الاثنين أنه أضيف بالخطأ إلى مجموعة رسائل نصية على «سيغنال» ناقش خلالها كبار المسؤولين الأميركيين، من بينهم وزير الدفاع بيت هيغسيث ومدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، جون راتكليف، ومستشار الأمن القومي مايك والتز، ومديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد، ضربات منويّ تنفيذها على مواقع للحوثيين في اليمن.

وأعطى هيغسيث في سياق مجموعة الدردشة تفاصيل دقيقة جدّاً عن الهجمات قبيل تنفيذها في 15 مارس (آذار).

وأثار الكشف عن مشاركة خطط هجومية بالغة الحساسية عبر تطبيق مراسلة تجاري، وربما عبر هواتف شخصية، غضباً في واشنطن ودعوات من الديمقراطيين لإقالة أعضاء فريق ترمب المختص بالأمن القومي.

وكشف تقرير مجلة «دير شبيغل» أن أرقام الهواتف الجوالة وعناوين البريد الإلكتروني وحتى بعض كلمات المرور، التي استخدمها والتز، وهيغسيث، وغابارد، يمكن العثور عليها على الإنترنت.

وأشار التقرير إلى أن بعض أرقام الهواتف وعناوين البريد الإلكتروني كانت مرتبطة أيضا بحسابات المسؤولين الشخصية على «إنستغرام» و«لينكدإن»، وخدمة التخزين السحابي دروبوكس، وتطبيقات تتبع موقع المستخدم.

وورد أيضاً أن أرقام غابارد ووالتز كانت مرتبطة بحسابات على تطبيقي «واتساب» و«سيغنال». وقالت: «دير شبيغل» إن ذلك جعلهما عرضة لبرامج التجسس التي يتم تثبيتها على الهواتف.

وأضافت أنه من المحتمل أيضاً أن يكون هناك عملاء أجانب قد تجسسوا على المحادثة الخاصة بخطط شن الضربات على الحوثيين.