هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

بعضهم غضبوا وآخرون قاطعوا

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
TT

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)

عاش نقادُ وصحافيو السينما المنتمون «لجمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» (كنت من بينهم لقرابة 20 سنة) نعمة دامت لأكثر من 40 عاماً، منذ تأسيسها تحديداً في السنوات الممتدة من التسعينات وحتى بُعيد منتصف العشرية الثانية من العقد الحالي؛ خلال هذه الفترة تمتع المنتمون إليها بمزايا لم تتوفّر لأي جمعية أو مؤسسة صحافية أخرى.

لقاءات صحافية مع الممثلين والمنتجين والمخرجين طوال العام (بمعدل 3-4 مقابلات في الأسبوع).

هذه المقابلات كانت تتم بسهولة يُحسد عليها الأعضاء: شركات التوزيع والإنتاج تدعو المنتسبين إلى القيام بها. ما على الأعضاء الراغبين سوى الموافقة وتسجيل حضورهم إلكترونياً.

هذا إلى جانب دعوات لحضور تصوير الأفلام الكبيرة التي كانت متاحة أيضاً، كذلك حضور الجمعية الحفلات في أفضل وأغلى الفنادق، وحضور عروض الأفلام التي بدورها كانت توازي عدد اللقاءات.

عبر خطّة وُضعت ونُفّذت بنجاح، أُغلقت هذه الفوائد الجمّة وحُوّلت الجائزة السنوية التي كانت الجمعية تمنحها باسم «غولدن غلوبز» لمؤسسة تجارية لها مصالح مختلفة. اليوم لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة بعدما فُكّكت وخلعت أضراسها.

نيكول كيدمان في لقطة من «بايبي غيرل» (24A)

مفاجأة هوليوودية

ما حدث للجمعية يبدو اليوم تمهيداً لقطع العلاقة الفعلية بين السينمائيين والإعلام على نحو شائع. بعضنا نجا من حالة اللامبالاة لتوفير المقابلات بسبب معرفة سابقة ووطيدة مع المؤسسات الإعلامية المكلّفة بإدارة هذه المقابلات، لكن معظم الآخرين باتوا يشهدون تقليداً جديداً انطلق من مهرجان «ڤينيسيا» العام الحالي وامتد ليشمل مهرجانات أخرى.

فخلال إقامة مهرجان «ڤينيسيا» في الشهر التاسع من العام الحالي، فُوجئ عدد كبير من الصحافيين برفض مَنحِهم المقابلات التي اعتادوا القيام بها في رحاب هذه المناسبة. أُبلغوا باللجوء إلى المؤتمرات الصحافية الرّسمية علماً بأن هذه لا تمنح الصحافيين أي ميزة شخصية ولا تمنح الصحافي ميزة مهنية ما. هذا ما ترك الصحافيين في حالة غضب وإحباط.

تبلور هذا الموقف عندما حضرت أنجلينا جولي المهرجان الإيطالي تبعاً لعرض أحد فيلمين جديدين لها العام الحالي، هو «ماريا» والآخر هو («Without Blood» الذي أخرجته وأنتجته وشهد عرضه الأول في مهرجان «تورونتو» هذه السنة). غالبية طلبات الصحافة لمقابلاتها رُفضت بالمطلق ومن دون الكشف عن سبب حقيقي واحد (قيل لبعضهم إن الممثلة ممتنعة لكن لاحقاً تبيّن أن ذلك ليس صحيحاً).

دانيال غريغ في «كوير» (24A)

الأمر نفسه حدث مع دانيال كريغ الذي طار من مهرجان لآخر هذا العام دعماً لفيلمه الجديد «Queer». بدءاً بـ«ڤينيسيا»، حيث أقيم العرض العالمي الأول لهذا الفيلم. وجد الراغبون في مقابلة كريغ الباب موصداً أمامهم من دون سبب مقبول. كما تكرر الوضع نفسه عند عرض فيلم «Babygirl» من بطولة نيكول كيدمان حيث اضطر معظم الصحافيين للاكتفاء بنقل ما صرّحت به في الندوة التي أقيمت لها.

لكن الحقيقة في هذه المسألة هي أن شركات الإنتاج والتوزيع هي التي طلبت من مندوبيها المسؤولين عن تنظيم العلاقة مع الإعلاميين ورفض منح غالبية الصحافيين أي مقابلات مع نجوم أفلامهم في موقف غير واضح بعد، ولو أن مسألة تحديد النفقات قد تكون أحد الأسباب.

نتيجة ذلك وجّه نحو 50 صحافياً رسالة احتجاج لمدير مهرجان «ڤينيسيا» ألبرتو باربيرا الذي أصدر بياناً قال فيه إنه على اتصال مع شركات هوليوود لحلّ هذه الأزمة. وكذلك كانت ردّة فعل عدد آخر من مديري المهرجانات الأوروبية الذين يَرون أن حصول الصحافيين على المقابلات حقٌ مكتسب وضروري للمهرجان نفسه.

لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة

امتعاض

ما بدأ في «ڤينيسيا» تكرّر، بعد نحو شهر، في مهرجان «سان سيباستيان» عندما حضر الممثل جوني دَب المهرجان الإسباني لترويج فيلمه الجديد (Modi‪:‬ Three Days on the Wings of Madness) «مودي: ثلاثة أيام على جناح الجنون»، حيث حُدّد عدد الصحافيين الذين يستطيعون إجراء مقابلات منفردة، كما قُلّصت مدّة المقابلة بحدود 10 دقائق كحد أقصى هي بالكاد تكفي للخروج بحديث يستحق النشر.

نتيجة القرار هذه دفعت عدداً من الصحافيين للخروج من قاعة المؤتمرات الصحافية حال دخول جوني دَب في رسالة واضحة للشركة المنتجة. بعض الأنباء التي وردت من هناك أن الممثل تساءل ممتعضاً عن السبب في وقت هو في حاجة ماسة لترويج فيلمه الذي أخرجه.

مديرو المهرجانات يَنفون مسؤولياتهم عن هذا الوضع ويتواصلون حالياً مع هوليوود لحل المسألة. الاختبار المقبل هو مهرجان «برلين» الذي سيُقام في الشهر الثاني من 2025.

المديرة الجديدة للمهرجان، تريشيا تاتل تؤيد الصحافيين في موقفهم. تقول في اتصال مع مجلة «سكرين» البريطانية: «الصحافيون مهمّون جداً لمهرجان برلين. هم عادة شغوفو سينما يغطون عدداً كبيراً من الأفلام».

يحدث كل ذلك في وقت تعرّضت فيه الصحافة الورقية شرقاً وغرباً، التي كانت المساحة المفضّلة للنشاطات الثقافية كافة، إلى حالة غريبة مفادها كثرة المواقع الإلكترونية وقلّة عدد تلك ذات الاهتمامات الثقافية ومن يعمل على تغطيتها. في السابق، على سبيل المثال، كان الصحافيون السّاعون لإجراء المقابلات أقل عدداً من صحافيي المواقع السريعة الحاليين الذين يجرون وراء المقابلات نفسها في مواقع أغلبها ليس ذا قيمة.

الحل المناسب، كما يرى بعض مسؤولي هوليوود اليوم، هو في تحديد عدد الصحافيين المشتركين في المهرجانات. أمر لن ترضى به تلك المهرجانات لاعتمادها عليهم لترويج نشاطاتها المختلفة.


مقالات ذات صلة

«البحر الأحمر» في «عمّان السينمائي»... معاً لأفلام أفضل

يوميات الشرق مدير «صندوق البحر الأحمر» عماد إسكندر ومدير الدورة فيه سلمان المساعد يتحدّثان في مهرجان عمّان السينمائي (إدارة المهرجان)

«البحر الأحمر» في «عمّان السينمائي»... معاً لأفلام أفضل

لا يتعامل المهرجانان بمنطق التنافس، بل يمدّان الجسور بهدف خدمة الصناعة السينمائية العربية.

