كتاب مصريون يؤبّنون الروائي حسين عبد العليم

تسامح مع أبطاله وانحاز إلى همومهم بمحبة وصدق

جانب من جلسة التأبين
جانب من جلسة التأبين
TT

كتاب مصريون يؤبّنون الروائي حسين عبد العليم

جانب من جلسة التأبين
جانب من جلسة التأبين

تحدث كتاب مصريون عن سمات الكتابة الروائية لدى الأديب الراحل حسين عبد العليم في ذكرى رحيله باعتبارها بصمته التي تميزه بين زملائه من المبدعين، ولفتوا في الاحتفال الذي أقامته الأسبوع الماضي دار «ميريت للنشر والتوزيع» إلى أن من أهم هذه السمات انحيازه إلى أبطال رواياته وقصصه، وبساطته في التعبير عنهم، وقدرته البالغة على التسلل إلى عمق أرواحهم، وخبرته بالعوالم التي يحكي عنها، وهو ما يتضح بشكل خاص في روايته «فصول من سيرة التراب والنمل»، التي يتحدث فيها عن عائلة مسيحية تعاني من انتشار التراب والنمل في بيتها.
وقال الروائي أحمد صبري أبو الفتوح، إنه يحاول أن يفصل بين مشاعره كصديق فقد صديقه، وقارئ تجاه كاتب أحبه، مشيراً إلى أن علاقته بالروائي الراحل حسين عبد العليم بدأت عام 1972، في كلية الحقوق، وهناك تعرف عليه، وعلى كتاباته القصصية. ولفت أبو الفتوح إلى أن عبد العليم كان كاتباً تسري في رواياته الروح المصرية، بشوارعها، وتقاليدها الشعبية البسيطة والعميقة، بناسها، وبيوتها، وكانت أعماله تكشف عن انحيازاته والتزاماته التي فرضها على نفسه حتى رحيله في الشهر الماضي.
وتذكر أبو الفتوح قصة تنافسه والكاتب الراحل حسين عبد العليم في أول مسابقة للقصة القصيرة شاركا فيها معاً عام 1994، وكان يقوم بتحكيمها الأديب الراحل يوسف إدريس، وأضاف: «أن ما يجعل الكاتب الراحل حسين عبد العليم يتبوأ مكانة بارزة بين كتَّاب الرواية والقصة القصيرة المصرية خلال السنين الخمسين الماضية كونه يمتلك عالماً إبداعياً به رائحته الخاصة، ويتسرب في كيانه كله، فلم يكن يكتب عن شيء لا يعرفه، وكانت روحه المحبة تفيض من كتاباته وأرواح شخصياته».
من جهته أشار الناقد الدكتور محمد نعمان، إلى أن قصص حسين عبد العليم تشي به دائماً، فهي نافذته التي يطل منها على العالم كله، ومسقط رأسه الفيوم في جنوب مصر، ولفت إلى أن ما يكشف حميمية اللغة القصصية لدى الكاتب الراحل، هو تمرسه على الحكي، فقد كانت حكاياته التي يرويها على أسماع أبيه طريقه إلى اكتشاف هذه الروح الشفيفة التي تتسرب داخل عوالمه وقصصه ومناخات الكتابة لديه، ويكشف من خلالها كيف تغير العالم، كان يحكي عن معاناة شخصياته، لم يكن يصدر أحكامه عليها أبداً، بل يتركها تبوح وتعبر عن نفسها.
كان عبد العليم، حسب كلام نعمان، لا يقف بين القراء وشخصياته، بل يعمل على تشكيل شخصيات من لحم ودم للحكي دون مواربة أو أي صبغات أو تبريرات آيديولوجية، وهذا الصدق في إبداع شخصياته كان يدفع بعض أصدقاء الكاتب الراحل حسين عبد العليم إلى النميمة عليها، وجعلها محور سهراتهم، فقد كان يفعل ما يقوم به زيوس من خلق شخصيات حرة، قدرها أن تبقى على الورق، حتى لا تُحدث فوضى في العالم المحيط بها.
أما الكاتبة القصصية مريم حسين وهي ابنة الكاتب الراحل، فتحدثت عن السلاسة المدهشة التي كان يتعامل بها مع الحياة ومشكلاتها، وقالت إنها انعكست على كتاباته، وظهرت واضحة في رسم الشخصيات، وعوالمها، وعرض تفاصيل حكاياته، والنقلات الزمنية بين الأحداث، وهذا يتجلى واضحاً في روايته «رائحة النعناع»، وأشارت إلى دوره كأب ومبدع في تحفيزها على الكتابة، ودفعها للاستمرار في الإبداع، ونصائحه لها بأن تتحلى بالدأب، وفرحه بصدور مجموعتيها القصصيتين «غزل السحاب»، و«سر السكر» اللتين صدرتا عن دار «ميريت» حديثاً.
وذكرت مريم حسين أن أباها بعد صدور مجموعتيها قام بوضعهما بجوار كتبه ورواياته، وهو ما مثّل لها سعادة كبيرة في حياتها، ونقلة مهمة بالنسبة إليها وهي تتأمل إمكانيات استمرارهما معاً في الكتابة والإبداع جنباً إلى جنب، خصوصاً مع نصائحه الدائمة بأن تتحلى بالدأب، والاهتمام بالتركيز والحرص على العمل القصصي.
من جانبه تحدث الناشر محمد هاشم عن الكاتب حسين عبد العليم، مشيراً إلى أنه لن يستطيع أن يتخلص بسهولة من صدمة رحيله المبكر، فهو واحد من أهم كتَّاب الدار، كان منحازاً إلى الفقراء والمهمشين، وعاش منصرفاً عن كل ما يشغله عن انتمائه إليهم، كان يسكن في منطقة الجيزة وهي حي شعبي، نذر الكثير من كتاباته لناسه وأحلامهم وطموحاتهم التي يسعى لها من أجل عالم أفضل يسوده العدل والحرية.



