التمر... غذاء ودواء

أبحاث ودراسات حول خصائصه العلاجية والوقائية

التمر... غذاء ودواء
TT

التمر... غذاء ودواء

التمر... غذاء ودواء

يُعد التمر حلوى وشرابا، طعاما وفاكهة... غذاءً ودواءً، لما يتمتع به من فوائد صحية عظيمة وعناصر غذائية من معادن كثيرة وعشرين نوعا من الأحماض الأمينية، ذُكر كثيرٌ من فوائده في الطب النبوي.
ويكفي التمر قيمة ومكانة بين المأكولات أنه يترأس مائدتي الفطور والسحور طوال أيام شهر رمضان، كما يُقدم للضيوف خلال أيام عيد الفطر المبارك وباقي أيام السنة.
ندوة طبية
أقام المركز الإسلامي في فيينا (Islamisches Zentrum Wien) ندوة طبية، ترأسها البروفسور أحمد المفرح رئيس المركز، وتحدثت فيها الأستاذة الدكتورة سعاد خليل الجاعوني استشارية وبروفسورة أمراض الدم والأورام عند الأطفال رئيسة وحدة دم وأورام الأطفال المشرفة على كرسي يوسف عبد اللطيف جميل للتطبيقات العلاجية رئيسة الجمعية السعودية العلمية لأمراض الدم سابقا كلية الطب جامعة الملك عبد العزيز – واستعرضت عددا من الأبحاث العلمية المنشورة في مجلات علمية محكمة لبعض الأغذية، منها العسل الذي حظي بأكثر من ثلاثة عشر ألف بحث عالمي، الحبوب الكاملة كالشعير والشوفان وقد حظيا بحوالي 19 ألف بحثٍ علمي، اليقطين 919 بحثا، الزبيب 10900 بحثا، الرمان 2454 بحثا، المادة الفعالة في الرمان حمض إللاجي (ellagic acid) 2867 بحثا، التمور ومنها عجوة المدينة المعجزة (وهي غذاء ودواء ووقاية) حظيت بأكثر من ألف و200 بحثٍ علمي.
وتتسم التمور بأهمية غذائية وعلاجية ووقائية مثبتة بالبحث العلمي، منها أنها غذاء مثالي ذو جودة عالية على مدار العام، ولها أهمية علاجية، في تقليل الالتهابات، وأهمية مناعية، في زيادة المناعة وحماية الخلايا من مضاعفات الأكسدة.
أبحاث ودراسات
- عناصر غذائية. تشير نتائج بحث نشر في مجلة موليكيولز (Molecules) عن تحليل التمثيل الغذائي لمختلف تمور المملكة ومعرفة الفائدة الغذائية لها – إلى أن التمر يحتوي على مجموعة كبيرة من المعادن منها الفسفور، المغنيسيوم، الكالسيوم، الصوديوم، النياسين، البوتاسيوم، الكلورين، السيليكون، الكبريت، النحاس، الحديد والمنغنيز. وبالإضافة إلى ذلك يحتوي التمر على مجموعة من الألياف نسبتها 7 - 12 في المائة تقريبا، 94 في المائة منها غير منحلة تعمل على إبطاء امتصاص الكوليسترول، و6 - 16 في المائة ألياف منحلة تفيد في علاج الإمساك مثلا.
- خصائص وقائية. ووُجد في نتائج بحث نشر في مجلة (Current trends in nutraceuticals) عن أهمية التمور والنتائج الجديدة والاتجاهات المستقبلية وأهميتها غذاءً ووقاية - أن التمر مضاد للسموم، مضاد للأكسدة، مضاد للسرطان، عامل فعال لحماية الكبد، حماية الكلى، حماية الجهاز العصبي، حماية القلب، حماية الجهاز الهضمي، ومضاد للالتهابات، يعمل على تحسين القدرة الجنسية، وزيادة الخصوبة إضافة لكونه غذاء متكاملا يقلل الالتهابات والعدوى. وهو مفيد لمرضى السكري.
- تقليل الالتهابات ومضاعفات العلاج. دراسة إكلينيكية أخرى نشرت عام 2019 في مجلة علمية موثقة هي «Integrative cancer therapies» وأجريت في وحدة طب أمراض الدم والأورام لدى الأطفال بمستشفى جامعة الملك عبد العزيز، كان الهدف منها تحديد تأثير العجوة في وحدة أورام الأطفال لتقليل الالتهابات ومضاعفات العلاج وتحسين جودة الحياة وزيادة نسبة الشفاء. وتمت متابعة المرضى المنومين في المستشفى الجامعي تحت الدراسة لأكثر من عشر سنوات وقسموا إلى مجموعتين. أعطيت المجموعة الأولى العجوة مع العلاج الكيميائي أو العلاج الإشعاعي أو الإجراء الجراحي المقرر للمريض ضمن خطة العلاج. أما المجموعة الثانية فقد أعطيت العلاج الطبي فقط.
ووُجد ضمن نتائج هذه الدراسة أن نسبة دخول المستشفى للأطفال المصابين بنقص المناعة والالتهابات وارتفاع الحرارة كانت عالية بالنسبة للمجموعة الذين لم يأخذوا العجوة مع العلاج، بينما كانت أقل عند مجموعة الذين أخذوا العجوة مع العلاج.
حالات مرضية من الواقع
وكمثال يوضح نتائج هذه الدراسة، سردت البروفسورة سعاد الجاعوني حالتين مرضيتين من مرضاها بالمستشفى.
- الحالة الأولى، لطفلة عمرها سنة، لديها متلازمة داون، أُدخلت للتنويم في وحدة أطفال القلب بالعناية المركزة حيث تعاني من مشاكل متعددة نتيجة إصابتها بأمراض القلب الخلقية، وكانت تتناول عدة أدوية، وأصيبت بسرطان الدم (لوكيميا)، كان قرار معظم الأطباء المشرفين على حالتها، في البداية، أن تترك بسبب وصولها إلى درجة متقدمة من المرض، وبعد ذلك تم الاتفاق على بدء العلاج الكيميائي الكامل مع إعطائها عجوة المدينة، واجتازت الطفلة المرحلة الحرجة من المرض، ولا تزال تتمتع بصحة جيدة ولم تحتج لإجراء الجراحة.
- الحالة الثانية، لطفل عمره ثمان سنوات، عنده سرطان في الدم حاد، بدأ العلاج الكيميائي، فارتفعت لديه ضربات القلب بشكل كبير جدا وتعدت المئتين في الدقيقة إضافة لآلام في الصدر. أعطي العلاج الكيميائي مع العجوة أيضا. وانتهى من العلاج وواصل دراسته وهو من المتفوقين.
وبمقارنة الوفيات بين مستخدمي العجوة مع العلاج وغيرهم على مدى اثنتي عشر سنة، أظهرت نتائج الدراسة أن المجموعة التي أخذت العجوة مع العلاج الكيميائي كانت نسبة الشفاء فيها عالية جدا.
وقد أثبتت الدراسة البحثية المقارنة على أهمية عجوة المدينة الغذائية والدوائية والوقائية لتقليل مضاعفات العلاج وتحسين نسبة الشفاء. وكذلك تحسين جودة الحياة للمرضى في وحدة أورام الأطفال في مستشفى جامعة الملك عبد العزيز لأكثر من عشر سنوات من المتابعة. وأيضا أهمية العجوة كغذاء ذي فائدة كبيرة لمرضى الأورام وعلاج مساند لتقليل مضاعفات العلاج والمرض ورفع المناعة.
براءات اختراع
هناك عدد من براءات الاختراع الأميركية التابعة لجامعة الملك عبد العزيز لعلاج الذبحة الصدرية، حصلت عام 2018، استخدمت فيها تقنية النانو تكنولوجي لعلاج الذبحة الصدرية التي تسبب عادة الوفاة.
كما سجلت براءة اختراع أخرى أميركية للوقاية من المضاعفات لعدة أمراض وهي جميعها موجودة في الموقع الرسمي لمركز التميز للطب التطبيقي بجامعة الملك عبد العزيز. ومن بين البراءات براءة اختراع أميركية عن فائدة عجوة المدينة بين للأعوام 2016 - 2018 في علاج الذبحة الصدرية وهي من أعلى نسب الأمراض التي تسبب الوفيات.
إن استخدام النانوتكنولوجي في عجوة المدينة للوقاية من مضاعفات عدة أمراض يجعل لتمور المدينة فائدة طبية كبيرة في العلاج والوقاية من مضاعفات الأمراض وحماية وعلاج لأمراض القلب. هذه البراءات تُعتبر خدمة لصحة الإنسان وتحسين جودة الحياة وتقليل مضاعفات العلاج الحديث والكيميائي وكذلك لرفع مستوى الخدمة وسلامة المرضى ضمن أهداف التحول الوطني و«رؤية 2030». وأخيرا براءة اختراع دراسة مثبتة لتقليل مضاعفات العلاج الكيميائي وحماية القلب في حالات سرطان الثدي.

هل تفيد التمور مرضى السكري؟

تجيب البروفسورة سعاد الجاعوني أنه أجريت دراسة في دولة الإمارات العربية المتحدة، أظهرت أن المؤشر السكري للتمور الخمسة التي درست كان منخفضا وأن تناول التمر باعتدال دون إفراط عند مرضى السكري لا يؤدي إلى ارتفاع ذي قيمة للسكر إذا ما أخذ ضمن حمية غذائية متوازنة.
ولنفس هذا الهدف أجريت دراسة مماثلة في المملكة العربية السعودية على حوالي 17 نوعا من التمور لمعرفة مؤشر السكر فيها ونشرت هذه الدراسة في المدونة الطبية السعودية (Annals of Saudi medicine). ووُجد فيها أن نسبة مؤشر السكر في تمر «السكرية» 43 فقط، أي أنه منخفض، وفي «العجوة» 50 أيضا منخفض، وفي الروتانا 52 أي أنه منخفض، وهذا مما يشير إلى أن مؤشر السكر في معظم التمور يكون منخفضا وبإمكان مرضى السكري من النوع الثاني أن يتناولوها بحمية غذائية متزنة وذلك للحصول على الفوائد الجمة للتمور وعدم الحرمان منها خوفا من أن تتسبب في رفع سكر الدم لدى مرضى السكري.
داء السكري هو أحد أخطر الأمراض على صحة الإنسان حيث إنه يؤثر على جميع أعضاء وأجهزة الجسم تقريبا، فهو يؤثر على القلب وعلى الشرايين وعلى الأعصاب وعلى الدماغ وعلى عدد الوفيات الناجمة عن هذا المرض، فهو من أسباب انخفاض العمر الافتراضي للمصابين به. وفي معظم دول العالم لا تتجاوز نسبة انتشار داء السكري الـ3 - 5 في المائة ولكن في دول الخليج نجد أن هذه النسبة مرتفعة تتجاوز 25 في المائة. إنها ظاهرة مرضية كبيرة تحتاج بالفعل إلى التدخل من المسؤولين عن الصحة في هذه الدول لمحاربة هذا المرض ووضع برامج وقائية للحد منه.
ويعتبر مرض السكري مرضا مزمنا لا بد من التعايش معه بطريقة صحيحة. ومن المهم أن يعرف الجميع مؤشر السكري وهو مهم لقياس الكربوهيدرات على حسب الكمية الموجودة في الغذاء، ويعتبر المؤشر منخفضا إذا كان في حدود 55 أو أقل، ومرتفعا إذا كان 70 وأكثر.
وبالنسبة لتناول مريض السكري للتمر بأمان ودون خوف، فكما ذكرنا أهمية معرفة مؤشر السكر في التمر، فعندما ذكرنا أن المؤشر هو 43 أو 47 أو 50... الخ فهذا ليس لحبة واحدة وإنما لعدد ثلاث إلى خمس حبات من التمر.
المفروض عدم الإفراط في تناول سواء التمر أو سواه وأن نبتعد عن الأكلات التي تتميز بارتفاع كبير في مؤشر السكر لها مثل الوجبات السريعة التي تقوم أول ما تقوم به في جسم الإنسان بالقضاء على الميكروبات المفيدة لجسم الإنسان ومن هنا تبدأ معظم الأمراض.

* استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

روبوتات بحجم المليمتر تنفذ عمليات جراحية دقيقة

يوميات الشرق الفريق أجرى جراحة كهربائية لعلاج انسداد القنوات الصفراوية بواسطة روبوتات مصغرة (المركز الألماني لأبحاث السرطان)

روبوتات بحجم المليمتر تنفذ عمليات جراحية دقيقة

حقّق باحثون في المركز الألماني لأبحاث السرطان إنجازاً جديداً في مجال الجراحة بالمنظار، حيث طوّروا روبوتات مصغرة بحجم المليمتر قادرة على تنفيذ جراحات دقيقة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك إجراء بسيط ينقذ الأطفال الخدج من الشلل الدماغي

إجراء بسيط ينقذ الأطفال الخدج من الشلل الدماغي

تجدد النقاش الطبي في جامعة «بريستول» حول إمكانية حماية الأطفال الخدج (المبتسرين) من المضاعفات الخطيرة للولادة المبكرة، أهمها على الإطلاق الشلل الدماغي (CP)

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك 6 معلومات عن كيفية التعامل مع «ثبات منحنى» فقدان الوزن

6 معلومات عن كيفية التعامل مع «ثبات منحنى» فقدان الوزن

ها قد بذلتَ جهداً جادّاً وكبيراً في بدء ممارسة الرياضة بصورة يومية، ووضعتَ برنامجاً صارماً لكمية طعامك اليومي ومحتواه بصورة منخفضة جداً في السعرات الحرارية

د. عبير مبارك (الرياض)
صحتك الدكتور وليد خاطر اختصاصي الجراحة الترميمية

عمليات نحت القوام ومقومات نجاحها

تُعدّ الجراحة الترميمية عنصراً حاسماً في العلاج الشامل للذين خضعوا لفقدان الوزن بإحدى وسائل إدارة السمنة.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)
صحتك تمارين التأمل فعالة بشكل ملحوظ في تقليل التوتر (أ.ف.ب)

كيف تتخلص من الألم في 20 دقيقة؟

دراسة حديثة تشير إلى إمكانية استخدام التأمل الذهني بوصفها استراتيجية فعّالة لتخفيف الألم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

9 نقاط حول تناول التمر ومريض السكري

9 نقاط حول تناول التمر ومريض السكري
TT

9 نقاط حول تناول التمر ومريض السكري

9 نقاط حول تناول التمر ومريض السكري

التمور مصدر جيد للكربوهيدرات، وتحتوي على كميات عالية من الألياف الصحية، وعديد من الفيتامينات والمعادن، ومع ذلك، نظراً لحلاوة المحتوى الكربوهيدراتي العالي في التمر، فإن أحد الأسئلة التي تتكرّر كل عام مع موسم جني الرطب والتمور هو: هل يمكن لمرضى السكري إضافة التمر إلى نظامهم الغذائي؟

وأساس تكرار طرح هذا السؤال هو النصيحة الطبية الفولكلورية القديمة بضرورة «تجنّب» أو «امتناع» مريض السكري عن تناول التمر أو الرطب، وأن تناول التمر أو الرطب سيتسبّب «لا محالة» باضطرابات في ضبط سكر الدم.

بضع تمرات لوجبة خفيفة

التمرة أو الرطبة ليست «قطعة» حلوى عامرة بالسكريات فقط، بل التمرة أو الرطبة هي ثمرة مكوَّنة من أجزاء، ولها مراحل في النضج، وتحتوي على مزيج من الألياف والسكريات والمعادن والفيتامينات والمواد المضادة للأكسدة، ولفيف من المركبات الكيميائية الصحية، إضافةً إلى الماء. والسكريات الموجودة في التمرة أو الرطبة ليست غلوكوزاً فقط، بل ثمة أنواع أخرى من السكريات التي تأخذ مسارات منفصلة عن الغلوكوز في الهضم والامتصاص، وفي آلية تَلقّي الخلايا لها، وفي كيفية استهلاكها لإنتاج الطاقة.

هذا بالإضافة إلى أن التمور اليوم أصبحت «فاكهة عالمية»، وليست فقط «محلية»، وهي تحتاج من الباحثين الطبيّين مزيداً من الدراسات حول مكونات الأنواع المختلفة منها، وفوائدها الصحية، وكيفية الحصول على تلك الفوائد، وانتقاء أنواع منها، دون التسبّب بأي اضطرابات واضحة في ضبط سكر الدم لدى مرضى السكري.

ولذا يمكن لتوزيع تناول «بضع تمرات» خلال اليوم، أن يكون «وجبة خفيفة» آمنة ومناسبة للأشخاص الذين يعانون من مرض السكري. وبالاعتدال في تناول هذه التمرات أو الرطبات، ووفق عدة ضوابط سيتم ذكرها لاحقاً، من غير المحتمل أن يتسبّب ذلك بارتفاع كبير في نسبة السكر في الدم، أو اضطراب في ضبط معالجة حالات مرض السكري.

سكريات ومُحلّيات طبيعية

وإليك النقاط الـ9 التالية المتسلسلة في السرد، حول تناول مريض السكري للتمر أو الرطب:

1.أنواع السكريات والمُحَلّيات الطبيعية... تتوفر «سكريات طبيعية» (Natural Sugars) في أنواع مختلفة من المنتجات الغذائية الطبيعية، كالعسل والتمر وعموم الفواكه، وهنا تمتزج هذه السكريات مع حزمة أخرى من العناصر الغذائية الصحية المفيدة جداً، مثل الألياف والفيتامينات ومضادات الأكسدة، ومركبات مضادة للميكروبات، ومعادن، مثل: الحديد والزنك والكالسيوم والبوتاسيوم والمغنيسيوم.

وبالمقابل هناك «مُحَلّيات طبيعية» (Natural Sweeteners)، كالسكر الأبيض (أو السكر البني) المستخلَص من القصب أو الشمندر أو غيره، ويُسمى «السكر المُضاف». والإشكالية الصحية اليوم هي في تداعيات استهلاك كميات كبيرة من «السكر المُضاف»، الذي ليس له أي فوائد غذائية؛ نظراً لخلوّه من العناصر الغذائية الصحية المرافقة، وتتفاقم الإشكالية في نفس الوقت بتدنّي تناول الفواكه الطبيعية للحصول على السكريات الطبيعية، المتوفرة مع عناصر غذائية مفيدة في العسل أو التمر أو الفواكه الأخرى، كما أن بعض مرضى السكري، وعند رفعهم لتناول الفواكه الطبيعية كالتمر، لا يُخفّضون من تناولهم للسكر الأبيض، أو للمصادر الأخرى للكربوهيدرات، كالخبز أو المعجّنات أو الأرز أو المعكرونة وغيرها.

2.تناول السكر وتأثيراته... بالنسبة للأفراد الذين يعانون من مرض السكري، تلعب الخيارات الغذائية دوراً حاسماً في الحفاظ على مستويات السكر في الدم بحالة مستقرة ومستهدفة علاجياً، ولذا فإن «ضبط» تناول «السكريات الطبيعية» و«المُحلّيات الطبيعية» أمر مهم في معالجة مَن لديهم بالفعل مرض السكري.

وبالمقابل، فإن تناول «السكريات والمُحلّيات الطبيعية» لا علاقة له بشكل «مباشر» بتعرّض الأصحاء من الناس (الذين ليس لديهم مرض السكري) للإصابة بمرض السكري، ولا يوجد أي دليل علمي وإكلينيكي على أن مرض السكري سينتج «مباشرة» عن تناول السكر، وتقول «جمعية السكري البريطانية»: «إننا نعلم أن السكر لا يسبّب مرض السكري من النوع 2 بشكل مباشر، إلا أنك أكثر عُرضةً للإصابة به إذا كنت تعاني من زيادة الوزن، ويزداد وزنك عندما تتناول الأطعمة والمشروبات السكرية، المحتوية على الكثير من السعرات الحرارية». من جهتها توضّح «جمعية القلب الأميركية»: «لا تُسهم السكريات المضافة بأي مواد مُغذّية (مفيدة للجسم)، ولكن غالباً ما تحتوي على سعرات حرارية مضافة، يمكن أن تؤدي إلى زيادة الوزن أو السمنة»، وتُوصي قائلة: «يجب الحد من السكريات المضافة بما لا يزيد عن 6 في المائة من السعرات الحرارية يومياً»، أي بالنسبة للنساء حوالي 6 ملاعق صغيرة، وللرجال حوالي 9 ملاعق صغيرة من السكر.

التمر ومرضى السكري

3.الاعتدال في تناول التمر... يمكن للتمر، بسبب محتواه العالي من السكر الطبيعي، أن يؤثر بشكل كبير على نسبة السكر في الدم. ومع ذلك فهو يوفر أيضاً عدداً من العناصر الغذائية الأساسية الصحية والألياف التي يمكن أن تخفّف من بعض الآثار السلبية لتناوله. ويظل الأساس هو فهم كيفية تأثير التمر على مستويات السكر في الدم لدى مريض السكري، وكيفية دمج تناوله في نظام غذائي مناسب لمريض السكري.

