مفارقات الفكرة واللعب عليها... شعرياً

الشاعرة التونسية ماجدة الظاهري في «أراجيح الضوء»

مفارقات الفكرة واللعب عليها... شعرياً
TT

مفارقات الفكرة واللعب عليها... شعرياً

مفارقات الفكرة واللعب عليها... شعرياً

في ديوانها «أراجيح الضوء» الصادر عن الهيئة المصرية للكتاب، تحلّق الشاعرة التونسية ماجدة الظاهري في فضاء الذكريات والأمكنة والمدن، مستعيدة برهافة مخيلة الأماني المجروحة والأحلام الهاربة، التي أصبحت تكرر نفسها ويتردد صداها في حنايا الروح كمرثية شجية مفتوحة على تخوم البدايات والنهايات. يساعد في ذلك أن الديوان يفتت مركزية الضوء، فلا يشكل محور إيقاع ثابتاً للرؤية، إنما يتناثر في نسيج الصورة الشعرية على شكل مِزق وومضات لاهثة، تتأرجح في كل اتجاه. وتنعكس ظلالها بقوة على الذات الشاعرة التي تتأرجح بدورها ما بين الحلم بالماضي وواقع اللحظة الراهنة، مدركةً أن مأزقها الخاص عاطفياً وإنسانياً يكمن في هذه المسافة الرخوة بينهما، ومع ذلك لا تتمرد عليه، بل تتكيف معه كظل حارس لها، وحين تسامره وتلعب معه تضعه بين قوسي مفارقة تفوح منها رائحة التهكم والسخرية، لكنها مع ذلك، تستعذب استرجاعه من جراب الماضي واستدراجه والتمسح في غباره. تقول في نص بعنوان «فكرة عارية» (ص 18) موجهة الخطاب للحبيب الهارب:

«كأنكَ لا تعرف

أننا أفرطنا في الحلم

حتى نمنا في محارة

وتدحرجنا على الرمل

أشرنا إلى البحر أن يغني فغنى

رقصنا مع الموج

تحدثنا مع ضوء الفجر

فتحنا له الحكاية

من الجذور

وخلدنا لموسيقى السماء

في جسدينا.

كأنك لا تعرف

أن ما رسمناه

على وجه الماء

كان مقعدين فارغين

في جزيرة نائية

غرقنا وبقي المقعدان

شاهدي زور».

ومن ثم، يصلح مجاز «الفكرة العارية» ليشكل عتبة نقدية لقراءة هذا الديوان الواقع في 120 صفحة؛ فالتعري فعل صادم في إطار العرف الاجتماعي، وهو أكثر الحريات إثارة للجدل والجرأة، خصوصاً حين يتحول إلى فعل احتجاج ضد مظاهر سالبة في المجتمع، لكنه مع ذلك يظل مغوياً في إطار العلاقات العاطفية الخاصة الحميمة، ويبلغ ذروته الجمالية في الفن وبخاصة فن النحت، كما أن التعبير بالجسد يشكل إحدى مغامرات التجريب المسرحي المهمة؛ وفي مرآة الفلسفة تبرز جدلية الخفاء والتجلي، كإحدى الأفكار الرئيسية في النظر إلى قضايا الكون وحقيقة الوجود الإنساني في أبسط وأشد مظاهره وأبعاده وضوحاً وتعقيداً. وفي الشعر لا تتعرى الأشياء لتصبح أكثر وضوحاً، إنما لتصبح أكثر كثافة وغموضاً وتجسيداً لفضاء الفعل الشعري، بكل نزقه وشطحه وهذيانه.

