«المورد الثقافي» يفتتح الورشة التدريبية الأولى من برنامج «عبّارة»

الورشة الأولى من «عبّارة»
الورشة الأولى من «عبّارة»
TT

«المورد الثقافي» يفتتح الورشة التدريبية الأولى من برنامج «عبّارة»

الورشة الأولى من «عبّارة»
الورشة الأولى من «عبّارة»

انطلقت الورشة التدريبية الأولى للدورة السادسة من برنامج «عبّارة»، المستمرة حتى نهاية هذا الأسبوع، عبر الشبكة العنكبوتية.
و«عبّارة» هو واحد من برامج «مؤسسة المورد الثقافي»، انطلق في عام 2011 استجابة للتطورات الاجتماعية والسياسية التي طالت دولاً عدّة في المنطقة العربية، ويسعى إلى دعم وتمكين المجموعات والمؤسسات الثقافية والفنية المستقلة في المنطقة العربية، عبر ورشات عمل وتدريبات تطبيقية.
ويشارك في الورشة 11 مؤسسة اختيرت سابقاً من قبل لجنة تحكيم متخصصة، وهي «بادرة ثقافة تواصل وتنمية» - المغرب، و«خزائن» - فلسطين، و«ساقية» - فلسطين، و«شبكة فناني المدينة» - الأردن، و«دوزان ثقافة وفن» - سوريا وغازي عنتاب، و«منصة مؤقتة للفن» - لبنان، و«إنترفيرنس» - تونس، و«تبديل»- مصر، و«كايروترونيكا» - مصر، و«مكوك» - مصر، و«المركز العربي للأوريجامي» - مصر.
ويخصّص مدربو الورشة، رنا يازجي وعبد الله الكفري من سوريا، وتيودور شيلاكوسكي من كرواتيا، جلسات مكثفة مع كل مؤسسة على حدة خلال الأسبوع اللاحق للورشة، ثم يلتقي المشاركون إلكترونياً أيضاً في جلسات عمل، الاثنين 25 مايو (أيار)، لإجراء تقييم ختاماً للورشة.
وتسير الورشة على 4 مستويات: أولاً على مستوى النظم الثقافية، حيث يناقش المشاركون موضوع المنظومة المتكاملة، وليس المحصورة بجزئية السياسات الثقافية، مما يعني العمل ضمن نظام، وألا نتطلع إلى مؤسساتنا بشكل فردي منعزل عن المحيط والبيئة والنشاط السياسي، وعن القطاعات المجاورة الأخرى، مثل التعليم والبيئة والتنمية.
وعلى المستوى الثاني، تتطرق الورشة إلى مفهوم المؤسسات الثقافية، والنظر إليها كبُنى متفاعلة متغيّرة بحسب المنظومات السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية التي تعمل خلالها، مع الوضع في الحسبان الخلفية التاريخية لتطوّر مفهوم المؤسسات من خلال التطور البشري.
أما على المستوى الثالث، وهو الجزء الأكبر من الورشة، فيعمل المدربون مع المشاركين على تمارين لوضع تصوّرات أولية لخطة استراتيجية لكل مؤسسة، وذلك بعد مراجعة الخطط الموضوعة سابقاً، وإعادة كتابتها من جديد. وتلفت رنا يازجي هنا إلى أن هذه الخطط هي عملية تعلم متبادلة بين المؤسسات.
وعلى المستوى الرابع، تتابع يازجي أن «موضوع الأمان الرقمي يحتل حيزاً مهماً في الورشة، إذ يعد إنتاج لغة رقمية معاصرة من أحد الموضوعات الراهنة جداً في العمل الثقافي في المنطقة العربية، ولا يخفى على أحد حال النظم المعلوماتية، وعدم ضمان حرية الوصول إلى المعلومة واستخدامها من خلال الوسائط الإلكترونية في المنطقة العربية، وصعوبة حماية المؤسسات من أي اختراق إلكتروني».
ووصّفت يازجي الورشة هذه بأنها بداية علاقة مع مؤسسات ثقافية من مختلف البلدان العربية تصل إلى سنتين تقريباً. وأكدت أن «مقاربة برنامج (عبّارة) لا تقتصر على المهارات فقط، بل الأهم هو خلق منظومة حيوية مع كل مؤسسة شاركت في البرنامج منذ 6 سنوات، وبالتالي خلق شراكات وتفاهمات بين مؤسسات تعمل في بلدان تعيش تحديات كبيرة، وهي تحتاج إلى مستوى أعلى من التشبيك والتحالف لتكون قادرة على أن تلعب الدور الذي حدّدته لنفسها».
ولفت المدرب عبد الله الكفري إلى أن مفهوم مقاربة المؤسسة الثقافية توسّع كثيراً هذا العام في برنامج «عبارة»، ليضم مؤسسات تعمل في المجال العام والمدينية، إضافة إلى المؤسسات التي تعمل في الشأن الفني والمجتمعي والثقافي.


مقالات ذات صلة

ترمب يتعهد مجدداً برفع السرية عن وثائق اغتيال جون كينيدي

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي آنذاك جون كينيدي يلوح بيده من سيارته في موكب سيارات قبل دقيقة واحدة تقريباً من إطلاق النار عليه، في 22 نوفمبر 1963 في دالاس، الولايات المتحدة (أ.ب)

ترمب يتعهد مجدداً برفع السرية عن وثائق اغتيال جون كينيدي

ينصح أولئك الذين فحصوا سجلات ملف اغتيال كينيدي التي تم الكشف عنها حتى الآن، بعدم توقع أي كشف صادم، حتى لو تم رفع السرية عن الملفات المتبقية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ المرشح الرئاسي الجمهوري السابق روبرت ف. كينيدي جونيور يصافح المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب (أ.ف.ب)

حال إعادة انتخابه... ترمب يتعهد بنشر وثائق عن اغتيال جون كينيدي

أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في تجمع انتخابي في ولاية أريزونا أمس أنه سينشئ لجنة رئاسية مستقلة للنظر في محاولات الاغتيال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن متحدثاً من البيت الأبيض بواشنطن في 20 نوفمبر 2023 (أ.ب)

بايدن يحيي الذكرى الـ60 لاغتيال جون كينيدي

أحيا الرئيس الأميركي جو بايدن، الأربعاء، الذكرى الـ60 لاغتيال جون كينيدي، داعياً الأميركيين إلى التوحد ومواصلة الرؤية المتفائلة للرئيس الديمقراطي الراحل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم مسلح «داعشي» (رويترز - أرشيفية)

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم انتحاري استهدف الشرطة الباكستانية

أعلن تنظيم «داعش» الإرهابي اليوم (الاثنين) مسؤوليته عن هجوم انتحاري استهدف أمس الأحد آلية تابعة للشرطة في باكستان، وأسفر عن مقتل تسعة شرطيين وجرح 16 آخرين. ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، جاء في بيان للتنظيم أوردته وكالته الدعائية «أعماق»، أن العناصر قتلوا في «هجوم استشهادي نفذه أحد مقاتلي (داعش) في باكستان».

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال احتجاج فلسطينيين اليوم بالضفة الغربية (رويترز)

إسرائيل تعتقل فلسطينياً تشتبه في مسؤوليته عن «هجوم القدس»

أعلنت السلطات الإسرائيلية اليوم (الثلاثاء) اعتقال مشتبه فيه بتنفيذ تفجيرين أسفرا عن مقتل اثنين بالقدس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأكد «جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شاباك)» والشرطة في بيان مشترك أن «(الشاباك) والشرطة والجيش اعتقلوا إسلام فروخ المشتبه به في تنفيذ التفجير في القدس الشهر الماضي». وفي 23 نوفمبر، انفجرت قنابل في تتابع سريع، بمحطتي حافلات في منطقة القدس، ما أسفر عن مقتل شخصين وإصابة آخرين. وجاء في البيان أن فروخ (26 عاماً) مهندس ميكانيكي عربي يحمل بطاقة هوية إسرائيلية ويعيش بين بلدة كفر عقب شمال القدس ورام الله في الضفة الغربية المحتلة. وأشار البيان إلى أن «المشتبه فيه نفذ ال

