سلس البول... مشكلة شائعة بين النساء

المسالك البولية والعضلات المحيطة بها تتأثر بآليات ميكانيكية أو تشريحية أو هرمونية

سلس البول... مشكلة شائعة بين النساء
TT

سلس البول... مشكلة شائعة بين النساء

سلس البول... مشكلة شائعة بين النساء

سلطت مراجعة طبية حديثة الضوء على مدى انتشار حالات «سلس البول» (Urinary Incontinence) لدى النساء. ووفق ما تم نشره ضمن عدد 24 يونيو (حزيران) الماضي لمجلة «نيو إنغلند جورنال أوف ميديسن» (NEJM)، أفادت الدكتورة جينيفر م. واو، من جامعة نورث كارولينا، بأن «سلس البول شائع بين النساء، ويمكن أن يسبب كرباً جسدياً وعاطفياً واجتماعياً للمرأة لأن نوبات سلس البول قد تؤدي إلى تقييد نمط الحياة أو أنشطة العمل، مما يفضي إلى الإحراج والاكتئاب، وحتى العزلة الاجتماعية». وفي مراجعتها العلمية، ركزت الدكتورة جينيفر على نوع «سلس البول الإجهادي» (Stress Incontinence) من بين الأنواع المتعددة لسلس البول لدى النساء.

- مشكلة شائعة
ولتوضيح حجم هذه المشكلة الصحية ومدى انتشارها، قالت الدكتورة جينيفر ما ملخصه: «عند تعريفه على أنه، أي سلسٍ للبول، (بسبب إجهادي) حصل في العام السابق، فإن معدل الانتشار الإجمالي بين النساء البالغات يبلغ نحو 46 في المائة. ويزداد الانتشار مع زيادة الوزن والتقدم في العمر، حيث يصل إلى ذروته بنسبة 50 في المائة بين النساء في سن 40 سنة وما فوق. وتشمل عوامل الخطر الأخرى الحمل وتكراره، وطريقة الولادة، إذ إنه مع الولادات المهبلية، تبلع معدلات الإصابة ضعف تلك مع الولادات القيصرية».
وتحت عنوان «إحصاءات عن سلس البول»، توضح مؤسسة السلس الأسترالية (CFA) أن «سلس البول يصيب ما يصل إلى 10 في المائة من الرجال الأستراليين، وما يصل إلى 38 في المائة من النساء الأستراليات، وأن 80 في المائة من المصابين بسلس البول في المجتمع هم من النساء، وأن أكثر من نصف النساء المُصابات بسلس البول تقل أعمارهن عن 50 عاماً، وأن 70 في المائة من الأشخاص الذين يعانون من سلس البول لا يطلبون المشورة والعلاج لمشكلتهم».

- سلس البول
ويُفيد مكتب صحة المرأة بالولايات المتحدة (Office on Women›s Health) بأن سلس البول هو تسرب البول عند فقدان السيطرة على المثانة. وهو ما يشمل تسريب كمية صغيرة من البول أو خروج كثير منه دفعة واحدة بشكل لا إرادي.
ومعلوم أن الكُلى تصنع البول، ثم يتم تخزينه في المثانة إلى حين الرغبة بإخراجه إرادياً. وتحتوي المثانة على عضلات تنقبض عند الحاجة إرادياً إلى التبول. وعندما تتقلص عضلات المثانة، وفي الوقت نفسه تسترخي العضلة العاصرة (Sphincter Muscles) حول مخرج المثانة (عنق المثانة) إلى أنبوب الإحليل، يتم جريان البول من المثانة إلى الإحليل، ومن ثم إلى خارج الجسم. ولذا، فإن عملية التبول تتطلب تفاعل عدة عناصر بشكل متناغم، وهي: الرغبة، والتفاعل الدماغي معها، ومقدار الضغط داخل تجويف البطن والحوض، والأعصاب التي تغذي المثانة، والعضلات في جدران المثانة، ومخرج المثانة، ومنطقة أسفل الحوض، وقناة الإحليل.
ولكن يمكن أن يحدث سلس البول، على الرغم من عدم الرغبة في التبول، عندما يتم الضغط على عضلات المثانة فجأة، ومن ثم تنقبض، ولا تكون حينذاك العضلة العاصرة قوية بما يكفي لإحكام إغلاق الإحليل، ومنع التسريب اللاإرادي للبول. والانقباض المفاجئ لعضلات المثانة يمكن أن يحدث نتيجة الارتفاع المفاجئ للضغط في البطن، كما عند الضحك أو العطس أو ممارسة الرياضة.
وأضاف مكتب صحة المرأة ما ملخصه أن لدى النساء أحداث صحية فريدة، مثل الحمل والولادة وانقطاع الطمث، وهي قد تؤثر على المسالك البولية والعضلات المحيطة بها، إما بآليات ميكانيكية أو تشريحية أو هرمونية. وبالتالي، قد تصبح عضلات قاع الحوض (التي تدعم المثانة والإحليل والرحم والأمعاء) أضعف أو تالفة. وعندما تكون العضلات التي تدعم المسالك البولية ضعيفة، يجب أن تعمل عضلات المسالك البولية بجهد أكبر لحبس البول إلى حين الرغبة الإرادية في التبول. وفي هذا الوضع، فإن الضغط الإضافي المفاجئ على المثانة والإحليل قد يتسبب في سلس البول. كما أن مجرى البول الأنثوي أقصر من مجرى البول عند الذكور، ومن المرجح أن يؤدي أي ضعف أو تلف في مجرى البول لدى المرأة إلى سلس البول.
ولمزيد من التوضيح في مراجعتها العلمية الحديثة، حول آلية حصول سلس البول الإجهادي، قالت الدكتورة جينيفر: «يحدث سلس الإجهاد عندما يتجاوز مقدار الضغط داخل البطن (Intraabdominal Pressure) مقدار الضغط داخل الإحليل (Urethral Pressure)، مما يؤدي إلى تسرب البول عند السعال والعطس وممارسة الرياضة. وهناك آليتان رئيسيتان للسلس الإجهادي: الأولى فرط حركة مجرى البول (Urethral Hypermobility)، وهو يحدث بسبب فقدان دعم عضلات قاع الحوض أو النسيج الضام المهبلي، بحيث لا ينغلق مجرى البول وعنق المثانة بشكل كافٍ عند زيادة الضغط في داخل البطن. أما الآلية الثانية، فهي ضعف العضلة العاصرة الداخلية (Intrinsic Sphincter Deficiency)، وهو ما يحدث بسبب ضمور الغشاء المخاطي للإحليل، وضعف القوة العضلية فيه، مما يؤدي إلى ضعف إغلاق مجرى البول في الإحليل. وتتميز الحالات الناجمة عن ضعف العضلة العاصرة الداخلية بأعراض أكثر حدة».

- تقييم الحالات
وأضافت الدكتورة جينيفر: «وعلى الرغم من انتشاره المرتفع، تسعى أقل من 40 في المائة من النساء المصابات به للحصول على رعاية طبية لهذه الحالة». وأوضحت أنه من المهم لمقدمي الرعاية أن يسألوا عن سلس البول، ويبينوا أنه ليس جزءاً طبيعياً من الشيخوخة، وأن خيارات العلاج موجودة للأعراض المزعجة. وأكدت ما مفاده: «يشمل التقييم مدى كل من:
- شدة سلس البول.
- تكرار التسرب (على سبيل المثال، يومياً أو أسبوعياً أو شهرياً).
- كمية التسرب (على سبيل المثال، صغيرة أو متوسطة أو كبيرة).
- مدى استخدام الفوط النسائية ونوع الفوط.
- درجة القلق من سلس الإجهاد.
- شدة إلحاح ضرورة التبول.
- مدى الإفراغ غير الكامل للمثانة مع نهاية التبول.
- مدى وجود نوع من التدلي لأي من أعضاء الحوض للخارج (Pelvic Organ Prolapse) أو سلس البراز.
لأن هذه المعلومات ستساعد في توجيه القرارات المتعلقة بالعلاج».
وفي جانب المعالجة، قالت: «التمارين التي تقوي عضلات قاع الحوض فعالة في السيطرة على سلس البول، وينصح بفقدان الوزن عند النساء ذوات الوزن الزائد أو البدينات. ويجب النظر في الإحالة إلى اختصاصي لسلس البول أو الجراحة، إذا فشلت خيارات العلاج السلوكي، واستمر المريض يعاني من أعراض مزعجة».

