سعي حوثي للهيمنة على لائحة كبار التجار المستوردين في اليمن

قادة الجماعة أقروا رفع سعر سلعة الدقيق بالتزامن مع سعيهم للدخول في دائرة المستوردين (أ.ف.ب)
قادة الجماعة أقروا رفع سعر سلعة الدقيق بالتزامن مع سعيهم للدخول في دائرة المستوردين (أ.ف.ب)
TT
20

سعي حوثي للهيمنة على لائحة كبار التجار المستوردين في اليمن

قادة الجماعة أقروا رفع سعر سلعة الدقيق بالتزامن مع سعيهم للدخول في دائرة المستوردين (أ.ف.ب)
قادة الجماعة أقروا رفع سعر سلعة الدقيق بالتزامن مع سعيهم للدخول في دائرة المستوردين (أ.ف.ب)

في الوقت الذي أقرت فيه الجماعة الحوثية رفع أسعار عدد من السلع الأساسية في مناطق سيطرتها مقابل حصولها على نسبة من أرباح التجار، كشفت مصادر مطلعة في صنعاء عن سعي الجماعة للهيمنة على لائحة كبار التجار المستوردين على حساب آخرين يعملون في هذا القطاع من عشرات السنوات.
وذكرت المصادر أن قادة الجماعة أقروا رفع سعر مادة الدقيق من 12 ألفا و200 إلى 13 ألفا و200 خلال اتفاق غير معلن قبل أيام مع إدارة شركة المطاحن وصوامع الغلال اليمنية (الدولار حوالي 600 ريال) بالتوازي مع مساعيها لتأسيس اقتصاد خاص بها. وكشفت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن القيادي في الجماعة بسام الغرباني المعين في حكومة الانقلاب غير المعترف بها وكيل قطاع التجارة الداخلية عقد مع قادة حوثيين آخرين اجتماعا مع ممثلي الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية في صنعاء لبحث ومناقشة ما أطلقت عليه الميليشيات توسيع دائرة التجار المستوردين.
وعلى الرغم من مواصلة الميليشيات تعطيل ما تبقى من فاعلية الاقتصاد المحلي في مناطق سيطرتها ووضع العراقيل أمام من تبقى من منتسبي القطاع الخاص فيما يخص عملية الاستيراد بغية الاستحواذ عليه، قالت المصادر إن الجماعة تسعى من وراء اللقاء إلى إدراج نحو 75 تاجرا حوثيا، لم يمض على عملهم بمهنة التجارة سوى أشهر قلية، ضمن قوائم التجار الكبار المستوردين لمختلف السلع والبضائع.
ويرى مراقبون وخبراء اقتصاد أن مساعي الجماعة لعقد لقاء مع كبار تجار صنعاء ومسؤولي اتحادات الغرف التجارية تشير في ظاهرها إلى توسيع دائرة المستورين وفي باطنها تهدف إلى ضم أعداد من الموالين لها ضمن قوائم التجار المستوردين.
وجاءت هذه الخطوة الحوثية بعد يوم من لقاء آخر كان جمع وزير الجماعة المعين للتجارة والاقتصاد في حكومة الانقلاب عبد الوهاب الدرة مع الحاكم العسكري الإيراني في صنعاء حسن إيرلو المنتحل صفة سفير طهران في صنعاء. وكانت المصادر الرسمية الحوثية زعمت أن لقاء إيرلو والدرة «بحث أوجه التعاون مع إيران في المجال الصناعي والتجاري وتطوير آليات التعاون والتنسيق بين الجانبين في عدة مجالات أخرى».
ولا يستبعد المراقبون أن تكون عمليات الضغط الحوثية الممارسة حاليا بحق كبار التجار والمستوردين ومسؤولي الاتحادات ناتجة عن توجيهات من الحاكم العسكري الإيراني لقيادات في الميليشيات بسرعة استكمال تأسيس اقتصاد خاص بالجماعة ولو على حساب شعب لا يزال يعاني أبناؤه من ويلات الفقر والمرض والمجاعة.
