تحديات جائحة «كوفيد ـ 19» في المؤتمر الافتراضي الدولي الخامس لـ«طب الأسرة»

الرعاية العلاجية التفاعلية تحولت إلى رعاية وقائية توعوية تعزيزية

الدكتور أشرف أمير
الدكتور أشرف أمير
TT

تحديات جائحة «كوفيد ـ 19» في المؤتمر الافتراضي الدولي الخامس لـ«طب الأسرة»

الدكتور أشرف أمير
الدكتور أشرف أمير

اختتمت مساء يوم أمس (الخميس) 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أعمال «المؤتمر الدولي الخامس لطب الأسرة» الذي أقامه المركز الطبي الدولي بجدة ممثلاً في قسم طب الأسرة، وبشراكات قوية ومتميزة شملت العديد من المنظمات والجمعيات العلمية الدولية والمحلية، وفي مقدمتها الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع والمنظمة الدولية لأطباء الأسرة (WONCA)، ومجلس الضمان الصحي التعاوني، والمجلس الصحي السعودي والمجلس العلمي لطب الأسرة بالهيئة السعودية للتخصصات الصحية والجمعية السعودية للرعاية الصحية المبنية على البراهين والبرنامج المشترك لطب الأسرة والمجتمع بجدة. صرح بذلك، لـ«الشرق الأوسط»، رئيس المؤتمر استشاري طب الأسرة الأستاذ الدكتور أشرف عبد القيوم أمير، مؤكداً أن هذا المؤتمر حقق نجاحات كبيرة في خدمة الأطباء والمتخصصين في مجال طب الأسرة والمجتمع، ليس فقط في المملكة وحدها، وإنما على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي وكثير من الدول العربية، من خلال 42 ورقة عمل علمية وبحثية قدمها أساتذة وعلماء من داخل المملكة وخارجها، تطرقت لمناقشة مجموعة من القضايا والمواضيع المتعلقة بمستقبل طب الأسرة محلياً وعالمياً ودور طبيب الأسرة في تطوير منظومة الرعاية الصحية الأولية، والتحول إلى نظام صحي يُعنى بالرعاية الصحية المبنية على القيمة والمردود، والجديد في منهجيات الوقاية والعلاج لكثير من الأمراض والمشاكل الصحية العضوية والنفسية أثناء جائحة «كوفيد - 19».
- نجاح الممارسة السريرية
وفي هذا الموضوع، سوف نقدم جانبين مهمين؛ أحدهما لمتحدث محلي يتعلق بسر نجاح الممارسة السريرية، والآخر لمتحدث عالمي عن تحديات ومسؤوليات طبيب الأسرة خلال الجائحة وما بعدها.
تحدث في المؤتمر الأستاذ الدكتور أشرف أمير، وأوضح الحاجة الملحة لأنسنة النظام الصحي الذي هو في أصله يقوم علي الإنسانية، وقد اعتراه في عصرنا الحديث الكثير من الفتور والبرود في إدارة المشاعر والعواطف الإنسانية التي تربط المريض بطبيبه بعلاقة صحية متوازنة تجعل من التقاء الطرفين لقاء حميمياً وثرياً. وهذا ما يتجلى بوضوح في الاستشارة الطبية عندما يلتقي المريض بطبيبه، فبالرغم من أن المسافة الجسدية التي تفصلهما لا تتجاوز بضعة سنتيمترات، فإن التباعد العاطفي بين الطرفين قد يمتد إلى عدة أميال بسبب انشغال الطبيب عن مريضه بالاطلاع والتحديق بشاشة الكومبيوتر، دون إعارة المريض بعض الاهتمام باستراق النظر إليه والتحدث معه.
وأجاب عن التساؤل الذي يحير كثيراً من الأطباء ولا يجد جواباً شافياً له، وهو: لماذا لا تنجح خطتهم العلاجية في السيطرة على الأمراض لدى مرضى الأمراض المزمنة، بالرغم من بذل قصارى الجهد في وصف العلاج الناجع واستخدام أحدث التقنيات العلاجية تطوراً وتعقيداً؟ فأوضح أن الإجابة تكمن لدى من يغوص في أعماق المشكلة ويقوم بتحليل الواقعة، فيجد أن علاج المريض ليس فقط جسدياً بل عقل وجسد وروح. فالنظام الصحي القائم على العلاج الجسدي للمريض يفتقر إلى العلاج الشمولي والمتكامل الذي يحقق كمال الصحة وتمام العافية. فالصحة بتعريف منظمة الصحة العالمية حالة من التكامل الجسدي والنفسي والاجتماعي والروحي وليس مجرد الخلو من المرض أو الإعاقة.
وهنا يؤكد البروفسور أشرف أمير ضرورة أن يضيف الطبيب إلى مهاراته السريرية إضافة تتلمس هذه الجوانب وتبرز الشفقة والعطف والرحمة لتجعل من الطبيب الجامد إنساناً مرهف الحس يتفاعل مع مريضه ليتلمس احتياجاته ويعيش معاناته، ومن ثم يقدم للمريض ما يحتاجه من مساعدة ومساندة.
كما أكد ضرورة تطوير الطبيب لمهاراته في التواصل والتفاعل مع المريض، سواء كان التواصل لفظياً بانتقاء الكلمات والمفردات أو غير لفظي باستخدام لغة الملامح والجسد.
- جائحة «كورونا»
أما حول التحديات ومسؤوليات أطباء الأسرة في ظل جائحة كورونا، فتحدثت في المؤتمر البروفسورة جنان أوستا (Jinan Usta) رئيسة المنظمة الدولية لأطباء الأسرة (WONCA) في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط.
لقد ألحقت هذه الجائحة بدول العالم، منذ سنة تقريباً، تغييرات مختلفة أصبحت معياراً تقيس به الدول كيف كانت وكيف أصبحت حياة البشرية قبل وبعد جائحة كورونا. وحتماً غيرّت الكثير في حياتنا، في طريقة المصافحة والتحدث وعقد اللقاءات والاجتماعات عن «بُعد»، وحتى التعليم أصبح افتراضياً في كثير من دول العالم.
أما القطاع الصحي، فقد أثقلت كاهله هذه الجائحة، فالعيادات الخارجية والجراحات الاختيارية لم تعد كما كانت في السابق، ودعم المناطق النائية توقف بعد أن أثقلته الظروف والصعاب، ونظام الرعاية تحول من رعاية علاجية تفاعلية إلى رعاية وقائية توعوية تعزيزية تعتمد على المجتمع بتعدد أطيافه، الأسباب الجذرية لحالات الوفاة تحولت إلى منهجية تعتمد على إدراج الأسباب الأساسية للحياة ومعرفتها والبقاء بصحة جيدة ومعافاة دائمة على ظهر هذا الكوكب. لذا هنالك تغير واضح في فلسفة الطب ونظرته بحلة جديدة على واقع الحياة.

