الاقتصاد العالمي يتعافى من الجائحة بأسرع من المتوقع

صندوق النقد يتحدث عن نمو يتجاوز 3.7 % في منطقة الشرق الأوسط

الآفاق الاقتصادية المستقبلية تتحسن في توقعات صندوق النقد الدولي للعام الجاري (أ.ف.ب)
الآفاق الاقتصادية المستقبلية تتحسن في توقعات صندوق النقد الدولي للعام الجاري (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد العالمي يتعافى من الجائحة بأسرع من المتوقع

الآفاق الاقتصادية المستقبلية تتحسن في توقعات صندوق النقد الدولي للعام الجاري (أ.ف.ب)
الآفاق الاقتصادية المستقبلية تتحسن في توقعات صندوق النقد الدولي للعام الجاري (أ.ف.ب)

رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي خلال العام الجاري إلى 6%، بزيادة أكثر من نصف نقطة مئوية عن توقعاته السابقة التي أصدرها يناير (كانون الثاني) الماضي، وتوقع نمواً بنسبة 4.4% لعام 2022 بعد انكماش تاريخي بنسبة 3.3% في عام 2020 بسبب تداعيات جائحة «كورونا».
وفي تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر أمس (الثلاثاء)، في بداية اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، قال الخبراء إن الاقتصاد العالمي يتعافى من جائحة فيروس «كورونا» بشكل أسرع مما كان متوقعاً في السابق، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى قوة الولايات المتحدة وخطط الإسراع في توزيع اللقاح، ووضع طرق جديدة للعمل للتكيف مع تداعيات الوباء والدعم المالي الإضافي من الحكومات، لكن صندوق النقد حذّر من استمرار التحديات الرئيسية حيث يهدد الانتشار غير المتكافئ للقاحات بترك البلدان النامية وراء الركب، إضافة إلى أن حالة عدم اليقين العالية لا تزال تحيط بالتوقعات العالمية.
ويشير التقرير إلى أن الدول الأكثر ثراءً هي التي تقود عملية الخروج من الأزمة، ولا سيما الولايات المتحدة، حيث من المتوقع الآن أن يتوسع الاقتصاد الأميركي بنسبة 6.4% هذا العام وسيكون الاقتصاد الكبير الوحيد الذي يتمتع بمستوى أعلى من الناتج المحلي الإجمالي العام المقبل مقارنةً بتوقعات ما قبل الوباء.
كما يتوقع التقرير انتعاش الاقتصاديات الأوروبية في وقت لاحق من هذا العام، ولكن بوتيرة أبطأ. ومن المتوقع أن تتوسع منطقة اليورو بنسبة 4.4%، وأن تنمو اليابان بنسبة 3.3%. ومن بين الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لمعدلات النمو إلى 6.7% في 2021 (ارتفاعاً من 6.3% في تقرير يناير)، ويبقي 5% لعام 2022 على مسارات تعافي متباينة بين الدول نظراً إلى الفجوات في مستويات المعيشة. وأبقى الصندوق توقعاته لعام 2022 للأسواق الناشئة دون تغيير عند 5.0%.
أما عن الاقتصادات الآسيوية، فتوقع الصندوق معدل نمو بنسبة 8.6% هذا العام و6.0% في عام 2022 بعد تخفيف الإغلاقات في البلدان الآسيوية الكبيرة. ومن المتوقع أن تقود الصين والهند الطريق، حيث من المتوقع أن يتوسع الاقتصاد الصيني بنسبة 8.4% بينما من المتوقع أن يتوسع الاقتصاد الهندي بنسبة 12.5%.

- منطقة الشرق الأوسط
في حين أن النمو في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وكذلك أفريقيا جنوب الصحراء من المتوقع أن يبلغ 3.7% العام الجاري.
ويوضح التقرير أن معدلات النمو كانت أقل بكثير من الاتجاه المتوقع قبل الوباء خصوصاً مع الاقتصادات المرتبطة بالسياحة الأكثر تضرراً.
وفيما يتعلق بتوقعات النمو في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، توقع التقرير أن يعود نمو المنطقة إلى 3.7% و3.8% في عامي 2021 و2022 على التوالي، بعد انخفاض يقدَّر بنسبة -2.9% في عام 2020.
ويقول تقرير الصندوق: «في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، تشير بيانات شراء اللقاحات إلى أن الحماية الفعالة ستظل غير متاحة لمعظم السكان في عام 2021، وقد تكون هناك حاجة إلى إجراءات الإغلاق بشكل متكرر في عامي 2021 و2022 في الدول النامية عنها في الاقتصادات المتقدمة، مما يزيد من احتمالية استمرار التأثيرات السلبية على المدى المتوسط على الإنتاج المحتمل لهذه البلدان».

