مشاهد سياسية في الحفل: انتقادات للجدار والعنصرية والمهاجرين

سبايك لي بعد فوزه بجائزة أوسكار (إ.ب.أ)
سبايك لي بعد فوزه بجائزة أوسكار (إ.ب.أ)
TT

مشاهد سياسية في الحفل: انتقادات للجدار والعنصرية والمهاجرين

سبايك لي بعد فوزه بجائزة أوسكار (إ.ب.أ)
سبايك لي بعد فوزه بجائزة أوسكار (إ.ب.أ)

أثبت حفل جوائز الأوسكار السنوي رقم 91 الذي شاهده الملايين مساء الأحد أنه ليست بحاجة إلى مقدم أساسي ليقوم بربط فقرات الحفل، وإلقاء بعض الأفكار السياسية التي تثير الجدل والتعليقات كما حدث في السنوات السابقة. وشهدت أحداث الحفل التزاماً من الممثلين الذين يلقون أسماء الفائزين بالجوائز بنوع من التنظيم والالتزام بالنص المكتوب وعدم الخروج عنه. إلا أن الحفل لم يخلُ من التعليقات السياسية وتعليقات الفنانين الفائزين على قضايا سياسية جدلية تتعلق بالكراهية وقضية المهاجرين والعنصرية وبناء الجدار وغيرها.
> في بداية تقديم الحفل قدمت ثلاث ممثلات هما تينا فاي وإيمي باولر ومايا رودولف تعليقات لها طابع سياسي انتقدن خلالها حائط ترمب الحدودي، وقلن للجمهور ساخرات إنهن سيحاولن الوقوف لأطول فترة حتى يعتقد الصحافيون في جريدة «يو إس إيه توداي» أنه يوجد مضيف للحفل، وثم قالت مايا رودولف: «للجميع حتى لا يحدث خلط لا يوجد مضيف الليلة ولا توجد أفلام شعبية والمكسيك لن تدفع ثمن بناء الجدار». وفي وقت لاحق خلال الحفل، أثار الممثل الإسباني خافيير بارديم خلال تقديمه لجائزة أفضل فيلم أجنبي تعليقاً آخر منتقداً الجدار الحدودي وقال باللغة الإسبانية: «لا توجد حدود أو حوائط يمكن أن تحد من إلابداع والموهبة»
> كانت أبرز المشاهد السياسية في حفل أوسكار هو خطاب المخرج سبايك لي الفائز بجائزة أفضل سيناريو لفيلم Black Klansman، حيث تحدث عن قرب الانتخابات الرئاسية المقبلة لعام 2020 ودعا بصورة غير مباشرة إلى التغيير. ومن خلال ورقتين ألقى سبايك لي خطاباً سياسياً على مسرح دولبي أشار فيه إلى تراث الولايات المتحدة من العبودية والإبادة الجماعية للسكان الأصليين وانتهى إلى دعوة الأميركيين للتصويت في انتخابات 2020 التي على الأبواب.
وتطرق سبايك لي إلى قصة عائلته وقال: «جدتي زيمي شيلتون رثا التي عاشت حتى بلغت 100 عام كانت خريجة كلية سبيلمان على الرغم أن والدتها كانت من العبيد وقامت جدتي بتوفير الأموال من الضمان الاجتماعي على مدى 50 عاماً حتى تضع أول أحفادها في الجامعة وكانت تطلق على اسم (سبايكي بوو) ووضعتني في كلية مور هاوس وجامعة نيويورك لصناعة الأفلام».
> من أبرز المشاهد السياسية التي تطرقت إلى قضية الهجرة والمهاجرين هي خطاب الفائز بجائزة أفضل ممثل، فحينما صعد الممثل الأميركي من أصل مصري رامي مالك الذي جسد حياة المغني فريدي ميركوري أحد أعضاء فريق كوين الأميركي في فيلم الملحمة البوهيمية، وقف مالك وقال: «لقد صنعنا فيلماً عظيماً عن رجل مثلي الجنس، مهاجر، عاش حياته على نحو لا يعتذر عنه». وأضاف مالك (37 سنة) أنه ابن لمهاجرين من مصر وقال: «أنا ابن لمهاجر من مصر أنا أميركي من الجيل الأول وجزء من قصتي مكتوبة الآن ولا يمكنني أن أكون أكثر امتناناً لكل واحد منكم».
> صفق الجهور حينما شارك النائب الديمقراطي جون لويس العضو بمجلس النواب الأميركي في تقديم جائزة لأفضل فيلم دافع عن الحقوق وهو فيلم الكتاب الأخضر. وألقى النائب لويس الأضواء بكثير من الشجن والحزن على العنصرية التي عانى منها السود في فترة الستينات. وقال النائب الديمقراطي المعروف بتاريخه الطويل في الدفاع عن الحقوق المدنية، خلال إعلانه فوز فيلم الكتاب الأخضر: «إنني يمكنني أن أقول إني شاهد على شكل وصورة ذلك الزمان والمكان في تاريخنا، إنه أمر حقيقي للغاية، إنه أمر مخزون في ذاكرتي الرجال والنساء السود إخواننا وأخواتنا الذين تم التعامل معهم كمواطنين من الدرجة الثانية».


مقالات ذات صلة

الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

شؤون إقليمية الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

يتناول الفيلم تأثير فساد نتنياهو على قراراته السياسية والاستراتيجية، بما في ذلك من تخريب عملية السلام، والمساس بحقوق الإنسان للشعب الفلسطيني.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
يوميات الشرق المخرج الإيراني أصغر فرهادي الحائز جائزتَي أوسكار عامَي 2012 و2017 (إدارة مهرجان عمّان السينمائي الدولي)

أصغر فرهادي... عن أسرار المهنة ومجد الأوسكار من تحت سماء عمّان

المخرج الإيراني الحائز جائزتَي أوسكار، أصغر فرهادي، يحلّ ضيفاً على مهرجان عمّان السينمائي، ويبوح بتفاصيل كثيرة عن رحلته السينمائية الحافلة.

كريستين حبيب (عمّان)
يوميات الشرق تمثال «الأوسكار» يظهر خارج مسرح في لوس أنجليس (أرشيفية - أ.ب)

«الأوسكار» تهدف لجمع تبرعات بقيمة 500 مليون دولار

أطلقت أكاديمية فنون السينما وعلومها الجمعة حملة واسعة لجمع تبرعات بقيمة 500 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (لوس انجليس)
يوميات الشرق الممثل الشهير ويل سميث وزوجته جادا (رويترز)

«صفعة الأوسكار» تلاحقهما... مؤسسة «ويل وجادا سميث» الخيرية تُغلق أبوابها

من المقرر إغلاق مؤسسة «ويل وجادا سميث» الخيرية بعدما شهدت انخفاضاً في التبرعات فيما يظهر أنه أحدث تداعيات «صفعة الأوسكار» الشهيرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق أبطال المنصات (مارتن سكورسيزي وبرادلي كوبر) يغادران «أوسكار» 2024 بوفاضٍ خالٍ

هل تخلّت «الأوسكار» عن أفلام «نتفليكس» وأخواتها؟

مع أنها حظيت بـ32 ترشيحاً إلى «أوسكار» 2024 فإن أفلام منصات البث العالمية مثل «نتفليكس» و«أبل» عادت أدراجها من دون جوائز... فما هي الأسباب؟

كريستين حبيب (بيروت)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».