وهذا أمر بالغ الأهمية لأولئك الذين يتطلّعون إلى الاستمتاع بهذه الفاكهة دون المساس بصحتهم، ولذا عند طرح سؤال: هل يأكل مرضى السكري التمر؟ فإن الإجابة: نعم، يمكن لمرضى السكري تناول التمر، وهو صحي لهم، لكن الأمر ليس على إطلاقه، بل الاعتدال في كمية التناول هو المفتاح، ويحتاج مرضى السكري إلى مراقبة أحجام حصصهم الغذائية من التمر الذي يتناولونه، عبر دمج التمر في نظام غذائي متوازِن وفق استشارة مقدِّم الرعاية الصحية.

4.استشارة إخصائي التغذية... قبل إجراء مرضى السكري أي تغييرات كبيرة على نظامهم الغذائي، مثل الإكثار من تناول التمر، يجدر استشارة مقدّم الرعاية الصحية أو إخصائي التغذية المعتمَد، ويمكن لهؤلاء المتخصصين تقديم إرشادات وتوصيات شخصية بناءً على الاحتياجات والأهداف العلاجية الفردية، ووفق مدى انضباط حالة السكري لدى كل مريض، ومدى حصول أي ضرر من مضاعفات السكري على الأعضاء المستهدَفة بالضرر لديهم «Target Organs Damage»، كالقلب والكُلى والأعصاب وشبكية العين، أي أنه يجب على مرضى السكري أن يكونوا على دراية بكمية استهلاكهم الإجمالي للكربوهيدرات طوال اليوم، ووفق تعديل ذلك يمكنهم اتخاذ خيارات مدروسة تمكّنهم من الاستمتاع بالتمر، وإضافته في نظامهم الغذائي، هذا مع مراقبة مستويات السكر في الدم بشكل منتظم، بصفته أمراً ضرورياً للأشخاص المصابين بمرض السكري، بما يسمح لهم بإجراء تعديلات في نظامهم الغذائي وأدويتهم حسب الحاجة.

تناول الطعام بوعي

5.التناول بوعي ذهني... المهم هو «تناول الطعام بوعي» (Mindful Eating)، أي يجب على مرضى السكري ممارسة تناول الطعام بوعي، خصوصاً عند تناول التمور، فبدلاً من تناول كمية كبيرة دفعة واحدة، من الأفضل تناول التمور بكميات محكومة، وهذا يساعد على منع ارتفاع مستويات السكر في الدم بشكل مُفرِط، ويعزّز التحكم بنسبة السكر في الدم بشكل أفضل.

ولذا عندما يقول الطبيب لمريض السكري: يمكنك تناول التمر، فإن الرسالة لا تعني فتح الباب على مصراعيه، وهذا مما لا يقوله الأطباء، بل هو موجَّه لمريض سكري حريص على ضبط معدلات سكر الدم لديه، ولكنه في نفس الوقت «يشتهي» تناول «بضع» تمرات في اليوم، أي مع الحرص على الاعتدال في التناول وفق خفض متوازِن، وفي نفس الوقت يتناول أطعمة أخرى تحتوي على الكربوهيدرات. وأيضاً وفق ضبط وقت التناول، ومدى امتلاء المعدة بالطعام أو خلوّها منه.

6.توزيع تناول التمر... يبلغ حجم الحصة الغذائية النموذجية (Serving Size) من التمر حوالي 2 - 4 ثمرة، حسب الحجم والنوع. ومن الضروري لمرضى السكري أن ينتبهوا إلى حجم الحصص، وتجنّب تناول كميات كبيرة من التمر في جلسة واحدة؛ لأن هذا قد يؤدي إلى ارتفاع سريع في مستويات السكر بالدم. وللتأكيد، فبدلاً من تناول التمور دفعة واحدة، وعلى معدة خالية، وفي فترة الصباح قبل تناول الفطور، من الأفضل توزيع استهلاكها على مدار اليوم، وهذا حتماً سيساعد في منع الارتفاع السريع في مستويات السكر بالدم، وسيسمح بالتحكم في نسبة السكر في الدم بشكل أفضل، كما أن تناول التمر مع الأطعمة الغنية بالألياف، مثل الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة، يمكن أن يساعد في إبطاء امتصاص السكريات، وتعزيز التحكم في نسبة السكر بالدم، كما يوفر هذا المزيج عناصر غذائية إضافية، ويعزّز الصحة العامة.

7.إضافات تعيق امتصاص السكريات... تناوُل التمر مع إضافات تُعيق أو تُبطئ امتصاص السكريات أمر مهم، ولذا ابتداءً، يُنصَح مرضى السكري وغيرهم بتناول الكربوهيدرات المعقّدة والممتزجة بالألياف، كالحبوب الكاملة في الخبز الأسمر أو الشوفان؛ لأن ارتفاع نسبة السكر في الدم نتيجة لتناولها أبطأ، ولا يتسبّب بارتفاعات سريعة وعالية في نسبة سكر الدم، ولذا فإن مزج التمرة بقليل من المكسّرات (التمر المحشو باللوز مثلاً)، أو بقليل من السمسم (حبوب السمسم أو طحينة السمسم مثلاً)، أو بقليل من اللبن (لبن الزبادي أو الأقط)، أو بـ«قليل جداً» من دهون الزبدة أو السمن المباشرة (وبإضافة طحين حبوب القمح الكاملة، كما في الحيسة أو الحنيني)، يتسبّب في بطء إفراغ المعدة من الطعام، وبالتالي بطء وصول سكريات التمر إلى الأمعاء، والنتيجة بطء ارتفاع نسبة السكر في الدم جرّاء تناول التمر، وهنا يجدر حساب كميات السعرات الحرارية في تلك الإضافات الدهنية.

التمر مصدر صحي يمكن لمرضى السكري تناوله بشكل معتدل

أنواع التمور

8.اختلاف كميات السكريات... أنواع التمر ليست سواءً في حجمها، تلك حقيقة، ولكن ربما أيضاً ليست سواءً في محتواها من السكريات، وصحيح أن بعض الدراسات حول محتوى الأنواع المختلفة من التمور أفادت بأنها - وبغض النظر عن حجمها - بالفعل مختلفة في كمية السكريات، ولكن تلك الاختلافات لا تجعل من تناول التمر بالمطلق أمراً لا يتطلّب استشارة المتخصص في التغذية، أو التنبه إلى احتمالات تسبّب الإكثار من تناول التمر باضطرابات في ضبط نسبة الدم. وذكرت أيضاً دراسات أخرى أن النوع الواحد من التمور الذي له اسم محدّد، يختلف في محتواه من السكريات باختلاف المنطقة الجغرافية التي تمت زراعته فيها، ولذا يجدر مراجعة نتائج تحاليل معتمَدة حول محتوى السكريات في أنواع التمور التي توجد في المناطق المختلفة. وبناءً على ذلك يمكن للمرء في بعض الظروف أن ينتقي كمية معتدلة من الأنواع التي يُفضّل تناولها، وهذا وإن كان يجدر بمريض السكري أن يتنبه له بعناية، فإن الأصحاء أيضاً يجدر بهم ذلك.

9.ألياف التمور... أنواع التمور تختلف كذلك في كمية محتواها من الألياف، وهذا أمر مهم للغاية لمريض السكري، وإضافةً إلى دور الألياف في المحافظة على حركة طبيعية للأمعاء، وحفظ صحة جيدة للأمعاء، وتسهيل الإخراج، ودورها في خفض امتصاص الأمعاء للكوليسترول، ودورها في إطالة أمد الشعور بالشبع، والمساهمة في خفض الوزن، فإن الألياف أيضاً تُسهم في ضبط نسبة سكر الدم.

وللتوضيح، فإن أحد أضرار تناول السكريات وهي بهيئة سهلة الامتصاص، هو الارتفاع السريع في نسبة سكر الغلوكوز بالدم. وتكرار حصول هذا الأمر يضرّ بمرضى السكري، وهنا تقدّم لنا الألياف الغذائية الممزوجة بالأطعمة السكرية وسيلةً للوقاية من الارتفاع السريع في نسبة السكر بالدم، ووسيلة لوقاية البنكرياس من الإنهاك، وذلك لأن الألياف تُبطئ من عملية امتصاص الأمعاء للسكريات، وبالتالي لا يحصل الارتفاع السريع في نسبة سكر الغلوكوز بالدم، ولذا فإن انتقاء أنواع التمر أو الرطب الغني بالألياف خطوة ذكية جداً من قِبل مريض السكري، ويمكن بالبحث معرفة أنواع التمور الغنية بالألياف من بين أنواع التمور المتوفرة في محيط الشخص.