بحث خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، مع رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي في جدة، أمس، العلاقات الثنائية والجهود المبذولة لتهدئة الأوضاع الإقليمية، وتعزيز الدور العراقي الإيجابي في تخفيف توترات المنطقة، وحرية الملاحة البحرية.
وفي مستهل المباحثات أبدى الملك سلمان بن عبد العزيز ترحيبه برئيس الوزراء العراقي، منوهاً بما يجمع البلدين والشعبين الشقيقين من أواصر متينة وروابط راسخة.
وتناولت المباحثات استعراض مستجدات الأحداث في المنطقة بما في ذلك الاعتداء التخريبي الذي تعرضت له منشآت نفطية في بقيق وخريص مؤخراً، وأكد رئيس الوزراء العراقي تضامن بلاده مع السعودية وحرصها على أمن المملكة واستقرارها، كما شهدت المباحثات التأكيد على تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، ومواصلة التشاور والتنسيق في كل ما يخدم أمنهما ومصالحهما المشتركة.
وجدد الملك سلمان من جانبه، إدانة واستنكار بلاده التفجير الآثم في محافظة كربلاء، وقدم تعازيه ومواساته لرئيس الوزراء العراقي ولذوي الضحايا وللشعب العراقي، وتمنياته للمصابين بالشفاء العاجل.
وقال الدكتور قحطان الجنابي السفير العراقي لدى السعودية في اتصال هاتفي بـ«الشرق الأوسط»، إن زيارة عبد المهدي «تأتي في ظروف معقدة، تعيشها المنطقة، في ظل التوتر الأميركي الإيراني، وتأكيداً للدور العراقي في تعزيز الحرص على حفظ الأمن في دول المنطقة».
وفي بغداد، أشارت أوساط سياسية عراقية مختلفة إلى أن زيارة عبد المهدي إلى السعودية تأتي في ظل تصاعد الأزمة الراهنة بين السعودية وأميركا والدول الأوروبية من جهة، وإيران من جهة أخرى، لا سيما بعد الهجوم على منشآت «أرامكو» النفطية في السعودية بأسلحة إيرانية، إذ ذكر نائب رئيس الوزراء العراقي السابق بهاء الأعرجي أن دولا إقليمية، لم يسمها، طلبت من عبد المهدي زيارة السعودية، وقال الأعرجي في بيان له أمس إن «زيارة رئيس الوزراء إلى السعودية تعكس أهمية العراق في المنطقة والدور الذي يمكن أن يلعبه في حل الأزمات». وأوضح الأعرجي أن «هذه الزيارة تمت بناءً على مطالب دولٍ إقليمية للتدخل في التهدئة».
من جهته، ذكر الدكتور عدنان السراج رئيس المركز العراقي للتنمية الإعلامية لـ«الشرق الأوسط» أن العراق «يريد أن يلعب دوراً مهماً للتهدئة خصوصاً بعد المتغيرات الرئيسية في المنطقة بهدف إيجاد حل للنزاعات بدل التوجه للحرب بعد الهجوم على منشآت أرامكو بالسعودية». وأضاف أنه «في السابق لم تكن مثل هذه المبادرات تلقى آذانا صاغية لأن الظروف في الواقع كانت غير مناسبة لإمكانية البحث عن حل من شأنه أن يحقق توازناً مطلوباً بين إرادات متقاطعة، بينما اليوم بات من الواضح أن العراق أكثر قدرة وإمكانية للقيام بهذا الدور ولو بصفة عنصر مساعد لتقريب وجهات النظر». وقال السراج: «من الواضح أن عبد المهدي ربما يكون تسلم رسائل تحفيز من أطراف إيرانية وأوروبية أو أميركية وخليجية وربما صينية خلال زيارته الأخيرة ليقوم بدور لتفعيل تقارب كهذا في ظروف بدا واضحاً أن الجميع جاهز لحل ما».
وتساءل السراج أنه «في ضوء كل هذه الاحتمالات والتقاطعات فهل ينجح العراق في مهمته الجديدة للتهدئة وهل ستكون لقاءات نيويورك وبخاصة الأروقة السياسية هناك هي من سيعطي الجواب النهائي لنجاح التحرك العراقي الأخير؟».
