تجدد الجدل حول قضية فساد سابقة أثيرت في عام 2017 في المدرسة الحربية في لبنان، وكشفت أن النجمة على كتف متخرج في الكلية الحربية كانت لها ثمن محدد، وهو ما دفع قيادة الجيش لتأكيد أن الكفاءة هي المعيار الوحيد للالتحاق بالكلية الحربية.
وشدد قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون قبل أيام، على أن «الكفاءة هي المعيار الوحيد المعتمد في المؤسسة العسكرية، وخصوصاً في الكلية الحربية»، مؤكداً «عدم السماح لأحد بتشويه سمعة المؤسسة». سبق ذلك إعلان وزير الدفاع اللبناني إلياس بوصعب عن أن قيمة الأموال التي دخلت حساب أحد المتورطين في قضية تطويع تلامذة ضباطاً في الكلية الحربية في الجيش اللبناني، وصلت إلى 19 مليون دولار.
وكانت القضية فتحت في عام 2017، بعدما رسب عشرات الضباط في سنتهم الأولى في المدرسة الحربية، ما أدى إلى توقيف بعض الأشخاص بتهمة تقاضيهم رشى لتسهيل دخول الراغبين إلى السلك العسكري.
ويقول ضابط سابق لـ«الشرق الأوسط»: «يُروى أن الثمن المتداول كرشوة لتطويع تلميذ ضابطاً يبلغ مائة ألف دولار»، ويضيف أنه «عندما بدأت تفوح رائحة السمسرات تغيرت وسيلة الدفع إلى السبائك الذهبية، بحيث لا يتعرض المرتشي إلى خطر رفع الرقابة عن حسابه المصرفي». ويعزو المصدر ذاته الأمر إلى أن «في البيئات الريفية كبعلبك والهرمل وعكار، يحلم الأهل بأن يصبح ابنهم ضابطاً، ولا يجد البعض بسبب غلبة العرض على الطلب والفساد المستشري، إلا الرشوة لتحقيق الحلم».
يؤكد مصدر رفيع سابق في الجيش اللبناني لـ«الشرق الأوسط»، أن «الفساد غير معمم في الجيش، إنما جرى استغلال للنفوذ أو الموقع العسكري، من قبل قلائل وفق مصالح مناطقية. وبقي العدد محدوداً جداً. حتى أن كثيراً من العاملين في المؤسسة ليسوا على اطلاع على ما يجري. وما شهدناه في السنوات الماضية من فساد في المؤسسة يعود إلى غياب النزاهة في مختلف قطاعات الدولة وإداراتها، وإلى تدخل السياسيين السافر في أمور هذه المؤسسة الوطنية».
ويقول قائد الكلية الحربية السابق، ومدير التعليم السابق في الجيش، العميد الركن المتقاعد نزار عبد القادر لـ«الشرق الأوسط»، إن «الامتحانات في المدرسة الحربية كانت تجري من دون تدخلات سياسية. وكان الجيش يعتمد الكفاءة ونتائج الامتحانات للدخول إلى الكلية. وإن حصل التدخل، فذلك حفاظاً على المصلحة الوطنية العليا، وبقرار واعٍ لهذه المصلحة، إذ تدخل ذات مرة الرئيس الراحل إلياس سركيس ورئيس الحكومة السابق سليم الحص، بفرض اسمين، حفاظاً على التوازن المناطقي في فترة أمنية حرجة. وكذلك أيام الرئيس أمين الجميل، وكنت حينها مديراً للتعليم. طُرِحَتْ قضية أبناء وأشقاء شهداء الجيش، فتقرر منحهم علامات استلحاق كنوع من الوفاء لاستشهاد أهلهم. ولم تكن تسجل حوادث غش أو رشوة في الكلية الحربية».
ويؤكد عبد القادر أن «الحالة الخاصة كانت بعد اتفاق الطائف، ومع قرار حل الميليشيات وتطويع بعض الضباط من الأحزاب المسلحة في الجيش، وكان كثير من هؤلاء دون المستوى العلمي المطلوب الذي يخولهم الدخول أو حتى التقدم للمباريات؛ لكن المصلحة الوطنية كانت تفرض ذلك. وخلق هذا الأمر أزمة كبيرة ولم يعد بالإمكان الاستمرار في تنفيذ المناهج التعليمية. وكُلِّفتُ حينذاك بقيادة الكلية الحربية لمعالجة هذه الأزمة على اعتبار أنها إجراء غير عادي، لطي صفحة الحرب. فأخضعت المقبولين سابقاً بموجب مرسوم إلى مباراة، وخرجت اللجنة المختصة بقرار فصل 70 طالباً لا يمكن أن يكونوا ضباطاً، تم تسريحهم مع أن بعضهم على قرابة بنواب ومسؤولين. واتبعنا إجراءات خاصة لتأهيل الباقين، فأخضعنا نحو 600 منهم إلى دورات ذات قيمة لتأهيلهم. وأضفنا سنة رابعة إلى برنامج دراسة نحو 280 طالباً، ليتخرجوا ضباطاً أكفاء».
ويشير عبد القادر إلى أن «الجيش التزم بعدم حصول أي خلل طائفي في أعداد المنتسبين إلى المؤسسة الوطنية، منذ عام 1958. ولم يحل ذلك، قبل فترة، دون ارتفاع عدد السنة بزيادة وصلت إلى 7 آلاف سني عن أعداد المسيحيين بسبب تناقصهم بشكل إجمالي في لبنان، وتناقص الشيعة بسبب التحاقهم بـ(حزب الله)».
ويوضح عبد القادر أن «التصنيف لاختيار الفائزين يجري ضمن كل مذهب بمفرده، وليس بين المرشحين مجتمعين، أياً كانت مذاهبهم، لذا ينجح أول الفائزين في طائفة ما بمعدلات معينة، في حين ينجح فائزون من طائفة أخرى بمعدلات أقل بكثير. ومع أن الأمر غير عادل؛ لكننا في لبنان مرغمون على ذلك للمحافظة على العيش المشترك، وتحديداً في المؤسسات التي تحمي الوطن».
حقيقة الكلام عن «طرق ملتوية» للدخول إلى المدرسة الحربية
القيادة تؤكد أن الكفاءة هي المعيار الوحيد المعتمد في المؤسسة
حقيقة الكلام عن «طرق ملتوية» للدخول إلى المدرسة الحربية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة