بدء الإفراج عن معتقلي الحراك بالجزائر في إطار إجراءات تهدئة

تبون يعلن حل البرلمان من دون تحديد تاريخ الانتخابات المبكرة

جزائريون خلال تجمع أمام سجن في تيبازة غرب العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
جزائريون خلال تجمع أمام سجن في تيبازة غرب العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
TT

بدء الإفراج عن معتقلي الحراك بالجزائر في إطار إجراءات تهدئة

جزائريون خلال تجمع أمام سجن في تيبازة غرب العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
جزائريون خلال تجمع أمام سجن في تيبازة غرب العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)

غادر أمس، عشرة ناشطين بالحراك الجزائري، السجون، بعد 24 ساعة من إعلان رئيس البلاد عبد المجيد تبون، عن عفو رئاسي لفائدة 30 من مساجين الرأي ممن صدرت بحقهم أحكام قضائية نهائية. وظل العشرات من الناشطين السياسيين والحقوقيين، أمس، يترقبون أمام كثير من السجون، خروج رفاق لهم تابعتهم السلطات بتهم مرتبطة بالاحتجاجات الشعبية التي سيحتفى، الاثنين، بمرور عامين على اندلاعها.
وكان تبّون تعهد أيضاً، في الخطاب الذي ألقاه مساء الخميس وبثه التلفزيون الحكومي، بإطلاق سراح نحو 30 آخرين ممن ما زالوا قيد التحقيق القضائي، وحتى من قدموا طعوناً في أحكام بالسجن تخصهم. وتوجهت كل الأنظار إلى الصحافي مراقب «مراسلون بلا حدود» خالد دراني، والناشط البارز رشيد نكاز واللواء المتقاعد علي غديري مرشح انتخابات 2019 التي ألغاها الحراك. والثلاثة متابعون بتهم سياسية، بحسب محاميهم. ويتوقع الإفراج عنهم بدءاً من الأحد، باتخاذ إجراءات قانونية يتم تكييفها وفق قضية كل واحد منهم.
والتقى تبون السبت والأحد الماضيين، قادة أحزاب ألحّوا عليه بأهمية إطلاق إجراءات تهدئة، إن أراد كسب التأييد لسياساته. وشددوا على إطلاق سراح «سجناء الرأي»، الذين يقترب عددهم من المائة، غالبيتهم اتهمتهم النيابة بـ«المس بالوحدة الوطنية» و«الإضرار بالمصلحة الوطنية» و«إضعاف معنويات الجيش».
ويرى مراقبون أن قرار إطلاق سراح مساجين يعكس إرادة السلطة امتصاص احتقان شعبي حاد، عشية إحياء الذكرى الثانية للمظاهرات المليونية (22 فبراير/ شباط 2019) التي أطاحت بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 2 أبريل (نيسان) 2019. وكانت مدينة خراطة بشرق البلاد، شهدت الاثنين الماضي مظاهرات حاشدة ضد النظام، شارك فيها ناشطون بالحراك من مختلف مناطق البلاد، وقد أعطت مؤشراً قوياً بأن المظاهرات المنتظرة بعد غد، في إطار الاحتفال بمرور عامين على الحراك، ستكون ضخمة. ورأى تبون أن الإفراج عن عدد من المعتقلين، من شأنه أن يجلب له رضا على الأقل قطاع من الحراك، الذي توقف منذ 10 أشهر بسبب جائحة كورونا، لكن من دون أن تتوقف الاعتقالات التي طالت المئات من عناصره. وقد استمرت في الأيام الماضية.
وشملت قرارت تبون حلّ «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى)، وهي أيضاً خطوة لكسب ودّ الحراك الذي انتقد مراراً ما يوصف بـ«برلمان الشكارة» (التزوير المعمم). غير أن الرئيس لم يذكر متى سيتم تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة. وكتب سليمان شنين رئيس «المجلس الشعبي» أمس، على حسابه بـ«تويتر»: «أتقدم بخالص عبارات التقدير والامتنان للسيد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، لما لمسته من توجيه ودعم خلال فترة رئاستي للمجلس الشعبي الوطني، وأدعو الله أن يوفقه في مواصلة مسار الإصلاح والتغيير».
ونقل قائد تشكيلة سياسية التقى تبون الأسبوع الماضي، عنه أن الاقتراع سيجري في شهر يونيو (حزيران) المقبل. ووعد تبّون في خطابه بأن «تكون الانتخابات بعيدة عن المال والفساد»، وبأن تنظيمها سيؤول لـ«السلطة المستقلة لمراقبة الانتخابات» وحدها، مشيراً إلى أن رئيس الجمهورية نفسه «لن يكون بمقدوره التأثير في نتائجها». كما قال إن الدولة ستتكفل بنفقات الحملة الانتخابية للشباب الذين سيترشحون لـ«التشريعية» المرتقبة.
وأكد تبون عزمه إحداث تغيير حكومي جزئي، «سيتم غداً أو بعد 48 ساعة»، سيشمل حسبه، وزراء محل انتقاد مواطنين على أساس أنهم «فشلوا في حل مشاكلهم اليومية». وتسلمت الحكومة مهامها مطلع 2020 بقيادة رئيس الوزراء عبد العزيز جراد الذي يعتقد أنه سيرحل مع بعض الوزراء، كوزير الصناعة فرحات آيت علي ووزير العدل بلقاسم زغماتي، ووزيرة الثقافة مليكة بن دودة، والوزيرة المنتدبة لرياضة النخبة سليمة سواكري. ويرى قطاع من المراقبين أن هذه الخطوة هي أيضاً، بمثابة امتصاص غضب شعبي، وأن الرئيس كان بإمكانه الاحتفاظ بطاقم جراد، ما دام أنه سيشكل حكومة جديدة بعد الانتخابات البرلمانية المبكرة المرتقبة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.