- 5 أنواع من سلس البول
ثمة أنواع متعددة من حالات سلس البول، يوضحها الأطباء من «مايو كلينك» بقولهم: «يتعرض كثيرون لتسرب البول من فترة لأخرى، وبكميات بسيطة. وبعض آخر قد تفلت منه كميات من بسيطة إلى متوسطة من البول بوتيرة أكثر تكراراً. وتشمل أنواع سلس البول:
> سلس البول الإجهادي: وفيه يتسرب البول عندما تضغط على مثانتك من خلال السعال أو العطس أو الضحك أو ممارسة الرياضة أو رفع شيء ثقيل.
> سلس البول الإلحاحي: وهو الشعور باحتياج مفاجئ قوي للتبول، يتبعه خروج البول لا إرادياً (قبل بلوغ المرحاض). ولدى بعض كبار السن، يحصل هذا الاحتياج المُلح للتبول بشكل أكثر تكراراً، بما في ذلك في ساعات الليل. وسلس البول الإلحاحي قد يكون ناتجاً عن حالة بسيطة، مثل التهاب المسالك البولية، أو حالة أكثر خطورة، مثل اضطراب عصبي أو داء السكري.
> سلس البول الفيضي: وهو الشعور بتساقط قطرات بول متكررة أو مستمرة بسبب عدم إفراغ المثانة بالكامل.
> سلس البول الوظيفي: ويحدث نتيجة إعاقة بدنية أو عقلية تمنع من القدرة على الذهاب إلى المرحاض في الوقت المناسب. وعلى سبيل المثال، قد تؤدي الإصابة بالتهاب المفاصل الحاد إلى عدم القدرة على فك أزرار البنطال بالسرعة الكافية قبل الاضطرار إلى بدء التبول.
> سلس البول المختلط: وهو الشعور بواحد أو أكثر من أنواع سلس البول. ويشير هذا النوع في الأغلب إلى مزيج من سلس البول الإجهادي وسلس البول الإلحاحي».
ومن ناحية الأسباب، يضيفون ما ملخصه أن التقييم الجيد من الطبيب يمكنه المساعدة في تحديد السبب الكامن وراء سلس البول الذي قد يكون إما:
- سلس بول مؤقت، نتيجة عادات يومية، مثل تناول بعض المشروبات والأطعمة والأدوية ذات الأثر المدر للبول، حيث تحفز المثانة على زيادة كمية البول. وتشمل الكافيين والمشروبات الغازية والمياه الفوارة والمُحليات الصناعية والشوكولاتة والفلفل الحار والأطعمة الحريفة أو المُحلاة أو الحامضة، خاصة الفواكه الحمضية (الموالح)، وأدوية القلب وضغط الدم والمهدئات ومُرخيات العضلات، والكميات الكبيرة من «فيتامين سي».
- سلس بول ناجم عن حالات طبية سهلة العلاج، مثل التهاب المسالك البولية التي تسبب تهيجاً للمثانة، ومن ثم الشعور بحاجة ملحة للتبول، وأحياناً سلس البول. وأيضاً الإمساك، حيث يقع المستقيم إلى جوار المثانة، ويتشارك معها في كثير من الأعصاب. ويسبب تراكم البراز الصلب الملبد في المستقيم نشاطاً مفرطاً لهذه الأعصاب، ويزيد من معدل التبول.
- سلس بول مستمر، وهو حالة مستمرة ناتجة عن مشكلات بدنية كامنة أو تغيرات جسدية.

