«المركزي» الأوروبي يضغط على المصارف للتخارج من روسيا تفادياً لعقوبات أميركية

«رايفايزن» النمساوي تخلى الأسبوع الماضي عن صفقة لمبادلة أصول بعد ضغوط من واشنطن

حذَّرت واشنطن مصرف «رايفايزن» من تقييد وصوله إلى الدولار بسبب روسيا (رويترز)
حذَّرت واشنطن مصرف «رايفايزن» من تقييد وصوله إلى الدولار بسبب روسيا (رويترز)
TT

«المركزي» الأوروبي يضغط على المصارف للتخارج من روسيا تفادياً لعقوبات أميركية

حذَّرت واشنطن مصرف «رايفايزن» من تقييد وصوله إلى الدولار بسبب روسيا (رويترز)
حذَّرت واشنطن مصرف «رايفايزن» من تقييد وصوله إلى الدولار بسبب روسيا (رويترز)

طلب المصرف المركزي الأوروبي من جميع مقرضي منطقة اليورو الذين لديهم عمليات في روسيا، تسريع خطط انسحابهم، بسبب مخاوف من تعرضهم لإجراءات عقابية أميركية.

وكتب المصرف المركزي الأوروبي إلى المقرضين في الأسابيع الأخيرة، يطلب منهم خططاً مفصلة حول استراتيجيات الخروج الخاصة بهم، وفق ما أبلغ كثير من الأشخاص المطلعين على الرسالة صحيفة «فايننشيال تايمز». وقال بعض الأشخاص إن المقرضين بحاجة إلى تزويد الهيئة التنظيمية بـ«خطة عمل» لأعمالهم الروسية، في وقت مبكر من شهر يونيو (حزيران).

وفي الأسبوع الماضي، اضطر مصرف «رايفايزن الدولي» النمساوي إلى التخلي عن صفقة لمبادلة أصول في روسيا بأخرى في أوروبا بعد ضغوط من السلطات الأميركية. وقد أدى التدخل الأميركي إلى إثارة المخاوف في المصرف المركزي الأوروبي من إمكانية استهداف مصرف «رايفايزن الدولي»، وغيره من المقرضين، في حملات القمع المستقبلية.

وقال شخص مطلع على موقف المصرف المركزي الأوروبي: «قد يؤدي هذا إلى أضرار جسيمة للنظام المصرفي، إذا فرضت السلطات الأميركية عقوبات».

وتسلط الرسائل الضوء على الضغوط المتزايدة التي تمارسها واشنطن على الجماعات الأوروبية التي قد تدعم حرب روسيا في أوكرانيا، بعد أكثر من عامين من الحرب.

وقال أحد مستشاري المصارف التي لديها فروع روسية: «إن رد المصرف المركزي الأوروبي على التدخلات الأميركية يظهر اعتماد أوروبا الكبير على الولايات المتحدة. نحن أتباع أكثر من كوننا قادة، فيما يتعلق بالأحكام المتعلقة بالشركات الأوروبية».

ولم ترُد وزارة الخزانة الأميركية على الفور على طلب للتعليق.

وقال الشخص المطلع على موقف المصرف المركزي الأوروبي، إن المشرفين هناك يريدون تجنب مواجهة المصارف الأوروبية لمصير مماثل لمصير مصرف «ABLV»، وهو مصرف في لاتفيا تم إغلاقه بعد أن اتهمته وزارة الخزانة الأميركية بـ«غسل الأموال المؤسسي» بالإضافة إلى انتهاكات العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية. وقطعت وصوله إلى النظام المالي الأميركي في عام 2018.

ويدعو المصرف المركزي مصارف منطقة اليورو إلى البحث عن مخرج من روسيا، منذ أن شنت موسكو حربها على أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

فمن ناحية، طُلب من مصرف «رايفايزن الدولي» الذي يتمتع بأكبر تعرض لروسيا بين المقرضين الأوروبيين، أن يخفض إقراضه في البلاد بمقدار الثلثين عن مستواه الحالي بحلول عام 2026. ويواجه المصرف غرامات محتملة من قبل المصرف المركزي الأوروبي إذا فشل في الامتثال، وقلص بالفعل دفتر قروضه الروسية بنسبة 56 في المائة منذ بدء الحرب.

