مصر تعلن اكتشاف «أضخم» خبيئة توابيت فرعونية في الأقصر

تضم أكثر من 20 تابوتاً ملوناً ومغلقاً

توابيت خشبية ملونة في منطقة جبانة العساسيف بالبر الغربي
توابيت خشبية ملونة في منطقة جبانة العساسيف بالبر الغربي
TT

مصر تعلن اكتشاف «أضخم» خبيئة توابيت فرعونية في الأقصر

توابيت خشبية ملونة في منطقة جبانة العساسيف بالبر الغربي
توابيت خشبية ملونة في منطقة جبانة العساسيف بالبر الغربي

أعلنت وزارة الآثار المصرية أمس، اكتشاف خبيئة توابيت خشبية ملونة، بمنطقة جبانة العساسيف بالبر الغربي، بمحافظة الأقصر (جنوب مصر)، واصفة الكشف بأنّه «الأضخم والأهم من نوعه منذ سنوات»، وتفقد الدكتور خالد العناني، وزير الآثار المصري، والدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أمس، موقع الكشف الأثري، المقرر الإعلان عن تفاصيله في مؤتمر صحافي السبت المقبل بالأقصر.
وقالت الوزارة، في بيان صحافي أمس، إنّ «البعثة الأثرية التابعة لوزارة الآثار بجبانة العساسيف بالبر الغربي، نجحت في كشف النقاب عن خبيئة ضخمة لتوابيت آدمية ملونة، في اكتشاف يعد من أضخم وأهم الاكتشافات التي تم الإعلان عنها خلال الأعوام القليلة الماضية»، وأضافت أن «الخبيئة تضم حتى الآن أكثر من 20 تابوتاً خشبياً آدمياً ملوناً، في حالة جيدة، من حيث الألوان والنقوش».
وأضاف البيان أنّ «التوابيت لا تزال مغلقة، وتم الكشف عنها في الوضع الذي تركها عليه المصري القديم قبل آلاف السنين، حيث وضعت التوابيت مجمعة بعضها فوق بعض».
وتقع منطقة العساسيف على مقربة من معبد حتشبسوت بالدير البحري، جنوب جبانة ذراع أبو النجا، وهي واحدة من جبانات طيبة القديمة، وتضم مجموعة من المقابر التي يرجع تاريخ أغلبها إلى الأسرة الـ18، والأسرتين 25، و26. أي الفترة من 1550إلى 525 قبل الميلاد، وجدران مقابر جبانة العساسيف مزينة بنقوش توضح المعتقدات الدينية لدى المصري القديم مثل منظر الحج إلى أبيدوس، ومناظر الحياة اليومية مثل الزراعة والصيد في الأحراش ومظاهر المرح والرقص، ومن أشهر مقابرها مقبرة «باباسا» التي تؤرخ بعصر الملك بسماتيك الأول من الأسرة السادسة والعشرين، وهي محفورة في باطن الجبل، وتزين جدرانها مجموعة من مناظر الحياة اليومية مثل تربية النحل، وبعض المناظر التعبدية أو الجنائزية.
وقال مصدر مسؤول بوزارة الآثار لـ«الشرق الأوسط» إنّه «لا يمكن حصر العدد الكامل للتوابيت المكتشفة في الخبيئة الآن نظراً لوجود بعضها فوق بعض، حيث إن بعضها ما زال مدفونا في باطن الأرض»، مشيراً إلى أن «البعثة الأثرية ستعمل على استخراج التوابيت ودراستها لمعرفة أصحابها والفترة الزمنية التي تعود إليها، خاصة أن التوابيت لا تزال مغلقة، ولا نعرف ما الذي بداخلها، وسيتم الإعلان عن جميع التفاصيل التي سيتم التوصل إليها في مؤتمر صحافي يوم السبت المقبل».
وأضاف المصدر أن «التوابيت وجدت متراصة في طبقات بعضها فوق بعض، ومدفونة في الرمال، وليست داخل مقبرة، وستكشف الأبحاث التي ستجريها البعثة الأثرية عن أصحابها، وسبب وضعها بهذه الطريقة».
وفكرة الخبيئة ليست جديدة على المصري القديم، وفقا للدكتور الحسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المصري القديم كان يقوم بتجميع المومياوات في خبيئة ليحميها، في الفترات التي يخشى من تعرضها للنهب أو التهديد، خاصة أن المومياء كانت ذات قيمة كبيرة في ذلك العصر، فهي وسيلة الانتقال للعالم الآخر»، مشيراً إلى أن «أشهر الخبايا التي تم اكتشافها هي خبيئة المومياوات الملكية التي تم اكتشافها بالدير البحري بالأقصر في القرن التاسع عشر عام 1871. والتي ضمت مومياوات لملوك الأسرة 21، وتم إخفاؤها للحفاظ على تراثهم، وهي المومياوات الموجودة الآن بالمتحف المصري بالتحرير»، معربا عن «دهشته من وجود الخبيئة المكتشفة حديثا دون مقبرة، حيث اعتاد المصري القديم إخفاء المومياوات والتوابيت في مقابر»، وقال: «ربما يعود ذلك لطبيعة عصر الانتقال الثالث الذي تعود له هذه الخبيئة، وهو الأمر الذي ستكشف عنه الدراسات».
وشهدت منطقة العساسيف عدداً من الاكتشافات الأثرية في السنوات الأخيرة نتيجة أعمال الحفائر التي نفذتها بعثات أثرية مصرية وأميركية وفرنسية، ففي فبراير (شباط) عام 2014 أعلنت وزارة الآثار عن اكتشاف بقايا جدران وأعمدة المقبرة رقم 28 للوزير أمنحوتب حوي، وفي يونيو (حزيران) من العام نفسه، تم الإعلان عن اكتشاف مكان المقبرة المفقودة رقم TT 209 والتي كشفها الأثري R.L Mond عام 1904، ثم اختفت تحت الرمال، لينتهي العام في ديسمبر (كانون الأول) باكتشاف تابوت مغني آمون داخل مقبرة الوزير أمنحوتب حوي، يرجع لعصر الأسرة 21، وفي أغسطس (آب) 2015 أعلنت وزارة الآثار عن اكتشاف مقبرة «بادي باستت» وزير مصر العليا خلال عصر الأسرة الـ26 وكبير مشرفي الزوجة الإلهية، بالإضافة إلى اكتشافات أثرية مهمة لاحقة.


مقالات ذات صلة

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري اجتماعاً، الأحد، لاستعراض إجراءات الطرح العالمي لتخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق إناء شرب على شكل رأس بيس من واحة الفيوم في مصر يعود إلى العصر البطلمي - الروماني (القرن الرابع قبل الميلاد - القرن الثالث الميلادي)... (جامعة جنوب فلوريدا)

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

كشف الباحثون عن استخدام أكواب خاصة لتقديم مزيج من العقاقير المخدرة، والسوائل الجسدية، والكحول.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

مقطع مصور غير اعتيادي لكلب يتسلق الهرم يجذب الزوار والسائحين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».