حساب السعرات الحرارية من أولى خطوات خفض الوزن

ملصق بطاقة الحقائق الغذائية للأطعمة... محتوياته وكيفية الاستفادة منه

حساب السعرات الحرارية من أولى خطوات خفض الوزن
TT

حساب السعرات الحرارية من أولى خطوات خفض الوزن

حساب السعرات الحرارية من أولى خطوات خفض الوزن

يقدم «ملصق بطاقة الحقائق الغذائية للطعام» (Food Nutrition Facts label) معلومات غنية وتفصيلية عن محتوى المنتج الغذائي، وهي التي يستفيد منها المرء في المطعم أو المتجر لمعرفة قائمة العناصر الغذائية ومقدارها وكمية السعرات الحرارية في الأنواع المختلفة من المنتجات الغذائية.

- استفادة يومية عملية
وضع هذه البطاقة الملصقة يهدف إلى مساعدة المستهلكين، من متناولي الأطعمة أو مقدميها لأفراد أسرتهم، على اتخاذ قرارات عملية مفيدة في التغذية اليومية مبنية على إدراك الخيارات الأفضل بطريقة أكثر استنارة ووضوحاً. ولذا فإن معرفة كيفية قراءة «ملصق بطاقة الحقائق الغذائية» أمر صحي مهم للإنسان، سواء كان هذا الإنسان للأشخاص الذين يُعانون من اضطرابات مرضية أو حالات صحية تتطلب ضبط نوعية ومكونات الغذاء اليومي في جوانب شتى، أو من قبل الأشخاص الذين يعملون على خفض وزن الجسم لديهم بغية الحفاظ عليه ضمن المعدلات الطبيعية، أو الأشخاص الذين يسعون للوقاية من الإصابة بأنواع شتى من الأمراض عبر الحرص على الأطعمة الصحية الغنية بالعناصر الغذائية المهمة، التي ثبت علمياً جدوى الحرص على تناولها في الوقاية من تلك الأمراض أو الاضطرابات الصحية.
وعلى سبيل المثال، فإن الأشخاص الذين يُعانون من اضطرابات مرضية، مثل مرضى ارتفاع ضغط الدم، بحاجة إلى ضبط تناول الصوديوم، ومرضى ارتفاع نسبة الكوليسترول بحاجة إلى خفض تناول الكولسترول والدهون المشبعة، ومرضى النقرس أو مرضى ضعف الكليتين بحاجة إلى خفض تناول البروتينات، وهناك حالات مرضية أخرى تتطلب خفض تناول البوتاسيوم أو السكريات أو تحتاج إلى اتباع نظام غذائي خاص وفق إرشادات الطبيب المعالج.
هذا بالإضافة إلى أن معرفة كيفية قراءة «ملصق بطاقة الحقائق الغذائية» بطريقة صحيحة، تُسهل على الإنسان، خصوصاً الأمهات والآباء عند التسوق في المتجر أو الوجود في المطعم، مقارنة مكونات الأطعمة لمعرفة وانتقاء تناول الأنواع الأكثر صحية منها، سواء لهم أو لأطفالهم. وبالتالي، كلما زادت وتكررت ممارسة المرء لقراءة «ملصق بطاقة الحقائق الغذائية»، أصبح أفضل وأعلى مهارة في استخدامها وسيلة عملية لتخطيط نظامه الغذائي اليومي ليكون صحياً ومتوازناً ويلبي احتياجات جسمه وحالته الصحية العامة، وبالنسبة للأمهات والآباء يكونون أكثر قدرة على تقديم وتوفير الأطعمة الصحية لأطفالهم وتفهيمهم جدوى تناولها.

- عدد السعرات الحرارية
إن المعلومة الأهم في «ملصق بطاقة الحقائق الغذائية» لطعام ما، هي عدد كالوري السعرات الحرارية في كل «حصة غذائية» منه. وفي غالب الحالات، يتم تحديد «الحصة الغذائية» بعدد من الغرامات لذلك المنتج الغذائي، ومنها يعرف المرء كمية طاقة كالوري السعرات الحرارية في كمية الطعام التي سيتناولها المرء من ذلك المنتج الغذائي.
ومعرفة عدد كالوري السعرات الحرارية في كل حصة غذائية، هو أساس عمل المرء على خفض وزن الجسم أو الحفاظ على ضبطه ضمن المعدلات الطبيعية. وللتوضيح، فإن السعرات الحرارية في الأطعمة هي «وقود إنتاج الطاقة» الذي يدخل الجسم. ولأن الجسم يحتاج بشكل متواصل إلى الطاقة، فإنه يستعمل السعرات الحرارية التي يحتويها الطعام كي يقوم بوظائفه الحيوية باستمرار، كالعمليات الكيميائية الحيوية وحركة العضلات بالأطراف وعمل القلب والكبد والدماغ والكليتين والجهاز الهضمي والتنفس وغير ذلك. وفي وجبات الطعام والمشروبات التي نتناولها، تمثل الكربوهيدرات والدهون والبروتينات أنواع العناصر الغذائية التي تحتوي على كالوري السعرات الحرارية، ولذا فهي المصادر الرئيسية لإنتاج الطاقة في الجسم، بينما العناصر الغذائية الأخرى في الأطعمة، كالمعادن والفيتامينات والألياف والمواد المضادة للأكسدة، ليست مصادر لتقديم الطاقة للجسم.

- السعرات وإنقاص الوزن
لذا، فإن إنقاص الوزن عبر الشعور بالشبع مع تناول سعرات حرارية أقل، من الوسائل الناجحة. ويعتمد هذا على مفهوم «كثافة طاقة الطعام» للمساعدة في خسارة الوزن. ويشير مفهوم كثافة الطاقة إلى عدد السعرات الحرارية الموجودة في مقدار محدد من الطعام.
وفي حال الأطعمة ذات «الطاقة مرتفعة الكثافة» يكون ثمة عدد كبير من السعرات الحرارية في كمية قليلة من ذلك الطعام، بينما في حال الأطعمة ذات «الطاقة منخفضة الكثافة» تكون هناك سعرات حرارية قليلة في كمية أكبر من ذلك الطعام. وعندما يحاول أحد ما إنقاص وزنه، عليه تناول أطعمة ذات طاقة منخفضة الكثافة، ما يعني أنه سيأكل كمية أكبر من الطعام المنخفض في مقدار السعرات الحرارية فيه، وبالتالي سيساعد هذا في الشعور بالشبع على الرغم من تناوله كمية أقل من طاقة السعرات الحرارية.
ومن أوضح الأمثلة، فإن تناول كوب من الزبيب به نحو 430 كالوري، وكوب من العنب به 85 كالوري. وثمة 3 عوامل رئيسية في جعل طعام ما منخفضاً أو عالي كثافة الطاقة، هي: أولاً، كمية الماء فيه. وثانياً، كمية الألياف فيه. وثالثاً، كمية الدهون فيه. وفي حال الخضار والفواكه، تكون كمية الماء والألياف عالية، وبالتالي هي منخفضة في كثافة الطاقة مقارنة بالجبن أو الزبدة الغني بالدهون.
وهذا الخفض في كمية السعرات الحرارية اليومية ليس صعباً، بل هو ممكن عبر 3 أساليب؛ الأول: إلغاء تناول الأطعمة ذات كثافة الطاقة العالية، مثل المقليات والشحوم الحيوانية وحلويات الشوكولاته، وتسالي المقرمشات المقلية وعدم إضافة السكر الأبيض إلى المشروبات. والثاني: إحلال تناول كمية أكبر من الأطعمة ذات كثافة الطاقة المنخفضة، كالفواكه والخضار. والثالث: خفض كمية الطعام التي يتناولها المرء في كل وجبة طعام، مع الحرص على جعل وجبة الإفطار هي الوجبة الأساسية وجعل وجبة العشاء وجبة خفيفة بكل ما تعنيه الكلمة.