بناء المشهد والصورة الشعرية

ينعكس هذا على عدد من نصوص الديوان، حيث تتحول الفكرة المجردة إلى سلاح للتأويل ينفتح على مجاز المشهد والحكاية، ويعلي من طاقة السرد بروح الشعر. يبرز هذا على نحو لافت في نص بعنوان «جنون»، يتأمل عالم «مستشفى المجانين»، ويركز على النساء المجنونات، يلتقط معاناتهن مع الحياة، ويرصد كيف تتحول مفرداتها وأشياؤها العادية، مثل «الحصول على سيجارة» إلى حلم شائك وسط غابة من القضبان والأسوار، وكما يقول النص:

«السيجارة الآن بين شفتيها

السيجارة الآن تطلق جناحيها

تدخنها بصمت

وبصمت ترسم بدخان السيجارة

أشياءَ لا يفهمهما أحدٌ آخر

وشخوصاً لا يعرفها أحدٌ غيرها

وعوالمَ لا تحتاج إلى مستشفى»

الملاحظ هنا أن النص يعتمد في بناء المشهد والصورة الشعرية على آلية التكرار لألفاظ بعينها ذات دلالة خاصة (القضبان، الجنون، السيجارة)، ليعطي إحساساً بثقل الحالة ووطأتها الإنسانية. وفي الوقت نفسه، يكشف كيف تتحول اللغة بين هؤلاء المرضى والحياة من أداة للتواصل والمحبة إلى سلاح للشتائم والسباب... «وتنطلق الشتائم من النافذة/ الشتائم واللعنات لا تبالي بالقضبان/ كل العالم عليل/ اللعنة على هذا العالم بأسره».

في غبار كل هذا يكشف النص عن مفارقة شديدة الحيوية، حيث يتحول الجنون بالحياة وبالحب إلى طقس ولغة سرية، يصفو فيهما الجسد لكينونته، متخلصاً من شوائب الحياة ومعاناة المرض، كأنه مغمور بينابيع أخرى للعلاج:

«نزعتْ عنها ثوباً يشبه قشرةً

وكمن يلتفُّ براية بعد فوزه في سباق

لفَّتْ جسدها النحيلَ بفستان فضفاض

ثم،

رفعتْ فوق رأسها السابحِ في دخان السيجارة يديها

ورقصتْ، رقصتْ، رقصتْ

ثم غنتْ: أنا أحببتك

أحببتك

أيها المجنون... أنا أحببتك

أحببتك حدّ الجنون»

اللعب على المجازات

ينوع الديوان طرائق المجاز، ويفتح له مجالات إدراك ورؤى لا تخلو من الجِدة في كثير من النصوص، فيقفز من مجاز الداخل الساكن الممسوس بالشوق الدائم لكسر رتابة العادة والمألوف، إلى مجاز الخارج الضاج بالحركة حد الفوضى والجنون. كما يوسع من فضاء النص باستدعاء شخوص من عباءة التراث والأساطير بعدّها رموزاً وعلامات فارقة قادرة على إشاعة حيوية التناص في القصيدة، والاشتباك مع الواقع الراهن ومنها «زوربا، وفينوس، وروزا لوكسمبورغ». تعي الذات الشاعرة أن هذه القفزة، ليست مجرد خبط عشواء، إنما هي إفراز حالة من التأمل والرصد العميق لتحولات العناصر والأشياء، وما يجري في الواقع والعالم من حولها. فـ«فينوس» إلهة الجمال عند الرومان تصارع القطط والكلاب لتجد ما تقتاته في المزبلة، وزوربا لا يزال يواصل رقصته الشهيرة وسط الثلوج، وروزا لوكسمبورغ، شهيدة الثورة الألمانية لا تزال تحرض الثوار ضد النازيين والإرهابيين الجدد. كما تعي شكل انعكاس كل هذا على مرآتها الخاصة. لذلك في مقابل متاهة العالم والواقع لا تعتصم الذات الشاعرة فقط بقصيدتها، إنما تحاول من خلالها الوصول إلى حكمة ما، فيما وراء هذا الجنون الذي جعل الحياة غابة مليئة بأزهار الشر والكراهية والسموم. فمن الطريق تعلّمتْ حكمة المشي وفلسفته، وتعلمت خيانته أيضاً، ومن خلال هذه الحكمة المرتجاة تحاول الوصول إلى أمنها الداخلي وشاطئها الخاص، حينئذ يمكنها مواجهة الموت وملاطفته شعرياً ليس بوصفه لغزاً للحياة، إنما ابنها الضال، في متاهة الحروب والكوارث والنكبات... تقول في نص بعنوان «دعوة حب - ص 56»:

«ماذا لو ندعك طين البداية

بوميض الحنين وندى الأصوات البعيدة

وعرق الخزافين

ماذا لو نشكلها جِرارا

ندسُّ فيها فاكهة العشاق

نصفِّفها على باب مدينتنا

نفتح في الليل معابرَ الطين

ندعكه حتى يكاد ينفث الماء نوافيرَ

ونطيل المشي بين أقواس الفراغ

ندس فيها ثمالة بهجتنا

ندلُّ التائهين إلى جرارنا عند الباب

لو اهتدوا نعيد إليهم ظلالهم الكسيرة

نغني... ونمشي على خيط شفيف».

هذا السؤال المشرّب بالروح الشعبية، ونوازع شتى للأمل والرجاء وإعادة تشكيل البداية من جديد بطينة الحب، يحقق تصاعداً ونمواً فنياً لافتاً في بعض قصائد الثلث الأخير من الديوان، التي يغلب عليها القصر نسبياً، وبخاصة قصائد «هروب/ هذه أنا/ أمسية شعرية/ ضحكة/ أمي/ ريح»، حيث تتخلص الصورة الشعرية - إلى حد كبير - من مجاز الحكاية بصورته النمطية المترهلة، ومفارقاته المجلوبة من الخارج، كما تتخلص من ضجيج التكرار والأنا الشاعرة المتعالية في فضاء المشهد «أنا التي لا تشبه إلا أنا/ أنا الصخرة والينبوع، الجريان والحقول/ أنا النورس يحرس الآفاق». وترتقي إلى مجاز الحالة، المفتوح على حدوسات معرفية وجمالية مباغتة. تتناسل من نسيج النص نفسه، وبحيوية شعرية تجعله مفتوحاً على براح الخيال والحواس... تقول لشاعرة في قصيدة «ضحكة - ص 108»:

«أرسلت له ضحكتي

تأبّطها وركضَ كمجنون

عثر على رغيف ساخن

بعد جوع طويل انزوى بها في آخر الشارع

كلما قضم منها قليلا

تطايرت فراشاتٌ كثيرةٌ

ابتلعها وأغمض عينيه

رقصَ

طوقته الفراشاتُ

وتمادي في

الـ .. ر.. ق .. ص».

برغم الدفقة الرومانسية التي يشي بها هذا النص، فإن مجاز الحالة يحوِّلها إلى طقس، وهي سمة لافتة في الديوان، فالقبلة الخاطفة تصبح فعل وجود تماماً كالخبز، والرقص يصبح فعل حرية، لا يستثير الفراشات فحسب، إنما يكشف عن الطاقة الكامنة في النص، وقدرته على خلق نوافذ جديدة للجمال من أبسط الأشياء ألفة وعادية.

تبقى خلاصة هذه الإطلالة على هذا الديوان الشيق، في أن مجاز «الأفكار العارية» لا يعني أن تعيش عارياً تحت هالة من الضوء، تسلطها عليك أحلامك ورغباتك المقموعة، إنما يعنى بالأساس أن يتحول النص الشعري إلى مرآة للذات الشاعرة والقارئ معاً.


مقالات ذات صلة

هل كان كارل يونغ عنصريّاً؟

كتب كارل يونغ

هل كان كارل يونغ عنصريّاً؟

ربما يكون كارل غوستاف يونغ (1875 - 1961)، عالم النفس السويسري ومؤسس علم النفس التحليلي، أحد أهم مفكري القرن العشرين الذين لا يزال تأثيرهم طاغياً على فهم الإنسان

ندى حطيط
ثقافة وفنون وعاء جنائزي من محفوظات المتحف الوطني العُماني

صيد الأسود على وعاء معدني من سلطنة عُمان

كشفت أعمال التنقيب الأثرية في سلطنة عُمان عن مجموعة من الأوعية المعدنية تعود إلى المرحلة الممتدة من القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن الثالث للميلاد