ويقول عاملون في قطاع التجارة والصناعة في صنعاء إن «الجماعة بدأت عقب انقلابها بعملية تدمير ونهب ممنهجة للقطاع الاقتصادي الحكومي والخاص، ومن ثم التوجه صوب إنشاء اقتصاد خاص بها على أنقاض الدولة وعلى حساب ملايين الجوعى بعد نهب جميع موارد الدولة والسيطرة على مؤسساتها وتجريف القطاع الخاص وإحلال محله الاستثمارات والشركات الخاصة بالجماعة».
ويشير العاملون إلى أن قادة الميليشيات «اتبعوا جميع الوسائل والإجراءات في سبيل بناء اقتصاد خاص بهم، وعملوا بكل جهد على تعطيل فاعلية الاقتصاد المحلي، بما في ذلك خصخصة المؤسسات الحكومية وإنشاء الشركات الخاصة، وفرض الضرائب والجبايات باستمرار وكذلك العمل على سن تشريعات جديدة تخدم مرامي الجماعة الهادفة للسيطرة على القطاع الخاص».
وبسبب سلوك الجماعة التدميري «بات القطاع الخاص يلفظ أنفاسه الأخيرة، بعدما أعلنت العشرات من الشركات والمؤسسات التجارية الخاصة إفلاسها التام نتيجة جرائم وممارسات وتعسفات الجماعة». وفق ما يقوله المراقبون للشأن الاقتصادي في مناطق سيطرة الميليشيات.
وكان تقرير صادر عن فريق خبراء الأمم المتحدة فضح بوقت سابق مساعي ميليشيات الحوثي وكشف عن أنها تعمل لبناء «إمبراطورية مالية» خاصة بها في صنعاء والمناطق التي تسيطر عليها.
وقال التقرير إن «الحوثيين وضعوا استراتيجية للسيطرة على واردات النفط، وذلك من خلال منح حق الاستيراد لأشخاص وشركات تابعة للجماعة، في الوقت الذي ظهر تجار حروب جدد مستفيدون من هذه الحرب، بينما أصبحت الغلبة للسوق السوداء على المعاملات الرسمية».
وأشار التقرير إلى أن الجماعة تعزز من سيطرتها على الإيرادات المتعلقة بالضرائب وتضاعف الرسوم على الجمارك بنسبة تتجاوز مائة في المائة، في منافذ جمركية مستحدثة، كما تتوغل أكثر للسيطرة على قطاع الاتصالات والإنترنت.
ونتيجة لتعسفات وجرائم الميليشيات المتكررة بحق منتسبي القطاع الخاص على مدى السنوات الماضية، أصدر الاتحاد العام للغرف التجارية والغرفة التجارية في العاصمة صنعاء سلسلة طويلة من البيانات والبلاغات التنديدية والاحتجاجية التي تدين وتستنكر جرائم وانتهاكات الحوثيين.
وقالت الغرفة التجارية في صنعاء في آخر بيان احتجاجي لها، إن خسائر القطاع الخاص اليمني بشقيه التجاري والصناعي تزداد كل يوم بسبب ممارسات الميليشيات الحوثية التي تتعمد تأخير وحجز البضائع ومدخلات الإنتاج وإعادة الإجراءات الجمركية عليها مرة أخرى، وتعريضها للتلف واستنزاف أموال ومدخرات التجار وما يتبع ذلك من خسائر مباشرة وغير مباشرة تهدد وجود القطاع الخاص بأكمله، وتدفعه للبحث عن بيئة استثمارية أخرى تُصان فيها كرامته وأمواله.
وبالعودة إلى توجه الجماعة نحو رفع سعر مادة الدقيق، واعتزامها عقد صفقات مماثلة لرفع أسعار مواد أساسية أخرى، تحدثت مصادر محلية عن إغلاق العشرات من المخابز والأفران لأبوابها في مدينة تعز، ما أدى إلى انعدام رغيف العيش وصعوبة الحصول عليه.
ونقلت بعض التقارير عن سكان محليين في تعز، قولهم إن «المدينة شهدت أزمة حادة في الخبز نتيجة قيام أغلبية ملاك الأفران بإغلاق محلاتهم، بسبب ارتفاع أسعار مادة الدقيق».


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)

الصومال: مقتل 16 مسلحاً من «حركة الشباب» في غارة جوية بمحافظة شبيلى الوسطى

أقارب يحملون أحد ضحايا الإرهاب في الصومال (رويترز)
أقارب يحملون أحد ضحايا الإرهاب في الصومال (رويترز)
TT
20

الصومال: مقتل 16 مسلحاً من «حركة الشباب» في غارة جوية بمحافظة شبيلى الوسطى

أقارب يحملون أحد ضحايا الإرهاب في الصومال (رويترز)
أقارب يحملون أحد ضحايا الإرهاب في الصومال (رويترز)

قضت السلطات الصومالية، الثلاثاء، على 16 مسلحاً من حركة «الشباب» الإرهابية، من بينهم قيادات بارزة، في غارة جوية جنوب شرقي البلاد.

يصطف المسلمون للحصول على طعام الإفطار في مقديشو في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)
يصطف المسلمون للحصول على طعام الإفطار في مقديشو في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)

وأفادت «وكالة الأنباء الصومالية»، بأن الغارة الجوية التي نُفذت، الليلة الماضية، في منطقة بصرى بمحافظة شبيلى الوسطى، استهدفت تجمعاً لمسلحين كانوا محاصرين خلال الأيام الماضية إثر عمليات عسكرية للجيش الوطني، مضيفة أن الغارة أسفرت أيضاً عن تدمير سيارات تابعة لحركة «الشباب» الإرهابية.

وأشارت الوكالة إلى أن «الغارة الجوية التي وقعت، الليلة الماضية، في منطقة بصرى بمحافظة شبيلى الوسطى، استهدفت تجمعاً للإرهابيين الذين تمت محاصرتهم خلال الأيام الماضية جراء العمليات العسكرية».

متطوع يوزع الطعام على المسلمين ليفطروا في مقديشو في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)
متطوع يوزع الطعام على المسلمين ليفطروا في مقديشو في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)

ولفتت إلى أن «الغارة الجوية أسفرت عن تدمير المركبات القتالية التابعة لميليشيات الخوراج». ويستخدم الصومال عبارة «ميليشيا الخوارج» للإشارة إلى حركة «الشباب». وتشن الحركة هجمات تهدف إلى الإطاحة بالحكومة الصومالية للاستيلاء على الحكم، وتطبيق الشريعة على نحو صارم.

كان وزير الدفاع الصومالي عبد القادر محمد نور قد قال، يوم الجمعة، إن قوات صومالية وإثيوبية نفذت عمليات مشتركة ضد حركة «الشباب» بإقليم شبيلي الوسطى. وقال نور لوسائل الإعلام الصومالية الرسمية «العمليات العسكرية المنسقة، بدعم جوي دولي، تستهدف بشكل محدد الجماعات المسلحة». كما أعلنت القيادة الأميركية في أفريقيا، أواخر الشهر الماضي، أنها نفذت، بطلب من الحكومة الصومالية، غارة جوية ضد حركة «الشباب».

صوماليون يؤدون صلاة التراويح وهي صلاة تُقام في المساجد خلال شهر رمضان في مقديشو في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)
صوماليون يؤدون صلاة التراويح وهي صلاة تُقام في المساجد خلال شهر رمضان في مقديشو في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)

في غضون ذلك، قُتل 9 أشخاص، الثلاثاء، في هجوم انتحاري وبإطلاق النار تبنته حركة «الشباب» في فندق في وسط الصومال، حيث كان هناك اجتماع يُعقد لبحث سبل مكافحة هذه الجماعة المتطرفة، وفق مصادر أمنية. وأكد أحمد عثمان المسؤول الأمني في مدينة بلدوين في محافظة هيران، حيث وقع الهجوم، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن «انتحارياً» قاد، صباحاً، حافلة صغيرة محملة بالمتفجرات إلى مدخل الفندق ليتبعه مسلحون دخلوا الفندق، وراحوا يطلقون النار.

وقال المسؤول الأمني حسين علي في وقت لاحق، الثلاثاء، إن «الحصار انتهى، وقُتل جميع المسلحين»، مضيفاً أن الهدوء عاد إلى المكان. وأكد أن 9 مدنيين، بينهم وجهاء تقليديون، قُتلوا في الهجوم، من دون أن يحدد عدد المهاجمين الذين قضوا. وأضاف علي أن أكثر من 10 أشخاص آخرين، معظمهم من المدنيين، أصيبوا بجروح في الهجوم. وكان الفندق المستهدف يستضيف اجتماعاً يجمع مسؤولين أمنيين وزعماء تقليديين بهدف حشد مقاتلين لمساعدة القوات الحكومية في حربها ضد حركة «الشباب» المتطرفة.

وأكد الشرطي علي مهاد أنه تم إنقاذ العديد من الأشخاص الموجودين في المكان. وقال شاهد عيان يدعى إدريس عدنان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كان قريبي داخل الفندق أثناء الهجوم، وهو محظوظ لأنه نجا وأصيب بجروح طفيفة». وأضاف أن «المبنى دُمر في خضم إطلاق نار كثيف». وأعلنت «حركة الشباب» في بيان مسؤوليتها عن الهجوم.

ومنذ أكثر من 15 عاما تشنّ حركة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» تمرّداً مسلّحاً ضدّ الحكومة الفيدرالية الصومالية المدعومة من المجتمع الدولي، بهدف تطبيق الشريعة الإسلامية في بلد يُعد من أفقر دول العالم.

وتوعد الرئيس الصومالي بحرب «شاملة» ضد حركة «الشباب»، وانضم الجيش إلى ميليشيات عشائرية في حملة عسكرية تدعمها قوة من الاتحاد الأفريقي وضربات أميركية، لكنها مُنيت بانتكاسات.