- تراكم الشحوم وطاقة الغذاء
وفي داخل الجسم، إما أن يستخدم الجسم ذلك الوقود (المقبل على هيئة سكريات أو دهون) لإنتاج طاقة يستخدمها، أو أن يقوم بخزنها على هيئة شحوم دهنية. وهذه الشحوم تبقى ويزيد حجمها مع مرور الوقت، ما لم يعمل المرء على فعل أحد أمرين؛ الأول: تقليل تناول السعرات الحرارية، وهو ما يُجبر الجسم على سحب مخزونه من الشحوم في سبيل إنتاج الطاقة اللازمة للجسم. والأمر الثاني: زيادة النشاط البدني بما يؤدي إلى استخدام الدهون المتراكمة بالشحوم لإنتاج مزيد من السعرات الحرارية. وتجدر ملاحظة أن كيلوغراماً واحداً من شحوم الجسم يحتوي تقريباً على 7 آلاف كالوري سعر حراري، ولذا فإن إلغاء تناول 500 كالوري من السعرات الحرارية في الطعام اليومي وبشكل يومي، يُسهم في النجاح بخفض وزن الجسم بمقدار نصف كيلوغرام من الشحوم. وتشير المصادر الطبية إلى أن خفض كمية السعرات الحرارية في الغذاء اليومي يعزز من فرص نجاح إنقاص الوزن بفاعلية تفوق ممارسة الرياضة والنشاط البدني لتلك الغاية بالذات. وتضيف أن العامل الرئيسي لإنقاص الوزن هو استهلاك سعرات حرارية أقل من التي يحرقها الجسم بشكل يومي.
وعلى سبيل المثال، فإن مجرد الحرص على إنقاص حجم كمية الطعام في وجبة الغداء إلى النصف مثلاً، يفوق مقدار طاقة السعرات الحرارية التي يحرقها الجسم عند الهرولة لمدة 45 دقيقة في اليوم. ولكن هذا لا يعني مطلقاً أن ممارسة الرياضة اليومية غير ذات جدوى مهمة في خفض وزن الجسم، بل تذكر المصادر الطبية أن ممارسة الرياضة مهمة أيضاً لأنها تساعد في «الحفاظ على ثبات الوزن» بعد إنقاصه، وأن الدراسات الطبية تُظهر أن الأشخاص الذين ينقصون وزنهم ويحافظون عليه على المدى الطويل هم أولئك الذين يمارسون نشاطاً بدنياً بانتظام.
وإذا نجح المرء في خفض وزنه باتباع نظام غذائي صارم فقط، أي دون ممارسة الرياضة البدنية، فمن المرجح بشدة أنه سيستعيد وزنه السابق بسرعة، في غضون 6 أشهر غالباً، بعد التوقف عن اتباع هذا النظام الغذائي الصارم.

- الأيض الغذائي وتحويل الطعام إلى طاقة
ثمة علاقة بين زيادة نشاط عمليات حرق السعرات الحرارية لإنتاج الطاقة بالجسم، ومقدار وزن الجسم. وتشير المصادر الطبية إلى أن «الأيض الغذائي» هو العمليات التي تُمكّن الجسم من تحويل الأطعمة والمشروبات التي نتناولها، إلى طاقة. وعمليات الأيض الغذائي هي سلسلة من العمليات الكيميائية الحيوية المعقدة التي يتفاعل فيها الأكسجين مع السعرات الحرارية في الطعام والشراب لإنتاج الطاقة التي يحتاجها الجسم للقيام بالوظائف الحيوية المختلفة. وهذه العمليات لا تحصل فقط وقت حركة الجسم، بل حتى خلال فترات الراحة البدنية والنوم، ثمة كثير من الوظائف الضمنية التي تحصل طوال الوقت في الجسم، كانقباض القلب والتنفس وتدفق الدم في الدورة الدموية وعمل الكبد والكليتين والدماغ وإنتاج الهرمونات وإصلاح خلايا الجسم التالفة وإنتاج خلايا الدم وعمل جهاز مناعة الجسم وغيرها. ومجموعة هذه العمليات يشملها مصطلح «عمليات الأيض الأساسية»، وهي التي يعتمد مقدارها على عدة عوامل بين الأشخاص المختلفين، مثل حجم الجسم وكتلة بنيته ونوع الجنس ومقدار العمر، وتبقى عادة ثابتة ولا تتغير إلا في حالات التعرض لانتكاسات صحية ومرضية.
وهناك قسم آخر من عمليات الأيض، وهو المرتبط بهضم الطعام وحركة العضلات. وعلى سبيل التوضيح، تستهلك عمليات هضم وامتصاص الأطعمة عبر الجهاز الهضمي نحو 10 في المائة من السعرات الحرارية في الطعام المتناول. ويستهلك النشاط البدني النشط غالب كميات الطاقة التي يحتويها الطعام، وذلك في حالات الحرص على تناول حاجة الجسم فقط من الطعام والحرص على ممارسة النشاط البدني اليومي والبعد عن الكسل والخمول البدني وكثرة الجلوس.

- استشارية في الباطنية


مقالات ذات صلة

خبراء يؤكدون: التحدث مع ذاتك بصوت عالٍ يعزز صحتك النفسية

يوميات الشرق الكثير من الناس يتحدثون بصوت عالٍ مع أنفسهم (أ.ف.ب)

خبراء يؤكدون: التحدث مع ذاتك بصوت عالٍ يعزز صحتك النفسية

يتحدث الكثير من الناس بصوت عالٍ مع أنفسهم، وهو ما يُطلق عليه عادةً الحديث الذاتي الخارجي أو الحديث الخاص، فما مميزات أو عيوب هذا الأمر؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رجل يركب دراجة نارية وسط ضباب كثيف بالقرب من نيودلهي (إ.ب.أ)

استنشاق هواء نيودلهي يعادل تدخين 50 سيجارة يومياً

مع تفاقم الضباب الدخاني السام الذي يلف نيودلهي هذا الأسبوع، فرضت السلطات في العاصمة الهندية مجموعة من القيود الأكثر صرامة على حركة المركبات والسكان.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
صحتك الذكاء الاصطناعي يمكنه التنبؤ بدقة بحدوث تفاقم في الأعراض قبل ما يصل إلى 7 أيام من بدء ظهورها (رويترز)

الذكاء الاصطناعي قد يتنبأ بتفاقم أمراض الرئة قبل أسبوع من ظهور الأعراض

كشفت دراسة أن تحليل عينات البول باستخدام الذكاء الاصطناعي، يمكن أن يتنبأ بتعرض المصابين بالانسداد الرئوي المزمن لتفاقم أعراض مرضهم، قبل أسبوع من ظهور الأعراض.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك شعار «شات جي بي تي» يظهر أمام شعار شركة «أوبن إيه آي» (رويترز)

هل يساعد «شات جي بي تي» الأطباء حقاً في تشخيص الأمراض؟ الإجابة مفاجئة

يتساءل الكثير من الأشخاص حول ما إذا كان برنامج الدردشة الآلي الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي قادراً على مساعدة الأطباء في تشخيص مرضاهم بشكل أفضل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

أجسامنا تمتص الفيتامينات من الهواء... ماذا نعرف عن «المغذيات الجوية»؟

تدخل المغذيات الهوائية إلى أجسامنا عن طريق امتصاصها من خلال شبكات من الأوعية الدموية الدقيقة (أرشيفية - أ.ف.ب)
تدخل المغذيات الهوائية إلى أجسامنا عن طريق امتصاصها من خلال شبكات من الأوعية الدموية الدقيقة (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

أجسامنا تمتص الفيتامينات من الهواء... ماذا نعرف عن «المغذيات الجوية»؟

تدخل المغذيات الهوائية إلى أجسامنا عن طريق امتصاصها من خلال شبكات من الأوعية الدموية الدقيقة (أرشيفية - أ.ف.ب)
تدخل المغذيات الهوائية إلى أجسامنا عن طريق امتصاصها من خلال شبكات من الأوعية الدموية الدقيقة (أرشيفية - أ.ف.ب)

هل تعلم ذلك الشعور الذي ينتابك عندما تستنشق هواءً نقياً في الطبيعة؟ قد يكون الأمر أكثر من مجرد نقص بسيط في التلوث.