في الوقت نفسه، طُلب من المصارف الأخرى -بما في ذلك مصرف «يوني كريديت» الإيطالي، المقرض الذي يشكل ثاني المصارف الأكبر تعرضاً- أن تزوّد المصرف المركزي الأوروبي بتفاصيل مفصلة عن خطط لعملياتها. وتم منح «يوني كريديت» موعداً نهائياً حتى الأول من يونيو للرد.

وكانت محكمة روسية قد أمرت يوم الخميس بمصادرة أصول وحسابات وممتلكات «يوني كريديت»، وكذلك أسهم في شركتين تابعتين، في إطار دعوى قضائية بشأن مشروع غاز مجهض يتعلق بالمصرف الإيطالي.

وبدأ مصرفا «يوني كريديت» و«أو تي بي» المجري الذي لا يخضع للإشراف المباشر للمصرف المركزي الأوروبي، في العام الماضي، في إعادة الأرباح من فروعهما الروسية إلى الوطن، في شكل مدفوعات أرباح ربع سنوية.

ووفقاً لأشخاص مطلعين على كيفية عمل نظام إعادة الأموال إلى الوطن، كان مطلوباً من المصارف تقديم طلب إلى السلطات الروسية التي سمحت بدفع ما يصل إلى نصف صافي أرباح الشركات التابعة لها، ما دامت تدفع الضرائب المحلية.

وفي العام الماضي، تلقى «يوني كريديت» مبلغ 137 مليون يورو من فرعه الروسي، في حين تلقى «أو تي بي» 135 مليون يورو. وقال «أو تي بي» إن الأرباح المعادة كانت جزءاً من جهوده لتقليص وجوده في روسيا.

وكان من المفترض في الأصل إعادة أرباح مصرف «رايفايزن الدولي» إلى الوطن، بوصفها جزءاً من صفقة مبادلة الأصول المخطط لها بقيمة 1.5 مليار يورو، وفقاً لشخص مطلع على عملية صنع القرار في روسيا. وتخلى المصرف عن الصفقة هذا الشهر بعد أن حذرت وزارة الخزانة الأميركية المقرض من أنه يخاطر بالعزل عن النظام المالي الأميركي إذا مضى قدماً.

وقال المصرف الذي يتخذ من فيينا مقراً له، إنه لم يحصل على أرباح من قسمه الروسي «منذ بداية الحرب»، ولا يتوقع أن يتمكن من القيام بذلك في المستقبل.

وأضاف: «من أجل الحصول على أرباح، كانت السلطات الروسية واضحة للغاية: الالتزام بالبقاء في السوق، وتحقيق أهداف الأعمال، ويمكن توزيع الأرباح... لقد قمنا بتقليص الأعمال بشكل كبير ونتطلع بنشاط إلى البيع»، موضحاً أن هذا بالطبع يتعارض مع الالتزام بالبقاء في السوق.

كما تشعر السلطات الأميركية بالقلق إزاء التقارير الأخيرة التي نشرتها صحيفة «فايننشيال تايمز» عن توسع «رايفايزن» في روسيا. فقد نشر المصرف 2400 إعلان وظائف بين ديسمبر (كانون الأول) ومنتصف أبريل (نيسان)، ذكر كثير منها أن المصرف يتطلع إلى النمو في البلاد.


مقالات ذات صلة

العراق ينفي فرض عقوبات دولية على مصارفه

الاقتصاد مقر البنك المركزي العراقي في بغداد (الموقع الإلكتروني للبنك)

العراق ينفي فرض عقوبات دولية على مصارفه

نفى البنك المركزي العراقي، الأحد، تعرض بعض المصارف العراقية للعقوبات الدولية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
العالم كلمة "عقوبات" أمام علمي بريطانيا وروسيا في هذه الصورة الملتقطة في 28 فبراير 2022 (رويترز)

بريطانيا تفرض عقوبات جديدة على حلفاء لبوتين

فرضت بريطانيا، الجمعة، عقوبات تستهدف شخصيات تعمل في الحكومة الروسية من بينهم بافيل فرادكوف نائب وزير الدفاع وفلاديمير سيلين الذي يدير مؤسسة تابعة للوزارة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يتحدث خلال الجلسة الأسبوعية لأسئلة رئيس الوزراء في مجلس العموم بلندن 12 فبراير 2025 (أ.ف.ب)

خطة بريطانية لتخفيف العقوبات على سوريا بعد سقوط الأسد

تسعى المملكة المتحدة (بريطانيا) لتخفيف العقوبات المفروضة على سوريا بعد فرار الرئيس المخلوع بشار الأسد، بموجب خطة جديدة أعلنتها الحكومة، الخميس.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد ناقلة النفط الخام «إس سي إف» التابعة لروسيا تمر عبر مضيق البسفور في إسطنبول (رويترز)

النفط الإيراني والروسي عالق على متن ناقلات بسبب العقوبات الأميركية

قالت مصادر تجارية ومحللون إن كمية النفط الروسي والإيراني المحملة على ناقلات بلغت أعلى مستوياتها في أشهر عدة مع تراجع عدد المشترين بسبب تشديد العقوبات الأميركية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جناح شركة «نوفاتك» خلال المنتدى الدولي لأسبوع الطاقة الروسي في موسكو (رويترز)

رغم العقوبات... أرباح «نوفاتك» الروسية ترتفع 6.5 % إلى 5.2 مليار دولار في 2024

قالت شركة «نوفاتك»، أكبر منتِج للغاز الطبيعي المُسال في روسيا، إن صافي ربحها خلال 2024 ارتفع بنسبة 6.5 في المائة إلى 493.5 مليار روبل (5.18 مليار دولار).

«الشرق الأوسط» (موسكو)

محافظ «المركزي التركي» من العلا: مستعدون للتحرك لمواجهة مخاطر خفض الفائدة

محافظ البنك المركزي التركي فاتح كاراهان يتحدث في إحدى جلسات مؤتمر «العلا لاقتصادات الأسواق الناشئة» (مؤتمر العلا)
محافظ البنك المركزي التركي فاتح كاراهان يتحدث في إحدى جلسات مؤتمر «العلا لاقتصادات الأسواق الناشئة» (مؤتمر العلا)
TT

محافظ «المركزي التركي» من العلا: مستعدون للتحرك لمواجهة مخاطر خفض الفائدة

محافظ البنك المركزي التركي فاتح كاراهان يتحدث في إحدى جلسات مؤتمر «العلا لاقتصادات الأسواق الناشئة» (مؤتمر العلا)
محافظ البنك المركزي التركي فاتح كاراهان يتحدث في إحدى جلسات مؤتمر «العلا لاقتصادات الأسواق الناشئة» (مؤتمر العلا)

قال محافظ البنك المركزي التركي، فاتح كاراهان، في مؤتمر «العلا لاقتصادات الأسواق الناشئة»، الأحد، إن البنك المركزي التركي «مستعد للتحرك» في مواجهة المخاطر التي قد تنشأ في ظل دورة خفض أسعار الفائدة الحالية.

وأوضح كاراهان أن البنك قد بدأ بتخفيض أسعار الفائدة تدريجياً، منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي؛ حيث خفضها بمقدار 250 نقطة أساس في كل من ديسمبر، ويناير (كانون الثاني). ومع ذلك، أشار كاراهان في وقت سابق من هذا الشهر إلى أن البنك «ليس في وضع التشغيل الآلي»، بعد خفضين متتاليين، وأنه يمكنه إيقاف أو تعديل حجم تحركات أسعار الفائدة، استناداً إلى البيانات الاقتصادية، وفق «رويترز».

وفي المؤتمر، لفت كاراهان إلى أن حالة عدم اليقين بشأن السياسة النقدية في الاقتصادات المتقدمة، خصوصاً في الولايات المتحدة، تخلق مخاطر بالنسبة لاقتصادات الأسواق الناشئة، بما في ذلك تركيا.

وقال: «هذا يعني أن البنوك المركزية يجب أن تتوخى الحذر الشديد. هناك مخاطر متعددة... ونحن مستعدون للتحرك».

وكان البنك المركزي قد حافظ على سعر الفائدة ثابتاً عند 50 في المائة خلال الأشهر الثمانية التي سبقت ديسمبر الماضي، لكنه خفضه تدريجياً ليصل حالياً إلى 45 في المائة. وبحسب استطلاع أجرته «رويترز»، الشهر الماضي، يُتوقع أن يتم خفضه إلى 30 في المائة بحلول نهاية العام.