كريستين حبيب (عمّان)
يوميات الشرق تامر حسني في العرض الخاص لفيلم «ريستارت» (حسابه بموقع «فيسبوك»)

تامر حسني يثير جدلاً لربطه بين أحداث «ريستارت» وحريق «سنترال رمسيس»

أثار الفنان المصري تامر حسني جدلاً بعد نشره مقطع فيديو من فيلمه «ريستارت»، الذي يعرض حالياً بمصر وعدد من الدول العربية.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق هنيدي ومنى زكي في فيلم «الجواهرجي» (فيسبوك)

محمد هنيدي للمنافسة على «شباك التذاكر» بـ«الجواهرجي»

يخوض الفنان المصري محمد هنيدي المنافسة في الموسم السينمائي الصيفي من خلال فيلم «الجواهرجي».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق لقاء حول العلاقة الوطيدة بين السينما وكرة القدم بحضور الأمير علي بن الحسين (إدارة مهرجان عمّان السينمائي)

عندما تلتقي السينما بكُرة القدم... تشابهٌ كبير بين العالمَين

هو الحلم ذاته الذي تأخذنا إليه كلٌّ من السينما وكرة القدم. كيف يتشابه هذان العالمان على اختلافهما؟

كريستين حبيب (عمّان)
يوميات الشرق الفنانة غادة عادل (صفحتها على «فيسبوك»)

غادة عادل لـ«الشرق الأوسط»: أنا لا أكذب ولكنّي أتجمّل

حظي توثيق غادة عادل لعملية التجميل التي خضعت لها مؤخراً، بتفاعل واسع على منصات التواصل الاجتماعي، بعدما نشرت مقاطع فيديو تُظهر مراحل ما قبل الجراحة وما بعدها.

انتصار دردير (القاهرة )

ستيفن سبيلبرغ يُطلق ديناصوراته مجدداً

«جوراسيك وورلد، إعادة ولادة» (يونيڤرسال)
«جوراسيك وورلد، إعادة ولادة» (يونيڤرسال)
TT

ستيفن سبيلبرغ يُطلق ديناصوراته مجدداً

«جوراسيك وورلد، إعادة ولادة» (يونيڤرسال)
«جوراسيك وورلد، إعادة ولادة» (يونيڤرسال)

انطلق قبل يومين الفيلم السادس من سلسلة «جوراسيك وورلد» في صالات العالم. حيث يُمكن سماع أصوات وحوش ما قبل التاريخ حتى في ردهات صالات السينما التي تعرضه. داخل تلك الصالات يمكن سماعها بتقنية تجعل الصالة ترتجف. تُشاهد وهي تجوب أركان الشاشة تبحث عما تأكله. كم نحن محظوظون أنها لا تستطيع رؤيتنا محاصرين في كراسينا في انتظار الحدث المقبل. الفيلم الجديد «جوراسيك وورلد: إعادة ولادة» (Jurassic World‪:‬ Rebirth) يأتي بعد 32 سنة مرّت على أول فيلم من السلسلة، «جوراسيك بارك»، الذي أخرجه وأنتجه ستيفن سبيلبرغ عن رواية لمايكل كرايتن بالعنوان نفسه سنة 1993.

سام نيل في «جوراسيك وورلد: سيادة» (يونيڤرسال)

عطل كهربائي

كل شيء بدأ هناك: جزيرة في المحيط الهادئ مجهولة (صُوِّر الفيلم ما بين استوديوهات يونيڤرسال في هوليوود وإحدى جزر هاواي) اكتشفها رجل أعمال (ديڤيد أتنبوروه)، ودعا فريقاً من العلماء (بينهم لورا ديرن وسام نيل وجف غولدبلوم) إلى زيارتها ومشاهدة أنواع الديناصورات التي ما زالت تعيش فوقها. لحماية البشر منها نصب حاجزاً كهربائياً يفصل بين الوحوش والآدميين. وهذا يبدو فعلاً صائباً لولا انقطاع الكهرباء ذات ليلة، مما جعل الوحوش تتجاوز الأسلاك من دون عناء وتهاجم الآدميين السذّج.

تبع ذلك سنة 1997 جزء ثانٍ بعنوان «العالم المفقود: جوراسيك بارك» (The Lost World‪:‬ Jurassic Park) الذي احتوى على محاولة لرفع حجم الخيال القائم على العلم باعتماد مواجهة بين العلماء ورجال الأعمال حتى قبل مواجهتهم معاً الديناصورات الغاضبة.

مع الجزء الثالث «Jurassic Park III» الذي اكتفى سبيلبرغ بإنتاجه وأخرجه جو جونستون سنة 2001 عاد سام نيل (الذي غاب عن الظهور في الجزء الثاني) باحثاً عن العلاقة بين الديناصورات وكيف استطاعت العيش والتوالد إلى زمننا هذا.

في عام 2015 أُطلق جزءٌ رابع مع تغيير العنوان إلى «Jurassic World» وإسناد مهمة الإخراج إلى كولين ترڤوروف الذي أنجز عملاً امتلأ بالهفوات والمشاهد التي تحرص على إطعام الديناصورات عدداً كبيراً من السيّاح الذين كانوا اعتقدوا، مجدداً، أنهم في مأمن.

في عام 2018 وتحت إدارة المخرج ج. أ بايونا رأينا محاولة أخرى للتقرب من تلك الوحوش والتفاهم معها وحمايتها من الراغبين في إبادتها. ولم يتطلب الأمر إلا 4 سنوات قبل أن نرى تلك الوحوش تهاجم الولايات المتحدة نفسها في «جوراسيك وورلد: سيادة» (Jurassic World‪:‬ Dominion) مع المخرج ترڤوروف من جديد الذي شهد عودة سام نيل إلى البطولة.

«جوراسيك بارك» الفيلم الأول (يونيڤرسال)

عالم مفقود

كل ما سبق لم يُثنِ الإنسان عن محاولة التواصل مع مخلوقات ما قبل التاريخ ومحاربتها في الوقت نفسه. إنها حكاية صراع بين الإنسان والوحش تجسَّدت في أفلام كثيرة سابقة ولاحقة، حيث الخطر يتمثل في مخلوقات فضائية أو أرضية أو بحرية. قد تكون حشرات قاتلة تنمو بسبب تجارب نووية أو نحل أفريقي يجتاز المسافة بين القارتين أو أسماك قرش أو أخطبوطات ضخمة تخرج من أعماق المحيط.

ما يميّز سلسلة جوراسيك هي التوجه إلى التاريخ البعيد لاستعادة عصر كانت فيه مخلوقات الأرض العملاقة هي الأقوى من سواها ولو أن «جوراسيك بارك» الأول لم يكن الأول فعلاً بين الأفلام التي استهوت تصوير الخطر الماحق على البشر من تلك الحيوانات الكاسرة.

عودة سلسلة «جوراسيك وورلد» بعد 32 عاماً بتجربة سينمائية مثيرة وحديثة

في عام 1925 أخرج هاري هويت أول تلك الأفلام تحت عنوان «العالم المفقود» (The Lost World) الذي استوحاه من رواية آرثر كونان دويل بالعنوان نفسه (نُشرت سنة 1912). عادت السينما إلى هذه الرواية أكثر من مرّة بدءاً من 1960 ولاحقاً في 1990 و1992 إلى جانب إنتاجات تلفزيونية عدّة.

بعد «العالم المفقود» الأول انتجت السينما نحو 50 فيلماً طويلاً من بطولة تلك المخلوقات توزعت بين أفلام رسوم وأفلام حيّة.

وفي السنوات التي تلت فيلم سبيلبرغ الأول ذاك، خرجت هوليوود بأفلام أخرى من النوع نفسه للاستفادة من جاذبية المشاهدين صوب الموضوع بما فيها «كارنوصور» (1993)، و«جزيرة ديناصور» (1993)، و«ديناصور» (2000)، و«100 مليون سنة قبل الميلاد» (2008)، و«الديناصور الطيّب» (2015). ناهيك عن سلسلتي «غودزيلا» و«كينغ كونغ»، الوحشان المختلفان عن الديناصورات إلا من حيث القوّة والبطش.