ماذا قرأ المثقفون العرب عام 2018؟ (1-2): الرواية في مقدمة قراءات روائيين وشعراء مصريين

اعتدال عثمان  -  عمرو العادلي  -   محمد جبريل
اعتدال عثمان - عمرو العادلي - محمد جبريل
TT

ماذا قرأ المثقفون العرب عام 2018؟ (1-2): الرواية في مقدمة قراءات روائيين وشعراء مصريين

اعتدال عثمان  -  عمرو العادلي  -   محمد جبريل
اعتدال عثمان - عمرو العادلي - محمد جبريل

- اعتدال عثمان: «سيرة الرواية المحرمة»
إن أهم الكتب الصادرة هذا العام في تصوري كتاب «أولاد حارتنا - سيرة الرواية المحرّمة» للكاتب الصحافي محمد شعير، فقد أثار الكتاب أصداءً واسعة في الواقع الثقافي، لأنه يقدم سردية كبرى عن الواقع السياسي والثقافي والاجتماعي والفني في مصر، منطلقاً من سيرة رواية «أولاد حارتنا» لنجيب محفوظ، حاكياً لها بأسلوب ممتع وسلس وشائق، مستعيناً بأدوات كاتب التحقيق الصحافي الاستقصائي المتمرس، ومازجاً المعلومات الدقيقة الموثقة المتعلقة بكل ما قاله نجيب محفوظ نفسه أو ما كُتب حول الرواية بأقلام المحرضين أو المدافعين عن حرية الكلمة، وذلك بوعي تاريخي لافت، وحس أدبي، وذكاء مهني مميز، مستكشفاً سياقات الواقع المصاحبة لكتابة الرواية، وما أثارته من ردود أفعال متباينة وكاشفة عن طبيعة واقعنا الثقافي وتكوينه عبر عقود، تمتد من خمسينات القرن الماضي حتى اللحظة الراهنة.
وفي مجال الإبداع، نجد من بين النماذج الحديثة اللافتة للقص العجائبي مجموعة الروائي والقاص والناقد الشاب طارق إمام بعنوان «مدينة الحوائط اللانهائية»، حيث يخلق الكاتب أفقاً مختلفاً للقراءة يوحي بفضاءات أسطورية تشكل عالم هذه المدينة العجائبية المتخيلة بحسب منطقها الخاص، فالنص بلا مرجعية خارجية يمكن الاستناد إليها، وإنما يُكَوّن مرجعيته الخاصة التي تحيل إلى مفرداتها وتصوراتها الداخلية، مشكلة حكايا هذه المدينة العجائبية ذات الحوائط اللانهائية، وسكانها من المسوخ والمخلوقات الخارقة.
هناك أيضاً «حروب فاتنة» للكاتب الشاب حسن عبد الموجود، الذي يشكل عجينته السردية من مفردات متناثرة، مستمدة من ذرات تراب الواقع المأزوم، باحثاً بوعي عن الخميرة التي هي الأصل فيما آل إليه الحاضر المصوّر في النص من مهازل ضاحكة، لكنه ضحك كالبكا، ما بين تراب الواقع وعناصر الخميرة الأولى المشكلة لهياكل سياسية ووظيفية ومؤسساتية فارغة من مضمونها، بل عبثية أحياناً، إلى جانب أنساق فكرية خرافية من زمن آخر. يركض حسن عبد الموجود في أرجاء الزمن عبر لحظات منتقاة بذكاء إبداعي، بصحبة شخصيات قصصية، معجونة بتراب ذلك الواقع نفسه، ويلبسهم ثوب الخيال، فيما تشكل المسافة بين زمن فات، لكن تأثيراته لا تزال فاعلة، والزمن السردي للنصوص مساحة للعب والتخييل. إنها المساحة التي تصبح أيضاً ساحة حروب صغيرة فاتنة لذوات مهمشة مقموعة، تجاهد كي تحصل على قدر ضئيل من مسرات الحياة، ولو كانت واهمة.
- محمد جبريل: «أيام لا تنسى»
رواية «أيام لا تنسى» لكمال رحيم تعرض للمشكلات التي تناولتها من قبل إبداعات روائية وقصصية، بداية من «ثورة على مصر» لعصام الدين حفني ناصف، في أوائل الثلاثينات من القرن الماضي، وما تلاها من أعمال لمبدعين آخرين، سداها بانورامية الحياة في القرية المصرية، مثل الخوف من الزوجة الثانية الذي يتجاوز المعنى النفسي أو الوجداني، لتحل مشكلة الميراث الذي يتسع بالضرورة، إذ إن الميراث هو الحكاية الرئيسية في الرواية، والشجرة التي تتفرع منها الأغصان والأوراق. هي رواية أجيال، أو رواية نهرية. ثمة العلاقات العائلية، والميراث، والتفاوت الطبقي، وثم الجد والأبناء والأحفاد، لكل منهم ملامحه الظاهرة و«الجوانية»، وإن فرضت شخصية الجد «عبد اللطيف» نفسها على قلم الكاتب، فتحولت إلى متن هوامشه الشخصيات الأخرى من أهل وجيران.
الرواية تخلو من شبهة تأثر بكتابات سابقة، وإن ذكرتني بشخصيات طه حسين في «الأيام» و«شجرة البؤس». نحن نتعرف إلى معتقدات القرية المصرية، وعاداتها، وتقاليدها، من خلال رؤية تحسن الالتقاط. وإذا كان طه حسين قد عرض في روايتيه لأيام القرية المصرية في صعيد مصر، في الفترة من أواخر القرن 19، وأوائل القرن 20، فإن أيام كمال رحيم التي لا تنسى هي لوحة فسيفسائية لتطور الحياة في الريف المصري منذ منتصف القرن الماضي. والسمة الواضحة في الرواية هي البساطة، بمعنى هارمونية اللغة التي تخلو من الترهل والفجوات والنتوءات، وترفض التكلف، وتقليد أساليب الآخرين، والإسراف في الزخارف والتوشية، إلى جانب الاستغناء - ما أمكن - عن أدوات الربط في الاتصال بين الجمل. وإذا كان التركيز - أو لنقل التكثيف - هو ما يميز القصة القصيرة عن الرواية، فإن لغة هذه الرواية أقرب إلى لغة القصة القصيرة.
- عمرو العادلي: «الجمال جرح»
هذا العام أعجبتني كتب كثيرة، أهمها رواية «سيدة الزمالك» للروائي أشرف العشماوي، وقد كان الكاتب في الأعمال السابقة حقق تميزاً فيما يمكن أن نسميه الرواية التاريخية، لكن هذه الرواية اجتمع فيها الخط التاريخي مع الخط الاجتماعي، ونتج عن هذا خط درامي ممتاز. الكاتب في هذا العمل له أسلوب جميل يحاول به جذب القارئ، وأظن أنه نجح في ذلك.
أما الرواية الثانية فهي «الجمال جرح» للكاتب الإندونيسي إيكا كورنياوان، بترجمة رائقة راقية للمترجم أحمد الشافعي، وهي رواية ملحمية عن تاريخ الأساطير في إندونيسيا، ممتزجة بخيال خصب للمؤلف، ورغم أنها رواية ضخمة تخطت 600 صفحة فقد التهمتها في وقت قصير نسبياً، ولم أسمح بتدخل نص آخر معها أثناء القراءة كما يحدث غالباً. تمزج الرواية بين عشرات الشخصيات بطريقة واعية، على غرار رواية ماركيز «مائة عام من العزلة»، وقد اخترع كورنياوان مدينة مثل ماكوندو ماركيز تماماً. أنا أعتبر هذه الرواية جاذبة بشكل كبير، وأنصح بقراءتها فهي رواية لا تنسى.
وعلى ذكر الأدب المترجم، هناك رواية أخرى من نوع خاص، وهي رواية «حياة» للكاتب ديفيد فاجنر بترجمة جميلة لسمير جريس، وهي تبحث عن معنى الحياة مقابل الموت، ومعنى الوجود مقابل العدم، وتناقش، هل للروح الإنساني معنى في هذه الحياة سوى أن يعيش، هي تجربة مثيرة ومؤثرة في النفس. وقد جاء السرد فيها متطابقاً مع المعنى المُراد إيصاله إلى القارئ، فلا صوت زاعقاً فيها ولا خطابة، قرأتها كأنها مكتوبة بالعربية. وأعتبر قيمتها الكبرى في هدوئها وانضباط نغمة السرد الذي يهدر دون صخب.
كما أن هناك أيضاً كتاباً جميلاً ترجم هذا العام لهانس فالادا، وهو «تقرير موضوعي عن سعادة مدمن مورفين»، وهو عبارة عن قصتين طويلتين، مكتوبتين بشكل مقنع جداً للقارئ، والكتاب رغم صغر حجمه فإن حجم الإبداع فيه كبير القيمة، وبترجمة قديرة وشيقة أيضاً، وهو كتاب ممتع بشكل كبير. ويعد اكتشافاً بالنسبة لي. وأيضاً رواية «بريد الليل» للبنانية هدى بركات، موضوعها عن تداعيات النفس والرغبة العارمة في البوح وتصدع الشخصيات عندما تتداعى في الذاكرة، تحت وطأة الهم العربي ومشكلات المرأة، والإنسان بشكل عام، إنها رواية جريئة وجميلة.



احذروا الإفراط في الوقوف خلال العمل

تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)
تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)
TT

احذروا الإفراط في الوقوف خلال العمل

تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)
تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)

توصّلت دراسة أجراها باحثون من جامعة توركو الفنلندية، إلى أنّ الوقوف لفترات طويلة في العمل له تأثير سلبي في قياسات ضغط الدم على مدى 24 ساعة.

وتكشف النتائج عن أنّ الوقوف لفترات طويلة يمكن أن يرفع ضغط الدم، إذ يعزّز الجسم مسارات الدورة الدموية إلى الأطراف السفلية عن طريق تضييق الأوعية الدموية وزيادة قوة ضخّ القلب. وعلى النقيض من ذلك، ارتبط قضاء مزيد من الوقت في وضعية الجلوس في العمل بتحسُّن ضغط الدم.

وتشير الدراسة، التي نُشرت في مجلة «ميديسين آند ساينس إن سبورتس آند إكسيرسيس»، إلى أنّ السلوكيات التي يغلب عليها النشاط في أثناء ساعات العمل قد تكون أكثر صلة بقياسات ضغط الدم على مدار 24 ساعة، مقارنةً بالنشاط البدني الترفيهي.

تقول الباحثة في الدراسة، الدكتورة جووا نورها، من جامعة «توركو» الفنلندية: «بدلاً من القياس الواحد، فإن قياس ضغط الدم على مدار 24 ساعة هو مؤشر أفضل لكيفية معرفة تأثير ضغط الدم في القلب والأوعية الدموية طوال اليوم والليل».

وتوضِّح في بيان منشور، الجمعة، على موقع الجامعة: «إذا كان ضغط الدم مرتفعاً قليلاً طوال اليوم ولم ينخفض ​​بشكل كافٍ حتى في الليل، فتبدأ الأوعية الدموية في التصلُّب؛ وعلى القلب أن يبذل جهداً أكبر للتعامل مع هذا الضغط المتزايد. وعلى مرّ السنوات، يمكن أن يؤدّي هذا إلى تطوّر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية».

وأظهرت دراسات سابقة أنّ ممارسة الرياضة في وقت الفراغ أكثر فائدة للجهاز القلبي الوعائي من النشاط البدني الناتج عن العمل، الذي ربما يكون ضاراً بالصحّة، مشدّدة على أنّ التمارين الرياضية المنتظمة مهمة للسيطرة على ضغط الدم.

وعلى وجه الخصوص، تعدّ التمارين الهوائية الأكثر قوة فعالةً في خفض ضغط الدم، ولكن وفق نتائج الدراسة الجديدة، فإنّ النشاط البدني اليومي يمكن أن يكون له أيضاً تأثير مفيد.

في الدراسة الفنلندية، تم قياس النشاط البدني لموظفي البلدية الذين يقتربون من سنّ التقاعد باستخدام أجهزة قياس التسارع التي يجري ارتداؤها على الفخذ خلال ساعات العمل، وأوقات الفراغ، وأيام الإجازة. بالإضافة إلى ذلك، استخدم المشاركون في البحث جهاز مراقبة ضغط الدم المحمول الذي يقيس ضغط الدم تلقائياً كل 30 دقيقة لمدّة 24 ساعة.

وتؤكد النتائج أنّ طبيعة النشاط البدني الذي نمارسه في العمل يمكن أن يكون ضاراً بالقلب والجهاز الدوري. وبشكل خاص، يمكن للوقوف لفترات طويلة أن يرفع ضغط الدم.

وتوصي نورها بأنه «يمكن أن يوفر الوقوف أحياناً تغييراً لطيفاً عن وضعية الجلوس المستمر على المكتب، ولكن الوقوف كثيراً يمكن أن يكون ضاراً. من الجيد أن تأخذ استراحة من الوقوف خلال العمل، إما بالمشي كل نصف ساعة أو الجلوس لبعض أجزاء من اليوم».

ويؤكد الباحثون أهمية النشاط البدني الترفيهي لكل من العاملين في المكاتب وفي أعمال البناء، وتشدّد نورها على أنه «جيد أن نتذكّر أنّ النشاط البدني في العمل ليس كافياً بذاته. وأنّ الانخراط في تمارين بدنية متنوّعة خلال وقت الفراغ يساعد على الحفاظ على اللياقة البدنية، مما يجعل الإجهاد المرتبط بالعمل أكثر قابلية للإدارة».