هل ساعدك الحجر المنزلي على توفير المال؟

تبدلت أوجه الإنفاق... والنتيجة واحدة

TT

هل ساعدك الحجر المنزلي على توفير المال؟

الحجر المنزلي الذي نعيشه منذ نحو الشهرين أو أكثر أمر غير مسبوق: طريقة عيش غير طبيعية، وإحباط لبعض وراحة لبعض آخر، ولم شمل لبعض العائلات وكوراث حقيقية لآخرين؛ باختصار: الحجر المنزلي أثر على الناس بأشكال متفاوتة، فهناك من رأى أن هذه الفترة مفيدة لاكتشاف النفس والمواهب المدفونة، وغيرهم شعروا بالوحدة واليأس، وهناك من فكر في أن الحجر المنزلي سيكون فرصة لادخار المال وتوفير مبالغ طائلة كانت تنفق على المواصلات والألبسة وغيرهما، لتجمع الأكثرية على أن الموضوع المادي لم يكن حسبانه دقيقًا.
ففي الواقع، تراجع الإنفاق بشكل كبير على مسلمات كانت ضرورية في السابق عندما كانت تدعو الحاجة للذهاب إلى المكاتب للعمل، مما يستلزم إنفاق المال على المواصلات العامة أو السيارات الخاصة، وكنا ننفق كثيراً من الأموال على الأكل في المطاعم أو خلال وقت العمل، كما كنا ننفق كثيراً من المال على مساحيق التجميل والألبسة لأن الهندام في العمل مهم، وهو مرآة لشخصية الموظف؛ لائحة المصاريف طويلة، وهذا ما دعانا للشعور بأن الحجر المنزلي سيكون فترة مناسبة لتوفير المال، لنتفاجأ بأن هذا الكلام ليس صحيحاً، وفقاً للأرقام.
وسأشرح لماذا. السبب الأول هو أننا اليوم موجودين مع باقي أفراد الأسرة في المنزل، وهذا يعني أن نسبة استهلاك الطعام أكبر بكثير من ذي قبل؛ وأتكلم هنا خاصة عن العائلات مع الصغار أو المراهقين الذين يمضون يومهم في استهلاك الطعام لعدة أسباب: أولاً أنهم ما زالوا في مرحلة النمو، وثانياً لتمضية الوقت الطويل في المنزل.
وإذا كنتم نشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، فسوف تلاحظون إقبال أكثر من 50 في المائة من الناس على الطهي في المنزل، وهذا يعني أن شراء مكونات الطعام زاد بشكل كبير. ففي بريطانيا، كشف استطلاع رسمي قامت به شركة «كانتار» أن نسبة مبيعات مكونات الطعام، بما فيها الخضراوات والفاكهة، زادت بنسبة 92 في المائة، في حين زادت نسبة مبيعات الدقيق والسكر بنسبة تخطت الـ112 في المائة. واللافت في الموضوع أن زيارة المستهلكين إلى «السوبر ماركت» انخفضت، ولكن نسبة الإنفاق زادت، لتصل إلى 524 مليون جنيه إسترليني في شهر واحد. وزاد الإنفاق أيضاً على شراء معدات الرياضة بعدما أقفلت النوادي أبوابها، فتهافت الناس، في بريطانيا على سبيل المثال، على شراء الألبسة الرياضية والدراجات الهوائية وغيرهما من اللوازم الرياضية، وزادت نسبة الإنفاق بشكل لافت على التسجيل على المواقع الإلكترونية للالتحاق بدورات تدريبية تدرس عن بعد للحصول على شهادات في مجالات متعددة.
تحولت اليوم حياتنا الاجتماعية إلى شاشة صغيرة نرى من خلالها عائلاتنا وأصدقاءنا وزملاءنا في العمل، وهذا ما ساعد شركة «زوم» على رفع عدد مستخدميها من 10 ملايين مستهلك في ديسمبر (كانون الأول) الماضي إلى 300 مليون مستهلك في شهر أبريل (نيسان) الماضي، ووصل عدد المنتسبين الجدد إلى 50 مليون شخص.
وخلال هذه الأزمة، يقوم عدد كبير من الموظفين بالعمل في المنزل، وهذا الأمر يجعل الإنفاق المنزلي أكبر، فزادت نسبة استخدام الوايفاي والإنترنت في المنازل بأكثر من 16 في المائة، واضطر كثير إلى تقوية شبكة الوايفاي بعدما أصبحت العصب الرئيس في البيوت، مع استخدام كل أهل البيت الإنترنت، والتعويل عليه من قبل التلاميذ في متابعة الدراسة عن بعد، وتأدية الموظفين عملهم أيضاً، وهذا إنفاق إضافي على معدات معينة لتقوية الإنترنت وغيرها من الأشياء اللازمة لتأمين أجواء صحية للعمل. وارتفعت أيضاً نسبة الإنفاق على الكهرباء والماء والغاز في المنازل بسبب استخدامها المفرط.