من جانبه، لفت السفير الجنابي إلى أن بلاده حريصة على بذل كل ما من شأنه أن يجنب المنطقة ويلات الخلافات والتهديدات، مؤكداً أن أمن العراق هو من أمن المنطقة والعكس صحيح، مشدداً على حرص بغداد على أن تسير الأمور بانسيابية وبهدوء، ووئام وانسجام بين كل دول المنطقة.
وأوضح الجنابي أن أهداف زيارة رئيس الوزراء العراقي، تسعى لتعزيز حرية الملاحة واستمرار سير إمدادات النفط العالمية، مبيناً أن هذه الزيارة أتت كبادرة من بغداد في هذا الوقت حتى يكون للعراق الدور الإيجابي في حلحلة الأمور وإرساء السلام، وتفادي وقوع المزيد من المشكلات والتحديات والتوترات في المنطقة.
وأكد السفير العراقي في الرياض لـ«الشرق الأوسط»، أنه يعلق آمالاً كبيرة، في أن تحقق الزيارة أهدافها المرسومة من حيث تقريب وجهات النظر، والعمل على تطوير العلاقات السعودية العراقية بشكل أشمل وأفضل، فضلاً عن حلحلة المشكلات التي تعيشها المنطقة.
وأضاف أن «الزيارة تعد الثانية للسعودية منذ تولي عادل عبد المهدي المنصب قبل عام»، منوها بأن ذلك يدل على حرص بغداد على إقامة أفضل العلاقات مع الرياض، وفتح أبواب التعاون، مشيراً إلى أن ذلك هو «الأمر الطبيعي الذي يتوجب أن تكون فيه العلاقات السعودية العراقية، بوصفهما دولتين كبيرتين في المنطقة».
وبيّن الجنابي أن الزيارة مهمة لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين على المستويات كافة، لا سيما الجانب الاقتصادي، وذلك من خلال تفعيل 13 اتفاقية ومذكرة تفاهم، تم توقيعها بين الجانبين، خلال الزيارة السابقة والأولى لرئيس الوزراء العراقي للرياض.
ولفت الجنابي إلى أن هناك تعاوناً بين البلدين، في مجالات الأمن، وكذلك مذكرات تفاهم بين وزارتي الداخلية في البلدين، تم إقرارها من قبل الجانبين، وفي انتظار توقيعها حال زيارة وزير الداخلية العراقي إلى الرياض أو زيارة وزير الداخلية السعودي إلى بغداد في أقرب وقت ممكن، لتوقيع هذه المذكرة.
وأكد السفير العراقي لدى السعودية أن هذه المذكرة ستفتح أفاقاً كبيرة لتعزيز التعاون الأمني بين البلدين في مجالات الاستخبارات والقضايا الأمنية الأخرى، ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة ومكافحة المخدرات.
وتابع الجنابي: «قطعنا شوطاً في التعاون الاقتصادي، حيث أصبح العراق سوقاً كبيرة لدى السعودية، وأزال بشكل كبير حالة الانكماش الكبير في مجال الصادرات الذي ساد في الفترة السابقة»، مشيراً إلى أن هناك زيادة مطردة في الصادرات المتبادلة بين البلدين.
وأضاف الجنابي: «حالياً نلمس زيادة مطردة تجارياً واقتصادياً واستثمارياً كماً ونوعاً بين البلدين، مع توقعات حدوث المزيد من الانفتاح بين الرياض وبغداد في الفترة المقبلة، خصوصاً بعد افتتاح منفذ عرعر في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) المقبل».
حضر المباحثات، الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة، والأمير الدكتور منصور بن متعب وزير الدولة عضو مجلس الوزراء مستشار خادم الحرمين الشريفين، والأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف وزير الداخلية، والدكتور مساعد العيبان وزير الدولة عضو مجلس الوزراء مستشار الأمن الوطني، والدكتور ماجد القصبي وزير التجارة والاستثمار وزير الشؤون البلدية والقروية المكلف، وعبد العزيز الشمري السفير السعودي لدى العراق.
خادم الحرمين الشريفين ورئيس الوزراء العراقي بحثا تهدئة الأوضاع الإقليمية
السفير الجنابي لـ«الشرق الأوسط»: الزيارة تأتي كبادرة من بغداد لمواجهة التحديات
خادم الحرمين الشريفين ورئيس الوزراء العراقي بحثا تهدئة الأوضاع الإقليمية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة