وسيلة جديدة للكشف عن السرطان

اختبار دم يرصده مبكراً

وسيلة جديدة للكشف عن السرطان
TT

وسيلة جديدة للكشف عن السرطان

وسيلة جديدة للكشف عن السرطان


- رصد السرطان
عندما يتعلق الأمر بأمراض السرطان، فإنه كلما جاء الكشف عنها مبكراً، كان ذلك أفضل. وفي هذا الصدد، قال الدكتور بريان وولبين، مدير مركز سرطان الجهاز الهضمي داخل معهد دانا فاربر التابع لجامعة هارفارد «رصد السرطان في مراحله الأولى يوفر فرصاً أفضل لعلاجه قبل أن يتمكن من التنامي والانتشار».
للأسف الشديد، لا تتوافر أدوات موثوق بها للكشف عن معظم أنواع مرض السرطان. وتتضمن أمثلة أدوات الفحص الفاعلة المتاحة في الوقت الحاضر تنظير القولون الذي يبحث عن الأورام الحميدة وسرطان القولون والمستقيم المبكر، علاوة على اختبارات التصوير مثل تصوير الثدي الشعاعي بحثاً عن العلامات المبكرة لسرطان الثدي والتصوير المقطعي المحوسب للكشف عن سرطان الرئة الموضعي في صفوف المدخنين السابقين أو الحاليين.

- فحص الحامض النووي
ومع ذلك، يمكن للاختبارات الحالية المعنية بالكشف عن السرطان أن تكون تدخلية (تنظير القولون) وفي بعض الأحيان تكون غير مريحة. ولا يزال العلماء يعكفون على استكشاف وسائل جديدة لرصد السرطان في أبكر وقت ممكن، بحيث تتميز في الوقت ذاته بكونها سريعة ومريحة ويسيرة الاستخدام. وفي الوقت الراهن، فإن اختبار الدم هو من بين أدوات الفحص الجديدة التي تبدي إمكانات واعدة في هذا المجال.
في هذا الصدد، شرح الدكتور وولبين، بأنه «عندما نستخدم اختبار دم، لا يكون هناك إشعاع ولا مخدر، ويصبح شعور المرء بعدم الارتياح أقل بكثير، خاصة أنه يجري سحب عينات من دم الأفراد داخل عيادات الأطباء بالفعل لأسباب صحية أخرى متنوعة».

- اختبار الدم
والآن: كيف تعمل اختبارات الدم المعنية بالكشف عن السرطان؟ في الواقع، إنها شديدة البساطة.
تطلق الأورام السرطانية الحامض النووي الخاص بها في الدم بعد أن تموت بعض خلاياها. ومن خلال فحص عينات الدم، يمكن للعلماء البحث عن تغييرات محددة في الحامض النووي على صلة بأنماط محددة من أمراض السرطان.
ثم، وتبعاً لنمط السرطان الذي توحي به عينة الدم، يمكن لطبيبك إصدار أمر بإجراء اختبارات تشخيصية، مثل التصوير المقطعي المحوسب، أو تصوير الرنين المغناطيسي، أو تصوير مقطعي بالإصدار البوزيتروني من أجل تحديد موضع الورم السرطاني في الجسم.
في الوقت الحاضر، تعتبر مسألة الاستعانة باختبار الدم كأداة للكشف عن وجود سرطان من المجالات البحثية التي تشهد تنامياً سريعاً، وأظهرت الكثير من الدراسات الأولية بهذا المجال نتائج واعدة. من بين أكثر الدراسات المثيرة بهذا الشأن واحدة قادها باحثون من «معهد دانا فاربر» و«مايو كلينيك». وخلصت إلى أن اختبار الدم يمكنه رصد أكثر عن 50 نمطاً من السرطان، بما في ذلك الكثير من الأكثر شيوعاً، مثل سرطان القولون، والمستقيم، والمريء، والمثانة، والرأس، والعنق، والرئة، والبنكرياس. كانت النتائج قد نشرت في الأول من يونيو (حزيران) 2020 في دورية «أنالز أوف أونكولوجي».
خلال الدراسة، تفحص الباحثون علامات الحامض النووي في عينات دم من ما يقرب من 2500 شخص جرى تشخيص إصابتهم بالسرطان، ونحو 4200 آخرين غير مصابين بالسرطان. بصورة إجمالية، أكدت نتائج اختبار الدم وجود سرطان في نحو 99 في المائة من الأشخاص الذين جرى تشخيص إصابتهم بالسرطان بالفعل.
بيد أنه على الجانب السلبي، فإن أقل عن 1 في المائة من الأشخاص الذين لا يعانون من السرطان جاءت نتيجة اختباراتهم إيجابية (ما يمثل معدلاً ضئيلاً للغاية للنتائج الخاطئة). من ناحيته، قال الدكتور وولبين «من شأن تقليص عدد النتائج الإيجابية الزائفة الحيلولة دون خضوع أشخاص لا يعانون السرطان لفحوصات لا داعي لها».

- تدقيق مراحل المرض
يعتمد مستوى دقة الاختبار على مرحلة مرض السرطان لدى المريض. وعليه، حرص الباحثون على إمعان النظر في 12 نوعاً من السرطان تشكل قرابة ثلثي حالات الوفاة الناجمة عن الإصابة بالسرطان.
وتوصل الباحثون إلى أن اختبار الدم كشف وجود سرطان في الحامض النووي في 39 في المائة من الأفراد المصابين بسرطان في المرحلة الأولى (المرحلة الأكثر تبكيراً والأشد صعوبة من حيث التشخيص). وفيما يخص المراحل الأخرى، جاءت النتائج أكثر دقة: 69 في المائة للمصابين في المرحلة الثانية، و83 في المائة للمصابين في المرحلة الثالثة، و92 في المائة للمصابين في المرحلة الأخيرة والأكثر تقدماً وهي المرحلة الرابعة.
وكشفت أبحاث أخرى لتقييم السرطان في الحامض النووي الموجودة بعينات الدم عن نتائج واعدة مشابهة.
جدير بالذكر، أنه بصورة إجمالية، رصد الاختبار 70 في المائة من حالات الإصابة بالسرطان، وحدد نمط السرطان بدقة عالية. وفيما يخص مراحل السرطان، كشف الاختبار عن 43 في المائة من حالات الإصابة بالسرطان في المرحلة الأولى، و73 في المائة من المرحلة الثانية، و78 في المائة من المرحلة الثالثة.

- مستقبل الاختبارات
والآن: كيف يبدو المستقبل المحتمل لاختبارات الدماء للكشف عن السرطان؟
تجري في الوقت الحاضر المزيد من الأبحاث بغية تحسين مستوى الاختبارات، وتخفيض معدلات النتائج الإيجابية الزائفة، والأهم عن ذلك رصد أعداد كبيرة من المصابين بالسرطان في مراحل مبكرة.
ومع ذلك، أوضح الدكتور وولبين، أنه ربما تبقى هناك قيود على هذا التوجه إزاء الكشف عن الإصابة بالسرطان. على سبيل المثال، ربما يكون اختبار الدم شديد الفاعلية فقط مع أنماط معينة من السرطان. واستطرد قائلاً «لا تطلق جميع أنواع السرطانات حامضاً نووياً في تيار الدم يمكن رصده».
ومع هذا، من المحتمل في غضون فترة تتراوح بين خمس وعشر سنوات أن يجري تضمين اختبارات الدم في الكشوفات الصحية الروتينية، مثلما هو الحال عند تفحص مستويات الكوليسترول ومستويات السكر في الدم، حسبما ذكر الدكتور وولبين.

- رسالة هارفارد «مراقبة صحة المرأة» - خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

ممارسة الرياضة ساعة أسبوعياً قبل الإصابة بالسرطان تقلل فرص الوفاة للنصف

صحتك ممارسة الرياضة في العام السابق لتشخيص الإصابة بالسرطان تقلل من فرص الوفاة إلى النصف (رويترز)

ممارسة الرياضة ساعة أسبوعياً قبل الإصابة بالسرطان تقلل فرص الوفاة للنصف

أكدت دراسة جديدة أن ممارسة الرياضة في العام السابق لتشخيص الإصابة بالسرطان يمكن أن تقلل من فرص الوفاة إلى النصف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك أكواب تحتوي على مخفوق الحليب بنكهات متعددة (أ.ب)

دراسة: كوب من الحليب يومياً يقلل خطر الإصابة بسرطان الأمعاء

كشفت دراسة حديثة عن أن كوباً واحداً من الحليب يومياً يقلل من خطر الإصابة بسرطان الأمعاء بنحو الخُمس.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك تمارين النهوض بالرأس من التمارين المنزلية المعروفة لتقوية عضلات البطن