وعندما نفكر في العناصر الغذائية، فإننا نفكر في الأشياء التي نحصل عليها من نظامنا الغذائي. لكن نظرة متأنية على الدراسات العلمية تظهر أن هناك أدلة قوية على أن البشر يمكنهم أيضاً امتصاص بعض العناصر الغذائية من الهواء.

في مقال جديد نُشر في مجلة «أدفانسيس إن نيوتريشن»، أُطلق على هذه العناصر الغذائية المستنشقة «العناصر الغذائية الهوائية» - لتمييزها عن «العناصر الغذائية المعوية» التي تمتصها الأمعاء.

وأفاد موقع «ساينس ألرت» المهتم بالأخبار العلمية أن التنفس يكمل نظامنا الغذائي بالعناصر الغذائية الأساسية مثل اليود والزنك والمنجنيز وبعض الفيتامينات، وأن هذه الفكرة مدعومة بقوة بالأبحاث المنشورة.

التنفس مستمر

ويستنشق الإنسان نحو 9 آلاف لتر من الهواء يومياً و438 مليون لتر في العمر. وعلى عكس الأكل، لا يتوقف التنفس أبداً. ويتراكم تعرضنا لمكونات الهواء، حتى في تركيزات صغيرة جداً، بمرور الوقت.

وحتى الآن، ركَّزت أغلب الأبحاث حول التأثيرات الصحية للهواء على التلوث. وينصبّ التركيز على تصفية ما هو ضار، بدلاً مما قد يكون مفيداً. كما أن نَفساً واحداً يحتوي على كميات ضئيلة من العناصر الغذائية، لم يكن يبدو ذا معنى.

ولآلاف السنين، كانت الثقافات المختلفة تقدر الطبيعة والهواء النقي باعتبارهما صحيين. ويُظهِر مفهومنا للمغذيات الجوية أن هذه الآراء مدعومة بالعلم. على سبيل المثال، الأكسجين هو من الناحية الفنية مادة مغذية - مادة كيميائية «يحتاج إليها الجسم للحفاظ على الوظائف الأساسية»، ويميل الباحثون إلى الإشارة إليه بهذه الطريقة لأننا نتنفسه، بدلاً من تناوله.

كيف تعمل المغذيات الهوائية؟

تدخل المغذيات الهوائية إلى أجسامنا عن طريق امتصاصها من خلال شبكات من الأوعية الدموية الدقيقة في الأنف والرئتين والظهارة الشمية (المنطقة التي يتم فيها اكتشاف الرائحة) والبلعوم الفموي (الجزء الخلفي من الحلق).

ويمكن للرئتين امتصاص جزيئات أكبر بكثير من الأمعاء - 260 مرة أكبر، على وجه التحديد. يتم امتصاص هذه الجزيئات سليمة في مجرى الدم والدماغ.

كما تدخل الأدوية التي يمكن استنشاقها (مثل الكوكايين والنيكوتين والمخدرات، على سبيل المثال لا الحصر) الجسم في غضون ثوانٍ. إنها فعالة عند تركيزات أقل بكثير مما قد يكون مطلوباً إذا تم تناولها عن طريق الفم.

في المقابل، تقوم الأمعاء بتفكيك المواد إلى أصغر أجزائها باستخدام الإنزيمات والأحماض. بمجرد دخولها إلى مجرى الدم، يتم استقلابها وإزالة السموم منها بواسطة الكبد.

الأمعاء رائعة في استيعاب النشويات والسكريات والأحماض الأمينية، لكنها ليست رائعة في استيعاب فئات معينة من الأدوية. في الواقع، يعمل العلماء بشكل مستمر على تحسين الأدوية حتى نتمكن من تناولها عن طريق الفم بشكل فعال.

