آلاف الجزائريين يتظاهرون في العاصمة تأييداً للانتخابات الرئاسية

الناطق باسم الحكومة: توقيت إصدار انتقادات البرلمان الأوروبي ليس بريئاً

جانب من المسيرات الشعبية المؤيدة للانتخابات الرئاسية وسط العاصمة الجزائرية أمس (رويترز)
جانب من المسيرات الشعبية المؤيدة للانتخابات الرئاسية وسط العاصمة الجزائرية أمس (رويترز)
TT

آلاف الجزائريين يتظاهرون في العاصمة تأييداً للانتخابات الرئاسية

جانب من المسيرات الشعبية المؤيدة للانتخابات الرئاسية وسط العاصمة الجزائرية أمس (رويترز)
جانب من المسيرات الشعبية المؤيدة للانتخابات الرئاسية وسط العاصمة الجزائرية أمس (رويترز)

تظاهر أمس مئات الجزائريين في العاصمة الجزائر «رفضاً للتدخل الأجنبي»، وتأييداً لإجراء الانتخابات الرئاسية، المقررة في 12 ديسمبر (كانون الأول)، التي يرفضها الحراك الشعبي المستمر منذ فبراير (شباط)، بحسب مصوّر وكالة الصحافة الفرنسية.
ودعا إلى المظاهرة «الاتحاد العام للعمال الجزائريين»، القريب من حزب الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة «جبهة التحرير الوطني»، الذي يتمتع بدعم هذه النقابة طوال 20 عاماً من حكمه حتى استقالته في أبريل (نيسان) الماضي، تحت ضغط الشارع واستمرار الاحتجاجات الشعبية.
وسبق أن خرجت مظاهرات «عفوية» في أنحاء البلاد كافة تأييداً للانتخابات، غير أنّها المرة الأولى التي تنظّم بطريقة رسمية من قبل هيئة قريبة من النظام، وذلك قبل أقل من 15 يوماً من الاقتراع.
ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها «لا للتدخل الأجنبي»، في رد على قرار تبناه البرلمان الأوروبي الخميس، يدعو سلطات الجزائر إلى إيجاد حل للأزمة، عبر «عملية سياسية سلمية ومفتوحة»، كما ندد بـ«الاعتقالات التعسفية»، التي تطال المحتجين والرافضين للانتخابات المقبلة.
كما أعرب مشاركون في المظاهرة عن دعمهم للجيش، الذي يعدّ رئيس أركانه أحمد قايد صالح الرجل القوي في البلاد منذ استقالة الرئيس بوتفليقة، في حين تشهد المظاهرات الاحتجاجية الأسبوعية هتافات ضدّه.
وخلال مسيرات أمس، هتف المتظاهرون تأييداً للانتخابات الرئاسية، كما نعتوا المحتجين بـ«الزواف»، في إشارة إلى فرق عسكرية كانت تتبع للجيش الفرنسي فترة الاستعمار، وتضم سكاناً محليين.
وفيما يمنع التظاهر في الجزائر العاصمة، رسمياً منذ عام 2001، أحاطت الشرطة بهذه المسيرة وأوقف عناصرها عدداً من الأشخاص، الذين هتفوا بشعارات رافضة للانتخابات الرئاسية، أو توجهوا بشتائم إلى المظاهرة.
وفي ظل عدم سعي الشرطة إلى فض المظاهرات الأسبوعية الضخمة، فإنّها تفرّق بشكل منهجي في الأسابيع الأخيرة كل التجمعات المناهضة للانتخابات في العاصمة.