لماذا قد تُغير ممارسة التمارين الرياضية لساعتين في الأسبوع حياتك؟

نصح أستاذ أمراض قلب بجامعة ليدز البريطانية بممارسة التمارين الرياضية، حتى لو لفترات قصيرة، حيث أكدت الأبحاث أنه حتى الفترات الصغيرة لها تأثيرات قوية على الصحة

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

خلصت دراسة إلى أن عادات العمل قد تهدد نوم العاملين، حيث وجدت أن الأشخاص الذين تتطلب وظائفهم الجلوس لفترات طويلة يواجهون خطراً أعلى للإصابة بأعراض الأرق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)
جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)
TT

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)
جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

وذكرت أن قبل خمس سنوات، سمع العالم التقارير الأولى عن مرض غامض يشبه الإنفلونزا ظهر في مدينة ووهان الصينية، والمعروف الآن باسم «كوفيد - 19».

وتسبب الوباء الذي أعقب ذلك في وفاة أكثر من 14 مليون شخص، وأصيب نحو 400 مليون شخص في جميع أنحاء العالم لفترة طويلة، وكذلك في صدمة للاقتصاد العالمي، وأدرك زعماء العالم أن السؤال عن جائحة أخرى ليس «ماذا إذا ظهرت الجائحة؟»، بل «متى ستظهر؟»، ووعدوا بالعمل معاً لتعزيز أنظمة الصحة العالمية، لكن المفاوضات تعثرت في عام 2024، حتى مع رصد المزيد من التهديدات والطوارئ الصحية العامة العالمية.

وإذا ظهر تهديد وبائي جديد في عام 2025، فإن الخبراء ليسوا مقتنعين بأننا سنتعامل معه بشكل أفضل من الأخير، وفقاً للصحيفة.

ما التهديدات؟

في حين يتفق الخبراء على أن جائحة أخرى أمر لا مفر منه، فمن المستحيل التنبؤ بما سيحدث، وأين سيحدث، ومتى سيحدث.

وتظهر تهديدات صحية جديدة بشكل متكرر، وأعلن مسؤولو منظمة الصحة العالمية تفشي مرض الملاريا في أفريقيا، كحالة طوارئ صحية عامة دولية في عام 2024. ومع نهاية العام، كانت فرق من المتخصصين تستكشف تفشي مرض غير معروف محتمل في منطقة نائية من جمهورية الكونغو الديمقراطية، ويعتقد الآن أنه حالات من الملاريا الشديدة وأمراض أخرى تفاقمت بسبب سوء التغذية الحاد.

وتشعر القائمة بأعمال مدير إدارة التأهب للأوبئة والوقاية منها في منظمة الصحة العالمية، ماريا فان كيرخوف، بالقلق إزاء وضع إنفلونزا الطيور، فالفيروس لا ينتشر من إنسان إلى إنسان، ولكن كان هناك عدد متزايد من الإصابات البشرية في العام الماضي.

وقالت إنه في حين أن هناك نظام مراقبة دولياً يركز بشكل خاص على الإنفلونزا، فإن المراقبة في قطاعات مثل التجارة والزراعة، حيث يختلط البشر والحيوانات، ليست شاملة بما فيه الكفاية.

وتؤكد أن القدرة على تقييم المخاطر بشكل صحيح «تعتمد على الكشف والتسلسل وشفافية البلدان في مشاركة هذه العينات».

تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهمية الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

وتقول إن جائحة «كوفيد - 19» تركت أنظمة الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم «مهتزة حقاً»، وتبعتها قائمة طويلة من الأزمات الصحية الأخرى.

وأضافت: «بدأت الإنفلونزا الموسمية في الانتشار، وواجهنا الكوليرا، والزلازل، والفيضانات، والحصبة، وحمى الضنك. إن أنظمة الرعاية الصحية تنهار تحت وطأة العبء، وتعرضت القوى العاملة الصحية لدينا على مستوى العالم لضربة شديدة، ويعاني الكثيرون من اضطراب ما بعد الصدمة. ومات الكثيرون».

وقالت إن العالم لم يكن في وضع أفضل من أي وقت مضى عندما يتعلق الأمر بالخبرة والتكنولوجيا وأنظمة البيانات للكشف السريع عن التهديد.

وتضيف أن توسيع قدرات التسلسل الجينومي في معظم البلدان في جميع أنحاء العالم، وتحسين الوصول إلى الأكسجين الطبي والوقاية من العدوى ومكافحتها، تظل «مكاسب كبيرة حقاً» بعد جائحة «كوفيد - 19». وهذا يعني أن إجابتها عمّا إذا كان العالم مستعداً للوباء التالي هي: «نعم ولا».

وتقول: «من ناحية أخرى، أعتقد أن الصعوبات والصدمة التي مررنا بها جميعاً مع (كوفيد) ومع أمراض أخرى، في سياق الحرب وتغير المناخ والأزمات الاقتصادية والسياسية، لسنا مستعدين على الإطلاق للتعامل مع جائحة أخرى، ولا يريد العالم أن يسمعني على شاشة التلفزيون أقول إن الأزمة التالية تلوح في الأفق».

وتقول إن عالم الصحة العامة «يكافح من أجل الاهتمام السياسي، والمالي، والاستثمار، بدلاً من أن تعمل الدول على البقاء في حالة ثابتة من الاستعداد».

وذكرت أن الحل الطويل الأجل «يتعلق بالحصول على هذا المستوى من الاستثمار الصحيح، والتأكد من أن النظام ليس هشاً».

هل الأموال متاحة للاستعداد للوباء؟

وجد وزير الصحة الرواندي الدكتور سابين نسانزيمانا نفسه يتعامل مع تفشي مرضين رئيسيين في عام 2024: حالة الطوارئ الصحية العامة في أفريقيا، و66 حالة إصابة بفيروس «ماربورغ» في بلاده.

ويشارك في رئاسة مجلس إدارة صندوق الأوبئة، الذي أُنشئ في 2022 كآلية تمويل لمساعدة البلدان الأكثر فقراً على الاستعداد للتهديدات الوبائية الناشئة.

ويحذر نسانزيمانا مما إذا وصل الوباء التالي في عام 2025 بقوله: «للأسف، لا، العالم ليس مستعداً، ومنذ انتهاء حالة الطوارئ الصحية العامة بسبب (كوفيد) العام الماضي، حوّل العديد من القادة السياسيين انتباههم ومواردهم نحو تحديات أخرى، ونحن ندخل مرة أخرى ما نسميه دورة الإهمال، حيث ينسى الناس مدى تكلفة الوباء على الأرواح البشرية والاقتصادات ويفشلون في الانتباه إلى دروسه».

وقال إن صندوق الأوبئة «يحتاج بشكل عاجل إلى المزيد من الموارد للوفاء بمهمته»،

وفي عام 2022، بدأت منظمة الصحة العالمية مفاوضات بشأن اتفاق جديد بشأن الجائحة من شأنه أن يوفر أساساً قوياً للتعاون الدولي في المستقبل، لكن المحادثات فشلت في التوصل إلى نتيجة بحلول الموعد النهائي الأولي للجمعية العالمية للصحة السنوية في 2024، ويهدف المفاوضون الآن إلى تحديد موعد نهائي لاجتماع هذا العام.

جائحة «كورونا» غيّرت الكثير من المفاهيم والعادات (إ.ب.أ)

وتقول الدكتورة كلير وينهام، من قسم السياسة الصحية في كلية لندن للاقتصاد: «حتى الآن، أدت المحادثات في الواقع إلى تفاقم مستويات الثقة بين البلدان»، ولا يوجد اتفاق حول «الوصول إلى مسببات الأمراض وتقاسم الفوائد»، وكذلك الضمانات التي تُمنح للدول الأكثر فقراً بأنها ستتمكن من الوصول إلى العلاجات واللقاحات ضد مرض وبائي مستقبلي، في مقابل تقديم عينات وبيانات تسمح بإنشاء هذه العلاجات».

وتشير الأبحاث إلى أن المزيد من المساواة في الوصول إلى اللقاحات في أثناء جائحة «كوفيد - 19» كان من الممكن أن ينقذ أكثر من مليون حياة.

وذكرت وينهام: «الحكومات متباعدة للغاية، ولا أحد على استعداد حقاً للتراجع».

وقالت آن كلير أمبرو، الرئيسة المشاركة لهيئة التفاوض الحكومية الدولية التابعة لمنظمة الصحة العالمية: «نحن بحاجة إلى اتفاق بشأن الجائحة يكون ذا معنى».