أدلة منذ عقود من الزمان

ووجدت الأبحاث التي أجريت في ستينات القرن العشرين أن عمال الغسل المعرضين لليود في الهواء لديهم مستويات أعلى من اليود في دمائهم وبولهم.

وفي الآونة الأخيرة، درس الباحثون في آيرلندا أطفال المدارس الذين يعيشون بالقرب من المناطق الساحلية الغنية بالأعشاب البحرية، حيث كانت مستويات غاز اليود في الغلاف الجوي أعلى بكثير. كان لدى هؤلاء الأطفال كمية أكبر بكثير من اليود في بولهم، وكانوا أقل عرضة لنقص اليود من أولئك الذين يعيشون في المناطق الساحلية أو المناطق الريفية ذات الأعشاب البحرية المنخفضة. لم تكن هناك اختلافات في اليود في نظامهم الغذائي، وهذا يشير إلى أن اليود المحمول جواً - خصوصاً في الأماكن التي تحتوي على الكثير من الأعشاب البحرية - يمكن أن يساعد في تكملة اليود الغذائي. وهذا يجعله مغذياً جوياً قد يمتصه أجسامنا من خلال التنفس.

ويمكن أن يدخل المنجنيز والزنك إلى المخ من خلال الخلايا العصبية التي تستشعر الرائحة في الأنف. فمثلاً، المنجنيز عنصر غذائي أساسي، لكن الكثير منه يمكن أن يضرّ المخ، ويظهر هذا لدى عمال اللحام، الذين يتعرّضون لمستويات عالية من الهواء ويعانون تراكم مستويات ضارة من المنجنيز.

وأفاد الموقع بأن الأهداب (الهياكل الشبيهة بالشعر) في الجهاز الشمي والجهاز التنفسي تحتوي على مستقبلات خاصة يمكنها الارتباط بمجموعة من المغذيات الجوية المحتملة الأخرى. وتشمل هذه المغذيات مثل الكولين وفيتامين سي والكالسيوم والمنجنيز والمغنسيوم والحديد وحتى الأحماض الأمينية.

إذا قبلنا المغذيات الجوية... فماذا بعد؟

لا يزال هناك الكثير من المجهول. أولاً، نحتاج إلى معرفة مكونات الهواء المفيدة للصحة في البيئات الطبيعية مثل المساحات الخضراء والغابات والمحيطات والجبال. حتى الآن، ركزت الأبحاث بشكل أساسي على السموم والجسيمات والمواد المسببة للحساسية مثل حبوب اللقاح. بعد ذلك، نحتاج إلى تحديد أي من هذه المكونات يمكن تصنيفها على أنها مغذيات جوية.

ونظراً لأن فيتامين «ب 12» في شكل رذاذ أثبت بالفعل أنه آمن وفعال، فإن المزيد من الأبحاث يمكن أن تستكشف ما إذا كان تحويل المغذيات الدقيقة الأخرى، مثل فيتامين «د»، رذاذاً يمكن أن يساعد في مكافحة نقص المغذيات على نطاق واسع.

وتحتاج هذه المغذيات الجوية المحتملة إلى تجارب خاضعة للرقابة لتحديد الجرعة والسلامة والمساهمة في النظام الغذائي. وهذا مهم بشكل خاص في الأماكن التي يتم فيها ترشيح الهواء بشكل كبير، مثل الطائرات والمستشفيات والغواصات وحتى محطات الفضاء، وربما نكتشف أن المغذيات الجوية تساعد في منع بعض الأمراض الحديثة المرتبطة بالتحضر. ذات يوم، قد توصي إرشادات التغذية باستنشاق المغذيات. أو أننا نقضي وقتاً كافياً في التنفس في الطبيعة للحصول على المغذيات الهوائية بالإضافة إلى تناول نظام غذائي صحي ومتوازن، وفق الموقع العلمي.