- التحديات
إن التحديات التي تواجه الأطباء في الصفوف الأولى من الصروح الطبية تتعدد أسبابها وأشكالها ويمكن تلخيصها كما يلي:
> محدودية المعرفة بالمرض ذاته، وهو فيروس كورونا المستجد، فما نجهله حيال هذه الجائحة أكثر مما نعرفه في واقع الأمر. فكان هنالك عجز في التمييز بين الأفراد بدقة من الناحية التشخيصية سريرياً ممن يعاني من أعراض نزلات البرد والحمى والتهاب القصبات الهوائية، والأفراد الذين وقعوا في براثن جائحة فيروس كورونا. وأيضاً هنالك عجز في معرفة من سيعاني من بعض الإصابات البسيطة في الجهاز التنفسي، ومن سيضطر ليدخل وحدة العناية المركزة.
> كان هناك تحدٍ كبير جثم أمامنا فشاهدنا كثيراً من الناس ممن ينعمون بالصحة والعافية يلقون حتفهم بين عشية وضحاها دون سابق إنذار.
> التحدي الزمني، فلا أحد يعرف إلى متى ستعصف بنا هذه الجائحة والأزمة الاجتماعية والاقتصادية، ومتى ستنتهي وما حجم الخطر الذي ستخلفه على الصعيد العالمي. فلو عرفنا أنها ستبقى لبضعة أشهر أو سنة لأمكننا أن نحدد ونوجه مصادرنا وكيف نستغلها، لكن حتى الآن لا نعرف متى سترحل هذه الجائحة عنا. الخبر الجميل الذي يثلج الصدر هو أن اللقاح سيبصر النور قريباً وسنقطف ثماره ونخنق به هذه الجائحة. لكننا نحتاج إلى أكثر من 6 أشهر، أو ربما إلى سنة، لنرى كيف تلملم هذه الجائحة خيباتها وترحل بلا رجعة.
وتكمن التحديات الأخرى في طريقة ممارستنا للطب والممارسات السريرية على وجه الخصوص. هنالك طرق جديدة للعمل، فلم نعد نرى المريض مراراً وجهاً لوجه كما كان العهد سابقاً. نتخذ قرارات بشأن المريض دون رؤيته ولا معرفته وصرنا نعتمد على مشاهدة الفيديوهات للمريض لاتخاذ قرار طبي لمرض أو لمعاناة ما ومن ثم نصف الدواء. وأصبحت ممارسة طب الأسرة بطرق تنأى بها أنفسنا عن رؤية المريض وهذه الممارسة غير مناسبة ولا تنسجم مع مهنة طب الأسرة والتي تبرز فيها الثقة القائمة ما بين الطبيب والمريض لأنها مهمة للغاية. وهذا من شأنه أن يؤثر على العلاقة بين الطبيب والمريض وتؤثر حتماً على طريقة ممارسة مهنة الطب وتؤثر أيضاً على جوهر النجاح.
> النقص الحاد في المواد الطبية الأساسية، ففي كثير من الدول بات الطبيب يعالج مرضاه دون ارتداء الكمامات من الطبيب والمريض، إضافة إلى النقص في أجهزة التنفس والأدوات الوقائية، والأهم من كل هذا العنصر البشري، وهو الإنسان بقيمته وقدره.
> لقد انتاب الناسَ الذعرُ والخوفُ من هذه الجائحة، ما ولد لديهم مشاكل نفسية وعاطفية أثقلت كاهلهم، إضافة إلى أن إقفال ومنع التجوال وإغلاق الحدود والانعزال قد عكر الجانب العاطفي والنفسي لكثير من الناس. ولا نغفل مدى تأثير ذلك على الجانب العاطفي والمعنوي وحسن التعامل مع المرضى، فأصبحت هناك مسارات مختلفة وحرجة للغاية.
> تعرض كثير من الفرق الطبية وأطباء الأسرة، خصوصاً ممن يعملون في الخطوط الأمامية، للعدوى بالمرض والحجر الصحي، وقد توفي بعض منهم في دول عديدة من العالم.
> تحديات أخرى نالت من الجانب التعليمي الأكاديمي، فلقد أثرت الجائحة على طريقة تقديم المعلومات الطبية وبات التعليم في الكليات الطبية قائماً على الإنترنت والدروس عن بُعد، خصوصاً في سنوات ما قبل المرحلة السريرية. ولو نظرنا إلى الطريقة التي يتم تقديم العلاج للمرضى هذه الأيام فإنها ستؤثر حتماً على خريجي كليات الطب وجودة الطبيب ومعرفته وممارسته السريرية.
> لقد تغيرت المناوبات وأوقات الدوام والجداول الزمنية لتلبية الحاجة الملحة للرعاية الطبية في ظل جائحة كورونا.
- المسؤوليات
إن مما تفخر به مهنة الطب أن منسوبيها ومنهم «أطباء الأسرة» قد أدوا أدواراً مهمة بجدارة وتحملوا مسؤوليات جسيمة في الأوقات العصيبة للجائحة، نذكر منها ما يلي:
> أطباء الأسرة هم جنود خط الدفاع الأول والعمود الفقري وعصب نظام الرعاية الصحية، من أهم مسؤولياتهم تحديد التشخيص والتخصص والجناح المناسب ليتلقى فيه المريض علاجه المناسب بالاستعانة بالفحوصات السريرية والمخبرية والإشعاعية.
> عليهم تخفيف الأعباء على الخدمات الطبية العليا وتقليل التكلفة على الرعاية الصحية بتحديد الحالات الحرجة من عدمها، وإمكانية إرسال المريض إلى بيته لإكمال علاجه.
> الحماية والوقاية، فلا ننسى الدور البارز لأطباء الأسرة سواء إبان انتشار الوباء الحالي أو سابقاته من الأوبئة مثل مرض إيبولا ووباء إنفلونزا الخنازير (swine flu, H1N1)، الذي كان شبيها جداً في خطورته بجائحة كورونا، ولم يوجد له علاج.
> طبيب الأسرة يساعد الحكومات في اتخاذ القرارات المهمة ويحدد المصادر وكيف يمكن استخدامها وترشيدها.
> طبيب الأسرة يؤدي دوراً في عدم التمييز في استخدام مضادات الفيروسات عند توفرها ويحدد بطريقة متوازنة وعادلة الذين يحتاجونها بصورة عاجلة ويستجيبون لها أكثر من غيرهم، بعد وضع قوانين وبروتوكولات وأنظمة تحكم ذلك.
> يؤدي دوراً في عملية المراقبة والمتابعة، وكونه في الخط الأمامي فهو أول من يشعر بارتفاع عدد الحالات وأهميتها ودرجة الحرج فيها ويستشعر بالإنذار المبكر لأي حالات متجددة لأمراض خطيرة.
> اكتشاف الأشكال الجديدة للأمراض التي اختفت زمناً وعادت بحلة جديدة.
> من خلال الزيارات الميدانية للمرضى بشكل أسبوعي يمكن لطبيب الأسرة أن يتعرف على مستوى الموجة فيما إذا كان فيروس كورونا يزداد أم ينقص، ومدى تغير أعراضه والمقارنة مع أمراض أخرى.
> دور طبيب الأسرة في الوقاية ومنع الإصابة من أمراض خطيرة بتعزيز إعطاء اللقاحات كلقاح الإنفلونزا، حالياً، لتخفيف تداعيات نزلات البرد التي تتطلب الدخول للمستشفى.
> دور طبيب الأسرة في تبديد الخرافات الطبية والاجتماعية بالرأي الطبي العلمي القائم على الدليل والبرهان وتوعية المجتمعات وتصحيح الأخبار التي تتناقلها المواقع الإلكترونية.
> حل كثير من المشاكل الصحية الجسدية والنفسية المكلفة على المرضى في جلسة واحدة وتقديم الخدمات الطبية عن بعد وصرف الوصفات الطبية بطرق ميسرة وآمنة.
وأمام كل ما يقدمه طبيب الأسرة للآخرين، تقع عليه مسؤولية الاهتمام بنفسه ورعاية صحة أسرته والاهتمام بالجانب العاطفي والنفسي والاجتماعي في حياته وممارسة الرياضة، حتى يتمتع بالصحة والحيوية والرفاهية النفسية العالية ويواصل تقديم الدعم الصحي والطبي للغير، سواء في وقت السلم أو الأزمات.

- استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

صحتك تورم القدمين قد يشير لعدد من المشكلات الصحية (رويترز)

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

قالت صحيفة «إندبندنت» البريطانية إن الأقدام يمكن أن تساعد على التنبيه بوجود مشاكل صحية إذ إن أمراضاً مثل القلب والسكتات الدماغية يمكن أن تؤثر على القدمين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الصين تقول إن فيروس «إتش إم بي في» عدوى تنفسية شائعة (إ.ب.أ)

الصين: الإنفلونزا تظهر علامات على الانحسار والعدوى التنفسية في ازدياد

قال المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، الخميس، إنه رغم ظهور علامات تباطؤ في معدل فيروس الإنفلونزا بالبلاد، فإن الحالات الإجمالية للأمراض التنفسية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك 7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

خل البلسميك خل عطري مُعتّق ومركّز، داكن اللون وذو نكهة قوية، مصنوع من عصير كامل عناقيد العنب الأبيض الطازج المطحون، أي مع جميع القشور والبذور والسيقان.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

كشفت دراسة عصبية حديثة، عن احتمالية أن يكون لشكل المخ وتكوينه الخارجي دور مهم في التوجه إلى تجربة المواد المضرة في سن مبكرة، ثم إدمانها لاحقاً في مرحلة الشباب.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك التمر كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة

آفاق جديدة للابتكار في أبحاث الطب النبوي

تنطلق في مدينة بريدة بمنطقة القصيم، صباح يوم غدٍ السبت الحادي عشر من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي 2025 فعاليات «المؤتمر العالمي السادس للطب النبوي»

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (بريدة - منطقة القصيم)

آفاق جديدة للابتكار في أبحاث الطب النبوي

التمر كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة
التمر كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة
TT

آفاق جديدة للابتكار في أبحاث الطب النبوي

التمر كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة
التمر كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة

تنطلق في مدينة بريدة بمنطقة القصيم، صباح يوم غدٍ السبت الحادي عشر من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي 2025 فعاليات «المؤتمر العالمي السادس للطب النبوي» الذي يقام تحت رعاية أمير منطقة القصيم الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبد العزيز، تحت عنوان «جودة العلاج القائم على البحث العلمي والابتكار»، الذي تنظمه كل من جامعة المستقبل وجامعة الملك عبد العزيز، وتستمر فعالياته خلال يومي السبت والأحد في مركز الملك خالد الحضاري ببريدة.

أهداف المؤتمر

ضمن لقاءات حصرية لملحق «صحتك» بـ«الشرق الأوسط»، أوضح الدكتور محمد صالح الشتيوي رئيس جامعة المستقبل رئيس المؤتمر - أن المؤتمر العالمي السادس للجودة والطب النبوي القائم على الأدلة يحمل شعار «آفاق جديدة للابتكار في أبحاث الطب النبوي لتحسين حلول الرعاية الصحية وجودة الحياة ومستقبل صناعة الأدوية»، وأنه يوفر منصة مبتكرة وشاملة لعرض أحدث الأبحاث والتطورات المتعلقة بمفاهيم العلاج والوقاية والتشخيص والتعامل مع مختلف الأمراض، باعتبارها نهجاً شاملاً لتحسين جودة الحياة.

شعار المؤتمر

وعن أهداف المؤتمر، صرحت لـ«صحتك» الأستاذة الدكتورة سعاد خليل الجاعوني نائبة رئيس المؤتمر - رئيسة اللجنة العلمية - مديرة الكرسي العلمي لتطبيقات الطب النبوي بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، بأن المؤتمر «السادس» يهدف إلى تقديم رؤية شاملة للأبحاث العلمية المبتكرة وبراءات الاختراع، وتطبيقاتها، وتأثيرها على رفع مستوى الصحة وتحسين جودة الحياة، بالإضافة إلى الاستفادة من هذه الأبحاث في دعم صناعة الأدوية لتحقيق اقتصاد حيوي ومستدام.

وأضافت أن هذا المؤتمر يُعد من أهم المؤتمرات البحثية، حيث يستضيف أكثر من 52 طبيباً وباحثاً وعالماً متميزاً من 34 جامعة محلية ودولية. كما يمثل فرصة كبيرة ومرجعاً قيماً للباحثين وطلاب الدراسات العليا للاستفادة من خبرات هؤلاء العلماء. وسيتم عرض أكثر من 200 ورقة بحثية منشورة في مجلات علمية معتمدة و13 براءة اختراع. وسيغطي البرنامج مواضيع متعددة لتحسين جودة الحياة.

وصرح الدكتور سليم بن صالح السليم، مساعد رئيس الجامعة للبحث العلمي وخدمة المجتمع، جامعة المستقبل - رئيس اللجنة التنظيمية للمؤتمر - بأن المؤتمر يعمل على رفع الوعي الصحي من خلال الأبحاث العلمية في مختلف المجالات والتخصصات الطبية، ويهتم بتعزيز استراتيجيات تطوير ثقافة البحث الابتكاري باستخدام التكنولوجيا المتقدمة، بما في ذلك توزيع جوائز لأفضل الباحثين. وسيتم مناقشة الرؤية المستقبلية للاستفادة من الأبحاث المبتكرة وبراءات الاختراع لاكتشاف الأدوية، وصولاً إلى اقتصاد حيوي مستدام، تماشياً مع أهداف رؤية المملكة 2030 في مجال البحث العلمي.