محمود الزيباوي
ثقافة وفنون رواية أردنية عن صراع الإنسان مع الزمن

رواية أردنية عن صراع الإنسان مع الزمن

تقوم الفكرة الأساسية في رواية «لون آخر للغروب» للكاتبة الأردنية هيا صالح، حول صراع الإنسان مع الزمن، وهو الصراع الذي من أسبابه الأساسية مفهوم السّلطة

«الشرق الأوسط» (عمان)
ثقافة وفنون بيرسيفال إيفيريت

بيرسيفال إيفيريت يقلب رواية مارك توين

بيرسيفال إيفيريت لم يقلبْ مارك توين رأساً على عقب، كما يدَّعِي العنوان، الذي لعبت دوراً في صياغته الرغبة في أن يكون لافتاً وجاذباً،

د. مبارك الخالدي
ثقافة وفنون صافي ناز كاظم تمزج السيرة الذاتية بالنقد

صافي ناز كاظم تمزج السيرة الذاتية بالنقد

تتميز نصوص الكاتبة المصرية صافي ناز كاظم بمذاق خاص من الحيوية والصدق والحرارة ينبع من مزجها الدائم بين السيرة الذاتية والرؤى النقدية

رشا أحمد (القاهرة)

تدشين فعاليات «الكويت عاصمة الثقافة والإعلام العربي 2025»

العرض المسرحي «محيط الأرض» يحاكي لمحات من سيرة الفلكي الكويتي الراحل صالح العجيري. (كونا)
العرض المسرحي «محيط الأرض» يحاكي لمحات من سيرة الفلكي الكويتي الراحل صالح العجيري. (كونا)
TT

تدشين فعاليات «الكويت عاصمة الثقافة والإعلام العربي 2025»

العرض المسرحي «محيط الأرض» يحاكي لمحات من سيرة الفلكي الكويتي الراحل صالح العجيري. (كونا)
العرض المسرحي «محيط الأرض» يحاكي لمحات من سيرة الفلكي الكويتي الراحل صالح العجيري. (كونا)

دشنت الكويت، مساء الخميس، فعاليات اختيارها «عاصمة الثقافة والإعلام العربي لعام 2025»، بحضور عدد من الوزراء والشخصيات الإعلامية والثقافية من الوطن العربي، بحفل تمّ فيه تكريم رواد العمل الثقافي والفني في الكويت، ومن ضمنهم الناقد السعودي الدكتور عبد الله الغذامي شخصية الدورة الـ30 لمهرجان «القرين الثقافي».

وتضمّن الحفل عرضا مسرحيّاً، بعنوان «محيط الأرض»، بتوقيع الفنان عبد الله عبد الرسول في البناء الدرامي والحوار والإخراج، مقدِّماً تجربة مسرحية متكاملة تجمع بين محاكاة التاريخ ورؤية المستقبل، بمشاركة نخبة من نجوم الفن الكويتي.

جاء العرض في قالب ملحمي غنائي أبرَزَ الإرث العلمي للفلكي الكويتي الراحل صالح العجيري، ودوره في إثراء المعرفة، عبر مشاهد تنقَّلت بين الأزمنة المختلفة، مع الحفاظ على روح كل مرحلة تاريخية بأسلوب درامي خيالي مبتكر.

ممثل أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد، وزير الإعلام والثقافة ووزير الدولة لشؤون الشباب عبدالرحمن المطيري يدشن فعاليات «الكويت عاصمة الثقافة والإعلام العربي 2025» (كونا)

الثقافة قوة للتنمية

وقال ممثل أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد، وزير الإعلام والثقافة ووزير الدولة لشؤون الشباب عبد الرحمن المطيري، إن احتفال اختتام الدورة الثلاثين لمهرجان القرين الثقافي يأتي متزامناً مع انطلاق فعاليات «الكويت عاصمة الثقافة والإعلام العربي 2025»، وهو ما يعكس الدور الريادي والمسيرة الحافلة والعطاء الفني والثقافي والإعلامي لدولة الكويت في دعم الثقافة العربية وتعزيز مساراتها وتأكيد التزامها المستمر بترسيخ مكانة الثقافة كعنصر محوري في تحقيق التواصل والتفاهم بين الشعوب.