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

الحمادي: الكاتب مسكون بهواجس لا تُخرِسها الكتابة

الحمادي: الكاتب مسكون بهواجس لا تُخرِسها الكتابة
TT

الحمادي: الكاتب مسكون بهواجس لا تُخرِسها الكتابة

الحمادي: الكاتب مسكون بهواجس لا تُخرِسها الكتابة

يُولي الكاتب والروائي الكويتي عبد الوهاب الحمادي التاريخ اهتماماً كبيراً فيُعيد تشكيل أسئلته وغرائبه في عالمه الأدبي، منقباً داخله عن الحكايات الناقصة وأصوات الهامش الغائبة، وهو ما يمكن استجلاؤه بوضوح في روايته الأحدث «سنة القطط السمان»، الصادرة أخيراً عن دار «الشروق» بالقاهرة. وكان قد صدر له من قبل عدد من الأعمال منها «دروب أندلسية»، و«الطير الأبابيل»، ورواية «لا تقصص رؤياك»، التي وصلت للقائمة الطويلة لجائزة «البوكر» العربية عام 2015.

هنا حوار معه حول روايته الجديدة واهتمامه بالتاريخ وأدب الرحلة:

> تُلازم بطل «سنة القطط السمان» نبرة تأنيب ومراجعة ذاتية مُتصلة، هل وجدت أن استخدام ضمير المخاطب يُعزز تلك النبرة النقدية في صوت البطل؟

- اعتماد الراوي المخاطب للتعبير عن البطل، كان خياراً صعباً، ترددت كثيراً قبل اعتماده لمعرفتي أن القارئ قد لا يستسيغه، لكن بعد أن جرى نهر الكتابة وتشكلت الشخصيات والمواقف وتعقّدت الحبكة، وجدت أن ضمير المخاطب استطاع تكوين شخصية خاصة بالبطل، وأكسبه حضوراً خاصاً، ذلك، بالإضافة إلى الراوي العليم وكل الأدوات السردية التي استخدمتها محاولاً إيصال ما أريده. ثم عاد الخوف من انطباعات القراء بعد صدور الرواية، وسرعان ما تبدد الخوف بعد ظهور المقالات المتعددة من القراء والنقاد التي أكرموني بها.

> بطل الرواية (مساعد) دائماً ما يصطحب معه «القاموس»... تبدو علاقته باللغة مهجوسة بالمراجعة بالتصويب فهو «يصحح كلمات أصحابه»، فلا تبدو اللغة مجرد أداة عمله مترجماً، ولكنها أوسع من هذا. حدثنا عن تلك الآصرة اللغوية.

- اللغة بطبيعتها انتماء وهُوية وانسجام مع محيط واسع، هل كان البطل يبحث عن انتماء عبر تصحيح كلمات أصحابه؟ أو إرجاعه كلمات إلى أصولها؟ ربما والإجابة الأكيدة عند القارئ لا شك. لكنها التقاطة جميلة منكِ، ومُعبرة، عن مساعد، بطل العمل الذي صرّح في أحد الفصول بأن الزمان لو كان هانئاً لألَّف قاموساً يتتبع فيه أصول الكلمات. القاموس قصة غرام بين الشخصية الرئيسة والكلمات ويحمله أغلب الرواية، قاموس يتوسّط لغتين، العربية والإنجليزية، كأنما هو نقطة تلاقي الشرق بالغرب.

> أود الاقتراب من تشريح العمل لخريطة المجتمع الكويتي والمعتمد البريطاني والوافدين، ما بين مسرح «سوق الخبازين» وساحة المسجد ومكتب المعتمد البريطاني. حدثنا عن عنايتك بالترسيم المكاني في الرواية لرصد الحالة الكويتية في ثلاثينات القرن الماضي.

- لن أقول جديداً إن قلت إن صورة الخليج في الذهنية العربية أقرب لصورة نمطية، قد تتفوق في أحيان كثيرة على الصورة النمطية الغربية تجاه العرب. وأسباب هذه النظرة طويلة ومتجذرة ولن أخوض فيها حفاظاً على الوقت والمساحة، لكن أجدني دونما وعي أصف ما كان آنذاك من مكان وأناس وأحداث، لتثبيت صورة مُغايرة عمّا يرد لأذهان من عنيت في أوّل الإجابة... هل أكتبها لهم ولهذا الغرض؟ بالطبع لا، ففي المقام الأول وصف المكان أداة من أدوات الكتابة تُغني العمل عبر التفاعلات مع شخصياته، ولولا خصوصية المكان لن تكون الشخصيات نفسها والعكس قد يكون صحيحاً، إذ كما أسلفت العلاقة تبادلية، وهو ما يصنع خصوصية مكان ما وخصوصية شخصياته، ومما ساعدني في ذلك، انغماسي في قراءة كتب تاريخ المنطقة بشكل عام والكويت بشكل خاص، وأفادتني كتب مثل: «معالم مدينة الكويت القديمة» الذي صدر حديثاً عن مركز البحوث والدراسات، وإصدار آخر هو «الأسواق القديمة في الكويت»، بالإضافة إلى مراسلات المعتمد البريطاني آنذاك. وفي النهاية مشاورة الأصدقاء الضليعين في تاريخ المنطقة وتفاصيله.