أبرز الدراسات والابتكارات العلمية

* اكتشاف تراكيب جديدة مشتقة من الإبل. يستعرض، في المؤتمر، البروفسور أ.د. شاكر موسى، أستاذ علم الصيدلة ومؤسس شركة نانو فارماسيوتيكالز في نيويورك، خبرته في تطوير جزيئات نانوية من منتجات طبيعية مثل الشيتوزان المشتق من الفطر والمحار، وحليب الإبل، ولاكتوفيرين لتطوير أدوية فعالة، بما في ذلك منتجات مثل تمر العجوة، والمسك، والحبة السوداء.

كما يستعرض تطوير أدوية مبتكرة مستوحاة من مكونات الإبل لعلاج الأمراض المزمنة، كتطوير هيبارين منخفض الوزن الجزيئي وغير مضاد للتخثر لعلاج فقر الدم المنجلي، والذي أثبت فعالية أعلى من العلاجات التقليدية بفضل آليات عمله المتعددة. يعمل هذا الدواء كمضاد للمنجلية ومضاد للتخثر، مما يساهم في منع أو حل أزمات الخلايا المنجلية بشكل سريع.

كما أظهر دمج الجزيئات متناهية الصغر من الهيبارين ولاكتوفيرين الموجود في حليب الإبل توافراً حيوياً عالياً عند الاستخدام الفموي، مما يعزز فاعليته في علاج الخلايا المنجلية والسرطان والأمراض الالتهابية والمعدية.

* الذكورة والأنوثة بين التصحيح والتغيير. يقدم البروفسور أ.د. ياسر صالح جمال، استشاري وأستاذ الجراحة العامة وجراحة الأطفال جامعة الملك عبد العزيز - في المؤتمر استعراضاً للفروق بين تصحيح الجنس وتغيير الجنس، مع تقديم تعريف دقيق لكل منهما وتسليط الضوء على الآثار المترتبة عليهما. كما سيوضح الرؤية الإسلامية تجاه كلا المفهومين، مدعومة بالأدلة المستمدة من النصوص الشرعية والمبادئ الإسلامية، مع تسليط الضوء على الموقف الشرعي لهذه القضايا الدقيقة، وتوفير تحليل شامل للأسباب التي تبرر الرؤية الإسلامية وتدعمها.

* الطب النبوي والطب التجديدي: رؤية جديدة في العلاج. تستعرض البروفسورة أ.د. صباح صالح مشرف، استشارية وأستاذة الجراحة التجميلية وباحثة في الكرسي العلمي للتطبيقات العلاجية في الطب النبوي بجامعة الملك عبد العزيز، خلاصة خبرتها السريرية الممتدة لأكثر من 14 عاماً في علاج التهاب المفاصل المزمن باستخدام الحقن داخل المفصل لميكروغرافت الدهون الذاتية التي تحتوي على الخلايا الجذعية، التي أثبتت فعاليتها كعلاج تجديدي يساهم في تحسين الحالات المزمنة وإصلاح الأنسجة التالفة، مع تعزيز قدرات الجسم الطبيعية في الشفاء وتجديد الأنسجة، وبأقل تدخل جراحي ممكن.

الطب النبوي يبرز كونه مصدر إلهام لهذه الأساليب، حيث يشير إلى وجود خلايا جذعية في الأنسجة الدهنية، مثل شحم ذيل الأغنام الذي استخدم لعلاج عرق النسا. كما يُذكر وجود هذه الخلايا في حليب الأم، إضافة إلى تسليط النصوص النبوية الضوء على الإعجاز في خلق الإنسان من عظمة العصعص (العجز).

تقدم هذه التجربة نموذجاً عملياً يدمج بين التراث النبوي والطب الحديث، مما يفتح آفاقاً جديدة للعلاج ويعزز من فهمنا للعلاقة بين العلوم الحديثة والممارسات النبوية التقليدية.