وأكد أن «دولة الكويت أثبتت أن الثقافة قوة دافعة للتنمية والتقدُّم، حيث يمثل الاستثمار فيها استثماراً في الإنسان والمستقبل، ويضمن استمرار النهضة الفكرية والازدهار الحضاري».

وأكد التزام المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بمواصلة دعم الفكر والإبداع وتعزيز التبادل الثقافي بين الشعوب، من خلال العديد من الفعاليات التي تسلِّط الضوء على ثراء تاريخنا وهويتنا الوطنية، وتؤكد انفتاحنا على الثقافات الأخرى، بما يعزز من دور دولة الكويت كمنصة للحوار والتلاقي الفكري الإبداعي.

وأكد أن دولة الكويت «تواصل اليوم مسيرتها الثقافية، مجدِّدةً التزامها بالفنون كوسيلة للتعبير والتطور وحاملة راية الإبداع نحو آفاق جديدة، فهي تؤمن بدور الثقافة في بناء جسور التواصل بين الشعوب وترسيخ قيم السلام وتعزيز الهوية الإنسانية المشتركة، بما يسهم في إثراء الفكر ودفع عجلة التنمية الثقافية إلى المستقبل».

العدواني رمزاً ثقافياً

وفي كلمته، قال المدير العام لـ«المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو)»، الدكتور محمد ولد أعمر، إن اختيار الكويت عاصمة عربية للثقافة لعام 2025 يمثّل استحقاقاً ثقافياً وحضارياً «سيشكل فرصة مهمة لإعادة اكتشاف دولة الكويت والاحتفاء بتاريخها الثقافي والعلمي والأدبي».

كما أشاد باختيار الشاعر والمثقف الكويتي الراحل أحمد العدواني، كأحد رموز الثقافة العربية، لهذه السنة، وهو مؤلف النشيد الوطني الكويتي، ورائد فكرة تدوين الأمثال والحكم الكويتية، مبيناً أن «المنظمة» ستحتفي بمختلف إنجازاته وإسهاماته في احتفالية اليوم العربي للشعر لهذه السنة.

وزير الإعلام والثقافة عبد الرحمن المطيري الفائزين بجوائز الدولة التقديرية والتشجيعية لعام 2024 (كونا)

تكريم المبدعين

وكرَّم وزير الإعلام والثقافة، عبد الرحمن المطيري، الفائزين بجوائز الدولة التقديرية والتشجيعية لعام 2024، وشخصية مهرجان القرين الثقافي في دورته الـ30، الدكتور عبد الله الغذامي (السعودية)، لإسهاماته الفكرية والثقافية المميزة التي أثرت الحقل الثقافي العربي لعقود.

كما كرَّم الفائزين بجوائز الدولة التقديرية لعام 2024، وهم: الدكتورة موضي الحمود في مجال الخدمات الاجتماعية، والفنان خالد العبيد في مجال الفنون، وسناء الخراز في مجال الخدمات الثقافية.

وكرَّم أيضاً الفائزين بجوائز الدولة التشجيعية لعام 2024، حيث فازت في مجال الفنون، الفنانة زهراء جاسم، وحصلت على جائزة الفنون التشكيلية والتطبيقية (الرسم)، بينما فاز بجائزة التمثيل التلفزيوني الفنان حسين الحداد.

وقام الوزير المطيري بتكرم الفائزين بالجائزة التشجيعية في مجال الآداب، وهم: الشاعر محمد صرخوه الحاصل على جائزة الشعر، وحمود الشايجي بجائزة الرواية، وباسمة الوزان بجائزة أدب الطفل، والدكتور عباس الحداد بجائزة الدراسات اللغوية والأدبية والنقدية. أما في مجال العلوم الاجتماعية والإنسانية، فقد كرَّم الوزير المطيري نادر العازمي بجائزة التاريخ والآثار.

