سعي حوثي للهيمنة على لائحة كبار التجار المستوردين في اليمن

قادة الجماعة أقروا رفع سعر سلعة الدقيق بالتزامن مع سعيهم للدخول في دائرة المستوردين (أ.ف.ب)
قادة الجماعة أقروا رفع سعر سلعة الدقيق بالتزامن مع سعيهم للدخول في دائرة المستوردين (أ.ف.ب)
TT

سعي حوثي للهيمنة على لائحة كبار التجار المستوردين في اليمن

قادة الجماعة أقروا رفع سعر سلعة الدقيق بالتزامن مع سعيهم للدخول في دائرة المستوردين (أ.ف.ب)
قادة الجماعة أقروا رفع سعر سلعة الدقيق بالتزامن مع سعيهم للدخول في دائرة المستوردين (أ.ف.ب)

في الوقت الذي أقرت فيه الجماعة الحوثية رفع أسعار عدد من السلع الأساسية في مناطق سيطرتها مقابل حصولها على نسبة من أرباح التجار، كشفت مصادر مطلعة في صنعاء عن سعي الجماعة للهيمنة على لائحة كبار التجار المستوردين على حساب آخرين يعملون في هذا القطاع من عشرات السنوات.
وذكرت المصادر أن قادة الجماعة أقروا رفع سعر مادة الدقيق من 12 ألفا و200 إلى 13 ألفا و200 خلال اتفاق غير معلن قبل أيام مع إدارة شركة المطاحن وصوامع الغلال اليمنية (الدولار حوالي 600 ريال) بالتوازي مع مساعيها لتأسيس اقتصاد خاص بها. وكشفت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن القيادي في الجماعة بسام الغرباني المعين في حكومة الانقلاب غير المعترف بها وكيل قطاع التجارة الداخلية عقد مع قادة حوثيين آخرين اجتماعا مع ممثلي الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية في صنعاء لبحث ومناقشة ما أطلقت عليه الميليشيات توسيع دائرة التجار المستوردين.
وعلى الرغم من مواصلة الميليشيات تعطيل ما تبقى من فاعلية الاقتصاد المحلي في مناطق سيطرتها ووضع العراقيل أمام من تبقى من منتسبي القطاع الخاص فيما يخص عملية الاستيراد بغية الاستحواذ عليه، قالت المصادر إن الجماعة تسعى من وراء اللقاء إلى إدراج نحو 75 تاجرا حوثيا، لم يمض على عملهم بمهنة التجارة سوى أشهر قلية، ضمن قوائم التجار الكبار المستوردين لمختلف السلع والبضائع.
ويرى مراقبون وخبراء اقتصاد أن مساعي الجماعة لعقد لقاء مع كبار تجار صنعاء ومسؤولي اتحادات الغرف التجارية تشير في ظاهرها إلى توسيع دائرة المستورين وفي باطنها تهدف إلى ضم أعداد من الموالين لها ضمن قوائم التجار المستوردين.
وجاءت هذه الخطوة الحوثية بعد يوم من لقاء آخر كان جمع وزير الجماعة المعين للتجارة والاقتصاد في حكومة الانقلاب عبد الوهاب الدرة مع الحاكم العسكري الإيراني في صنعاء حسن إيرلو المنتحل صفة سفير طهران في صنعاء. وكانت المصادر الرسمية الحوثية زعمت أن لقاء إيرلو والدرة «بحث أوجه التعاون مع إيران في المجال الصناعي والتجاري وتطوير آليات التعاون والتنسيق بين الجانبين في عدة مجالات أخرى».
ولا يستبعد المراقبون أن تكون عمليات الضغط الحوثية الممارسة حاليا بحق كبار التجار والمستوردين ومسؤولي الاتحادات ناتجة عن توجيهات من الحاكم العسكري الإيراني لقيادات في الميليشيات بسرعة استكمال تأسيس اقتصاد خاص بالجماعة ولو على حساب شعب لا يزال يعاني أبناؤه من ويلات الفقر والمرض والمجاعة.