> تتكشف ملامح شخصيات الرواية وأصواتها من المسافة التي تفصلهم من «الهندستاني»، ورغم أن الحدث المركزي في الرواية كان دائراً حول اللغط بشأن مطعمه، فإن حضوره ظلّ على مسافة، لماذا لم تمنحه صوتاً في الرواية؟

- في بداية كتابتي للرواية كان صوت الهندستاني حاضراً في الذهن والكتابة، ثم تقلّص ليكون مبثوثاً بصوته بين الفصول يتحدّث إلى (مساعد)، إلى أن اتخذت قراراً بحجبه كشخصية إلا على لسان الجميع، هل كنت أريده أن يكون أرضية للقصة تحرك الشخصيات والأحداث وفقاً لتفاعلاتها؟ ربما، لكنني فعلت ما أحسست أنه سيفيد الرواية ويجعل الحدث مركّزاً والأفكار متضافرة.

> استخدمت التقويم الزمني المحلي الكويتي «سنة الطفحة»، «سنة الهدامة»... كيف شكّلت تلك السنوات المتراوحة بين القحط والثروة لديك محطات تحريك لأحداث الرواية؟

- من المعروف أن العرب مثل كثير من الأمم تحفظ تاريخها بتسمية الأيام والأعوام، وأشهرها عام الفيل في التاريخ الإسلامي، الذي سبق زمن البعثة النبوية بقليل. واستطاع ذلك النهج عند المؤرخين والعامة أن يستمر وصولاً للعصر الحالي، عندما نقول عام أو سنة الاحتلال العراقي أو الغزو، سنة النكبة، سنة النكسة، سنة الكورونا إلى آخره. لذلك كنت محظوظاً عندما كانت لحظة الحدث الأساس في الرواية، حادثة المطعم، سنة مفصلية في تاريخ الكويت الحديث، لحظة بين بوار تجارة اللؤلؤ وإرهاصة اكتشاف النفط، وما لحقه من تبدّل نمط التجارة الكويتية تبدّلاً جذرياً، مما انعكس على طموحات الشباب المتعلم آنذاك، وما صاحبه من ثورة في وسائل المواصلات كالسيارة والطائرة والسفن الحديثة وهبوب رياح انتشار الطباعة في المنطقة، وبالتالي توفّر المجلات والكتب وارتفاع سقف الطموحات مما يجر الطموح والرغبة في التوسع، وبالتالي قد يجر الطمع. وهذا هو سياق فهم «مساعد» خلال أحداث الرواية، وربما ينطبق ذلك على أغلب الشخصيات التي وصفتها إحدى المقالات بمصطلح «الداروينية الاجتماعية».

> في «لا تقصص رؤياك» رسمت ملامح عنصرية داخل المجتمع الكويتي، ولكنها كانت تدور في زمن أحدث من «سنة القطط السمان». هل برأيك يظل الكاتب مسكوناً بأسئلة دائماً يبحث عنها عبر مشروعه حتى لو تنقّل بين الأزمنة الروائية؟

- سؤال رائع، بالفعل، يظل الكاتب في ظني مسكوناً بهواجس لا تُخرسها الكتابة، قد تخفف منها قليلاً، لكنها ما تلبث أن تتوهّج وتندلع في حريق وتبدأ كتابة جديدة. الأزمنة والأمكنة والشخصيات مجرد أعذار لكتابة الأسئلة المؤرقة والهموم الشخصية والعامة وأنصاف الإجابات على هيئة رواية.

> في روايتِك «ولا غالِب» تعرضت لحدث احتلال العراق للكويت عبر مدّ خيوط سردية مُتخيّلة تتواشج مع زمن سقوط الأندلس، هل كنت تبحث في عمق تلك الهزيمة التاريخية عن مرتكز لفهم فجيعة احتلال بلادك التي شهدتها في سنواتك المبكرة؟

- صحيح، كنت أفعل ما يمكّنني من فهم فجيعة هي الأقوى ليست في حياتي أو في تاريخ بلدي، بل هي الأكبر - برأيي - في المنطقة العربية، وتفوق برأيي النكسة، إذ إن حرب الأيام الستة كما تسمى في الغرب، كانت بين عدو واضح المعالم، ونظام عربي واضح، ولم تكن حرباً عربية - عربية، بل لا أجازف كثيراً إن سميتها: الحرب الأهلية العربية، حرب تبارت فيها الأنظمة والشعوب في الاستقطاب (مع أو ضد) والتعبير عن كل مخزونات المشاعر المتراكمة تجاه الآخر. في «ولا غالب» حاولت عبر الشخصيات الكويتية والمرشد الفلسطيني، واستغلال الحشد الأميركي لغزو العراق في عام القصة أواخر 2002. واختيار غرناطة الأندلس لتكون مكان الحدث، غرناطة الحاضر والماضي عبر التاريخ البديل، أن تشتعل المقارنة الفكرية بين القناعات، وجعل القارئ يناظرها عبر مفاهيمه ويجادل أفكاره كما فعلت أنا قبله أثناء الكتابة.

> تحتفظ كتب عبد الله عنان وشكيب أرسلان بمكانة خاصة لديك، حتى أنك أشرت لهما في مقدمة كتابك «دروب أندلسية». ما ملامح هذا «الهوى» الخاص الذي تتنسمه في تلك الكتابة المتراوحة بين الرحلة والتاريخ؟

- عندي هوى وهوس بالتاريخ القديم والحديث، وشغفت بالكتب التاريخية وأدين لها بالكثير، إذ لا يجاري مكانتها في نفسي شيء، وبالتالي إن جئنا للتاريخ الأندلسي سيكون لعنان تحديداً عامل فكري كبير مؤثر في نفسي، إذ، كيف استطاع ذلك المحامي غير المتخصص في التاريخ أن يراكم مجلدات تلك الموسوعة التي لم يجاوزها أحد منذ سبعين عاماً؟ كيف ترجم ونقل وقارن وحلل بذكاء نادر؟ وذلك انعكس في ذائقتي على صعيد الرواية قراءة وكتابة، ولا أخفي بالطبع تأثري بمسار وكتابات أمين معلوف بالدرجة الأولى ومن ثم غازي القصيبي، والطيب صالح، وفواز حداد، وبالطبع التجلي الروائي الأكبر عربياً وحتى عالمياً وهو نجيب محفوظ، صاحب الأثر الأهم في قناعاتي تجاه الحياة والكتابة.

> أنت مُحِب للسفر، هل ترافقك بين مشاهد المدن ومرافئها قصيدة «المدينة» لكفافيس، التي صدّرت بها روايتك الأخيرة، وما تعريفك الخاص لـ«المدينة التي تُلاحقك» بتعبير الشاعر اليوناني الراحل؟

- تطور السفر بالنسبة لي من خلال القراءة والكتابة، وتبعها تحويل كتابي الأول «دروب أندلسية» إلى رحلة تطوف إسبانيا، كان انبثاق تدشين مرحلة الرحلات الجماعية المهتمة باكتشاف العالم، عبر التعرف على تاريخه ومجتمعاته وحضاراته، وكنت محظوظاً مرّة أخرى لأن هذه الرحلات زادت معرفتي بالناس في البلدان المختلفة، بالإضافة لخبرات التعامل مع المشتركين المتحدرين من بلدان عدّة، كل ذلك منحني معرفة لا تشترى بمال ولا تعلّم في المدارس. وعندما واجهت قصيدة كفافيس وعدت إليها، وجدت أنها معبرة عن بطل رواية «سنة القطط السمان»، لكنها، ولأعترف، معبّرة عني في أحد معانيها، كما هي الحال في قصيدة محمود درويش «لا شيء يعجبني»، التي كانت تنافس كفافيس في تصدير الرواية حتى تفوقت قصيدة شاعر الإسكندرية وتصدّرت أولى عتبات النص الروائي. وسؤالي لكِ وللقراء: ألسنا كلنا ذلك الموجوع بمدينته؟ عندما وصفنا كفافيس: وما دمت قد خربت حياتك هنا، في هذا الركن الصغير، فهي خراب أينما كنت في الوجود!