مطاعم النمسا تفتح أبوابها لكن هل يعود الزبائن؟

توفير قسائم لتناول الطعام في فيينا

عدد من الصحافيين يختبرون توزيع الطاولات في مطعم بالعاصمة فيينا (أ.ب)
عدد من الصحافيين يختبرون توزيع الطاولات في مطعم بالعاصمة فيينا (أ.ب)
TT

مطاعم النمسا تفتح أبوابها لكن هل يعود الزبائن؟

عدد من الصحافيين يختبرون توزيع الطاولات في مطعم بالعاصمة فيينا (أ.ب)
عدد من الصحافيين يختبرون توزيع الطاولات في مطعم بالعاصمة فيينا (أ.ب)

حالة استعدادات قصوى ونشاط واسع، تشهدها المطاعم والمقاهي بالنمسا التي أبوابها اليوم الجمعة من الساعة السادسة صباحاً وحتى الحادية عشرة مساء، وذلك بعد إغلاق قسري دام 9 أسابيع بسبب الإجراءات الصارمة التي عاشتها البلاد درءاً لانتشار فيروس «كورونا».
وتعود المطاعم والمقاهي وكل ما له علاقة بصناعة الطعام والشراب للعمل ضمن شروط جديدة عليهم أن يتكيفوا معها حتى ولو لم تضمن لهم أرباحاً، ومن ذلك الالتزام بالمسافة الصحية ومراعاة متر على الأقل بين كل طاولة وأخرى.
وحسب الشروط الجديدة، لن يسمح لأكثر من 4 أشخاص فقط وأطفالهم القصر بالجلوس على طاولة واحدة، كما يمنع البقاء بهذه المحال بعد الساعة الحادية عشرة مساءً حتى لمجرد الأنس وليس لطلب مأكولات.
وتقرر أن تتم إزاحة سلال الخبز ورشاشات الملح والفلفل من الطاولات التي يفترض أن تكون خالية تماماً إلا مما يطلبه الزبون.
وبالطبع على كل العاملين الالتزام بما يغطي الأنف والفم، والأفضلية للأقنعة البلاستيكية الشفافة التي تغطي الوجه بالكامل، فيما يسمح للزبائن بنزع كمامتهم أثناء تناول الطعام، وعليهم الانتظار لإجلاسهم، وفي هذا الخصوص يتوقع أن تواجه المحال صغيرة المساحة خسائر فادحة، وكان صاحب مطعم قد أوضح أنه بدلاً من 150 مقعداً سوف يعاود العمل بـ62 مقعداً فقط.
هذا؛ فيما أكدت نسبة 88 في المائة من عينة عشوائية استطلعتها غرفة التجارة النمساوية «أونلاين»، دعمها عودة فتح المطاعم، إلا أن ثلثيهم أبدوا تردداً في رغبة حالية لتناول طعام خارج منازلهم. وحسب الاستطلاع ذاته، فإن 10 في المائة فقط استخدموا خدمات توصيل الطعام من المطاعم التي كان مسموحاً لها طيلة فترة الإغلاق ببيع أطعمة بشرط ألا تستهلك داخلها.
من جانبه، وتحفيزاً لزيارة المطاعم والمقاهي، أعلن عمدة العاصمة فيينا نهار الأربعاء عن توفير قسائم لتناول طعام بالمطاعم والمقاهي توزع على 950 ألف أسرة تسري حتى شهر سبتمبر (أيلول) المقبل بواقع 25 يورو للأسرة الصغيرة، ومبلغ 50 يورو لمتعددة الأفراد، موضحاً أنهم خلال السنوات الماضية عملوا بنجاح فائق فأمسى بمقدورهم تحمل مصروفات كهذه.
وكانت بلدية فيينا قد بادرت بإعلان تنازلها عن رسوم الرصيف التي كانت تفرضها على المطاعم التي أمامها مساحات بالطريق العام يمكن أن تتمدد فيها خارج مبناها.
بدورها، أعلنت مجموعة واسعة من المطاعم عما سمته «أسبوع العودة» تنظمه من يوم 25 إلى 31 من الشهر الحالي، داعية لزيارتها وتناول أطعمة متنوعة بأسعار رمزية، رافعة شعار: «معا للخروج من الأزمة».
وفي هذا السياق، كانت نسبة 75 في المائة ممن استطلعت غرفة التجارة آراءهم قد أبدوا تفهماً لما قد يحدث من زيادة في الأسعار، فيما أبدت نسبة 66 في المائة يقينها بأن شركات الأطعمة مهما فعلت فلن تنجو هذا العام من الإفلاس.
يذكر أن قرار العودة للعمل يشمل حتى مطاعم الفنادق التي يتوقع أن تعود لاستقبال نزلاء مطلع الشهر المقبل، كما يتوقع أن تعود بعض المتاحف الحكومية، فيما لا يزال مديرو متاحف كبرى يصرون على الانتظار حتى يتم فتح الحدود ويسمح بالطيران بدعوى أن نسبة تصل إلى 80 في المائة من زوارهم من السياح، وأن عودتهم وفق شروط المسافة التي تلزمهم بمتر مربع في كل الاتجاهات بين كل زائر وآخر سوف تزيد من الخسائر الفادحة التي تعرضوا لها بسبب الإغلاق. وفي هذا السياق، طالب كلاوس شرودر مدير متحف الالبرتينا، الحكومة بالالتزام كتابياً بتغطيتها الأضرار التي سوف تنجم عن التزامهم بأوامرها بالعودة للعمل، مشيراً إلى أن متحفاً مثل الالبرتينا اضطر لتأجيل عروض ضخمة حتى العام المقبل. وأن كل الاستطلاعات تؤكد الإحجام عن زيارة المتاحف بينما يحتاجون حتى يصلوا لنقطة تعادل على الأقل 500 زائر يومياً.
وكان شرودر قد أوضح لوسائل الإعلام أن المتاحف حتى الكبرى منها لو أرادت الحفاظ على برامجها المعدة والعودة وفقاً لشروط المساحة الجديدة فسوف تضطر لمضاعفة أسعار التذاكر 5 مرات وذلك ما لا يمكن أن تفعله، شارحاً بأن تخفيض البرامج يعني بالضرورة تخفيض الوظائف.
فيما تمسكت أولريد لوناسك، وزيرة الدولة للثقافة والفنون، بأهمية عودة المتاحف وصالات الفنون باعتبار أن «الفنون والثقافة»، أمور بالغة الأهمية للحياة اليومية للمجتمع النمساوي.


مقالات ذات صلة

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».