إضراب عام في المؤسسات العامة والمصارف وشلل خدمات الخليوي

جمعية الصناعيين تحذّر: تأخير المعالجة سيؤدي إلى الانهيار

من المظاهرة أمام قصر العدل في بيروت امس (إ.ب.أ)
من المظاهرة أمام قصر العدل في بيروت امس (إ.ب.أ)
TT

إضراب عام في المؤسسات العامة والمصارف وشلل خدمات الخليوي

من المظاهرة أمام قصر العدل في بيروت امس (إ.ب.أ)
من المظاهرة أمام قصر العدل في بيروت امس (إ.ب.أ)

في اليوم السابع والعشرين للاحتجاجات الشعبية في لبنان استمرت التحركات في مختلف المناطق في ظل الدعوة إلى الإضراب العام الذي أعلن عنه المحتجون في الوقت الذي بدأ موظفو المصارف وشركتي الخليوي إضرابهم المفتوح، وأطلقت جمعية الصناعيين صرخة لإعادة العمل بالتسهيلات المصرفية، معلنةً الاقتراب من الخطر وأن التأخر في المعالجة سيؤدي إلى الانهيار.
وقال رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل: «نقترب من دائرة الخطر الكبير»، محذراً من أن «التأخر في المعالجة سيؤدي إلى الانهيار الشامل».
وناشد الجميل، في مؤتمر صحافي، جميع القوى السياسية لـ«الترفع والتضامن لإنتاج حكومة إنقاذية في أسرع وقت ممكن قادرة على القيام بالإصلاحات المطلوبة ووضع البلاد على طريق التعافي والنهوض والمحاسبة».
وقال الجميل: «نعوّل على قضاء مستقل ونزيه قادر على الاستجابة لتطلعات الشعب ولا يخيب آماله ويكون أميناً وموثوقاً للأجيال الواعدة»، وطالب المصارف بـ«تأمين آلية التعامل المصرفي وتأمين السيولة اللازمة وتحديد سياسات نقد واضحة وصريحة وإلا سوف تتعرض الأسواق لفقدان سلع ضرورية». واعتبر أن «عدم تنفيذ إجراءات مصرف لبنان سيعرّض عشرات آلاف العائلات إلى أزمات حادّة»، مشيراً إلى أن المعامل شبه مشلولة والحياة الاقتصادية إلى تراجع والثقة تُفقد يوماً بعد يوم.
أتى ذلك في وقت التزم موظفو المصارف بالإضراب المفتوح الذين دعوا إليه، مطالبين بتأمين أمنهم كي تتضح كيفية تعاملهم مع العملاء في ظل هذه الظروف الاستثنائية، وهو ما أدى إلى تعطيل العمل في جميع فروع البنوك في لبنان، وأكد رئيس اتحاد نقابات موظفي المصارف استمرار الإضراب، اليوم (الأربعاء).
كذلك بدأ موظفو الشركتين المشغلتين لقطاع الخليوي «ألفا» و«تاتش» إضرابهم المفتوح، فتوقفوا عن العمل في المراكز الرئيسية للشركتين، وفي المناطق. وحضروا إلى أماكن عملهم، لكنهم اعتصموا خارجها، رافعين شعارات مطلبية تدافع عن حقوقهم. وطالبوا وزارة الاتصالات بالاستجابة لمطالبهم التي لخّصوها بالآتي: «عدم حسم 30% من مدخولهم السنوي، وتوقيع عقد العمل الجماعي وضمان استمرارية عملهم في أي عقود إدارة أو خصخصة أو من أي نوع كانت».
وتوقفت كل الخدمات التقنية والمالية والتجارية في الشركتين، كما توقفت مراكز خدمات الزبائن عن العمل، وكل وسائل التواصل الاجتماعي عن الرد على المشتركين، وكذلك مراقبة الشبكات وخدمات الدعم التكنولوجي، كما امتنع الموظفون عن تغذية السوق بحاجاتها من الخطوط وبطاقات التعبئة.
ومع إقفال المدارس، التزاماً بقرار وزير التربية أكرم شهيب، استمرت الاحتجاجات على الأرض أمام العديد من المؤسسات الرسمية في مختلف المناطق. وتجمع عدد من التلاميذ أمام وزارة التربية وسط انتشار للقوى الأمنية، كما نُفِّذ اعتصام أمام مقر نقابة المحامين في بيروت، حيث سُجل إشكال بين المعتصمين وعدد من المحامين الذين كانوا يحاولون الدخول إلى مقر النقابة من الجهة الخلفية لقصر عدل بيروت، وذلك بعدما عمدوا إلى إقفال كل المسارب التي تؤدي إلى مباني وزارة العدل وبيت المحامي التي باتت مقفلة بحشد من المعتصمين.
وافترش المعتصمون الأرض أمام قصر العدل في بيروت، مانعين القضاة والموظفين والمتقاضين من الدخول، فيما تمكنت قلة من الموظفين من دخول المكاتب قبل احتشاد المعتصمين، وعاد عدد كبير منهم ومن القضاة أدراجهم. وفي الشمال، استمرت التحركات في المنية والعبدة، وقام المتظاهرون بإغلاق مصلحة المياه وسنترال «أوجيرو» ومكتب الشؤون الاجتماعية في المنية.
وفي بعلبك نفّذ المتظاهرون وقفة احتجاجية أمام مبنى قصر العدل، ثم انتقلوا بمسيرة إلى ساحة الشاعر خليل مطران مقابل القلعة.
وفي صيدا، جال عشرات المحتجين على محال الصيارفة وأجبروهم على إقفالها احتجاجاً على رفع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية.
وفي البقاع جابت مظاهرة حاشدة شوارع عرسال، شارك فيها طلاب المدارس والمعاهد الخاصة والرسمية وأهالي البلدة والقرى المجاورة، رافعين الأعلام اللبنانية ومطالبين «بالإسراع بالاستشارات النيابية لتسمية الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة وإقامة دولة قوية وقادرة تقف بجانب شعبها وأساسها العدل والمساواة».
وفي زحلة التزمت المصارف في منطقة البقاع الأوسط بالإقفال، تجاوباً مع الإضراب الذي دعا إليه اتحاد نقابات موظفي المصارف، فيما شهدت آلات الصرف الآلي حشوداً للنازحين السوريين الذين تجمعوا منذ الصباح أمام المصارف لقبض مساعداتهم.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.