وكانت كل الشعارات التي رفعها المتظاهرون، أمس، تصب في خانة دعم الانتخابات الرئاسية المقبلة، ورفضاً للائحة البرلمان الأوروبي، التي أدانت انتهاكات حقوق الإنسان والحريات الأساسية في الجزائر. وتجمع المتظاهرون الذين مثلوا كثيراً من فعاليات المجتمع المدني أمام مقر نقابة الاتحاد العام للعمال الجزائريين، المقربة من السلطة التي دعت إلى التظاهر، فيما قام عدد آخر بالسير ثم التجمع بساحة البريد المركزي، معقل الحراك الشعبي منذ 22 فبراير الماضي. كما رفع المتظاهرون شعارات تدعم وتؤيد الجيش وقيادته، وتجدد رفضها القاطع للتدخل الأجنبي، خصوصاً البرلمان الأوروبي.
في غضون ذلك، هاجم حسن رابحي، وزير الاتصال والناطق الرسمي للحكومة الجزائرية، أمس، بشدة أعضاء البرلمان الأوروبي، رداً على مصادقة أعضائه على اللائحة التي تدين «انتهاكات حقوق الإنسان والحريات الأساسية في الجزائر»، مؤكداً أن «توقيت هذه اللائحة ليس بريئاً، وهدفها التشويش على الانتخابات الرئاسية المقبلة».
وكانت بداية انطلاق هذا الغضب الشعبي ضد «التدخل الأجنبي» يوم الخميس، بعد صدور قرار رمزي يفتقد إلى قيمة إلزامية، قدمه نائب فرنسي، وأدان فيه النواب الأوروبيون «بشدة الاعتقالات التعسفية وغير القانونية، والاحتجاز والتخويف والاعتداءات»، التي تحصل في الجزائر. وبموجب هذا المقترح، دعا الاتحاد الأوروبي حكومة الجزائر إلى «إيجاد حل سياسي وسلمي للأزمة». كما أدان أعضاء البرلمان الأوروبي «الاحتجاز والتخويف والاعتداءات» على الصحافيين والنقابيين والناشطين في الدفاع عن حقوق الإنسان والمتظاهرين. فيما أشار النائب الأوروبي الفرنسي رافايل غلوكسمان، الذي يقف وراء المقترح، إلى أنّه «حان الوقت لإظهار أننا متضامنون مع الجزائر».
ورداً على ذلك، قال رابحي في تصريحات صحافية، إن «لائحة البرلمان الأوروبي أسقطت قناع هؤلاء الشرذمة من البرلمانيين، الذين يتربصون بالجزائر ويسعون لزرع البلبلة والتشويش على الرئاسيات، المزمعة يوم 12 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، التي يتعاطى معها جل الشعب الجزائري بإيجابية عالية».
وأضاف رابحي موضحاً أن الشعب الجزائري «تفطّنَ لمكائد هؤلاء، وهو على عزم تام من أجل التصدي لها من خلال مشاركته في هذه الانتخابات»، مؤكداً في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الجزائرية أنه «تجسيداً لمبدأ عدم التدخل في شؤون الغير، الذي ولد في رحم مبادئ ميثاق هيئة الأمم المتحدة، التي يتعين على الجميع احترامها، فإن الجزائر لا تقبل تدخل الغير في شؤونها الداخلية، وهو مبدأ مستقر في سياستها استوحته من تاريخها المتألق ونضالها السياسي».
كما نوه الناطق باسم الحكومة بأن توقيت إصدار اللائحة ليس بريئاً، و«أن هؤلاء المجموعة من البرلمانيين الأوروبيين لا يساوون شيئاً بالنظر للعدد الكبير من الأصدقاء، الذين تتوفر عليهم الجزائر في أوروبا وكل دول العالم».
في غضون ذلك، أشار الوزير الجزائري إلى أن بلاده «عظيمة ويقف إلى جانبها العظماء والشرفاء والشعوب المحبة للسلام»، وأنها «محروسة وآمنة أسوارها ومحصنة بفضل شعبها الأبي، ومؤسساتها القوية، وبفضل جيشها المتأهب المغوار، وأيضاً بفضل كثير من الأصدقاء في شتى بقاع العالم».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».