«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
TT

«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كرّمت «جائزةُ الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي»، بدولة قطر، مساء الثلاثاء، الفائزين في فئات الدورة العاشرة، وذلك خلال حفل كبير حضره الشيخ ثاني بن حمد آل ثاني الممثل الشخصي لأمير البلاد، وشخصيات بارزة، وأعضاء البعثات الدبلوماسية، ونخبة من الباحثين والعاملين بمجال الترجمة.

وتهدف الجائزة إلى تكريم المترجمين وتقدير دورهم في تمتين أواصر الصداقة والتعاون بين شعوب العالم، وتقدير دورهم عربياً وعالمياً في مد جسور التواصل بين الأمم، ومكافأة التميز في هذا المجال، وتشجيع الإبداع، وترسيخ القيم السامية، وإشاعة التنوع، والتعددية والانفتاح.

الشيخ ثاني بن حمد لدى حضوره حفل تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كما تطمح إلى تأصيل ثقافة المعرفة والحوار، ونشر الثقافة العربية والإسلامية، وتنمية التفاهم الدولي، وتشجيع عمليات المثاقفة الناضجة بين اللغة العربية وبقية لغات العالم عبر فعاليات الترجمة والتعريب، ويبلغ مجمل قيمة الجائزة في مختلف فئاتها مليوني دولار أميركي.

وقال الدكتور حسن النعمة، أمين عام الجائزة، إنها «تساهم في تعزيز قيم إنسانية حضارةً وأدباً وعلماً وفناً، اقتداءً بأسلافنا الذي أسهموا في بناء هذه الحضارة وسطروا لنا في أسفار تاريخها أمجاداً ما زلنا نحن اليوم الأبناء نحتفل بل ونتيه مفتخرين بذلك الإسهام الحضاري العربي في التراث الإنساني العالمي».

وأشاد النعمة بالكتاب والعلماء الذين ترجموا وأسهموا في إنجاز هذه الجائزة، وبجهود القائمين عليها «الذين دأبوا على إنجاحها وإخراجها لنا في كل عام لتكون بهجة ومسرة لنا وهدية من هدايا الفكر التي نحن بها حريُّون بأن نرى عالمنا أجمل وأسعد وأبهج وأرقى».

الدكتور حسن النعمة أمين عام الجائزة (الشرق الأوسط)

من جانب آخر، أعربت المترجمة والأكاديمية، ستيفاني دوغول، في كلمة نيابة عن الضيوف وممثلة للمترجمين، عن شكرها لجهود دولة قطر وجائزة الشيخ حمد للترجمة في تكريم المترجمين والمثقفين من كل أنحاء العالم، موجهة التحية لجميع الفائزين، وللغة العربية.

يشار إلى أنه في عام 2024، توصلت الجائزة بمشاركات من 35 دولة حول العالم، تمثل أفراداً ومؤسسات معنية بالترجمة، من بينها 17 دولة عربية. وقد اختيرت اللغة الفرنسية لغة رئيسية ثانية إلى جانب اللغة الإنجليزية، بينما اختيرت الهنغارية والبلوشية والتترية واليوربا في فئة اللغات القليلة الانتشار.

الفائزون بالدورة العاشرة

وفاز بالجائزة هذا العام «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية»، في المركز الثاني رانية سماره عن ترجمة كتاب «نجمة البحر» لإلياس خوري، والثالث إلياس أمْحَرار عن ترجمة كتاب «نكت المحصول في علم الأصول» لأبي بكر ابن العربي، والثالث (مكرر): ستيفاني دوغول عن ترجمة كتاب «سمّ في الهواء» لجبور دويهي.

وعن «فئة الترجمة من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية»، فاز بالمركز الثاني الحُسين بَنُو هاشم عن ترجمة كتاب «الإمبراطورية الخَطابية» لشاييم بيرلمان، والثاني (مكرر) محمد آيت حنا عن ترجمة كتاب «كونت مونت كريستو» لألكسندر دوما، والثالث زياد السيد محمد فروح عن ترجمة كتاب «في نظم القرآن، قراءة في نظم السور الثلاث والثلاثين الأخيرة من القرآن في ضوء منهج التحليل البلاغي» لميشيل كويبرس، والثالث (مكرر): لينا بدر عن ترجمة كتاب «صحراء» لجان ماري غوستاف لوكليزيو.

من ندوة «الترجمة من اللغة العربية وإليها... واقع وآفاق» (الشرق الأوسط)

أما (الجائزة التشجيعية)، فحصل عليها: عبد الواحد العلمي عن ترجمة كتاب «نبي الإسلام» لمحمد حميد الله. بينما فاز في «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية»، حصلت على المركز الثالث: طاهرة قطب الدين عن ترجمة كتاب «نهج البلاغة» للشريف الرضي. وذهبت الجائزة التشجيعية إلى إميلي درومستا (EMILY DRUMSTA) عن ترجمة المجموعة الشعرية «ثورة على الشمس» لنازك الملائكة.

وفي (فئة الترجمة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية) حصل على المركز الثاني مصطفى الفقي وحسام صبري عن ترجمة كتاب «دليل أكسفورد للدراسات القرآنية» من تحرير محمد عبد الحليم ومصطفى شاه، والثاني (مكرر): علاء مصري النهر عن ترجمة كتاب «صلاح الدين وسقوط مملكة بيت المقدس» لستانلي لين بول.

وفي «فئة الإنجاز»، في قسم اللغة الفرنسية: (مؤسسة البراق)، و(دار الكتاب الجديد المتحدة)، و«في قسم اللغة الإنجليزية»: (مركز نهوض للدراسات والبحوث)، و(تشارلز بترورث (Charles E. Butterworth)، وفي لغة اليورُبا: شرف الدين باديبو راجي، ومشهود محمود جمبا. وفي «اللغة التترية»: جامعة قازان الإسلامية، و«في قسم اللغة البلوشية»: دار الضامران للنشر، و«في اللغة الهنغارية»: جامعة أوتفوش لوراند، وهيئة مسلمي المجر، وعبد الله عبد العاطي عبد السلام محمد النجار، ونافع معلا.

من ندوة «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة» (الشرق الأوسط)

عقدٌ من الإنجاز

وعقدت الجائزة في الذكرى العاشرة لتأسيسها ندوة ثقافية وفكرية، جمعت نخبة من أهم العاملين في مجال الترجمة والمثاقفة من اللغة العربية وإليها، تتناول الندوة في (الجلسة الأولى): «الترجمة من اللغة العربية وإليها: واقع وآفاق»، بينما تتناول (الجلسة الثانية): «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة، وكيفية تطوير هذا الدور».

وخلال مشوارها في عشر سنوات، كرّمت الجائزة مئات العاملين في الترجمة من الأفراد والمؤسسات، في نحو 50 بلداً، لتفتح بذلك آفاقاً واسعة لالتقاء الثقافات، عبر التشجيع على الاهتمام بالترجمة والتعريب، ولتصبح الأكبر عالمياً في الترجمة من اللغة العربية وإليها، حيث اهتمت بها أكثر من 40 لغة، كما بلغت القيمة الإجمالية السنوية لمجموع جوائزها مليوني دولار.

ومنذ تأسيسها، كرمت الجائزة 27 مؤسسة ودار نشر من المؤسسات التي لها دور مهم في الترجمة، و157 مترجماً و30 مترجمة، حيث فاز كثيرون من مختلف اللغات الحية عبر العالم. حتى اللغات التي يتحدث بها بضعة ملايين بلغتها الجائزة وكرمت رواد الترجمة فيها من العربية وإليها. أما اللغات الكبرى في العالم فكان لها نصيب وافر من التكريم، مثل الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألانية والصينية والكورية واليابانية والتركية والفارسية والروسية.

وشملت الجائزة كذلك ميادين القواميس والمعاجم والجوائز التشجيعية للمترجمين الشباب وللمؤسسات الناشئة ذات الجهد الترجمي، وغطت مجالات الترجمة شتى التخصصات الإنسانية كاللغوية والتاريخية والدينية والأدبية والاجتماعية والجغرافية.

وتتوزع فئاتها على فئتين: «الكتب المفردة»، و«الإنجاز»، تختص الأولى بالترجمات الفردية، سواء من اللغة العربية أو إليها، وذلك ضمن اللغات الرئيسية المنصوص عليها في هذه الفئة. وتقبل الترشيحات من قبل المترشح نفسه، ويمكن أيضاً ترشيح الترجمات من قبل الأفراد أو المؤسسات.

أما الثانية فتختص بتكريم الجهود الطويلة الأمد المبذولة من قبل الأفراد والمؤسسات في مجال الترجمة من اللغة العربية أو إليها، في عدة لغات مختارة كل عام، وتُمنح الجائزة بناء على عدد من الأعمال المنجزة والمساهمة في إثراء التواصل الثقافي والمعرفي.