أمضت هيلين كاموك ستة أشهر في إيطاليا باعتبارها الفائزة بـ«جائزة ماكس مارا للفنون». وكانت أعمالها تدور حول حياة امرأتين فنانتين من ملحّنات موسيقى عصر الباروك، باربارة ستروزي وفرانشيسكا كاسيني. ولقد حازت كل منهما على الشهرة في حياتها، ولكن ذكراهم راحت، طي النسيان، بعد ذلك.
ومن واقع قصصهما، استقرت هيلين كاموك على تيمة الرثاء؛ إذ استمد العرض اسمه من مرثية «Che si può fare» من تأليف باربارة ستروزي، التي تكررت أثناء العرض، من غناء هيلين كاموك بصحبة عازف الترومبيت على أنغام الجاز. وهناك قرون تفصل ما بين موسيقى الباروك وموسيقى الجاز، ولكنك لن تدرك ذلك عبر ذلك الاتصال الرخيم والرفيع للأصوات. ويأتي العرض المسجل، مع أداء كاموك الشعري والغنائي، ليختتم الفيلم المعروض هنا عبر ثلاث شاشات.
تهيمن الأصوات على أعمال كاموك، عبر الصوت، وخطابات النشطاء، وفي الشعر والنثر، أو عبر الحركة التعبيرية. وتحاول الطبعات التقاط الحد الأدنى من الخطوط، على سبيل المثال. ولكنه الفيلم الذي تستكشف كاموك من خلاله تعددية الأصوات التي واجهتها بكل قوة في إيطاليا. فإنها تشتمل على مراثي باربارة ستروزي وفرانشيسكا كاسيني، بطبيعة الحال، وألحان الراهبة لوكريزيا فيزانا من موسيقى الباروك، التي أخمد البابا موسيقاها وألحانها منذ زمن بعيد. غير أنه ليس فليماً وثائقياً حول الشخصيات التاريخية.
وتعرفت هيلين كاموك، أثناء وجودها في إيطاليا، على العديد من النساء اللاتي يتحدثن عن المرثيات والصمود: امرأة بولونية كانت تساعد في تخريب طائرات النازي في إيطاليا إبان حكم موسوليني، وهناك امرأة من ريجيو إيميليا، تلك التي ترجمت الأدبيات المناهضة للفصل العنصري في جنوب أفريقيا، ومصممة الرقصات من فلورنسا التي توقفت عن الرقص قرابة ربع قرن من الزمان، ولكنها كانت مقتنعة برقي الأداء وروعته المؤثرة، فعاودت ذلك في باليرمو، وأخيراً هناك الراهبة الكرملية (نسبة إلى سيدة جبل الكرمل) التي كرست حياتها لخدمة اللاجئين.
إن تيمة الشوق والحنين تراها متناثرة بين حنايا هذا الفيلم الرائع الذي تكمن رسالته الحقيقية في إلهامات المقاومة للقوى الجبرية والقمعية في العالم.
وكانت مرثية «Che si può fare» التي افتتحت في معرض «وايت تشابل» للفنون قبل عدة أسابيع، تركز على المرثيات الموسيقية، والتواريخ المتعددة، والأصوات المهمَّشة، المعبّر عنها من خلال الغناء، وصناعة الطباعة، والفيلم ذاته. تقول إيوانا بلازويك، مديرة معرض «وايت تشابل» للفنون: «إنها تحيل القيود والحدود بين مختلف التخصصات إلى حالة التلاشي، وتمنح صوتها لأولئك الذين جرى إسكاتهم».
أمضت هيلين كاموك وقتها في إيطاليا مسافرةً بين مختلف أرجاء البلاد، من بولونيا إلى فلورنسا، ومن فينيسيا إلى روما، ثم إلى باليرمو وريجيو إيميليا، لتتقابل مع المؤرخين، والموسيقيين، والمطربين، ومع السكان المحليين الذين سوف يظهرون جميعاً في أعمالها. وتقول هيلين كاموك عن ذلك: «إن أعمالي تزدهر بسبب الناس، وهو ما يجعلني أشعر بأنني على قيد الحياة. لقد كانت ستة أشهر من اللقاءات والاجتماعات المكثفة مع الناس ومختلف التجارب والحكايات والخبرات».
تحتفي جائزة «ماكس مارا للفنون»، بعامها السابع، وتروج، وتدعم أعمال فنانات الأعمال التصويرية والمرئية المقيمات في المملكة المتحدة. والفنانات المختارات لنيل الجائزة في موسم 2017 - 2019 هن: هيلين كاموك، وسيلين كوندوريلي، وإلويز هاوزر، وأثينا بابادوبولوس، وليز رودس، وماندي الصايغ.
تحديات البطلات السابقات تعيدهن إلى الحياة المعاصرة من خلال أعمال «هيلين كاموك»
تحديات البطلات السابقات تعيدهن إلى الحياة المعاصرة من خلال أعمال «هيلين كاموك»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة