هل تخلّت «الأوسكار» عن أفلام «نتفليكس» وأخواتها؟

منصات البث تخرج من احتفاليّة الأكاديميّة خالية الوفاض رغم إنتاجاتها الضخمة

أبطال المنصات (مارتن سكورسيزي وبرادلي كوبر) يغادران «أوسكار» 2024 بوفاضٍ خالٍ
أبطال المنصات (مارتن سكورسيزي وبرادلي كوبر) يغادران «أوسكار» 2024 بوفاضٍ خالٍ
TT

هل تخلّت «الأوسكار» عن أفلام «نتفليكس» وأخواتها؟

أبطال المنصات (مارتن سكورسيزي وبرادلي كوبر) يغادران «أوسكار» 2024 بوفاضٍ خالٍ
أبطال المنصات (مارتن سكورسيزي وبرادلي كوبر) يغادران «أوسكار» 2024 بوفاضٍ خالٍ

كادت منصات البث العالميّة أن تخرج خالية الوفاض من احتفاليّة «الأوسكار» الـ96 قبل أيام، لولا الجائزة اليتيمة التي نالتها «نتفليكس» عن فئة أفضل فيلم قصير لـ«The Wonderful Story of Henry Sugar» (القصة الرائعة لهنري شوغر) من إخراج ويس أندرسون.

تأتي هذه الخيبة بعد 3 سنوات ذهبيّة اختبرتها منصات البثّ الرقمي في ليالي «الأكاديميّة». فالأعوام 2021، 2022، و2023 حملت كثيراً من المفاجآت السارّة لكلٍّ من «نتفليكس» و«أبل تي في بلاس». أما هذه السنة، ورغم 32 ترشيحاً إلى «الأوسكار» نالتها المنصّتان مجتمعتَين عن أفلامهما الأصليّة، فالحظّ لم يكن حليفهما.

أفضل فيلم قصير هو الفوز الوحيد لـ«نتفليكس» في «أوسكار» 2024 (إكس)

«أوبنهايمر» المنافِس اللدود

لكن ليست لعبة الحظّ وحدها المسؤولة عن خسارة هذا العام، فأفلام «نتفليكس» و«أبل» وقفت في وجه ظاهرة سينمائيّة استثنائية تُدعى «أوبنهايمر». كان من الصعب جداً منافسة فيلم كريستوفر نولان الذي أدهشَ النقّاد والمشاهدين سنة 2023، فحصد 7 جوائز «أوسكار» الأسبوع الماضي.

ثمّ إنّ نجاحات السنوات الثلاث المنصرمة، فرضها واقع جائحة «كورونا» التي تسببت في إقفال دور السينما، ما وضع منصات البث في الصدارة، لتصبح بذلك المنبر المستحدث لمشاهدة الأفلام وإنتاجها. أما مع انحسار الجائحة وفتح القاعات حول العالم، فاسترجعت سلوكيّاتُ مشاهدة الأفلام صيغتَها التقليديّة، وإن ببطء.

فهل هي ظاهرة «أوبنهايمر»؟ أم أنها عودة دور السينما إلى نشاطها؟ أم هي أسباب أخرى التي حالت دون تصدّر «نتفليكس» و«أبل» وسواها من المنصات حفل «الأوسكار» الأخير؟

الممثل كيليان مورفي بطل فيلم «أوبنهايمر» الحائز على 7 جوائز «أوسكار» هذا العام (أ.ف.ب)

«روما»... اعترافٌ رغم الاعتراض

شكّل الترشيح الذي نالته «نتفليكس» إلى جوائز «الأوسكار» عام 2014، خرقاً وظاهرة. كانت تلك المرة الأولى في التاريخ التي تدخل فيها منصة بثٍّ حلبة المنافسة ضدّ استوديوهات هوليوود العملاقة، وقد جاء الأمر بمثابة اعترافٍ بمحتوى تلك المنصات الناشئة. لم ينل وثائقي «The Square» (الميدان) اللقب حينذاك، وكان على المنصة أن تنتظر 3 أعوام حتى تفوز بأوّل «أوسكار» عن الوثائقي القصير «The White Helmets» (الخوَذ البيضاء)، واستتبعته بعد سنة بـ«أوسكار» ثانٍ ناله وثائقي «Icarus» (إيكاروس).

حتى 2018، اكتفت «نتفليكس» بتكريم وثائقياتها. ولم يَحِن موعد التفات «الأكاديميّة» إلى أفلام المنصة سوى في مارس (آذار) 2019، يوم حصد «روما» 3 جوائز بالجُملة عن فئات أفضل مخرج لألفونسو كوارون، وأفضل فيلم أجنبي، وأفضل تصوير سينمائي.

المخرج ألفونسو كوارون حاملاً الجوائز الـ3 التي حصدتها «نتفليكس» في «أوسكار» 2019 (أ.ف.ب)

تزامن الفوز مع موجة اعتراض عارمة ضدّ صعود منصات البث، إلى درجة أنّ عدداً من المؤثّرين في هوليوود اقترحوا منع أفلامها من الترشّح إلى «الأوسكار»، إن لم تكن قد انتشرت بشكل واسع في دور العرض العالمية. لم يحصل المنع، ثم جاءت الجائحة لتفرض أمراً واقعاً كان لا بدّ من أن يأتي، مع تعاظم سطوة المنصات على المشهد الترفيهي.

أثر الجائحة

سرّعت الجائحة والحجر المنزلي من نجاح المنصات في اختراق الجوائز العالمية، فإغلاق دور السينما ضاعف أعداد المشتركين فيها. وقد انعكس ذلك على ترشيحات «أوسكار» 2021، ففي سابقة هوليووديّة فازت «نتفليكس» وحدها بـ7 جوائز ذاك العام. صحيح أنها اقتصرت على الوثائقيات، والرسوم المتحركة، والملابس، وغيرها من الفئات الثانوية، إلا أنّ ذلك الفوز شكّل إثبات وجود للمنصات في أهمّ محفل سينمائي عالميّ.

ما عجزت «نتفليكس» عن تحقيقه في 2021، كان من نصيب منصة «أبل» عام 2022، إذ اقتنصت «أوسكار» أفضل فيلم عن «CODA» (كودا). صُنّف الفوز إنجازاً تاريخياً، بما أنها كانت المرة الأولى التي تنال فيها منصة بث جائزة أفضل فيلم من إنتاجها، وقد ترافق الفوز ذاك العام و37 ترشيحاً إلى «الأوسكار» نالتها منصات البث.

حقق «كودا» من إنتاج «أبل» إنجازاً تاريخياً حاصداً «أوسكار» أفضل فيلم عام 2022 (أ.ب)

23 «أوسكار» لـ«نتفليكس»

أما 2023، فرغم أنها شهدت تراجعاً في عدد الترشيحات التي نالتها أفلام المنصات من 37 إلى 19، فإنها كانت سنة مزدهرة لـ«نتفليكس». فمن أصل 16 ترشيحاً، حصلت المنصة على 6 جوائز «أوسكار» بما فيها أفضل فيلم أجنبي لـ«All Quiet on the Western Front» (كل شيء هادئ على الجبهة الغربية). كما حاز الفيلم الألماني الذي تدور أحداثه على خلفية الحرب العالمية الأولى، على جوائز أفضل موسيقى، وإنتاج، وتصوير سينمائي. وفي العام نفسه، حصلت «نتفليكس» على «أوسكار» أفضل فيلم رسوم متحرّكة لنسخة المخرج غييرمو دل تورو من قصة «بينوكيو»، وأفضل وثائقي قصير لـ«The Elephant Whisperers».

حتى العام الماضي كانت منصات البثّ قد بدأت احتراف لعبة «الأوسكار»، فباتت تدخل ميدان السباق متسلّحة بقيمتها السوقيّة، وبالملايين من المشتركين، وبأفلامٍ ذات إنتاجٍ ضخم ومحتوى مقنِع. حققت «نتفليكس» و«أبل» و«أمازون» بذلك أحد أبرز أهدافها، وهو الحصول على الاعتراف والتقدير من أهمّ منبرٍ سينمائي عالميّ.

منذ 2017، راكمت «نتفليكس» 23 جائزة «أوسكار». كان في ودّ المنصة أن تضاعف العدد هذا العام، فبالنسبة لها ولسائر المنصات، يساهم الفوز بجوائز «الأكاديميّة» في تعريف الجمهور بأفلامها على نطاق واسع، كما أنه يرفع أعداد المشتركين، هذا إضافة إلى أنه يلفت أنظار صنّاع السينما في هوليوود إلى جدّيّة المنصات في صناعة محتوى نوعيّ.

لكنّ الفرحة لم تكتمل هذا العام، فرغم عدد الترشيحات المطمئن في 2024، وهي 19 لـ«نتفليكس» و13 لـ«أبل»، فشل فيلم «مايسترو» لبرادلي كوبر في الحصول على أي من الألقاب الـ7 التي كان مرشّحاً إليها. أما فيلم «Killers of the Flower Moon» (قتلة زهرة القمر) لمارتن سكورسيزي، والذي كلّف إنتاجه منصة «أبل» 215 مليون دولار، فخرج هو أيضاً خالي الوفاض رغم الترشيحات الـ10 التي نالها. صفرُ «أوسكار» من أصل 3 ترشيحات كذلك، لفيلم ريدلي سكوت «نابوليون» ذي الإنتاج الباهظ.


مقالات ذات صلة

الفاتيكان محجّة الفنانين... والبابا ليو ذوّاقة سينما وثقافة

يوميات الشرق البابا ليو مصافحاً الممثلة كيت بلانشيت خلال زيارتها الفاتيكان مع وفد فني (رويترز)

الفاتيكان محجّة الفنانين... والبابا ليو ذوّاقة سينما وثقافة

البابا ليو يفتح أبواب الفاتيكان أمام فنّاني هوليوود ويشاركهم قائمة بأفلامه المفضّلة، محذّراً من أن مستقبل السينما في خطر.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق الممثل الأميركي كيفن سبيسي يحمل جائزة بعد تكريمه في إيطاليا (أرشيفية - رويترز)

بعد 7 سنوات من اتهامه بالتحرش... كيفن سبيسي «بلا مأوى»

بعد سبع سنوات من فضيحة اعتداء جنسي هزت مسيرته المهنية، كشف كيفن سبيسي أنه بلا مأوى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الممثل الأسترالي هيو جاكمان يحضر حفل توزيع جوائز في لوس أنجليس بكاليفورنيا (إ.ب.أ)

هيو جاكمان: الموسيقى «شافية» وساعدتني في تجاوز الأوقات العصيبة

احتفل نجم هوليوود هيو جاكمان جاكمان مساء أمس الأربعاء في العاصمة الألمانية برلين بالعرض الأوروبي الأول لفيلمه الموسيقي «سونغ سانغ بلو».

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق الشيب صار جزءاً من الحكاية (أ.ب)

جورج كلوني يتحايل على الشيب ويُحوّل العمر إلى بطولة جديدة

يؤدّي نجم هوليوود جورج كلوني في فيلمه الجديد «جاي كيلي» دور ممثل متقدّم في السنّ يلجأ في خريف مسيرته المهنية إلى بعض الحيل التجميلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الممثلة جنيفر أنيستون وحبيبها الجديد جيم كورتيس (إنستغرام)

جنيفر أنيستون في الـ56... الحب لا يأتي متأخراً

فاجأت الممثلة الأميركية، جنيفر أنيستون، الجمهور بإعلانها علاقة عاطفية جديدة تجمعها بجيم كورتيس. فما تفاصيل قصة الحب هذه الآتية على مشارف خريف العمر؟

كريستين حبيب (بيروت)

«عيد الكاريكاتير المصري» يحتفي بـ«المتحف الكبير» وطوغان

لوحة الفنان لويس هارو من أوروغواي (الشرق الأوسط)
لوحة الفنان لويس هارو من أوروغواي (الشرق الأوسط)
TT

«عيد الكاريكاتير المصري» يحتفي بـ«المتحف الكبير» وطوغان

لوحة الفنان لويس هارو من أوروغواي (الشرق الأوسط)
لوحة الفنان لويس هارو من أوروغواي (الشرق الأوسط)

في «عيد الكاريكاتير المصري» الخامس، يحتفي فنانون من مصر والبلاد العربية وأوروبا بـ«المتحف المصري الكبير»، وبمرور مائة عام على ميلاد فنان الكاريكاتير أحمد طوغان، أحد رموز مدرسة الكاريكاتير المصرية.

المعرض الاستثنائي، الذي افتتحه الفنان محمد عبلة، الخميس، ويستمر حتى 14 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، يضمُّ 150 لوحة، وتستضيفه قاعتا «نهضة مصر» و«إيزيس» في «مركز محمود مختار الثقافي» بالقاهرة، ضمن مبادرة «فرحانين بالمتحف الكبير ولسه متاحف مصر كتير» التي أطلقتها مصر بهدف تعزيز ارتباط المواطنين بتراثهم الثقافي والفني.

لوحة الفنان الأردني محمود الرفاعي (الشرق الأوسط)

وقال الفنان فوزي مرسي، قوميسير المعرض، إن الأعمال التي شاركت في الاحتفاء بمئوية طوغان اقتصرت على الفنانين المصريين، وجاءت بأساليب متعددة؛ فمنهم من رسمه وهو يحمل ريشته كسلاح لمواجهة الفساد ومشكلات المجتمع وعيوبه، مثل الفنان مصطفى الشيخ، في حين صوّره الفنان حسني عباس في لوحة معبّرة وهو يحمل ريشته كشعلة يضيء بها الظلام من حوله، في إشارة إلى ما قدّمه طوغان عبر مسيرته في فن الكاريكاتير. أما في لوحة لخضر حسن، فجاء تصويره لطوغان وهو يحمل قلماً تنطلق منه رصاصات ضد الفساد وأمراض المجتمع.

ويضيف مرسي لـ«الشرق الأوسط»: «جاءت أبرز المشاركات العربية في (عيد الكاريكاتير) من الإمارات، من خلال عمل للفنانة آمنة الحمادي. ومن السعودية حيث شارك الفنان أمين الحبارة بلوحة رسم في قلبها هرماً كبيراً تتصدره راية مصر، وتظهر خلفه مجموعة من الأهرامات. ومن الأردن شارك الفنان محمود الرفاعي، وقد كرّمته جمعية الكاريكاتير وأهدته درعها تقديراً له. واحتفت لوحته بالمتحف المصري الكبير عبر رموز فرعونية وقبطية وإسلامية وفنية وثقافية، رآها عناصر أساسية في تشكيل الشخصية المصرية، وجعل الأهرامات وأبو الهول في قلبها بوصفهما العماد الذي تقوم عليه حضارة مصر».

طوغان يحمل شعلة مضيئة... لوحة الفنان حسني عباس (الشرق الأوسط)

لوحاتُ الفنانين الأجانب عبّرت عن سعادتهم بافتتاح المتحف، وقدّموا أعمالاً رسموها خصيصاً لـ«عيد الكاريكاتير». وجاءت بعض المشاركات من الصين وبولندا وإسبانيا، ومن أوروغواي التي شارك منها الفنان لويس هارو بلوحةٍ رسم في قلبها فارساً فرعونياً يرحّب بزيارة المتحف. كما ركّزت لوحات فناني أوكرانيا على إبراز عناصر مصرية خاصة، من بينها أبو الهول والأهرامات و«حورس» والكباش، فجاءت بمثابة رسالة سلام ترحِّب بافتتاح المتحف الكبير وتدعو إلى زيارته.

أمّا لوحات الفنانين المصريين التي شاركت في الاحتفال بالمتحف، فقد اتخذ بعضها منحًى اجتماعياً ساخراً، منها عملٌ للفنان سعيد أبو العينين صوَّر فيه زوجةً تهاتف والدتها مستنجدةً بها من زوجها وابنها، مشيرةً إلى أنهما بعد افتتاح المتحف «تفرعنا» عليها، في إشارة إلى استعراضهما القوة أمامها. وقد اتخذ الفنانان عمرو سليم ودعاء العدل المنحى الساخر نفسه في أعمالهما.

لوحة الفنان الأوكراني كازانيفسكي (الشرق الأوسط)

«تركّزت لوحات الرسامين الأجانب المشاركة على الصورة، بخلاف المصريين الذين كان لتعبيرهم بالكلمات دورٌ أساسي في تشكيل أعمالهم وتكويناتها»، وفق الفنان سمير عبد الغني، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «(عيد الكاريكاتير) في دورته الخامسة يتشكّل من موضوعين: الأول الاحتفال بافتتاح المتحف الكبير، والثاني مئوية ميلاد طوغان».

