الرئيس الموريتاني الجديد يختار حكومة كفاءات لبداية حكمه

خلت من المحاصصة السياسية... وهيمنت عليها الوجوه الجديدة

محمد ولد الغزواني
محمد ولد الغزواني
TT

الرئيس الموريتاني الجديد يختار حكومة كفاءات لبداية حكمه

محمد ولد الغزواني
محمد ولد الغزواني

انتظر الرئيس الموريتاني الجديد محمد ولد الغزواني أسبوعاً كاملاً بعد تنصيبه، ليعلن ليلة أول من أمس عن أول حكومة في مأموريته الرئاسية، التي ستستمر خمس سنوات مقبلة، وكانت هذه الحكومة، حسب عدد من المراقبين، أقرب لحكومة كفاءات منها لحكومة محاصصة سياسية.
وحمل الفريق الحكومي الجديد تعديلات مهمة في هيكلة بعض الوزارات. ففي حين كان الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز يدمج الاقتصاد والمالية في وزارة واحدة، فضل الرئيس الجديد أن يفك الارتباط بينهما، من خلال وزارة مكلفة ملف «الاقتصاد والصناعة»، وأخرى مكلفة قطاع «المالية». والشيء نفسه بالنسبة للتعليم؛ حيث كان الرئيس السابق يدمج قطاعي التعليم الأساسي والثانوي في وزارة واحدة. إلا أن ولد الغزواني فصل القطاعين من خلال وزارة خاصة بقطاع «التعليم الأساسي وإصلاح التهذيب الوطني»، ووزارة أخرى خاصة بقطاع «التعليم الثانوي والتكوين التقني والمهني»، بينما بقيت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي على شكلها القديم، واحتفظ بها الوزير نفسه.
وعلى الرغم من أن نسبة ثمانين في المائة من أعضاء الحكومة من الوجوه الجديدة، فإن أربعة وزراء بارزين في حكومة ولد عبد العزيز السابقة احتفظوا بمقاعدهم، وفي مقدمتهم وزير الشؤون الخارجية إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الذي يعد وجهاً دبلوماسياً موريتانياً معروفاً في أروقة الأمم المتحدة؛ حيث احتفظ بوزارته التي أصبحت تحمل اسم «وزارة الشؤون الخارجية والتعاون والموريتانيين في الخارج».
كما احتفظ أيضاً ثلاثة وزراء آخرين بمقاعدهم، هم سيدي ولد سالم وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والناني ولد أشروقة وزير الصيد والاقتصاد البحري. بالإضافة إلى الناها بنت مكناس، وزيرة المياه والصرف الصحي، والتي تترأس واحداً من الأحزاب السياسية البارزة في موريتانيا، يعد ثاني أكبر حزب في ائتلاف أحزاب الموالاة الداعمة للرئيس. وقد سبق لبنت مكناس أن تولت حقيبة وزارة الخارجية في بداية حكم الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، وكانت بذلك أول امرأة عربية تحمل حقيبة الخارجية، ومنذ ذلك الوقت وهي عضو دائم في جميع الحكومات المتعاقبة.
وعرفت الحكومة الجديدة إسناد خمس حقائب وزارية للمرأة، وذلك من أصل 28 حقيبة وزارية، وهو ما يمثل نسبة 18 في المائة، وقد أثار ذلك انتقادات ناشطات نسويات موريتانيات، اعتبرن ذلك تراجعاً في مستوى حضور المرأة في مراكز صنع القرار، إذ أسندت إلى المرأة في حكم الرئيس السابق 7 حقائب وزارية، وهو أكبر رقم وصلت إليه في تاريخ البلاد السياسي.
لكن اللافت في هذه الحكومة هو خلوها من أي محاصصة سياسية؛ حيث غابت عنها أحزاب المعارضة، التي دعمت ولد الغزواني في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وبعض الشخصيات التي كانت وازنة في أحزاب المعارضة واستقالت منها لدعم الرجل، كما كان تمثيل حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم ضعيفاً، بالمقارنة مع هيمنته على الأغلبية في البرلمان، وهو ما يبرره محللون بمحاولة الرئيس الابتعاد عن محاصصة سياسية لا يمكنه فيها إرضاء الجميع.
من جهة أخرى، حاول الرئيس في حكومته الجديدة إدخال وجوه جديدة من ذوي الكفاءات، إذ كان خمسة من الوزراء الجدد يعملون في منظمات دولية، من ضمنها البنك الدولي و«اليونيسيف» وهيئات إقليمية وقارية أخرى، بينما تحمل إحدى الوزيرات الجنسية الألمانية، لكونها تنحدر من أب موريتاني وأم ألمانية.
ويراهن الموريتانيون على هذه الكفاءات من أجل تجاوز المشكلات الاقتصادية التي تمر بها البلاد، ومحاربة الفساد الذي ينخر الحكومة، وتحقيق إصلاح شامل في قطاعات الخدمات الأساسية من تعليم وصحة وتشغيل. لكن التحديات التي تنتظر الحكومة كبيرة، ويزيد من حجمها قلة تجربة أغلب الوزراء في العمل الحكومي.
في غضون ذلك، يتحدث الموريتانيون عن حضور قوي للقبلية في هذه الحكومة؛ حيث حضرت التوازنات القبلية في تعيين كثير من الوزراء، وحافظ كثير من القبائل المتنفذة على تمثيل قوي في الحكومة الجديدة، وذلك ما يؤكد استمرار القبلية في التحكم في معادلات الساحة السياسية في البلاد.
ومن اللافت في الحكومة الجديدة أيضاً ارتفاع مستوى تمثيل شريحة العبيد السابقين، وهي الشريحة الاجتماعية المعروفة محلياً باسم «الحراطين»، والتي أسندت لوزراء منحدرين منها خمس وزارات، وهو رقم قياسي جديد لاقى ارتياحاً واسعاً في الأوساط الحقوقية والمجتمع المدني الموريتاني.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».