علماء مصريون لفك لغز «عطر الكاهن» وبردية غامضة بتونا الجبل

قنينة زجاجية أثرية تحوي بقايا «عطر الكاهن
قنينة زجاجية أثرية تحوي بقايا «عطر الكاهن
TT

علماء مصريون لفك لغز «عطر الكاهن» وبردية غامضة بتونا الجبل

قنينة زجاجية أثرية تحوي بقايا «عطر الكاهن
قنينة زجاجية أثرية تحوي بقايا «عطر الكاهن

ما زالت آثار منطقة تونا الجبل الأثرية بمحافظة المنيا (جنوب القاهرة)، محط اهتمام الكثير من العلماء ومحبي الآثار المصرية القديمة. ويعكف علماء آثار مصريون حالياً على إجراء دراسات وفحوصات لفك ألغاز وكشف أسرار بعض القطع الأثرية النادرة التي عثر عليها أخيراً بالمنطقة، من بينها «قنينة عطر» و«بردية غامضة»، وفق ما أكده الدكتور أحمد بدران، أحد مسؤولي البعثة الأثرية المصرية - الألمانية المشتركة، التي تعمل في منطقة تونا الجبل، الذي أوضح أن نتيجة الفحوصات العلمية والأثرية سوف يتم الإعلان عنها في تقرير نهائي في نهاية العام الحالي.
ولعبت منطقة تونا الجبل دوراً مهماً ورئيسياً خلال العصرين اليوناني والروماني في مصر، حيث ضمت جبانة الحيوانات المقدسة، وهي عبارة عن مجموعة ضخمة من السراديب والممرات السفلية التي تمتد لمسافة أكثر من 10 كيلومترات عُثر فيها على عدد كبير من المومياوات المحنطة لطائر أبي منجل (الأيبس) وقرد البابون.
يقول عبد البصير لـ«الشرق الأوسط»، «خضعت منطقة تونا الجبل لأعمال الحفائر منذ ما يقرب من مائة عام على يد الأثري الألماني رودر والأثري المصري الكبير سامي جبرة؛ واستكمل العمل فيما بعد بواسطة البعثة المشتركة لجامعتي القاهرة وميونيخ، لتسفر عن اكتشاف أكبر جبانة آدمية بالموقع العام الماضي».
ويضم الموقع أطلال معبد جحوتي الكبير والمنازل التي كان يسكنها الكهنة؛ فضلاً عن وجود معبد آخر ومقبرة كاهن المعبود جحوتي، ومقبرة إيزادورا الشهيرة، ومستوطنة تضم العديد من المنازل المصرية القديمة المعروفة بالمنازل البرجية، حسب الدكتور حسين عبد البصير مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية.
وعن أحدث الاكتشافات النادرة بالمنطقة، قال د. أحمد بدران أستاذ الآثار بجامعة القاهرة وأحد مسؤولي بعثة المصرية لـ«الشرق الأوسط»، «عثرنا على قنينة عطر زجاجية ضمن الحفائر في مايو (أيار) 2017. وكانت محتفظة بكامل هيئتها، وكان هذا أمراً رائعاً للغاية ويُعد حالة نادرة».
وتابع: «عندما فتحنا القنينة صدرت منها رائحة نفاذة وجميلة كان مصدرها تلك البقايا المتحجرة في القاع؛ فرغم مرور مئات السنوات ما زال العطر المركز بحالة جيدة».
يشير بدران إلى أنه تم إرسال المادة المكتشفة للمركز القومي للبحوث لتحليلها، حيث أفاد التقرير العلمي الأول أن زيت العطر المستخدم كان من زهرة اللوتس.
ويرجع بدران أن يكون عمر هذا العطر 1400 سنة تقريباً، وهو عطر مميز من الدرجة الأولى، خاص بطبقة النبلاء، وغالباً ما كان يستخدمه كبار كهنة «المعبود جحوتي»، ولذلك أطلق عليه اسم «عطر الكاهن». ويجري الباحثون حالياً فحوصات جديدة لكشف نسب مكونات العطر بدقة خلال الأشهر المقبلة. وعن إمكانية مقارنة مكونات «عطر الكاهن» بعطر الملكة كليوباترا، الذي أثير جدل علمي حوله أخيراً بعد الكشف عن إمكانية إعادة تركيبه، قال بدران «لم نصل لتلك المرحلة بعد».
وعثر علماء الآثار كذلك على برديتين بالمنطقة كانتا بحالة سيئة، وما زالتا تحت الفحص، الأولى كبيرة الحجم وتمثل جزءاً من «كتاب الموتى»، وتم اكتشافها داخل السراديب تحت الأرض، ويرجح بدران تلف بعض أجزائها إلى عبث اللصوص، خلال بحثهم عن الذهب في تلك السراديب.
ويجري حالياً ترميم هذه البردية بمعمل الترميم الدقيق بالمتحف المصري الكبير، للتمكن من فحص نصوصها المكتوبة بالخط الديموطيقي، وهو أحد الخطوط المصرية القديمة، الذي كان يتم استخدامه على نطاق واسع في العصور المتأخرة واليونانية والرومانية.
كما عثرت البعثة الأثرية على البردية الثانية داخل إناء فخاري، ويعتقد أنها تشمل مجموعة حسابات ومواد مستخدمة يتم تسليمها في العمل الإداري اليومي للمعبد كالزيوت والبخور، ولكن بسبب تدهور حالتها لم يتمكن الأثريون من إخراجها من الفخار وقراءتها كاملة. وستكون البعثة الأثرية المشتركة على موعد من الاكتشافات الجديدة خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، بالتزامن مع بداية موسم الحفائر مرة أخرى بالمنطقة، حيث تعمل البعثة على استكمال دراسة المقبرة الآدمية، ودراسة مستوطنة من العصر الروماني على قمة الجبل الغربي، لكشف أسرار إنشاء تلك المستوطنة بعيداً عن سهل الجبل.


مقالات ذات صلة

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

يوميات الشرق إناء شرب على شكل رأس بيس من واحة الفيوم في مصر يعود إلى العصر البطلمي - الروماني (القرن الرابع قبل الميلاد - القرن الثالث الميلادي)... (جامعة جنوب فلوريدا)

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

كشف الباحثون عن استخدام أكواب خاصة لتقديم مزيج من العقاقير المخدرة، والسوائل الجسدية، والكحول.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

مقطع مصور غير اعتيادي لكلب يتسلق الهرم يجذب الزوار والسائحين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق طريقة بناء الأهرامات تُمثل لغزاً كبيراً (الشرق الأوسط)

فيديو مولد بالذكاء الاصطناعي يُجدد الجدل بشأن طريقة بناء الأهرامات المصرية

جدّد مقطع فيديو قصير مُولد بالذكاء الاصطناعي، يشرح طريقة بناء الأهرامات، الجدلَ بشأن نظريات تشييد هذه الآثار الضخمة.

عبد الفتاح فرج (القاهرة)
يوميات الشرق اكتشاف عدد من اللقى الأثرية والأدوات الشخصية للجنود (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف ثكنات عسكرية ومخازن أسلحة أثرية بالدلتا

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، الخميس، عن اكتشاف «ثكنات عسكرية ومخازن أسلحة» أثرية تعود لعصر الدولة الحديثة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.