وأضاف عبد الغني: «في كل الدورات السابقة كانت المشاركة تقتصر على فناني مصر، لكن هذه السنة كانت متميّزة، خصوصاً بمناسبة افتتاح المتحف الكبير؛ لذا وجّهنا دعوات إلى فنانين من بلدان كثيرة للمشاركة. وتميّزت لوحاتهم بوعي بصري كبير اشتغلوا من خلاله على الصورة التي سيطرت على التكوين، بخلاف لوحات المصريين التي ينقسم تشكيلها بين الرسم والتعبير اللغوي. والفرق بيننا وبينهم، كما أرى، نابعٌ من أنهم يشتغلون على فكرة سبعة آلاف سنة حضارة، والمومياوات، والضوء الذي يخرج من قلب عالمنا الخاص الساحر الزاخر بالعظمة منذ آلاف السنين، ومن هنا جاءت رسوماتهم مختلفة، بخلاف أعمال المصريين التي اتسمت بالوضوح والمباشرة».

لوحة الفنان جورج رودريغيز من فنزويلا (الشرق الأوسط)

تعود الفروق بين مساهمات فناني مصر والمشاركات الأجنبية، حسب عبد الغني، إلى ما يمكن تسميته بـ«الوعي البصري» المرتبط بثقافة الفنانين الأجانب، التي تتغذّى على زيارة المتاحف وما تضمه من آثار وتحف مصرية قديمة، إضافة إلى الاهتمام المبكر بالصورة عبر التعليم في مراحله المختلفة. أمّا الفنانون المصريون، فيأتي تعبيرهم في رسوم الكاريكاتير متأثّراً بسيطرة التعبير اللغوي في كثير من فنوننا، منها الأغنية والنكتة. ولعل أعمال مصطفى حسين، وأحمد رجب، وصلاح جاهين، وحجازي، وبهجت عثمان، وغيرهم كثيرون، خير تمثيل لذلك.

ورحّبت وزارة الثقافة المصرية بالمعرض، مشيرةً في بيان إلى أن «عيد الكاريكاتير» يهدف إلى ترسيخ الشعور بالهوية المصرية، وإعادة تسليط الضوء على ما تمتلكه مصر من متاحف وقيمة حضارية فريدة، إضافةً إلى تشجيع المشاركة المجتمعية في الفعاليات الثقافية والفنية التي تنظمها المتاحف المصرية، وتعميق الوعي بدورها بوصفها جسوراً تربط المصريين بتاريخهم العريق، وتغرس الانتماء من خلال الاحتفاء بموروثهم الإنساني والحضاري.

وتعكس الأعمال المشاركة تنوّعاً بصرياً وفنياً لافتاً؛ إذ تجمع بين النقد المرح، والفلسفة الساخرة، والطرح الإنساني، بما يمنح الجمهور تجربةً غنية تُبرز قدرة الكاريكاتير على تناول القضايا الكبرى بلغة فنية جذابة وقريبة من الناس.


من دون قهوة... كيف تتغلب على النعاس بعد تناول الغداء؟

الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)
الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)
TT

من دون قهوة... كيف تتغلب على النعاس بعد تناول الغداء؟

الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)
الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)

هل تجد صعوبة في إبقاء عينيك مفتوحتين بعد الغداء؟ كثيراً ما يبدأ الناس يومهم بنشاط ثم تنهار طاقتهم بعد الغداء. هناك العديد من الأسباب التي تجعل الأشخاص يشعرون بانخفاض نشاطهم في فترة ما بعد الظهر، وخاصةً بين الساعة الواحدة ظهراً والرابعة عصراً.

كشف الدكتور أنتوني ريفي، اختصاصي النوم السلوكي في مركز هنري فورد الصحي: «الإيقاع اليومي الطبيعي لجسمنا، وهو الساعة الداخلية التي تعمل على مدار 24 ساعة وتساعد على تنظيم عملياتنا البيولوجية، يرسل إشارات إلى الدماغ خلال النهار ليبقينا متيقظين ونشيطين. مع حلول وقت الغداء، تنخفض هذه الإشارات مما قد يجعلنا نشعر بالنعاس».

إليك طرق تساعدك في التغلب على نعاس ما بعد الظهر دون احتساء رشفة من القهوة:

استمع إلى الموسيقى

أثبتت الدراسات أن الاستماع إلى موسيقى مُبهجة يُحسّن المزاج ومستوى الطاقة. للحفاظ على نشاطك خلال النهار بعد الغداء، أنشئ قائمة تشغيل لأغانٍ مُبهجة لتسلية نفسك. ولأن الموسيقى نشاط ممتع في كثير من الأحيان، فإنها تُحفز إفراز هرمون السعادة الذي يُبقيك نشيطاً.

استمر بالحركة

إذا شعرت بالنعاس بعد تناول الطعام بعد الظهر، يمكنك الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك. يعتقد الخبراء أن ممارسة الرياضة تُنشط عقلك وجسمك. كما أنها تُعرّضك للهواء النقي والإضاءة الطبيعية، مما يُحقق لك نتائج جيدة.

اخرج إلى الشمس

اخرج إلى الشمس لضبط ساعتك البيولوجية وتوفير فيتامين «دي» الضروري. يمكن لأشعة الشمس الطبيعية أن تمنع إنتاج هرمون النوم (الميلاتونين) في جسمك. إذا كنت في المكتب، ولا يسمح لك ذلك بالتعرض لأشعة الشمس، يمكنك تشغيل أضواء السقف الساطعة وتجنب الظلام، خاصةً بعد استراحة الغداء.

حافظ على رطوبة جسمك

يُعد الحفاظ على رطوبة الجسم أمراً بالغ الأهمية لأداء وظائفك اليومية. ويؤكد الباحثون أن الجفاف، حتى لو كان خفيفاً، قد يؤدي إلى التعب، مما قد يؤثر على قدرتك على التركيز. يقول الدكتور ريفي: «للأسف، يُصاب الكثير من الناس بالجفاف المزمن لمجرد أنهم لا يشربون كمية كافية من الماء لأداء أنشطتهم اليومية».

تناول غداءً متوازناً

احرص على تناول نظام غذائي متوازن غني بالبروتين والألياف والدهون الصحية خلال النهار. اتباع هذه النصيحة الواعية سيساعدك على التغلب على مشكلة النوم بعد الظهر، التي تأتي فجأةً بعد الغداء، خاصةً بين الساعة الأولى ظهراً والرابعة عصراً.

اتبع نمط نوم جيداً

النوم الجيد ليلاً أمرٌ لا غنى عنه، خاصةً إذا كنت تحاول إدارة انخفاض الطاقة بعد الغداء. يوصي الخبراء بأن ينام الشخص البالغ من 7 إلى 9 ساعات على الأقل ليلاً ليشعر بالنشاط خلال النهار. يوضح الدكتور ريفي: «كمية النوم التي يحتاج إليها كل شخص تختلف من فرد لآخر، وتتغير على مدار حياته».


«الشاطئ الأخير»... فيلم بلجيكي يرصد مأساة واقعية من قلب أفريقيا

صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)
صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)
TT

«الشاطئ الأخير»... فيلم بلجيكي يرصد مأساة واقعية من قلب أفريقيا

صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)
صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)

لم يتخيّل المخرج البلجيكي جان فرانسوا رافانيان أن مقطعاً مصوَّراً عابراً على مواقع التواصل الاجتماعي سيقوده، بعد سنوات من البحث، إلى قلب أفريقيا، وتحديداً إلى قرية نائية في غامبيا، ليغوص عميقاً في مأساة إنسان يُدعى «باتيه سابالي».

الشاب الذي هزّ غرقُه في القناة الكبرى بالبندقية عام 2017 الرأيَ العام العالمي، حين اكتفى العشرات من المتفرجين بالصراخ وإطلاق الإهانات العنصرية بدلاً من مدّ يد العون له، كان مقطعُ الفيديو المصوَّرُ له الشرارةَ الأولى لفيلمه الوثائقي «الشاطئ الأخير»، الذي يحاول أن يعيد لهذا الشاب اسمه وصوته وحكايته.

قال رافانيان لـ«الشرق الأوسط»، إنه يتذكّر اللحظة الأولى جيداً؛ «كان الأمر صفعةً. رأيتُ الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، كما شاهده آلاف غيري في ذلك الوقت. صدمتني اللامبالاة، والكلمات العنصرية، والجمود الكامل أمام غرق شاب لا يحاول أحد مساعدته. في البداية لم أفكّر في فيلم؛ فكّرتُ بصفتي صحافياً: مَن هذا الشاب؟ ماذا حدث؟ ولماذا لم يتحرّك أحد؟».

وأضاف المخرج، الذي عُرض فيلمه للمرة الأولى عربياً في مهرجان «الدوحة السينمائي»، أن الأمر تحوّل إلى هاجس، بيد أنه اصطدم منذ اللحظة الأولى بحقيقة أن التحقيقات في إيطاليا كانت مغلقة بالكامل، مما جعل الوصول إلى أي معلومة أمراً معقّداً وصعباً.

المخرج البلجيكي (الشركة المنتجة)

ولأن الطريق إلى الحقيقة كان مسدوداً، اختار المخرج البلجيكي طريقاً آخر، وهو البحث عن عائلة باتيه. يقول: «استغرق الأمر عامين كاملين لأجد أثرهم في غامبيا، وعندما وصلت أخيراً إلى القرية، أدركت أن الغضب الذي اجتاحني أمام شاشة الكمبيوتر في أوروبا كان صورة مختلفة. فالعائلة دعتني إلى رؤية الأمور من زاوية أخرى: زاوية الفقد، والغياب، والبحث عن المعنى. عند تلك اللحظة تغيّر الفيلم تماماً».

يشير رافانيان إلى أن «أصعب ما واجهته في البداية لم يكن الطبيعة أو الظروف، بل بناء الثقة مع العائلة»، مضيفاً: «عندما تصل إلى قرية بعيدة، وتكون غريباً، عليك أن تدرك أن لكل عائلة سرديّتها الخاصة. كان عليّ أن أجد الطريقة المناسبة للوقوف بالكاميرا، وأن أتجنّب أي منظور قد يُشعِرهم بأننا نمسك بموقع قوة أو وصاية. الثقة كانت المفتاح، لا الأدوات ولا الموقع ولا التقنية».

وعن ظروف التصوير في القرية، يشرح رافانيان أن «الفريق كان صغيراً للغاية؛ كنت أنا، ومدير التصوير، ومساعدة تنتمي إلى مجتمع الفولا، تتحدث لغتهم وتفهم ثقافتهم. ولم تكن المسألة لغةً فقط، بل سلوكاً ومعتقدات ونظرة إلى الحياة. كنا نقيم في القرية أياماً طويلة بلا كهرباء، نصحو مع الفجر وننام مع المغيب؛ لا فنادق ولا راحة، فقط الحياة اليومية كما هي. وكل 8 أيام نعود إلى المدينة لشحن البطاريات وإحضار حاجات العائلة، ثم نعود من جديد. كان الوجود الدائم ضرورياً، لأن أقرب مدينة تبعد أربعين دقيقة بالسيارة، ولأن الحياة في القرية تبدأ وتنتهي مبكراً».

المخرج حاول تسليط الضوء على هوية العائلة في فيلمه (الشركة المنتجة)

اختار المخرج ألّا يُظهر باتيه، رغم امتلاكه صوراً عدّة له سواء من العائلة أو من الإنترنت، لكنه لم يرغب في استخدامها، وهو ما يفسّره قائلاً: «أردتُ أن يراه الجمهور من خلال غيابه، كما تعيشه عائلته. أردتُه غائباً، حاضراً بالصوت وبالأثر. فالصوَر قد تعيد تجسيده، لكنها قد تُسطّح ما تعرّض له، بينما الصوت، صوت العائلة وذاكرتها، يعيد إنسانيته كاملة».

وعن كيفية حماية العائلة في هذا النوع من الأفلام الحسّاسة، يقول رافانيان إن ما فعله يشبه عمل الصحافة أكثر منه عملاً سينمائياً؛ فالعائلة لم تكن تعرف تفاصيل ما حدث في القناة، ولم يرغب في أن يضع الفيديو أمامهم أو أن يعرّضهم لصدمة جديدة. وحين سألته الأم عمّا وقع لابنها، قال لها الحقيقة بالكلمات. ويضيف: «لم تشأ أن ترى الفيديو، واكتفت بأن تعرف. كان هناك أيضاً تقريرٌ من 200 صفحة صادر عن السلطات الإيطالية، لم يكن من حقّهم الحصول عليه، فساعدناهم على الوصول إليه. كان الفيلم أيضاً وسيلة لكشف الحقيقة لهم، ولإنصافهم أسرياً».

لم يُنكر المخرج البلجيكي وجود صعوبات عدّة أثناء التصوير في غامبيا، من الإجراءات الأمنية والبيروقراطية المعقّدة، إلى عدم اعتياد السكان على الكاميرا، فضلاً عن عزلة القرية نفسها وافتقارها إلى الكهرباء والمياه العامة، واعتماد حياتها اليومية على الزراعة وتربية النحل. لكنه، رغم ذلك، لا يُخفي سعادته بهذه التجربة التي وثّقت اسم «باتيه سابالي».