بينما أعلن رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ، أمس، أنه «علينا أن نسلح أنفسنا لخوض معركة بالغة الشدة»، خفّضت الصين الثلاثاء معدّل النمو المستهدف لإجمالي الناتج المحلّي للبلاد في 2019 إلى ما بين 6 و6.5 في المائة، وستمثل هذه النسبة أبطأ نمو اقتصادي في الصين منذ ما يقرب من ثلاثة عقود.. وذلك في الوقت الذي يرزح فيه ثاني أكبر اقتصاد في العالم تحت وطأة تراجع النمو في القروض وتباطؤ الاقتصاد العالمي والحرب التجارية الدائرة مع الولايات المتحدة.
وكشفت الحكومة عن هذا الخفض الثلاثاء في تقرير خلال افتتاح الدورة السنوية للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني (البرلمان) التي تستمر أسبوعين. وكانت الحكومة حدّدت معدّل النمو المستهدف في 2018 عند 6.5 في المائة، قبل أن تعلن أنّ نسبة النمو في العام المنصرم بلغت 6.6 في المائة، وهي أبطأ وتيرة نمو منذ 1990.
لكنّ محلّلين مستقلّين يعتقدون أنّ أداء الاقتصاد كان أسوأ بكثير من هذا الرقم الرسمي. وهذا العام، خفّضت ثلاثة أرباع المقاطعات الصينية أهدافها السنوية للنمو الاقتصادي. ولمكافحة تباطؤ النمو، أعلنت الحكومة عزمها على خفض الضرائب والحدّ من الرسوم وتسهيل الإجراءات البيروقراطية.
وتعاني التجارة، التي تعتبر من المكونات الرئيسية للثروة الصينية من تباطؤ الطلب الخارجي ومن تداعيات الحرب التجارية الدائرة بين بكين وواشنطن اللتين تخوضان مفاوضات ماراثونية للتوصّل إلى حلّ لها.
ومن المتوقع أن تزيد ميزانية الدفاع الوطني هذا العام 7.5 في المائة، وهو ما يقل عن معدل زيادة العام الماضي البالغ 8.1 في المائة. وتتوقع الحكومة نسبة عجز إلى الناتج المحلي الإجمالي تبلغ 2.8 في المائة، بزيادة قدرها 0.2 في المائة عن العام الماضي.
وقال تاي هوي من «جي بي مورغان لإدارة الأصول» لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «عليهم تحقيق توازن بين تعزيز النشاط الاقتصادي وعدم الدفع نحو ازدهار اقتصادي جديد قائم على الاستدانة». بدوره، أشار المحلل لدى مصرف «نومورا» لو تينغ إلى أن بكين عازمة على تحقيق نمو تفوق نسبته ستة في المائة خلال العامين المقبلين «لتحقيق وعدها» بمضاعفة إجمالي ناتجها الداخلي خلال العقد الذي ينتهي في 2020.
وبدأت اجتماعات «مؤتمر نواب الشعب» الصيني السنوية بلغة أكثر كآبة بعد أن حذر الرئيس الصيني شي جينبينغ في يناير (كانون الثاني) الماضي قادة الحزب الشيوعي الحاكم في الصين بشأن الظروف الدولية «المعقدة والقاتمة» بالنسبة للصين، مع «تزايد مصادر الفوضى والمخاطر العالمية».
وتستمر الاجتماعات التي تعقد في قاعة الشعب الكبرى بالعاصمة بكين، حتى 15 مارس (آذار) الحالي بمشاركة نحو 3000 عضو. وتلقي الحرب التجارية مع الولايات المتحدة بظلالها على الاجتماعات في ظل تضرر الاقتصاد الصيني من الرسوم الأميركية على كمية من الصادرات الصينية للولايات المتحدة قيمتها 250 مليار دولار منذ العام الماضي.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد قرر تأجيل زيادة الرسوم المفروضة على المنتجات الصينية من 10 إلى 25 في المائة لمنح المحادثات فرصة للوصول إلى اتفاق، حيث كان ترمب قد هدد بزيادة الرسوم ابتداء من أول مارس الحالي، وهو ما لم يحدث.
وطالب ترمب في رسالة عبر موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي الصين بـ«الإلغاء الفوري لكل الرسوم على منتجاتنا الزراعية (بما في ذلك اللحم البقري ولحم الخنزير)، على أساس أننا نمضي بصورة جيدة في المحادثات التجارية».
وحذر وزير التجارة الصيني جونغ شان، الثلاثاء، من أن المفاوضات الجارية مع الولايات المتحدة «صعبة للغاية»، و«لا يزال هناك كثير يجب إنجازه»، في وقت تشير تقارير إعلامية أميركية إلى احتمال توقيع اتفاق بين الرئيسين الصيني شي جينبينغ والأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة نهاية مارس.
وعلى المستوى الداخلي، تخطط الصين لإجراء تخفيضات في الضرائب وإنفاق على البنية التحتية بمليارات الدولارات في مسعى لدعم اقتصادها المتباطئ. وخلال حديثه في قاعة الشعب الكبرى ببكين أمس، حذر رئيس الوزراء لي كه تشيانغ من التحديات التي يواجهها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وتعهد بإبقائه على أرض صلبة من خلال مجموعة من الإجراءات التحفيزية. وقال إن «البيئة التي تواجه التنمية في الصين هذا العام أكثر تعقيدا وحدة... سيكون هناك مزيد من المخاطر والتحديات سواء متوقعة أو غير متوقعة وينبغي علينا أن نكون على أتم الاستعداد لمعركة صعبة».
وقال لي إن السياسة المالية للصين ستصبح «أكثر قوة» في ضوء تخفيضات مزمعة بما يقرب من تريلوني يوان (298.31 مليار دولار) في الضرائب والرسوم على الشركات.
وفي مسعى لزيادة الاستثمار في البنية التحتية، رفعت وزارة المالية الصينية حصة إصدار سندات خاصة للحكومات المحلية إلى 2.15 تريليون يوان (320.79 مليار دولار) ارتفاعا من 1.35 تريليون يوان العام الماضي.
وتسبب انخفاض عائدات الضرائب وارتفاع الإنفاق الحكومي في رفع مستهدف عجز ميزانية الصين هذا العام إلى 2.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة مع 2.6 في المائة العام الماضي.
كما وضعت الحكومة المستوى المستهدف لتضخم أسعار المستهلكين عند نحو ثلاثة في المائة، رغم ضعف بعض زيادات الأسعار في الآونة الأخيرة لأقل من اثنين في المائة، مما يفسح المجال أمام بكين بعض الشيء لتحفيز الاستهلاك.
وعلى مدار العام الماضي، خفض البنك المركزي الصيني متطلبات الاحتياطي للبنوك التجارية خمس مرات لتحفيز تقديم القروض للشركات الصغيرة والخاصة، وهو أمر حيوي للنمو والوظائف.
ولدعم الشركات الخاصة والأصغر حجما، قال لي إن بكين ستوسع التخفيضات المستهدفة في نسبة متطلبات الاحتياطي للبنوك الأصغر حجما والمتوسطة بهدف دعم إقراض الشركات الصغيرة من قبل البنوك الكبيرة بأكثر من 30 في المائة.
الصين تخفض سقف مستهدف النمو إلى حده الأدنى في 3 عقود
تعتزم خفض الضرائب وتعزيز الإقراض لدعم اقتصادها المتباطئ
الصين تخفض سقف مستهدف النمو إلى حده الأدنى في 3 عقود
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة