سمبوسة أم سمبوسك؟ جدل حول أشهى المقبلات الرمضانية

مقبلات السمبوسة الشهية (أرشيفية - رويترز)
مقبلات السمبوسة الشهية (أرشيفية - رويترز)
TT
20

 سمبوسة أم سمبوسك؟ جدل حول أشهى المقبلات الرمضانية

مقبلات السمبوسة الشهية (أرشيفية - رويترز)
مقبلات السمبوسة الشهية (أرشيفية - رويترز)

سمبوسة أم سمبوسك؟ سؤال أثار نقاشاً طويلاً داخل إحدى المجموعات المغلقة الخاصة بوصفات الطهي على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، على الرغم من أن «مها» التي بدأت هذا النقاش لم تكترث للاسم الصحيح لفطائر السمبوسة، فتساؤلها الأساسي كان بشأن الحشوات الجديدة للفطائر الشهيرة قبل بداية شهر رمضان الكريم، بيد أن السيدات المشاركات في النقاش سرعان ما نسين الموضوع ودخلن في جدل واسع ومتكرر حول الاسم الصحيح لأشهر المقبلات على السفرة الرمضانية في الوطن العربي، وهل هو سمبوسة أو سمبوسك؟

ومثل نقاشات كرة القدم، ينقسم الجميع إلى فريق «السمبوسة» وفريق «السمبوسك»، ويتدخل البعض لفض الاشتباك السنوي الذي يحدث مع بداية شهر رمضان الكريم، وإعطاء بعض الوصفات الطيبة والحشوات اللذيذة.

سمبوسة بحشو اللحم المفروم والبصل (متداولة)
سمبوسة بحشو اللحم المفروم والبصل (متداولة)

الاسم الصحيح «سمبوسة» أم سمبوسك؟

وفي البحث عن المعني، يقول المراجع اللغوي والكاتب المصري، محمود عبد الرازق لـ«الشرق الأوسط» إنها «في الفارسية سَنبوسَگ، وتعني المثلث، وهو الطعام المعروف الذي يُصنَع من عجين يُطوَى على شكل مثلَّث ويُحشَى بالجبن أو اللحم ونحوهما». وذلك بعد بعض البحث اليسير، وسؤال بعض المتخصصين في الفارسية.

ويضيف عبد الرازق: «عندما انتقلت الكلمة - مع انتقال الطعام - إلى العرب قلبوا النون ميماً؛ لأن اللسان العربي يقلب النون الساكنة ميماً إذا تلتها باء، كما يقولون (جَمْب) عندما يقصدون «جَنْب)، و(ممبَر) عندما يقصدون «مِنْبَر)، إلخ».

ويكمل: «أما حرف (گ) الفارسي فهو في منزلة بين الجيم القاهرية (غير المعطَّشة التي تشبه في نطقها حرف (G الإنجليزي) والغين العربية، لهذا عرّبها بعضهم بالكاف كعادتهم مع حرف G الإنجليزي، فقال: (سمبوسك)، وبعضهم بالجيم القاهرية غير المعطشة فقال: (سمبوسج)، وبعضهم رآها مخففة بين الحرفين فنطقها هاءً فقال: (سمبوسهْ) بالبناء على السكون، وبعضهم رأى الهاء تأنيثاً فنطقها (سمبوسة)».

أي هذه الكلمات صواب؟

ويفصل عبد الرازق في الجدل، قائلاً إن «كلها صواب، لأنها كلها تعريبات لكلمة أجنبية، بل إن بعضهم يُبقِي النون ولا يقلبها، فيكتب «سنبوسة» أو «سنبوسك»، وينطقها بالميم «سمبوسة» أو «سمبوسك».

فإذا رصدت الاحتمالات لوجدت احتمالين (الميم والنون) مضروبين في أربعة احتمالات (الكاف والجيم القاهرية والهاء والتاء المربوطة)، بما يعني ثماني طرائق للنطق، لا نملك أن نخطِّئَ أيّاً منها».

أصل السمبوسة

تتضارب الروايات التي تتحدث عن بداية ظهور السمبوسة وتاريخها ومكان نشأتها، فرغم الشهرة التي تحظى بها في السعودية ودول الخليج، فإن هذه الدول ليست موطنها الأصلي، وذلك حسبما ذكر في تقرير سابق نشر في «الشرق الأوسط».

تتنوع حشوة السمبوسة وطرق تقديمها (الشرق الأوسط)
تتنوع حشوة السمبوسة وطرق تقديمها (الشرق الأوسط)

تشير بعض المصادر، إلى أن السمبوسة بدأت مع الأتراك في الزمن العثماني، ومصادر أخرى ترجعها إلى اليمن، تحديداً جبال حضرموت، والرواية الأخيرة والراجحة، هي أنها وليدة الهند، التي تشتهر بالمقليات المغمورة بالزيت، ولا تخلو سفر أهلها منها، لذلك عدت الهند المنشأ الأصلي للسمبوسة، وكانت تقدم للضيوف من الطبقة المخملية. وانتقلت بعدها إلى اليمن إبان الاستعمار البريطاني للهند واليمن، ثم إلى الخليج مع التجار، ومع حجاج بيت الله الحرام. ومن دول الخليج انتشرت بين سكان الدول المجاورة.

حشوات السمبوسة وتقاليع جديدة

وفي خضم البحث عن الوصفات الجديدة، دخلت «السمبوسة» في الماراثون الرمضاني، متخلية عن حشوتها التقليدية باللحم المفروم أو الجبن المتنوعة، وصولاً إلى تقديمها كطبق حلوى تقدمه بعض المتاجر الشهيرة في القاهرة والإسكندرية.

قطع من السمبوسة بالشوكولاته (متداولة)
قطع من السمبوسة بالشوكولاته (متداولة)

حيث تدمج مجموعة من المسكرات المحمصة المخلوطة بالعسل، ويحشى بها العجين وتلف في شكل المثلث التقليدي وتقلى في الزيت، وبعد أن تبرد قليلاً، تغطس في خليط من الشوكولاته السائحة وتزين بالمكسرات المجروشة.

السعرات الحرارية داخل السمبوسة

وتشير بعض التقارير إلى أن عدد السعرات الحرارية في الحبة الواحدة لسمبوسة جبن مقلية، 100 سعر حراري وتستلزم 10 دقائق من التمرينات الرياضية للتخلص من تأثيرها، فيما تسجل حبة سمبوسة اللحم أو الدجاج 130 سعراً حرارياً، وتتطلب 13 دقيقة من التمرينات الرياضية.

وتقول ميادة حسن (ربة منزل): «كل تلك التقاليع لا تغني عن تقديمها بالطريقة التقليدية كمقبلات حادقة، فالعائلة تفضلها كما تعودنا عليها منذ الصغر». وتختلف معها هبة فتحي (مدرسة) قائلة: «التغيير مطلوب، فالأطفال يحبون التجديد».

وترضي السمبوسة جميع الأذواق حالياً، خاصة مع بداية صوم مسيحيي مصر تلك الفترة مع صوم رمضان؛ حيث تقدم بحشوات نباتية من الخضراوات كالمشروم والفلفل الملون والبصل والجزر.

السمبوسة في رمضان

واستحوذت السمبوسة على مكانها في المائدة الرمضانية في مصر، بوصفها طبق مقبلات أساسياً مع السلطات والشوربة يقدم يومياً في إفطار رمضان خلال السنوات الأخيرة، وتُؤْثر على وصفات الجلاش باللحم المفروم، والرقاق البلدي الذي كان يقدم قديماً على السفرة المصرية بشكل يومي وخاصة في ريف مصر، ثم أصبح من أطباق العزومات والتجمعات العائلية حالياً.

وفي رحلة البحث عن الوصفات الصحية، تسأل منال عن سبب ذوبان الجبن خارج لفائف السمبوسة خلال تحضيرها في القلاية الهوائية دون قلي، فتجيبها الطبيبة سالى إمام بأن «عليها تجميدها مسبقاً»، وتضيف مازحة: «بعد إذن الصحة، عليك بقليها في زيت غزير ثم تصفيتها جيداً».


مقالات ذات صلة

هل استطاعت ياسمين صبري الخروج من عباءة «الفتاة الأنيقة» درامياً؟

يوميات الشرق ياسمين صبري ونيكولا معوض في لقطة من المسلسل (الشركة المنتجة)

هل استطاعت ياسمين صبري الخروج من عباءة «الفتاة الأنيقة» درامياً؟

قدَّمت الفنانة المصرية من خلال العمل شخصية «زينب»، الفتاة التي تقع ضحية لزوجها النرجسي، المحامي «أسامة».

