«25 يناير» في مصر... مناكفات دائمة بين «الثورة» و«عيد الشرطة»

تنازع سياسي وإعلامي في الذكرى التاسعة لإسقاط نظام مبارك

TT

«25 يناير» في مصر... مناكفات دائمة بين «الثورة» و«عيد الشرطة»

على الرغم من أثرها الذي غيّر في حده الأدنى خريطة الحكم في البلاد، والنص الدستوري على دورها «الفريد» في التاريخ الإنساني، لا يزال قطاع من المصريين ينخرطون في مناقشات ومناكفات موسمية بشأن نية الاحتفال بيوم «25 يناير (كانون الثاني)».
وفي ذكراها السنوية التاسعة كـ«ثورة» حدثت عام 2011، والـ68 كـ«عيد للشرطة» يعود لعام 1952، أمس، أظهر المشاركون في فعاليات الأولى المنحازون لمبادئها تقديراً وتبجيلاً كبيراً لما صنعوه، بينما تبنى المحتفلون بالمفهوم الثاني حصره على وزارة الداخلية التي قاوم رجالها في خمسينات القرن الماضي جنود الاحتلال الإنجليزي لمصر آنذاك.
ولفت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلى التواكب بين الحدثين، مشيراً في كلمته خلال مشاركته في الاحتفال بعيد الشرطة، الخميس الماضي، إلى «ذكرى (ثورة 25 يناير) بمطالبها النبيلة لتحقيق سبل العيش الكريم للمواطن المصري». وقال: «لا يفوتني أن أتوجه بتحية تقدير واعتزاز لأبناء شعب مصر في هذه المناسبة الغالية متطلعين لاستكمال مسيرة التنمية».
وانعكست حالة التنازع بين الفريقين على مستويات سياسية وإعلامية وعبر حسابات مواقع التواصل الاجتماعي لأنصار «الثورة»، أو «عيد الشرطة».
وحفلت صحف الصباح الصادرة في القاهرة، وكذلك القنوات الرسمية وشبه الرسمية والخاصة، بإشارات مختلفة الدرجات تشير إلى تبني المفهومين بشأن «25 يناير».
وفي صحيفة «الأهرام» الرسمية المملوكة للدولة، ظهر كلا الاتجاهين في مقالات عدة منها ما جاء على في عمود رئيس تحريرها الأسبق مرسي عطا الله، الذي أشار إلى «الدور البطولي الذي لعبته الشرطة المصرية، والقوات المسلحة في استعادة الأمن بعد عواصف (الفوضى) التي ضربت البلاد في 25 يناير 2011 (يقصد ثورة يناير)»، لكن في المقابل، تحدث الكاتب أحمد عبد التواب عن «ثورتي 25 يناير و30 يونيو (حزيران) -التي أطاحت حكم الإخوان- باعتبارهما من أحداث التاريخ العظمى»، مشيراً إلى التحالف الضمني بين «نظام مبارك (الرئيس المصري الأسبق) وجماعة الإخوان، الذين ادّعوا مشاركتهم فيها بعد أن لاحت بشائر نجاحها».
وتلفزيونياً تصدر شعار «العيد 68 للشرطة» منذ أسبوع تقريباً واجهات القنوات الرسمية والخاصة، فضلاً عن تنوع المعالجات المتعلقة بالفكرة نفسها عبر الخريطة البرامجية والإذاعية التي أعلنتها «الهيئة الوطنية للإعلام» بشأن خطتها لتغطية المناسبة.
وكذلك فقد نقلت وكالة الأنباء الرسمية في الدولة، في تقرير لها أمس، إشارة إلى «احتفال جموع الشعب المصري والشرطة، بعيد الشرطة في جميع ميادين الجمهورية»، وأفادت بأن «رجال الشرطة بجميع مديريات الأمن نزلوا إلى الشوارع مُقدمين الزهور والحلوى للمواطنين، وذلك في ضوء حلول ذكرى عيد الشرطة».
سياسياً، أشار أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة مصطفى كامل السيد، في تدوينة عبر حسابه الرسمي على موقع «فيسبوك»، إلى «اليوم العظيم الذي ارتفعت فيه صيحات المصريين مناديةً بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية»، معرباً عن أمله في أن «تتاح لنا الفرصة للاحتفال بذكرى 25 يناير على النحو الذي يليق بهذا اليوم العظيم في تاريخ شعبنا، ولو كره آخرون».
في المقابل، تناولت حسابات مناوئة، الحدث بالتشكيك ومنهم صاحب حساب كتب عبر «تويتر»: «25 يناير (...) فقط عيد أبطال الشرطة المصرية غير كده مفيش فيه ذكرى غير خسائر وضياع بلد».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.