قيمة التمور ومياه زمزم الطبية

* التمر: كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة. تقدم البروفسورة أ.د. سعاد خليل الجاعوني، أستاذة أمراض الدم والأورام وأمراض دم الأطفال بكلية الطب، ومديرة الكرسي العلمي لتطبيقات الطب النبوي بجامعة الملك عبد العزيز، تحليلاً شاملاً للبيانات المتعلقة بالقيمة الغذائية والطبية للتمور وبذورها.

تحتوي التمور على مجموعة واسعة من المغذيات الهامة مثل الفيتامينات، والأحماض الأمينية، والألياف، والمعادن، مما يمنحها خصائص دوائية واعدة. تشمل هذه الخصائص مضادات الأكسدة، ومضادات الالتهاب، ومضادات السكري، وخصائص مضادة للميكروبات والسرطان، بالإضافة إلى دورها في حماية الكبد، والكلى، والجهاز العصبي.

تشير نتائج الدراسات إلى أن نخيل التمر يُعد حجر الزاوية في تحقيق الأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية المستدامة. كما أن القيمة الغذائية والخصائص الدوائية للتمور تدعم تطوير أغذية وظيفية ومكملات غذائية تعزز الصحة العامة. علاوة على ذلك، يمكن أن تُستخدم مستخلصات التمور كمكونات طبيعية بديلة للأدوية الصناعية، مما يفتح آفاقاً جديدة لعلاج العديد من الأمراض بطرق آمنة وفعالة.

* حقائق طبية وعلمية عن ماء زمزم مبنية على الأدلة. سيقدم البروفسور أ.د. حامد متولي قسم الأحياء، كلية العلوم التطبيقية، جامعة أم القرى، مكة المكرمة - في المؤتمر خريطة علمية متكاملة لمعرفة أثر ماء زمزم الوقائي والعلاجي في الإنسان والحيوان والنبات. حيث أثبتت التجارب المختبرية الأولية أن المستخلصات الطبيعية المنتجة باستخدام ماء زمزم كمذيب للمواد الفعالة قد أعطت مؤشرات ونتائج واعدة لفاعلية هذه المستخلصات الطبيعية وزيادة في قدرتها العلاجية. يتوقع فريق الدراسة إضافة مساهمة كبيرة للمجتمع البحثي في مجال المستخلصات الدوائية من منتجات طبيعية باستخدام ماء زمزم والمتفردة فيه المملكة العربية السعودية، مما يزيد من فرص الاستثمارات في هذا المجال لإنتاج مركبات دوائية عالية الكفاءة العلاجية.

* دور العلاج بالحجامة الرطبة في إزالة السموم من المعادن الثقيلة. ستقدم الدكتورة زهرة خليفة، استشارية طب الأسرة، دكتوراه في البيئة والتنمية المستدامة - مملكة البحرين - في المؤتمر عرضاً عن تأثير المعادن الثقيلة على صحة الإنسان، مع تقييم الأدلة المتوفرة حول فعالية العلاج بالحجامة الرطبة كاستراتيجية محتملة لإزالة السموم، حيث تعتمد أساليب إزالة السموم التقليدية بشكل رئيسي على التدخلات الغذائية والطبية.

إن التلوث بالمعادن الثقيلة الناتج عن التلوث البيئي يشكل تهديداً كبيراً لصحة الإنسان. تتراكم المعادن الثقيلة مثل الرصاص، والكادميوم، والزئبق، والزرنيخ في الجسم عبر الجهاز التنفسي، أو الطعام، أو التعرض المباشر. ومع مرور الوقت، يمكن أن تؤدي هذه العناصر السامة إلى مشكلات صحية خطيرة، بما في ذلك اضطرابات الجهاز العصبي، والكلى، والنمو.

* دور العلاج بالحجامة الرطبة في تخفيف الألم. سيقدم الدكتور محمد سعد المحياوي، أستاذ مشارك واستشاري علم الالتهابات والمناعة، بكلية الطب، جامعة الملك عبد العزيز - في المؤتمر دراسة محكمة لتقييم فوائد الحجامة الرطبة على تخفيف الألم وتحسين جودة الحياة. خلصت الدراسة إلى أن الحجامة الرطبة يمكن اعتبارها علاجاً تكاملياً وفعّالاً لتخفيف الألم وتحسين حياة المرضى، ما يعزز من دورها بوصفها خياراً طبياً شاملاً للمرضى الذين يعانون من الألم المزمن.