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق فؤاد المهندس في الإعلان المثير للجدل (يوتيوب)

مصر: أزمة إعلانية لاستعانة شركة حلويات بنجوم الزمن الجميل

الإعلان المثير للجدل صُمِّم بالذكاء الاصطناعي بشكل كامل، يُظهر مجموعة من نجوم الزمن الجميل كأنهم يعملون في المحل الشهير ويقدِّمون الحلوى للزبائن...

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق مليونان ونصف المليون مصلٍ شهدوا ختم القرآن بالمسجد الحرام في مكة المكرمة ليلة 29 رمضان (واس)

ملايين المصلين يشهدون ختم القرآن بـ«الحرمين الشريفين»

شهد ملايين المصلين في «الحرمين الشريفين»، ختم القرآن الكريم، مساء الجمعة، حيث أدوا صلاة العشاء والتراويح في ليلة 29 رمضان، وسط أجواء روحانية.

«الشرق الأوسط» (مكة المكرمة - المدينة المنورة)
يوميات الشرق في مسلسل «نفس» أدّت رانيا عيسى دور العمّة «سوسو» (صور الفنانة)

رانيا عيسى لـ«الشرق الأوسط»: الدراما اللبنانية لا بدَّ أن تبلغ القمة

في مسلسل «نفس»، عرفت الممثلة اللبنانية رانيا عيسى كيف تجذب الجمهور بلغة جسد وملامح أسهمت في صقل شخصية العمّة «سوسو» التي تؤدّيها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق صناعة كعك العيد في المنزل يجمع أفراد العائلة رجالاً ونساء (الشرق الأوسط)

مصريون يتحايلون على الغلاء لإعداد كعك العيد... «في المنزل أطيب»

تتنوَّع أسعار الكعك في السوق، بداية من 120 جنيهاً للكيلو في بعض المخابز الشعبية، وصولاً إلى ما يزيد على 500 جنيه للكيلو في محال شهيرة.

رحاب عليوة (القاهرة )

«محشي ماما»... فكرة وليدة شغف 3 أمهات بالطبخ

«محشي ماما»... فكرة وليدة شغف 3 أمهات بالطبخ
TT
20

«محشي ماما»... فكرة وليدة شغف 3 أمهات بالطبخ

«محشي ماما»... فكرة وليدة شغف 3 أمهات بالطبخ

في قلب القاهرة، وفي منطقة شبرا، انطلقت قبل 3 أشهر فكرة فريدة من نوعها بتدشين مطعم «محشي ماما»، الذي يتخصص في تقديم أصناف المحشي الشهية، والأطباق الشرقية الأصلية، مقدماً تجربة منزلية تشرف عليها 3 سيدات، هن أمهات مؤسسات المطعم الثلاث.

يقول أرنست فايز، أحد مؤسسي المطعم، لـ«الشرق الأوسط»: «بدأت فكرة مطعمنا عندما اقترح أحد أصدقائي، الذي تتميز والدته بمهاراتها العالية في إعداد أصناف المحشي، أن نفتتح مطعماً متخصصاً بتحضير هذا الطبق المصري الأصيل. وبالفعل درسنا الفكرة وتبلورت سريعاً، وانطلقت رحلتنا بخبرة و(نَفَس) أمهاتنا لتحقيق هذا الحلم».

ويرى أن «ما يميز مطعمهم هو أن الأمهات هن المشرفات على كل تفاصيل العمل، بدءاً من اختيار ثمار الخضراوات، وصولاً إلى إعداد التسبيكة، ثم الإشراف على عملية الطهي بأكملها، ليكون المنتج النهائي حقاً (محشي ماما) بكل ما تحمله الكلمة من معنى».

ويضيف أحمد مصطفى، شريك آخر بالمطعم : «ما اكتشفناه خلال التأسيس أن المحشي طبق مظلوم في المطاعم، فهو يُقدم عادة كطبق جانبي أو فاتح شهية، رغم أنه طبق أساسي ومحبوب لمختلف فئات المصريين، لذا قررنا اتخاذ خطوة جريئة بتحويل طبق المحشي إلى طبق رئيسي، حيث أردنا أن نمنح هذا الطبق التقليدي مكانته التي يستحقها، وأن نجعله نجم المائدة، إلى جانب استعادة نكهات الماضي، من خلال قائمة طعام مستوحاة من المطبخ المنزلي المصري الأصيل».