ويقول عاملون في قطاع التجارة والصناعة في صنعاء إن «الجماعة بدأت عقب انقلابها بعملية تدمير ونهب ممنهجة للقطاع الاقتصادي الحكومي والخاص، ومن ثم التوجه صوب إنشاء اقتصاد خاص بها على أنقاض الدولة وعلى حساب ملايين الجوعى بعد نهب جميع موارد الدولة والسيطرة على مؤسساتها وتجريف القطاع الخاص وإحلال محله الاستثمارات والشركات الخاصة بالجماعة».
ويشير العاملون إلى أن قادة الميليشيات «اتبعوا جميع الوسائل والإجراءات في سبيل بناء اقتصاد خاص بهم، وعملوا بكل جهد على تعطيل فاعلية الاقتصاد المحلي، بما في ذلك خصخصة المؤسسات الحكومية وإنشاء الشركات الخاصة، وفرض الضرائب والجبايات باستمرار وكذلك العمل على سن تشريعات جديدة تخدم مرامي الجماعة الهادفة للسيطرة على القطاع الخاص».
وبسبب سلوك الجماعة التدميري «بات القطاع الخاص يلفظ أنفاسه الأخيرة، بعدما أعلنت العشرات من الشركات والمؤسسات التجارية الخاصة إفلاسها التام نتيجة جرائم وممارسات وتعسفات الجماعة». وفق ما يقوله المراقبون للشأن الاقتصادي في مناطق سيطرة الميليشيات.
وكان تقرير صادر عن فريق خبراء الأمم المتحدة فضح بوقت سابق مساعي ميليشيات الحوثي وكشف عن أنها تعمل لبناء «إمبراطورية مالية» خاصة بها في صنعاء والمناطق التي تسيطر عليها.
وقال التقرير إن «الحوثيين وضعوا استراتيجية للسيطرة على واردات النفط، وذلك من خلال منح حق الاستيراد لأشخاص وشركات تابعة للجماعة، في الوقت الذي ظهر تجار حروب جدد مستفيدون من هذه الحرب، بينما أصبحت الغلبة للسوق السوداء على المعاملات الرسمية».
وأشار التقرير إلى أن الجماعة تعزز من سيطرتها على الإيرادات المتعلقة بالضرائب وتضاعف الرسوم على الجمارك بنسبة تتجاوز مائة في المائة، في منافذ جمركية مستحدثة، كما تتوغل أكثر للسيطرة على قطاع الاتصالات والإنترنت.
ونتيجة لتعسفات وجرائم الميليشيات المتكررة بحق منتسبي القطاع الخاص على مدى السنوات الماضية، أصدر الاتحاد العام للغرف التجارية والغرفة التجارية في العاصمة صنعاء سلسلة طويلة من البيانات والبلاغات التنديدية والاحتجاجية التي تدين وتستنكر جرائم وانتهاكات الحوثيين.
وقالت الغرفة التجارية في صنعاء في آخر بيان احتجاجي لها، إن خسائر القطاع الخاص اليمني بشقيه التجاري والصناعي تزداد كل يوم بسبب ممارسات الميليشيات الحوثية التي تتعمد تأخير وحجز البضائع ومدخلات الإنتاج وإعادة الإجراءات الجمركية عليها مرة أخرى، وتعريضها للتلف واستنزاف أموال ومدخرات التجار وما يتبع ذلك من خسائر مباشرة وغير مباشرة تهدد وجود القطاع الخاص بأكمله، وتدفعه للبحث عن بيئة استثمارية أخرى تُصان فيها كرامته وأمواله.
وبالعودة إلى توجه الجماعة نحو رفع سعر مادة الدقيق، واعتزامها عقد صفقات مماثلة لرفع أسعار مواد أساسية أخرى، تحدثت مصادر محلية عن إغلاق العشرات من المخابز والأفران لأبوابها في مدينة تعز، ما أدى إلى انعدام رغيف العيش وصعوبة الحصول عليه.
ونقلت بعض التقارير عن سكان محليين في تعز، قولهم إن «المدينة شهدت أزمة حادة في الخبز نتيجة قيام أغلبية ملاك الأفران بإغلاق محلاتهم، بسبب ارتفاع أسعار مادة الدقيق».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.