- الصين عادت وأميركا تعود
وتقول غيتا جوبيناث، كبيرة الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي في التقرير، إن الصين عادت بالفعل إلى مستويات الناتج المحلي الإجمالي قبل «كوفيد» في عام 2020، ومن المتوقع أن تفعل الولايات المتحدة ذلك هذا العام، لكن كثيراً من الأسواق الناشئة لن تصل إلى هناك قبل عام 2023. وأضافت: «من المرجح أن تؤدي مسارات الانتعاش المتباينة إلى خلق فجوات أوسع بشكل كبير في مستويات المعيشة بين البلدان النامية وغيرها، مقارنةً بتوقعات ما قبل الجائحة، وسيؤدي ذلك إلى تراجع المكاسب التي تحققت في الحد من الفقر، حيث من المتوقع أن يدخل 95 مليون شخص إضافي في صفوف الفقراء المدقعين في عام 2020، وأن 80 مليوناً يعانون من نقص التغذية أكثر من ذي قبل».
وأشارت جوبيناث إلى الدعم المالي القوي الذي قدمته الاقتصادات الكبرى لتحسين التوقعات، وجهود الإغاثة التي اتخذتها الولايات المتحدة.

- تحديات رهيبة
وأوضحت أن التداعيات الاقتصادية للوباء كان يمكن أن تكون أسوأ ثلاث مرات لولا الدعم المالي العالمي البالغ 16 تريليون دولار، على الرغم من التوقعات المتفائلة. وحذرت من أن الاقتصاد العالمي لا يزال يواجه تحديات «رهيبة»، حيث تواجه البلدان منخفضة الدخل خسائر أكبر في الناتج الاقتصادي مقارنةً بالاقتصادات المتقدمة. وفي الاقتصادات المتقدمة، كان العمال ذوو المهارات المتدنية هم الأكثر تضرراً، والذين فقدوا وظائفهم قد يجدون صعوبة في استبدالهم.
وقالت جوبيناث: «نظراً لأن الأزمة قد سرعت من التحولات للرقمنة فمن غير المرجح أن يعود كثير من الوظائف المفقودة، الأمر الذي يتطلب إعادة توزيع العمال عبر القطاعات والتي غالباً ما تأتي مع عقوبات صارمة على الأرباح». ومقارنةً بالأزمة المالية العالمية لعام 2008، قال التقرير إنه من المتوقع أن يترك الركود المرتبط بـCOVID - 19 ندوباً أصغر على الاقتصاد العالمي، لكن اقتصادات الأسواق الناشئة والبلدان النامية منخفضة الدخل قد تضررت بشكل أكبر ومن المتوقع أن تعاني ندوباً أكبر على المدى المتوسط.

- أسعار النفط
فيما يتعلق بأسعار النفط العالمية، توقع التقرير انخفاض أسعار النفط عند 58.5 دولار للبرميل في عام 2021 (أعلى بنسبة 42% من متوسط عام 2020) وتنخفض إلى 50.7 دولار في عام 2025. وأرجع التقرير هذا الانخفاض إلى توازن مؤقت بين العرض والطلب متوقع في عام 2021 -تماشياً مع توقعات وكالة الطاقة الدولية بشأن انخفاض مطّرد في مخزونات النفط.


مقالات ذات صلة

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

الاقتصاد صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية.

عبير حمدي (الرياض)
خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

خاص قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

من المتوقع أن يشهد النمو العالمي تباطؤاً في عام 2025، في حين سيتجه المستثمرون الأجانب إلى تقليص حجم الأموال التي يوجهونها إلى الأسواق الناشئة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد برج المقر الرئيس لبنك التسويات الدولية في بازل (رويترز)

بنك التسويات الدولية يحذر من تهديد الديون الحكومية للأسواق المالية

حذّر بنك التسويات الدولية من أن تهديد الزيادة المستمرة في إمدادات الديون الحكومية قد يؤدي إلى اضطرابات بالأسواق المالية

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداولون في كوريا الجنوبية يعملون أمام شاشات الكومبيوتر في بنك هانا في سيول (وكالة حماية البيئة)

الأسواق الآسيوية تنخفض في ظل قلق سياسي عالمي

انخفضت الأسهم في آسيا في الغالب يوم الاثنين، مع انخفاض المؤشر الرئيسي في كوريا الجنوبية بنسبة 2.3 في المائة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ )

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.