وشارك في التكريم الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الدكتور محمد الجسار، والأمين العام المساعد لقطاع الثقافة في المجلس عائشة المحمود.

وزير الإعلام والثقافة الكويتي يكرّم الدكتور عبد الله الغذامي شخصية «مهرجان القرين الثقافي» (الشرق الأوسط)

الغذامي: القوة الناعمة الكويتية

وفي كلمة وجَّهها بمناسبة تكريمه في «مهرجان القرين الثقافي»، قال المفكر السعودي الدكتور عبد الله الغذامي إن «الكويت وطنٌ تميز بمعنوياته العميقة. وقد أثبت الزمن أن معنويات الكويت هي قوتها وهي جيشها الفعال».

وأضاف: «هذا العام الذي نحن فيه (2025) هو بالنسبة لي يُكمِل 40 عاماً من علاقتي العلمية مع الكويت؛ فمنذ صدور كتابي (الخطيئة والتكفير)، عام 1985، وأنا أتردَّد على الكويت في زيارات علمية لم تنقطع، وهي زيارات عرفتُ فيها مثقفي الكويت، وتأصلت عُرى الوصل معهم. وامتدت لعلاقات مع المثقفين العرب من أرجاء الوطن العربي كله، ممن ظلوا يحضرون مثلي في مؤتمرات العلم وندواته ومحاضراته في الكويت، وتعمر الأسئلة والنظريات والمثاقفة أجواء كل لقاء، وهذه فعاليات تضاف للرصيد المعنوي للكويت».

وزاد الغذامي: «رسمت الكويت صورتها في الأذهان، وصارت قوة ناعمة وخارقة بمعنى قدراتها على صناعة صورٍ ذهنية ذات بُعدٍ ثقافي جاد ومحفز. وتعززت الرمزية الثقافية مع التوالي والتعاقب وجودة المحتوى».

الفنان الكويتي نبيل شعيل يقدم وصلة غنائية وطنية مع الفرقة (كونا)

«محيط الأرض»

جسَّد العرض المسرحي التاريخي، «محيط الأرض»، رسالة الفن الحضارية، عبر تجربة درامية ملحمية تستعيد محطات من سيرة العالم الفلكي الكويتي الراحل، صالح العجيري، مقدِّماً رؤية مبتكرة تجمع بين فن المسرح والموسيقى والمؤثرات البصرية والتقنيات الحديثة.

وشكل العرض الذي أُقيم على المسرح الوطني في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي انطلاقة لفعاليات «الكويت عاصمة الثقافة والإعلام العربي 2025»، وتناول رؤية فنية لعدة أحداث تاريخية ليبرز مكانة الكويت الثقافية الرائدة في نقل المعرفة واستشراف المستقبل بصورة درامية خيالية مبتكرة وبتجهيزات تقنية عالية ومشاركة نخبة من كبار الفنانين.

جاء العمل الفني بتوقيع الفنان عبد الله عبد الرسول في البناء الدرامي والحوار والإخراج، مقدِّماً تجربة مسرحية متكاملة، مازجاً بين العناصر الفنية لتعبر الدراما عن الأحداث التاريخية وتتنقل عبر الزمن بين مشاهده وفصوله، مع الحفاظ على خصوصية كل مرحلة، عبر إشارات ودلالات تعكس روح التاريخ وتستشرف المستقبل.

وتناول العرض الملحمي الذي أنتجته وزارة الإعلام سيرة ذاتية وطنية ملهمة متمثلة في العالم الفلكي الراحل الدكتور صالح العجيري، حيث قدم سرداً فنياً مبتكراً يجسد إرثه العلمي ودوره في إثراء المعرفة.

وحمل العرض الفني الغنائي عناصر الإبهار الفني، حيث سلَّط الضوء على مكانة الحركة الفنية في دولة الكويت، من خلال تقديم هذا النوع من الأعمال الإبداعية، كما عكس مستوى الفن الرفيع الذي يمزج بين محاكاة التاريخ واستشراف المستقبل، برؤية فنية درامية.