- 4 أنواع رئيسية من الجراحات لعلاج سلس البول
تتوفر كثير من الإجراءات الجراحية لعلاج المشكلات التي تسبب سلس البول. ويُمكن تقسيمها إلى فئات، كل فئة تتفرع منها عدة تقنيات جراحية لإجرائها، وهي:
> عمليات جراحات رافعة المِعلاق (Sling Procedures): والمِعلاق هو شريط، أو حبل أو خيوط، من نسيج الجسم البشري أو حيواني أو شريط صناعي شبكي، يضعه الجراح في موضع اتصال المثانة بالإحليل (عنق المثانة)، بغية إنشاء مِعلاق للحوض أسفل الإحليل، كي يدعم رفع عنق المثانة والإحليل. ويساعد هذا المِعلاق في بقاء الإحليل مغلقاً، خاصة عند السعال أو العطس، ما يُقلل أو يقضي على سلس البول عند النساء. ويختصر وصف ذلك أطباء «كليفلاند كلينك» بالقول: «إنشاء حبال حول عنق المثانة والإحليل من أجل توفير الدعم للحفاظ على مجرى البول مغلقاً لمنع التسربات. وقد يتمكن المرضى من العودة إلى المنزل في وقت مبكر بعد بضع ساعات من الإجراء، ويمكن للمرضى توقع فترة تعافٍ قصيرةٍ». وهناك تقنيات جراحية متعددة في كيفية دخول الجراح إلى تلك المنطقة في أسفل الحوض لتثبيت المِعلاق، وفي مكان وضعه على طول الإحليل، وفي مكان تثبيت هذا الشريط الرافع (المِعلاق) إما خلف عظمة العانة (Retropubic) أو من خلال العضلة السدادية تحت العانة (Transobturator) أو عبر المهبل (Transvaginal). وحديثاً، هناك «عملية المعلاق المُصغّرة» (Mini Sling) التي يصفها أطباء «كليفلاند كلينك» بالقول: «عملية المعلاق المصغرة هي الإجراء الأحدث، والأقل توغلاً جراحياً، في معالجة سلس البول الإجهادي. ويستخدم الإجراء الذي يستغرق من 5 إلى 10 دقائق مفاهيم الرافعات الشريطية نفسها، ولكنها تتضمن شقاً واحداً. وأظهر هذا الإجراء معدل شفاء مرتفعاً، ويقلل من خطر إصابة الأمعاء وإصابة المثانة والنزيف الشديد لأنه يتجاوز ممر الإبرة خلف العانة تماماً».
> عمليات جراحات تعليق عنق المثانة (Bladder Neck Suspension): وهذا الإجراء، كما يقول أطباء «مايو كلينك»، مصمم لتوفير الدعم للإحليل وعنق المثانة، وهي منطقة العضلة المتضخمة في موضع اتصال المثانة بالإحليل. ويتضمن إجراء شق جراحي في البطن، ولذلك يُجرى في أثناء التخدير العام أو التخدير النخاعي للحبل الشوكي في الظهر.
> جراحة تدلي المستقيم (Prolapse Surgery): وهي الجراحة التي قد يتم إجراؤها بالنسبة للنساء المُصابات بتدلي أعضاء الحوض (Pelvic Organ Prolapse) (المهبل والمستقيم)، مع وجود السلس المختلط. وكما يقول أطباء «مايو كلينك»: «يتم من خلال هذه العملية الجراحية الجمع بين إجراء المِعلاق وجراحة تدلي المستقيم. ولا يُحسن ترميم تدلي أعضاء الحوض منفرداً أعراض سلس البول في جميع الحالات».
> جراحة العضلة العاصرة البولية الصناعية (Artificial Urinary Sphincter): وفي هذه العملية الجراحية، تُزرَع حلقة صغيرة مملوءة بسائل حول عنق المثانة، وذلك للحفاظ على غلق العضلة العاصرة البولية (المَصَرّة البولية) إلى حين أن تكون هناك رغبة وحاجة للتبول لدى الشخص. وحينئذ لكي يتبول الشخص، يضغط على صمام يتم زرعه تحت الجلد، ويتسبب ذلك في تفريغ الحلقة من الهواء، والسماح بتدفق البول من المثانة.

- استشارية في الباطنية


مقالات ذات صلة

3 أطعمة عليك تناولها عند إصابتك بنزلة برد أو إنفلونزا

صحتك تزداد في هذه الفترة من العام فرص الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا (د.ب.أ)

3 أطعمة عليك تناولها عند إصابتك بنزلة برد أو إنفلونزا

تزداد في هذه الفترة من العام فرص الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا وغيرهما من الفيروسات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك يُعدّ اكتئاب ما بعد الولادة من المشكلات النفسية المزعجة التي تعاني منها الأمهات (رويترز)

كيف تتخطين «اكتئاب ما بعد الولادة»؟

يُعدّ اكتئاب ما بعد الولادة من المشكلات النفسية المزعجة التي تعاني منها الأمهات، وقد تستمر معهن لأشهر طويلة، وتتطور لدى بعضهن إلى حد التفكير في الانتحار.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك أمراض القلب قد تسرع خطر إصابة الرجال بالخرف (رويترز)

أمراض القلب قد تسرع خطر إصابة الرجال بالخرف

كشفت دراسة جديدة أن أمراض القلب قد تسرع خطر إصابة الرجال بالخرف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ينصح الخبراء بأن حتى المشي السريع يعمل على تعزيز الدورة الدموية ودعم الطاقة بشكل أفضل خلال الشتاء (أرشيفية - أ.ف.ب)

5 نصائح لتجنب الشعور بالتعب والإرهاق وسط برودة الطقس

ينصح خبراء التغذية بنصائح عدة لزيادة النشاط وتجنب التعب في الشتاء.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك هل يمكننا قياس مدى سرعة شيخوخة أجسادنا؟

هل يمكننا قياس مدى سرعة شيخوخة أجسادنا؟

لتطوير علاجات مضادة للهرم

د. أنتوني كوماروف (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

دراسة جديدة تكشف عن مخاطر صحية لعدم انتظام مواعيد النوم

انتظام النوم قد يكون أكثر أهمية من مدة النوم الكافية (أرشيفية- رويترز)
انتظام النوم قد يكون أكثر أهمية من مدة النوم الكافية (أرشيفية- رويترز)
TT

دراسة جديدة تكشف عن مخاطر صحية لعدم انتظام مواعيد النوم

انتظام النوم قد يكون أكثر أهمية من مدة النوم الكافية (أرشيفية- رويترز)
انتظام النوم قد يكون أكثر أهمية من مدة النوم الكافية (أرشيفية- رويترز)

أفادت دراسة جديدة بأن الأشخاص الذين لا يلتزمون بمواعيد النوم المنتظمة، معرضون لخطر الإصابة بالسكتة الدماغية والنوبات القلبية.

ووجدت الدراسة أن أنماط النوم غير المنتظمة تزيد من خطر الإصابة بأمراض، مثل السكتة الدماغية وفشل القلب، والنوبات القلبية، بغض النظر عما إذا كان الأشخاص يحصلون على قسط كافٍ من النوم بشكل عام.

وبشكل عام، فإن كمية النوم الموصَى بها للأشخاص الذين تتراوح سنهم بين 18 و64 عاماً تتراوح بين 7 و9 ساعات في الليلة، وبين 7 و8 ساعات لمن تبلغ سنهم 65 عاماً أو أكثر.

ووفقاً للدراسة، فقد قام الخبراء بفحص بيانات 72269 شخصاً، تتراوح سنهم بين 40 و79 عاماً، شاركوا في دراسة البنك الحيوي في المملكة المتحدة، ولم يكن لدى أي منهم تاريخ من الأحداث الرئيسية المتعلقة بالقلب، مثل النوبة القلبية. وارتدى الأشخاص في الدراسة جهاز تعقب النشاط لمدة 7 أيام لتسجيل نومهم، ثم قام الخبراء بحساب درجة مؤشر انتظام النوم لكل شخص.

وقد رصدت هذه النتيجة التباين اليومي في وقت النوم، ووقت الاستيقاظ، ومدة النوم، والاستيقاظ أثناء الليل؛ حيث حصل الأشخاص على درجة تتراوح بين 0 (غير منتظم للغاية) و100 (نمط نوم واستيقاظ منتظم تماماً).