تطوير جزيئات نانوية من منتجات طبيعية مثل الشيتوزان المشتق من الفطر والمحار وحليب الإبل

قوة الصمغ العربي

* القوة الطبيعية للصمغ العربي: تعزيز الصحة وطول العمر. تستعرض البروفسورة أ.د. أميمة صابر، خبيرة أمراض الجهاز الهضمي والكبد للأطفال بجامعة الخرطوم، أهمية الصمغ العربي كبريبايوتك طبيعي لتعزيز الصحة وطول العمر. ويُعد الصمغ العربي البريبايوتك الطبيعي الوحيد المعروف، وقد اعترفت بسلامته إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA).

تشمل فوائده الصحية تقليل مخاطر أمراض القلب، وتعزيز صحة الجهاز الهضمي، وإدارة الوزن، وعلاج أمراض الكلى المزمنة، والسكري، والحساسية الغذائية، والعدوى. يعزز الصمغ العربي صحة الأمعاء ويحسن المناعة، مما يجعله غذاءً وظيفياً أساسياً.

تعتمد التوصيات على أبحاث حول تكوين الصمغ العربي، توزيعه، ودوره في مواجهة أمراض نمط الحياة الناتجة عن التلوث البيئي والجيني. استخدمه سكان أفريقيا الأصليون لعقود لتحسين الصحة وإطالة العمر، مما يبرز قيمته بوصفه علاجاً طبيعياً مبتكراً.

* تأثير الثيموكينون على تكوين الأسنان. تقدم الدكتورة هنادي عبد الله الوافي استشارية أسنان الأطفال بكلية البترجي الطبية بجدة - في المؤتمر نتائج الدراسة التي تثبت تأثير الثيموكينون (TQ)، المكون النشط في الحبة السوداء (Nigella sativa)، على تكوين الأسنان (Odontogenesis) في خلايا لب الأسنان البشرية الطبيعية. وتهدف الدراسة إلى تقييم تأثير الثيموكينون على كفاءة ارتباط الخلايا، ومعدل تكاثرها، وتكوين الأسنان من خلال قياس نشاط إنزيم الفوسفاتيز القلوي (ALP) ومستوى تعبير بروتين السيالوبروتين الخاص بالعاج (DSP).

* تأثير زيت الحبة السوداء على أعراض «كوفيد - 19» الخفيفة. سيقدم الدكتور عبد الرحمن عماد كوشك، أستاذ مشارك في العقاقير والطب النباتي قسم المنتجات الطبيعية والطب البديل كلية الصيدلة، جامعة الملك عبد العزيز بجدة - في المؤتمر دراسة أجريت في مستشفى جامعة الملك عبد العزيز، استهدفت تقييم فعالية زيت الحبة السوداء في تسريع التعافي من «كوفيد - 19» الخفيف. أظهرت النتائج أن نسبة التعافي في المجموعة العلاجية بلغت 70 في المائة، مقارنة بـ45 في المائة في المجموعة الضابطة، مع وقت تعافٍ أقصر (9.9 يوم مقابل 11.6 يوم). احتاج 3 مرضى من المجموعة الضابطة إلى دخول المستشفى مقارنة بمريض واحد في المجموعة العلاجية. خلصت الدراسة إلى أن زيت الحبة السوداء يعزز التعافي ويقلل احتمالية دخول المستشفى، مما يدعم إمكانيته كونه علاجاً داعماً فعالاً لـ«كوفيد - 19» الخفيف.

وهكذا، فإن المؤتمر العالمي السادس للطب النبوي يُعد منصة استثنائية تجمع بين الأصالة والابتكار، حيث تسلط الضوء على حلول علمية مبتكرة لتحسين جودة الحياة وتعزيز الصحة العامة، مما يفتح آفاقاً جديدة لعلاج الأمراض ودعم التنمية المستدامة.

* استشاري طب المجتمع.