يقدم المطعم جميع أصناف المحشي الشهيرة، من الكرنب وورق العنب إلى الكوسة والباذنجان والطماطم والبصل والفلفل والبطاطس. وتضم قائمته تشكيلة واسعة من الطواجن الشرقية، منها طاجن ورق العنب باللحم الـ(ستيك)، وطاجن الكرنب بالكوارع، وطاجن الفريك بالكبد والقوانص، وطاجن الدجاج بالبطاطس، وفتة اللحمة، ومختلف أنواع المشاوي، واللحمة المحمرة بالسمن البلدي، والسجق والكبدة، إلى جانب الملوخية والرقاق.

يتابع مصطفى: «أردنا أن نحافظ على التراث الغذائي المصري، لذلك قمنا بإحياء بعض الأطباق التي توارت ونُسيت في البيوت، مثل العدس والويكا والبصارة، التي تعد جزءاً من هويتنا الثقافية»، ونرى أنه من واجبنا الحفاظ عليها، وهو ما يمتد إلى الخبز الشمسي، وهو نوع من الخبز الصعيدي التقليدي، الذي نخبزه داخل المطعم، لنكون أول مطعم في القاهرة يقدمه، وقد لاقى إقبالاً كبيراً من الزبائن.

«نقدم أيضاً أطباقاً قد لا تتوفر في المنازل دائماً، مثل العكاوي والكوارع، التي يصعب تحضيرها بشكل يومي، حيث نقدمها بجودة عالية وبطريقة منزلية أيضاً، كما نعمل باستمرار على تطوير القائمة وإضافة أصناف جديدة ترضي جميع الأذواق»، يؤكد صاحب المطعم.

«سر خلطة المحشي هو سر»، يقول «أرنست» مبتسماً: «ما يمكنني قوله هو أننا نتبع طقوس تحضير المحشي كما تفعل الأمهات في المنزل تماماً، ونحرص دائماً على استخدام المكونات الطازجة، لأنها أساس النكهة الأصيلة للمحشي، كما نستخدم أفضل أنواع اللحوم البلدية والسمن البلدي».

ويتابع: «نحن نؤمن بأن الأكل الشرقي الأصيل يجب أن يقدم بأفضل صورة، ولأننا هنا في منطقة شبرا الشعبية التي تتميز بكثافة سكانية عالية، وبالعلاقات الحميمة بين قاطنيها، أردنا أن نقدم تجربة مصرية أصيلة، تنقل الزائر إلى دفء المنزل ورائحة المطبخ المصري التقليدي، بحيث يشعر الزبون وكأنه يتناول الطعام في منزل والدته تماماً».

يعود مصطفى للحديث، موضحاً أن المطعم يسعى أيضاً إلى تغيير الصورة النمطية للأكلات الشعبية وتقديمها بأسلوب يناسب الحياة العصرية، حيث يقدم المطعم فكرة «محشي تو جو»، بتقديم المحشي في عبوات مبتكرة كوجبة سريعة، سواء بالحصول عليها من المطعم أو عن طريق خدمة التوصيل، كما تمتد لمسة الابتكار إلى طبق المُمبار، الذي نقدمه تحت اسم «ممبار بوبس»، حيث يتم تقديم قطع صغيرة في ورق على هيئة «كونو»، ما يسهل حمله وتناوله كوجبة سريعة أثناء التنقل.

ويعّقب صاحب المطعم على ذلك بقوله: «نحن نؤمن بأن الأكل الشرقي يمكن أن يكون عصرياً وجذاباً، لذا نسعى إلى تقديم أطباقنا بأفضل شكل ممكن، مع الحفاظ على الطعم الأصيل، ففكرة المحشي والممبار كوجبة سرعة ليست مجرد تغيير في طريقة التقديم، بل هي رؤية لتجديد التراث وتقديمه للأجيال الجديدة».

خلال شهر رمضان، يقدم المطعم قائمة طعامه دون تغيير، التي يأتي أبرزها أصناف المحشي المفضلة من جانب المصريين على المائدة الرمضانية، كما يُضيف وجبة السحور، التي تضم أبرز المأكولات المصرية، وعلى رأسها الفول والفلافل.

لأن «محشي ماما» يسعى إلى تقديم تجربة منزلية أصيلة بكل تفاصيلها، بحسب القائمين عليه، لذا تمتد التجربة إلى ديكورات المكان، التي اعتمدت على اللونين الأخضر والبيج، وهما لون أغلب أصناف المحشي، وكذلك لخلق راحة نفسية للزبائن، إلى جانب إضافة لمسات تراثية للديكور.