ووفق صحيفة «إندبندنت» البريطانية، تم تقسيم جميع المشاركين في الدراسة إلى مجموعة نوم غير منتظمة (أقل من 71.6 درجة)، ومجموعة نوم غير منتظمة إلى حد ما (بين 71.6 و87.3 درجة)، ومجموعة نوم منتظمة (أعلى من 87.3 درجة SRI).

وتمت متابعة الأشخاص لمدة 8 سنوات، وخلال هذه الفترة قام الباحثون بتحليل عدد الأشخاص الذين عانوا من حالات، مثل: النوبة القلبية، والسكتة الدماغية، وقصور القلب.

ووجدت الدراسة التي نُشرت على الإنترنت في مجلة «علم الأوبئة والصحة المجتمعية»، أنه حتى بعد الأخذ في الاعتبار أشياء يمكن أن تؤثر على النتائج -مثل تناول القهوة ومستويات التمارين الرياضية- فإن الأشخاص الذين ينامون بشكل غير منتظم كانوا أكثر عرضة بنسبة 26 في المائة للإصابة بسكتة دماغية أو قصور في القلب أو نوبة قلبية، من أولئك الذين ينامون بشكل منتظم. في حين كان الأشخاص الذين ينامون بشكل غير منتظم بشكل معتدل، أكثر عرضة بنسبة 8 في المائة للإصابة بذلك.

ووجد الباحثون أيضاً أن درجة مؤشر انتظام النوم كانت مقياساً مستمراً؛ حيث زاد خطر إصابة الأشخاص بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية كلما كانت أنماط نومهم غير منتظمة.

ووجدت الدراسة أن نسبة أكبر من الأشخاص الذين ينامون بانتظام (61 في المائة) استوفوا حصة النوم الموصى بها، مقارنة بالأشخاص الذين ينامون بشكل غير منتظم (48 في المائة). ومع ذلك، لم يُحدِث هذا أي فرق في صحة القلب للأشخاص الذين ينامون بشكل غير منتظم، والذين يواجهون خطر الإصابة بالسكتة الدماغية والنوبات القلبية نفسه، حتى لو كانوا يحصلون على قسط كافٍ من النوم.

وفي المقابل، شهد الأشخاص الذين ينامون بشكل غير منتظم انخفاض معدل الخطر، إذا حصلوا على قسط كافٍ من النوم.

وقال الباحثون، بما في ذلك من جامعة أوتاوا: «تشير نتائجنا إلى أن انتظام النوم قد يكون أكثر أهمية من مدة النوم الكافية، في تعديل مخاطر الأحداث القلبية الوعائية الضارة الرئيسية».

وقالت إميلي ماكغراث، ممرضة القلب الكبيرة في مؤسسة القلب البريطانية: «ليس من الواضح بالضبط كيف يفيد النوم القلب؛ لكن الأبحاث تشير إلى أن النوم المضطرب يرتبط بمستويات أعلى من بروتين يسمى (سي آر بي)».

وتابعت ماكغراث: «هذه علامة على الالتهاب، وهي العملية المرتبطة بأمراض القلب والدورة الدموية. ويمكن أن يكون للنوم أيضاً تأثير غير مباشر على صحة القلب، من خلال التأثير على خيارات نمط حياتنا».

وتابعت: «أشارت الدراسات إلى أن عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم قد يؤثر على الهرمونات التي تؤثر على شهيتنا، مما يزيد من رغبتنا في تناول الأطعمة السكرية. وعلى مدى فترة طويلة من الزمن قد يؤدي هذا إلى زيادة الوزن، وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية».

وأردفت: «هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتعزيز هذا الاكتشاف؛ لكن النتائج المبكرة تشير إلى وجود صلة مهمة بين النوم وصحة القلب والدورة الدموية».

وقالت إن الباحثين في جامعة برمنغهام يحققون في كيفية تسبب الأرق أو مشاكل النوم في حالة تسمى الرجفان الأذيني، والتي يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية.

ووجدت دراسة منفصلة نُشرت في مجلة «علم الأعصاب وجراحة الأعصاب والطب النفسي» أن الرجال المعرضين لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، يمكن أن يعانوا من التدهور المعرفي قبل عقد من الزمان من النساء.