ولجأ عدد كبير من الناس إلى تمضية أوقات فراغهم في المنازل في شراء المعدات الخاصة بالحدائق (لمن يتمتعون بحدائق خاصة في منازلهم)، وهذا الأمر امتد إلى شراء معدات لم تكن لازمة في السابق لأن تمضية الوقت في المنزل لم تكن أمراً طبيعياً. ففي أوروبا، نستخدم بيوتنا عادة للنوم، ولم نكن نملك الوقت للمكوث فيها واستخدامها كما يجب.
وبما أننا تكلمنا عن الطهي في المنازل، فقد رافقه زيادة ضخمة في شراء المعدات الإلكترونية، كالخفاق الإلكتروني لتحضير الحلويات، ومعدات خاصة بالطهي غيرها، وتنبه كثيرون إلى نواقص كثيرة في المطبخ، فزادت نسبة الإنفاق على الصواني والطناجر والمقالي، كما زادت نسبة شراء الحامل ثلاثي القوائم المخصص لتثبيت التليفون المحمول عليه، وتصوير جلسات الطهي، لدرجة أن هذا المنتج لم يعد متوفراً على موقع «أمازون».
وفي المقابل، استطاع كثيرون مراجعة إنفاقهم في الماضي (أي ما قبل كورونا)، فاستفادوا من الوقت الفائض في المنزل لقراءة الإيميلات والرسائل من شركات عدة، والتنبه إلى إلغاء انتسابات كثيرة لا فائدة منها. كما لجأ كثيرون إلى إلغاء الانتساب إلى مراكز الرياضة والنوادي الخاصة أو تجميدها إلى أن تعيد فتح أبوابها. وفي ظل عدم استخدام السيارات، لجأ بعضهم لتجميد بوليصات التأمين.
في النهاية، مسألة الإنفاق تتفاوت بين شخص وآخر بسبب الاهتمامات، فهناك من ينفق كثيراً من المال على شراء السيارات، في وقت يجد غيره أن الأمر غير مهم. والأمر ينطبق أيضاً على نوعية الطعام، فهناك من لا يأبه للأكل في المطاعم، ويكتفي بسندويتش فلافل، وآخر لا يستطيع العيش من دون زيارة أفخم مطاعم المدن. واليوم، خلال هذه الأزمة، لجأت عدة مطاعم راقية، في لندن ودبي على سبيل المثال، إلى توصيل المأكولات إلى المنازل للشعور وكأنهم يأكلون في مطعمهم المفضل.


مقالات ذات صلة

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

الاقتصاد صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية.

عبير حمدي (الرياض)
خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

خاص قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

من المتوقع أن يشهد النمو العالمي تباطؤاً في عام 2025، في حين سيتجه المستثمرون الأجانب إلى تقليص حجم الأموال التي يوجهونها إلى الأسواق الناشئة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد برج المقر الرئيس لبنك التسويات الدولية في بازل (رويترز)

بنك التسويات الدولية يحذر من تهديد الديون الحكومية للأسواق المالية

حذّر بنك التسويات الدولية من أن تهديد الزيادة المستمرة في إمدادات الديون الحكومية قد يؤدي إلى اضطرابات بالأسواق المالية

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداولون في كوريا الجنوبية يعملون أمام شاشات الكومبيوتر في بنك هانا في سيول (وكالة حماية البيئة)

الأسواق الآسيوية تنخفض في ظل قلق سياسي عالمي

انخفضت الأسهم في آسيا في الغالب يوم الاثنين، مع انخفاض المؤشر الرئيسي في كوريا الجنوبية بنسبة 2.3 في المائة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ )

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.